خاص العهد

مقدّم الإخبار في قضية الفيول
16/04/2020

مقدّم الإخبار في قضية الفيول "المغشوش" يتحدّث لـ"العهد" عن تفاصيلها..ومواد دسمة في حوزة القاضية عون 

فاطمة سلامة

في الحادي عشر من آذار/مارس الماضي، رست في لبنان الناقلة البحرية "baltic" وعلى متنها حمولة من "الفيول أويل" المخصّص لمعامل إنتاج الطاقة الكهربائية في لبنان. هذا الخبر كان من المفترض أن يكون عادياً ويمر مرور الكرام، لولا كاشف للفساد قدّم خدمة جليلة للدولة اللبنانية، عبر كشف معالم الفضيحة التي حملتها تلك الناقلة. الرجل الآدمي كما يصفونه اكتشف أنّ شحنة "الفيول أويل" المستوردة "مغشوشة" وغير صالحة للاستعمال، فأبلغ المعنيين فوراً. لهذه القضية انعكاسات واسعة، فلبنان الذي يدفع فاتورة فيول تقصم ظهره سنوياً وتصل حد الملياري دولار مقابل تأمين التغذية الكهربائية، ها هو اليوم يتعرّض لسرقة موصوفة تتهدّد معها التغذية الكهربائية التي انخفضت بشكل كبير. الحادثة ألحقت خسائر كبيرة بالمواطن اللبناني الذي لم يكن ينقصه سوى انخفاض التغذية المتردية في الأصل، الأمر الذي دفع بـ"التيار الوطني الحر" الى التقدم بإخبار لدى مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون للتحقيق في ملابساتها. فما وقائع قضية الفيول "المغشوش"؟ وما آخر المعطيات؟. 

رئيس لجنة مكافحة الفساد في "التيار الوطني الحر" المحامي الأستاذ وديع عقل يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن ملف "الفيول أويل" بصفته مقدّم الإخبار، فيصفه بالفضيحة الكبرى. إنه من الملفات الكبيرة في الدولة اللبنانية. الأخيرة تدفع أكبر كلفة تقدرّ بملياري دولار سنوياً لاستيراد "الفيول أويل"، وهذا الأمر لا يمكن التهاون به فكل دولار ندفعه الى الخارج له قيمته. ويقول عقل " بكل صراحة، هذه الملفات لم يتعود أحد في التاريخ اللبناني أن يُحقّق بها، فهي ملفات يُدفع ثمنها مالاً، ونحن عندما نحقّق بها فإننا نضرب من خلالها تركيبة مافيا وليس شخصا محددا أو سياسيا معيّنا". ويؤكّد عقل أنه ولأول مرة في تاريخ لبنان يكون هناك تحقيق قضائي جدي باستيراد "الفيول أويل" رغم أننا سمعنا لمرات ومرات وعلى لسان سياسيين في الإعلام عن شبهات فساد تحوم حول هذا الملف.

ولدى سؤاله عن احتمال تورط سياسيين في هذه القضية، يتحفّظ عقل، لكنّه يكشف لموقعنا أنه أودع القاضية عون مواد دسمة حتى تسير التحقيقات. فالتحقيق كبير، وسيستمر رغم أن حراكا كبيراً حصل الاسبوع الماضي لطيه، وجرت محاولات من أكثر من طرف لتمييع القضية ما يشير الى أن هناك تورطاً من جهات معينة. ويوضح المتحدّث أننا نريد أن نحمي الملف، لذلك سارعنا للعمل عليه في عز الأعياد، وفي ذروة أزمة "كورونا". ويرجّح عقل الوصول الى نتائج سريعة، رغم أن هناك صعوبات تواجهنا أحيانا. 

مقدّم الإخبار في قضية الفيول "المغشوش" يتحدّث لـ"العهد" عن تفاصيلها..ومواد دسمة في حوزة القاضية عون 

كيف اكتشفت القضية؟ 

لدى سؤاله عن وقائع القضية، يستهل عقل حديثه بالإشارة الى أنّ لبنان ومنذ عشرات السنوات يستورد "الفيول أويل" عبر عقود يجيزها مجلس الوزراء ويوقعها وزير الطاقة. هناك شركتان يتعاقد معهما لبنان وفقاً لقرار صادر عن مجلس الوزراء وهما: "سوناطراك" الجرائرية و"الكويت بترول" الكويتية اللتان من المفترض أن تستقدما "الفيول أويل" لمعامل لبنان، وفقاً لدفتر شروط محدد يُحتّم عليهما استقدام شحنات مطابقة للمواصفات العالمية. وبحسب عقل، فإنّ عدم المطابقة للمواصفات العالمية سيربك العمل في معامل الكهرباء ويعطّله ما يؤثر على التغذية الكهربائية. 

تزوير الفحوصات لتمرير الصفقة

ما الذي حصل مؤخراً؟ يسأل عقل ويجيب بأنّ شحنة كبيرة من "الفيول أويل" استُقدمت الى لبنان على متن باخرة كبيرة تدعى "baltic" قادمة من مالطا وليس من الجزائر أو الكويت. هنا أثيرت علامة استفهام كبيرة تتعلّق بالبلد الذي استقدمت منه الشحنة. ويوضح عقل أن الباخرة ولدى وصولها الى بيروت أُرفقت معها تقارير تقول إنّ المواد التي على متنها مطابقة للمواصفات. أحد تلك التقارير أجراه bureau veritas -فرع مالطا. وعندما وصلت الباخرة الى بيروت أخذت منها عينة لإخضاعها للفحص في مختبرات المنشآت النفطية فكانت نتيجة أول فحص أن المواد مطابقة للمواصفات، حينها أعطي الإذن لإفراغ المخزون.  إلا أنّ الشركتين اللتين تشغلان معملي الذوق والجية للإنتاج، وبعد أن ساورهما شك في القضية، قررتا أن تأخذا عينة من "الفيول أويل" لإخضاعها للفحص في شركة Bureau Veritas-مكتب دبي ليتبين حينها أنّ المواصفات غير مطابقة، وهنا بانت الفضيحة، وعلى وجه السرعة أعطي الإذن لإيقاف التعبئة في خزانات الشركات لأن الفيول غير مطابق، مع ما تحمله هذه العبارة من تداعيات تضر بالمولدات، فنكون أمام خسارة شحنة "فيول أويل"، نصبح أمام خسارة معامل. هذا الأمر -برأي عقل- ليس مزحة فلبنان دفع مقابل إنشاء المعامل مئات ملايين الدولارات، وهناك مسؤولية كبيرة على المتورطين تحملها. كلنا يعلم أن معمل دير عمار ومنذ سنوات لم نستطع تأمين الأموال لبنائه، فهل نُخرّب ما أنشأناه سابقاً بلمح البصر؟!. 

ويوضح عقل أنه عندما تبينت حقيقة الشحنة، عاودت المنشآت إجراء فحص جديد وبناء عليه قالت انّها غير مطابقة للمواصفات، مع أنها سمحت في البداية بإدخالها. ويؤكّد 
رئيس لجنة مكافحة الفساد في "التيار الوطني الحر"  أنّ هذه القضية أثارت -بكل صراحة- مخاوف لدينا نظراً لخطورة هذا الأمر، ما دفعنا الى جمع عدد كبير من المعطيات والوقائع وتقديمها كإخبار عند القاضية غادة عون. ويلفت المتحدّث الى أنّنا اخترنا تقديم الاخبار في جبل لبنان نظراً للصلاحية المكانية التي تملكها القاضية عون، فمعمل الذوق الذي تعرّض لإفراغ شحنة من هذا الفيول يقع ضمن نطاق جبل لبنان. وهنا يُنوّه عقل بشجاعة القاضية عون وإصرارها على مكافحة الفساد، فهي لهذه الغاية لا تفارق مكتبها في قصر العدل، وهذا الأمر ملفت رغم أن قلّة قليلة تتواجد فيه نظراً لظروف "كورونا" الصعبة. وهنا يدعو عقل جميع القضاة الى الاقتداء بها ومحاربة الفساد والعمل المتواصل من أجل مصلحة لبنان. 

ما مدى خطورة ما حصل؟ 

وفي معرض حديثه عن تداعيات هذه القضية، يوضح عقل أنّ رفض معامل التشغيل  استخدام الشحنة جنّبنا مخاطر كثيرة، إلا أنّ أخذ هذه الباخرة في الحسبان من قبل المنشآت النفطية كمصدر لتشغيل المعامل، أحدث تراجعاً كبيراً في الانتاج، لذلك فإنّ التغذية الكهربائية منذ شهر لغاية الآن خفت بشكل كبير، ومرشحة لأن تخف أكثر بانتظار الاتيان بشحنة ثانية بديلة. وهنا يشدّد عقل على أنّ الشحنة المغشوشة ألحقت ضرراً كبيراً بالمواطنين.  

أسئلة عدة ونحن أمام تحقيق واسع جداً 

ويؤكد عقل أنه لو لم يكن هناك شخص آدمي اكتشف القصة لكان "خرب بيتنا". يصف الرجل المذكور بكاشف للفساد ويرفض الكشف عن اسمه لحمايته. وهنا يدعو أي شخص لديه معلومات في هذه القضية أن يتوجه الى أي مدعٍ عام ليتوسّع التحقيق أكثر ويصبح غنياً لمصلحة الناس.  

وفيما يوضح عقل أنّنا أمام تحقيق كبير وجدي طلبت فيه الاستماع للجميع في وزارة الطاقة بدءاً من الوزير مروراً بالمدراء وليس انتهاء بمؤسسة كهرباء لبنان، فالجميع يجب أن يُخبر ما الذي حصل، يؤكّد أنّ هناك الكثير من الأسئلة تحوم في سماء هذه القضية. فكيف تصل شحنة بهذه الجدية الى بلد ويسارع البعض الى إفراغها؟، من طلبها وتعاقد معها؟ لماذا لم يتم رفضها رغم بروز مؤشرات غير جيدة؟ ماذا يعني ذلك؟، من أراد تمريرها؟. 

ويُشدد عقل على أنه من غير المقبول أن تمر هذه القضية مرور الكرام. نحن بكل صراحة لن نقبل بأن تتم التسويات في هذا الملف، فنحن في صراع لسنوات مع قضايا فساد تتم تسويتها.  من غير المقبول أن يتصرف القضاء بهذه الطريقة اليوم، بل عليه أن يرتب المسؤوليات واذا كان هناك شركة أو موظف رسمي حكومي مسؤول يجب أن يحاسب، يختم عقل. 

القاضية عون تباشر أول تحقيقاتها اليوم

بموازاة ما يقوله المحامي عقل، تؤكّد مصادر مطّلعة على الملف لموقع "االعهد" الإخباري أنّ القاضية عون تباشر اليوم أول تحقيقاتها في هذا الملف حيث تستجوب أشخاصاً. وتلفت المصادر الى أنه جرى الاستعانة بمركز البحوث الصناعية لفحص العينات. ووفق المصادر سيجهد القضاء لمعرفة ما إذا كانت الشركة المستورد من خلالها متورطة، أم أن هناك أشخاصا آخرين متورطين. ووفق المصادر فإنّ لهذه القضية تداعيات عدة، اذ إن الربح فيها يقدّر بملايين الدولارات.

التيار الوطني الحرمكافحة الفساد

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة