طوفان الأقصى

خاص العهد

انسداد "مجاري" الأمطار.. غياب العقوبات يُفاقم الأزمة
28/09/2023

انسداد "مجاري" الأمطار.. غياب العقوبات يُفاقم الأزمة

فاطمة سلامة

كثيرًا ما تتردّد عبارة "التغير المناخي" هذه الأيام كمسؤول رئيسي عن العديد من الأزمات البيئية. يُقال إنّ جُل الكوارث التي بتنا نشهدها حولنا ترتبط بهذا المصطلح بشكل أو بآخر. وعليه، أعطت دول كثيرة حول العالم الأولوية لهذه المسألة، وانكبّت على دراسة أفضل السبل والطرق لمواجهتها. في لبنان، ثمّة قلق حقيقي من أن يفعل "التغير المناخي" فعله خصوصًا في موسم الشتاء. ونحن هنا نتحدّث عن بلد يعاني تاريخيًا من ضعف كبير في البنية التحتية. تمامًا كما يعاني من غياب الرقابة والمحاسبة ما يُشجّع على المخالفات طالما الرادع غير موجود. هذه المسألة تبدو جلية وواضحة في الواقع الذي تبدو عليه مجاري تصريف مياه الأمطار التي تتجمّع فيها النفايات. والمفارقة، أنّ تلك المجاري لا تبقى "نظيفة" لبضع ساعات، فما إن يبادر المعنيون لتنظيفها حتى يبادر المواطنون الى تحويلها لمكب نفايات. 

الواقع المذكور لا تنتهي محاذيره بأكوام النفايات المكدّسة في المجاري وعلى الطرقات. ثمّة تداعيات تهدّد بحدوث فيضان مفاجئ يضع السلامة العامة على المحك. وهو الأمر الذي دفع وزارة الأشغال العامة والنقل الى إطلاق ورشة لتنظيف مجاري مياه الأمطار في العديد من المناطق اللبنانية في خطوة استباقية لبدء موسم هطول الأمطار. إلا أنّه وعلى قاعدة "يد واحدة لا تصفّق" وضع وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال الجميع أمام مسؤولياتهم. عقد اجتماعًا موسعًا في وزارة الأشغال ضمّ وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور ناصر ياسين ومتعهدي ورش أشغال تنظيف وتعزيل مجاري تصريف مياه الأمطار والمعنيين في الوزارة. كما حضر الاجتماع متعهدي رفع النفايات من الطرقات والأوتوسترادات، وذلك لتنسيق العمل التكاملي في ما بينهم.

وفي مؤتمر صحفي عقده عقب الاجتماع، لم يخفِ حمية حساسية الوضع خاصة أننا نرزح تحت تأثير "تغير مناخي" تشهده منطقة الشرق الأوسط ونعاني تاريخيًا من ضعف في البنية التحتية. وتطرّق حمية الى أركان خمسة أساسية يجب أن تتوفر لعدم حدوث انسداد على الأوتوسترادات. ومن هذه الأركان، ذكر حمية السُكّان سواء اللبنانيون أم المقيمون. بالنسبة لحمية، "على هؤلاء مسؤولية المحافظة على نظافة مجاري الأنهار، اذ للأسف، يتم "تعزيل" المجرى اليوم، وخلال 24 ساعة تعود النفايات لتتجمّع فيه". 

وردًا على سؤال لموقع "العهد" الإخباري حول ما إذا كان غياب العقوبات الرادعة للمواطنين يفاقم الأزمة، أجاب حمية "بالتأكيد"، ونوّه الى أنّ بعض الجمعيات تقوم بدور التوعية لهذا الموضوع لأنّ المشكلة الأساسية تكمن في رمي النفايات من السيارات. وفي هذا السياق، عقّب وزير البيئة قائلًا: "وضعنا اقتراحات لتعديل الغرامات الموجودة على مرسوم النظافة العامة المعمول به منذ عام 1974 لكي تتمكّن البلديات في الوضع الحالي من أن تفرض غرامات لأن جزءًا كبيرًا من المشكلة يكمن في أنه لا يوجد رقابة على الأرض من الحرس البلدي أو الشرطة البلدية أو شرطة الشواطئ". وفق ياسين، فإنّ مجموعة من الشركات تتطوّع لتنظيف النفايات من الأماكن العامة ككورنيش المنارة، إلا أنّ المطلوب من محافظ بيروت وضع الشرطة البلدية في الخدمة، اذ ثمّة أكثر من 400 عنصر بإمكانهم القيام بالضبط والمراقبة لفرض الغرامات لتنتظم الأمور. 

نتعامل مع الأملاك العامة "كأنها ليس ملكنا"

وفي هذا السياق، يقول رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت محمد درغام لموقع "العهد" أن الرقابة في لبنان لها حدود معينة، وعلى كل مواطن أن يكون "خفيرًا" تمامًا كما يحدث في أوروبا. يأسف درغام ففي لبنان نتعامل مع الأملاك العامة خارج نطاق باب منزلنا "كأنها ليس ملكنا"، وهذه أحد العوامل التي تسبّب المشكلة. 

يتحدّث درغام انطلاقًا من دور اتحاد بلديات الضاحية كأي جهة متعهدة تنظيف خطوط مجاري تصريف مياه الأمطار، فيلفت الى أنّ ثمّة أزمة في كل عقود المقاولين، وفي المقابل، ثمّة نمطية في التعاطي مع هذا الملف تنطلق من أنّ الحق دائمًا على الدولة، ولكن في هذا الملف الواضح أن الحق على المواطن، ورغم ذلك عندما "تطوف" الطرقات بالمياه تعلو الصرخة "أين الدولة؟!" بينما المواطن يجب أن يكون مسؤولًا ليحمي نفسه والمحيطين به. 

على وزارة الطاقة مسؤولية أساسية 

وبالعودة الى الأركان الخمسة، يوضح حميّة أنّه إضافة الى المواطنين، يأتي في المقام الأول دور وزارة الأشغال العامة والنقل ومتعهديها في القيام بكامل مسؤولياتهم على الأوتوسترادات بتعزيل مجاري مياه الأمطار، وهذا ما يحصل فعلًا، وفق حمية الذي يشير الى دور وزارة الطاقة والمياه كركن ثان وأساسي، ففي القانون الذي صدر عام 2000 يقع على عاتقها (الطاقة والمياه) مسؤولية تعزيل وتنظيف وتصحيح مجاري مياه الأمطار. وفق حمية، لدى البحث في الإشكالية التي حصلت في جونيه في بداية فصل الشتاء عندما حدث سيل من أعالي الجبال، تبين أنّ ثمة تعديًا على الأنهر ولم تنظف المجاري فانسابت المياه على الأسهل أي على الطرقات المعبّدة. وفي هذا الصدد، يطلب حمية من وزارة الطاقة أن تقوم بتعزيل مياه الأمطار خصوصًا في المنطقة الممتدة من ضبيه الى جونيه نظرًا للانحدار القوي جدًا الموجود في المنطقة، فيما تبدو طبيعتها الجغرافية مباشرة على الأوتوسترادات. 

انسداد "مجاري" الأمطار.. غياب العقوبات يُفاقم الأزمة

كما يشير وزير الأشغال الى دور البلديات كركن ثالث، سائلًا: "ماذا يفيدنا لو نظّفنا الأوتوسترادات ولم تنظّف البلديات قُراها؟. وتنضم شركات رفع النفايات كركن رابع يتكامل عملها مع الوزارة، أما الركن الخامس فهو المواطنون الذين سبق أن أشير الى دورهم المهم لتفادي الوقوع في أزمة انسداد المجاري ولتسلك المياه طريقها بشكل انسيابي نحو المكان المناسب. 

وردًا على سؤال حول غياب وزير الطاقة والمياه عن الاجتماع رغم أنّ وجوده أساسي، لفت حمية الى أن الوزير ليس في لبنان. وأوضح في السياق أنّ وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي أخبر جميع البلديات بأن تقوم بواجباتها. 

وفي الختام، دعا حمية البعض من السياسيين على اختلاف مشاربهم لتزويد الوزارة باقتراحات إن كان لديهم بعيدًا عن مهاجمة الوزارة والتنظير الذي لا ينفع على مواقع التواصل الاجتماعي، فالوزارة ليست مكتوفة اليدين بل تسعى سعيها لإيجاد الحلول لسلامة الناس. 

ياسين: 44 مجرى شتويًا في لبنان 

من جهته، وزير البيئة ناصر ياسين، يلفت الى أنّ التنسيق بين وزارته ووزارة الأشغال قائم في العديد من المجالات، قائلًا: "اليوم نتحدّث عن تحضيرنا للأمطار وفصل الشتاء والعواصف المقبلة، دورنا كوزارة بيئة أن نضيء على التغيرات المناخية التي تحصل وأحوال الطقس التي أصبحت أكثر تشدّدا وتطرفًا، ونحن نرى في كل منطقة المتوسط كم يحدث كوارث مناخية مرتبطة بالتغير المناخي"، وفي هذا الصدد، يوضح ياسين "أننا نقوم بخطوات استباقية قبل فصل الشتاء، ولهذه الغاية اجتمعنا اليوم مع إدارات شريكة معنا لكي ننجز بشكل متعاون ومتناغم ومتناسق ويكون هناك وقاية من التداعيات المحتملة".

ويضيف ياسين: "ثمّة قضايا بنيوية موجودة عندما يحدث الفيضان، جزء منها عدم وجود صيانة، تراكم النفايات والمخلفات على الأوتوسترادات، وعجز البلديات عن رفع المخلّفات، إلا أنّ السيل يحدث في مجرى مائي وليس وحده، 44 مجرى شتويًّا توجد في لبنان، لكن للأسف لم يحصل لها أي صيانة، وهنا يبدو دور وزارة الطاقة والمياه والبلديات أساسي جدًا لمنع التعديات ومنع وجود مخلفات"، وفق حسابات ياسين، عندما يفيض الأوتوستراد يبدأ من الأعلى، لذلك على البلديات ووزارة الطاقة أن تلعب دورًا في صيانة الأماكن ورفع التعديات عنها. وفي هذا السياق، يوضح ياسين أن "وزارته ستُكمل مع وزارة الأشغال المسؤولة المباشرة والتي لم تتردد مع المتعهدين في رفع التعديات والقيام بخطوات وقائية قبل الشتاء المقبل". 

وعقب المؤتمر الصحفي، كانت جولة ميدانية للوزير حمية والإعلاميين في منطقتي ضبيه ونهر الغدير وبعض النقاط الحمراء الأخرى، وذلك للمعاينة عن كثب للأعمال الجارية فيها.

لبنانوزارة الأشغالالشتاءعلي حميةناصر ياسين

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
الشيخ قاووق: المُسيّرات الانقضاضية وصلت إلى حيث أرادت المقاومة
الشيخ قاووق: المُسيّرات الانقضاضية وصلت إلى حيث أرادت المقاومة
على أجنحة ملاك
على أجنحة ملاك
المقاومة الإسلامية تستهدف تموضعات ‌‏مستحدثة لجنود العدو غرب مستعمرة "شوميرا"
المقاومة الإسلامية تستهدف تموضعات ‌‏مستحدثة لجنود العدو غرب مستعمرة "شوميرا"
اختتام المؤتمر الدولي الرابع لجامعة المعارف عن تمكين الأسرة وإصدار التوصيات
اختتام المؤتمر الدولي الرابع لجامعة المعارف عن تمكين الأسرة وإصدار التوصيات
وضع حجر أساس لمركز الرعاية الاجتماعية في نحلة 
وضع حجر أساس لمركز الرعاية الاجتماعية في نحلة 
الوزير حمية تفقد الأعمال في جسر بعبدات وأعلن البدء بملف معالجة الانهيارات في المتن
الوزير حمية تفقد الأعمال في جسر بعبدات وأعلن البدء بملف معالجة الانهيارات في المتن
حمية يلتقي الصمد: أعمال صيانة الطرق أولوية لوزارة الأشغال 
حمية يلتقي الصمد: أعمال صيانة الطرق أولوية لوزارة الأشغال 
شكوى لبنانية عاجلة ضدّ العدو في مجلس الأمن
شكوى لبنانية عاجلة ضدّ العدو في مجلس الأمن
حميّة من سويسرا: الإصلاحات مفتاح النهوض بالوطن
حميّة من سويسرا: الإصلاحات مفتاح النهوض بالوطن
سكان المبنى المُنهار في الشويفات يناشدون الدولة عبر "العهد" الإسراع بالتعويضات
سكان المبنى المُنهار في الشويفات يناشدون الدولة عبر "العهد" الإسراع بالتعويضات
البرد نال من أجسادهم.. الشتاء الأقسى يمرّ على الأسرى في سجون الاحتلال
البرد نال من أجسادهم.. الشتاء الأقسى يمرّ على الأسرى في سجون الاحتلال
4 أطفال ضحية الأمطار الطوفانية في مزيارة
4 أطفال ضحية الأمطار الطوفانية في مزيارة
وزارة الأشغال تُطلق ورشة تنظيف المجاري في عدد من المناطق
وزارة الأشغال تُطلق ورشة تنظيف المجاري في عدد من المناطق
قبيل فصل الشتاء.. بلدية الغبيري تتابع أعمال صيانة الطرق
قبيل فصل الشتاء.. بلدية الغبيري تتابع أعمال صيانة الطرق
في عزّ الصيف.. عواصف رعدية وأمطار غزيرة تغرق شوارع لبنان
في عزّ الصيف.. عواصف رعدية وأمطار غزيرة تغرق شوارع لبنان
الوزير حمية: تحويل 7 ملايين دولار لاستئناف العمل بأوتوستراد الشبريحا - صور
الوزير حمية: تحويل 7 ملايين دولار لاستئناف العمل بأوتوستراد الشبريحا - صور
حمية: كل الجهود والإمكانات ستكون في خدمة إنجاز ملف صيانة الطرقات
حمية: كل الجهود والإمكانات ستكون في خدمة إنجاز ملف صيانة الطرقات
حمية: لبنان في طور إعداد استراتيجية وطنية بحرية
حمية: لبنان في طور إعداد استراتيجية وطنية بحرية
حمية يجول في المطار: الأجواء اللبنانية أعيد فتحها وسير العمل في المطار يعود لطبيعته 
حمية يجول في المطار: الأجواء اللبنانية أعيد فتحها وسير العمل في المطار يعود لطبيعته 
حمية يتابع موضوع صيانة الطرق في المنية
حمية يتابع موضوع صيانة الطرق في المنية
إرشادات صارمة لوزير البيئة بشأن فلاتر للمولدات الكهربائية لخفض التلوث
إرشادات صارمة لوزير البيئة بشأن فلاتر للمولدات الكهربائية لخفض التلوث
وزارة الأشغال: للتكامل بين جميع الإدارات والجهات استباقًا للعواصف المتوقعة
وزارة الأشغال: للتكامل بين جميع الإدارات والجهات استباقًا للعواصف المتوقعة
اجتماع في محافظة البقاع لحلّ مشكلة مكبّات النفايات
اجتماع في محافظة البقاع لحلّ مشكلة مكبّات النفايات
بالفيديو.. نفايات في شوارع بيروت بعد حفل فنّي ووزير البيئة يعلّق
بالفيديو.. نفايات في شوارع بيروت بعد حفل فنّي ووزير البيئة يعلّق
لجنة البيئة: لا تواطؤ ولا مخالفات على شاطئي الناقورة والدامور
لجنة البيئة: لا تواطؤ ولا مخالفات على شاطئي الناقورة والدامور