طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

الجمهوريون يوجّهون صفعة لزيلنسكي: لا مزيد من الأموال
14/12/2023

الجمهوريون يوجّهون صفعة لزيلنسكي: لا مزيد من الأموال

د. علي دربج - باحث وأستاذ جامعي
 
فشل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في تحقيق انفراجة مع الكونغرس الأمريكي، بعدما أخفق بإقناع المشرعين الأمريكيين بالتصويت على تقديم دعم مالي وعسكري إضافي لبلاده (بقيمة 60 مليار دولار كان طلبها الرئيس جو بايدن كجزء من رزمة تبلغ 111 مليار دولار) خصوصًا وأن العديد من أعضاء الكونغرس متفقون على أن توقعات الحرب لن تؤدي إلا إلى التدهور من دون استمرار الدعم الأمريكي.
 
انطلاقًا من هذه النقطة، كانت الزيارة الثالثة لزيلنكسي إلى الولايات المتحدة منذ بدء المواجهة الأطلسية الروسية الأكثر تحديًا له، حيث ما يزال الطريق مسدودًا أمامه لتحقيق الهدف الذي حضَر من أجله. لا سيما وأن الرأي العام الأمريكي قد حوّل انتباهه إلى مكان آخر، وأصبح لديه شعور بإنفاق الكثير من المال على حرب لم ينتصر فيها. أما السّبب فيعود إلى خطاب اليمين المتشدد الذي أسهم في جعل الناخبين الجمهوريين ـــ وعلى نحو متزايد ــ يراجعون دعمهم لتقديم المساعدات لأوكرانيا ـويمارسون الضغوط على المشرعين لتحقيق ذلك، وفقًا للعديد من استطلاعات الراي.
 
ماذا تقول آخر استطلاعات الرأي حول تراجع الناخبين الجمهوريين عن دعم أوكرانيا؟

يُظهر الاستطلاع الذي أجرته شركة YouGov هذا التحول في الانقلاب بمزاج الناخبين الجمهوريين تجاه الدعم الأمريكي لأوكرانيا. من هنا، وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، فضّل نحو ثلث الجمهوريين خفض المساعدات لأوكرانيا، بعدما كانت نسبة تأييدهم لها قد ارتفعت بحلول زيارة زيلينسكي الثانية إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي  إلى 50%. ومنذ ذلك الحين، تأرجح الدعم لخفض التمويل حول نسبة 50 في المئة.

بالمقابل، لم يكن هناك تحول مماثل بين الديمقراطيين. إذ إن نسبة الديمقراطيين الذين يؤيدون خفض المساعدات لأوكرانيا أصبحت الآن أقل مما كانت عليه بين الجمهوريين في بداية بيانات الشركة التي أجرت الاستطلاع.
 
أكثر من ذلك، وعلى مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، تزايد رفض الجمهوريين للتمويل الجديد. لذلك، لم يعارض هذه المساعدات التي عرضت في مجلس النواب في نيسان  2022 سوى 4 في المئة من المشرعين الجمهوريين الذين أدلوا بأصواتهم لصالح أو لأسفل. ومع بداية أيار 2022، كان ما يقارب 3 من كل 10 عارضوا ذلك.
 
المثير للانتباه أنه بعد زيارة زيلينسكي لواشنطن في ديسمبر/كانون الأول 2022، أقر الكونجرس حزمة إنفاق كبيرة على أسس حزبية تضمنت المزيد من المساعدات لأوكرانيا. وهنا كانت المفاجأة، فقد حظي التعديل الذي قدمته النائب مارجوري تايلور جرين (جمهورية من ولاية جورجيا وهي معارضة علنية لتقديم الدعم لاوكرانيا) في يوليو/تموز من هذا العام، وقضى بإلغاء المساعدات عن أوكرانيا، بدعم 4 من كل 10 جمهوريين. وبعد شهرين، عارض أكثر من نصف أعضاء مؤتمر الحزب الجمهوري اقتراح التمويل.

كما وجد استطلاع للرأي كانت قد أجرته مؤسسة يوغوف في تشرين الثاني (نوفمبر)، أن الجمهوريين المحافظين كانوا أكثر ميلاً إلى تقليص المساعدات لأوكرانيا مقارنة بالجمهوريين بشكل عام.

الى جانب، ذلك، تؤدي الانتخابات على اختلافها، دورًا حاسمًا في تبدل مواقف الجمهوريين، فبعد بضعة أشهر، سيجرى استحقاق محاولة اعادة انتخابهم في مجلس النواب على أمل الفوز في بعض الحالات بالانتخابات التمهيدية التي تميل بشكل أكبر لصالح الناخبين المحافظين. لذلك، يرى هؤلاء أنه من الآمن لهم مجاراة الناخبين المتشددين، وبالتالي الانخراط في المعارضة المتزايدة لمشروع التمويل الجديد لاوكرانيا.
 
ما هي نسبة اهتمام الأمريكيين خارج الكونغرس بالمسألة الاوكرانية؟
زيارات زيلنسكي لم تثر الكثير من اهتمامات الامريكيين خارج الكونغرس. حيث ذكرت القنوات الإخبارية زيلنسكي نحو 2500 مرة في الأسابيع الثلاثة التي تلت زياراته في ديسمبر/كانون الأول 2022. غير أنه في الأسابيع الثلاثة التي تلت زيارته في سبتمبر/أيلول (الزيارة الثانية وليست الثالثة)، فعلت ذلك نحو 1700 مرة. ايضًا، يُظهر النمط في الاهتمام بالبحث على Google انخفاضًا مشابهًا" والاحصاءات على ذمة "واشنطن بوست".

ليس هذا فحسب، معظم تلك الإشارات الإخبارية لزيارة زيلنكسي على شبكتي CNN وMSNBC، والتي كانت تمثل 4 من كل 5 إشارات في العام الماضي، و9 من كل 10 إشارات في وقت سابق من هذا العام، تكاد هذه الايام تمر مرور الكرام على قناة "فوكس نيوز" التي تتمتع بنفوذ كبير بشكل غير متناسب على الناخبين الجمهوريين.
 
في المحصلة، وبناء على ما تقدم، وجه أعضاء جمهوريون في الكونغرس نصيحة الى الرئيس الأوكراني مفادها: أنه كان هناك شيء واحد يجب أن يعتاد عليه زيلينسكي الآن، فهو الفوز في معارك صغيرة قصيرة المدى حتى لو ظل النصر على المدى الطويل بعيد المنال.

أوكرانيا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل