طوفان الأقصى

الخليج والعالم

هل تندلع حربٌ أهلية في الولايات المتحدة؟
07/01/2022

هل تندلع حربٌ أهلية في الولايات المتحدة؟

أثبتت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة أن البلاد تقف على حافة اندلاع حرب أهلية والخوض في سيناريو عسكري ما قد يؤدي إلى كارثة حتمية، حسب ما اعتبر الكاتب ستيفان مارش في مقالة نشرتها مجلة "فورين بوليسي".

وفي التفاصيل، قال الكاتب إن "على الأميركيين أن يأخذوا هذا الاحتمال على محمل الجد، ليس فقط كتحذير سياسي وإنما كسيناريو عسكري محتمل"، محذّرًا من "كارثة محتملة في حال حصل هذا سيناريو".

وأشار الكاتب إلى أن "مجموعة من الخبراء في مجال الأمن القومي اعتبروا أن إمكانية اندلاع حرب أهلية وصلت إلى 35 %، خاصة عقب انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب"، ولفت إلى "استطلاع أجرته جامعة جورج تاون "Georgetown" خلال العام 2019 سأل الناخبين المسجلين عن مدى اقتراب اميركا من "حافة الحرب الاهلية" بين مقياس 0 و100%، إذ بلغ المعدل 67.23، ما يعني ان البلاد قطعت ثلثي "المسافة" نحو الحرب".  

ورأى الكاتب أن "هناك الكثير من العوامل التي تعزز هذه التقديرات، خصوصا أن الولايات المتحدة تشكل حالة نموذجية للبلد الذي يقف على حافة الحرب الاهلية"، موضحا أن "التعصب الحزبي يسيطر على النظام السياسي، وبالتالي فان أي قرار سياسي يمثل في أفضل الأحوال إرادة نصف الشعب فقط".

وأضاف أن "النظام القانوني يتحوّل أكثر فأكثر إلى غنيمة للاقتتال السياسي، إذ أن جماعة "أوث كيبر" "Oath Keepers" وهي من أكبر الميليشيات المعادية للحكومة الأميركية تسللت فعليًا إلى داخل صفوف قوات الشرطة والحزب الجمهوري"، مشيرا إلى أنه "أصبح من الطبيعي جدًا أن يدعوا الممثلون السياسيون إلى ارتكاب اعمال عنف ضد خصومهم السياسيين".

الكاتب أكد أن "مسألة اندلاع الحرب لا تحتاج سوى إلى فتيل، مثل حدوث عمل إرهابي محلي ضخم يُغيّر المشهد في البلاد".

ونقل عن الجنرال الأميركي المتقاعد بيتر مونصور وهو أستاذ في التاريخ العسكري شارك في الغزو الأميركية للعراق قوله إن "الحرب الاهلية داخل اميركا فيما لو اندلعت، لن تكون كالحرب الأهلية الأولى إذ تناور الجيوش في الميدان، بل ستكون على الأرجح مواجهات بين الافراد استنادًا للمعتقدات ولون البشرة والانتماء الديني"، معتبرًا أن "هكذا حرب فيما لو اندلعت ستكون مروّعة".

وقال الكاتب إن "انتشار العنف السياسي داخل البلاد سيتحول إلى عملية عسكرية للحكومة الأميركية"، مؤكدا أن  "الـ"اف بي اي" FBI" ووزارة الأمن الداخلي لا يستطيعان وحدها مواجهة الميليشيات الأميركية وأن الجيش الأميركي وحده سيكون القادر على مواجهة قوى التمرد".

وبحسب الكاتب، فإن "القوات الأميركية تتفوّق على الميليشيات تكتيكيا، لكن "المشاكل الحقيقية" ستكون ذات طابع قانوني وبيروقراطي وهي سرعان ما ستأخذ طابعًا عسكريًا"، لافتا إلى أن "تركيبة الجيش الأميركي سواء على المستوى الثقافي او المؤسساتي لا تتلاءم مع اي دور محلي، باعتبار ان طبيعة دوره يجعله لاعبا غير فاعل على صعيد تنفيذ العمليات في الداخل".

وحذّر مارش من أن "أيّ رد فعل عسكري على الاضطراب المحلي سيخرج على الأرجح عن السيطرة ليتحول إلى تمرد "ممتد" ، وستكون نتائج هكذا سيناريو غير مضمونة على الاطلاق".

الكاتب ذكر أن "هناك مجموعة من الحركات المعادية للحكومة داخل الولايات المتحدة اليوم وهي مسلحة"، مشيرا إلى أنه "جرى إلقاء القبض على بعض أعضاء هذه المجموعات وبحوزتهم المواد المطلوبة لإنتاج أسلحة نووية متواضعة".

وتابع الكاتب: "هناك طيف لا يستهان به من الشارع الأميركي الذي يسعى جاهدًا إلى تدمير السلطة السياسية"، متسائلا عمّا "ستؤول إليه الأمور في حال استمر هؤلاء بمحاولة اسقاط الحكومة الفدرالية وفرض نموذجهم من الحرية عبر السلاح كما حصل في حادثة اقتحام مبنى الكونغرس مطلع العام الماضي".

وأضاف أن "نصف سكان البلد سيرون أن العمل العسكري ضد "المتمردين او الإرهابيين" هو ضروري من أجل الحفاظ على الديمقراطية وسلطة القانون، اما بالنسبة للنصف الآخر فقال الكاتب انه سيُنظر إلى هكذا عمل عسكري على انه تدنيس لحرية الفرد، معتبرا أن "مبادرة الجيش الأميركي إلى القيام باي عمل من أي نوع ضد مواطنين اميركيين سيولد مشاعر اللاشرعية ويؤدي بالتالي إلى تفاقم الأزمة".

الكاتب رأى أن "الجيش الأميركي أثبت على مدار عقود عدم فاعليته في مواجهة المتمردين في دول خارجية"، وسأل: "لماذا ستقدم أداء أفضل في الداخل؟".

وأشار الكاتب إلى أن "هناك سابقة "لفشل الاحتلال" على أراض أميركية، حيث نشأت في المناطق الجنوبية الأميركية منظمات إرهابية مثل "Klu Klux Klan" وذلك عقب انتهاء الحرب الاهلية الأميركية"، وقال إن "ما قامت به هذه المنظمات جعل الإدارة الشمالية تتخلّى عن مشروع المصالحة، كما أن الكراهية الناتجة عن هذا الاحتلال مستمرّ حتى يومنا هذا.

الولايات المتحدة ككيان نجت من حرب أهلية في الماضي، إلا أن السؤال المطروح حول "الحرب الاهلية المقبلة" لا يتعلق بنجاة البلاد بل شكلها المتوقع بعد هذه الحرب، وفق ما اعتبر الكاتب.

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة ليس لديها تاريخ في الانقلابات، بل تاريخ في العنف السياسي الراديكالي سواء على صعيد الاغتيالات السياسية أو على صعيد الحرب الاهلية والتمرد ضد الاحتلال"، وأردف أن "نزاعات التمرّد عادة ما لا تنتهي بانتصار أي من الطرفين، بل استنزاف جميع الأطراف، وهذا الاستنزاف سيعيد رسم المشهد السياسي الأميركي".

وخلص الكاتب الى أن "الأميركيين سيكونون أمام "سؤال وجودي" سواء اندلعت الحرب الاهلية ام لا، وهو حول ما إذا كانوا لا زالوا ينتمون إلى نفس البلد ام لا"، خاتمًا أن "التجربة الأميركية تقترب من نهايتها".

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم