خاص العهد
"جوازات السفر".. هل نحن أمام أزمة؟
فاطمة سلامة
في أحد اللقاءات ولدى سؤال أحد المسؤولين في الأمن العام اللبناني عن أسباب أزمة جوازات السفر قاربَ القضية بالإشارة الى أنّها نبعت في البداية من "إشاعة". صحيح أنّ ثمّة عوامل عديدة تدفع المواطنين الى التوجه لإنجاز "جواز سفر" بدءًا من الأزمات التي نعيشها، والحلم بفرصة عمل أفضل في الخارج وليس انتهاء بالقلق من انسحاب قضيّة فقدان المواد والحاجات الأساسية على جوازات السفر، صحيح أن كل هذه المعطيات تحرّك الناس لإنجاز جوازات السفر، إلا أنّ حجم التهافت الذي شهدناه على مدى أكثر من عامين ما كان ليكون كذلك لولا الطابور الأول الذي شوهد أمام مراكز الأمن العام في بداية الأزمة.
الطابور المذكور كان بسبب إقدام مجموعة من المغتربين على تجديد جوازات السفر في لبنان للاستفادة من الارتفاع بسعر صرف الدولار في بداية الأزمة حيث كانت الأسعار منخفضة. بمعنى أنّ المغترب فضّل المجيء الى لبنان بدلًا من إنجاز جواز السفر في السفارة اللبنانية في الخارج نظرًا لتقارب المصاريف. ذلك الطابور دفع بالكثير من عامة الشعب الى الحديث عن أزمة ما ولّد ضغطًا غير مسبوق لتتحوّل الشائعة آنذاك الى ضغط والضغط الى أزمة فعلية نظرًا لعدم تلبية الكمية الموجودة من الجوازات طلبات المواطنين، وتأخير فتح الاعتمادات المطلوبة لتوفير الجوازات.
لدينا كمية كبيرة من الجوازات
اليوم، ورغم التطمينات التي تحدّث عنها المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم قبل أشهر بأن لا أزمة جوازات سفر وأنه في 15 شباط 2023 ستعود آلية جوازات السفر كما كانت عليه في السابق، رغم هذه التطمينات والتي ترافقت مع إلغاء العمل بالمنصة التي أعيد العمل بها لاحقًا للجوازات المستعجلة، رغم ذلك لا يزال المواطنون يشكون من الطوابير في مراكز الأمن العام والانتظار لساعات طويلة لإنجاز جواز سفر، تمامًا كما يشكون من تأخر الأمن العام في تسليمهم الجواز في الموعد المحدّد. فما أسباب هذه الطوابير؟ وهل نحن في خضم أزمة في هذا الإطار؟.
مصدر في الأمن العام ينفي في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن نكون أمام أزمة في جوازات السفر. لدينا منذ بداية عام 2023 مليون جواز سفر، كل يوم يُستنفد منها 3000 جواز سفر وبالتالي لا يزال لدينا كمية كبيرة. لكنّ المصدر يشير الى أنّ القدرة الإنتاجية اليومية للمراكز هي 3000 جواز، إلا أنّ الطلب يفوق هذا الرقم. في الأيام الطبيعية أي ما قبل 2019 و2020 ورغم أنّ مدة صلاحية الجواز كانت تتراوح بين سنة و3 سنوات إلا أنّ أقصى حد للإنتاج كان يصل الى 1500 جواز يوميًا خلال فترة الصيف والمناسبات كالحج وزيارة العتبات المقدسة في العراق. أما اليوم فالنسبة أكثر من مضاعفة. وعليه نحن أمام ضغط وزيادة طلب وليس أزمة كما يُشاع. لا يُنكر المتحدّث أنّ الحصول على جواز سفر هو حق لأي لبناني انطلاقًا من مبدأ الحق في التنقل لكنّه في المقابل يستغرب لوم البعض للأمن العام واتهامه بالتقصير وعدم تأمين الجوازات على الوقت.
90 بالمئة لم يغادروا الأراضي اللبنانية
يوضح المصدر أنّ الأفراد الذين يريدون ولا يريدون السفر يُسارعون ويضغطون على المراكز للحصول على جواز سفر، وهذا قد يُعرقل على الناس الذين فعلًا يحتاجون الى جواز سفر للحصول عليه بسلاسة. يُعيد المصدر ويكرّر: "نسبة كبيرة من المواطنين يتقدّمون للحصول على جوازات السفر ولا يستعملونها. جزء منهم لم يتسلمها أصلًا، ونسبة كبيرة تسلمت جوازات السفر لكنها لم تسافر". وهنا يشير المصدر الى أنّ الأمن العام يجري من وقت لآخر إحصاءات، حيث تبيّن ــ ومن دون مبالغة ــ أنّ 50 بالمئة من الذين ينجزون جوازات سفر لا يريدونها أو لا يحتاجون اليها فورًا. الأمن العام يتتبّع من خلال الدراسة الإحصائية الحاصلين على الجوازات، وفي إحدى الفترات تبيّن أنّ 90 بالمئة من الذين حصلوا على جوازات سفر لم يغادروا الأراضي اللبنانية. كثر ــ وفق المتحدّث ــ يأخذون الجواز ويضعونه في الجيب.
حقيقة الطوابير
وحول الطوابير التي نراها، يقول المصدر إنّ القضية ليست طوابير. بل ثمّة عدد محدّد من الجوازات لكل مركز يقارب المئة جواز، وعندما ينفد هذا الرقم يضطر المواطن الى الرجوع الى منزله خالي الوفاض أو حاملًا رقمًا ليوم آخر.
ويلفت المصدر الى أنّ هناك أكثر من سبب دفع الناس للتقدم بالحصول على جواز سفر. على سبيل المثال محاكاة الآخرين كالجيران، النيّة بالسفر والعمل في الخارج بحثًا عن ظروف أفضل، زيارة الأقارب في الخارج، لكنّ المصدر يعود ويكرّر أن كثرًا ممّن حصلوا على جوازات سفر لم يسافروا.
50 بالمئة من الذين حجزوا على المنصة لم يأتوا الى المراكز
وحول إمكانية أن يعود العمل بالمنصة، يقول المصدر: "عندما اتخذ القرار بوقف العمل بالمنصة كان بسبب ملاحظتنا أنّ الحجز الذي كان على المنصة كان مضخمًا. كثيرون قدّموا وسجّلوا أسماءهم لكن 50 بالمئة منهم لم يأتوا الى المراكز لإنجاز الجواز. وعليه كان القرار بإراحة الناس خاصة أنّ ثمّة مواعيد بعيدة جدًا، ولكن للأسف عاد الضغط خصوصًا في المراكز الرئيسية".
وحول التأخر في تسليم جوازات السفر، يقول المصدر "إنّ التسليم يحتاج الى شهر عمل، فيظن المواطن أن المركز تأخر لكن في الحقيقة لا تُحتسب أيام السبت والأحد والعطل الرسمية، ناهيك عن أنه في بعض الأحيان تحتاج آلات طباعة الوثائق للصيانة أو "الترييح"". وعليه، يشدّد المصدر على أن لا أزمة جوازات سفر، لكنها أزمة ازدياد في الطلبات والمطلوب ممّن لا يريدون السفر التمهل بإفساح المجال للمضطرين، فمن يريد السفر في أيلول بإمكانه التقدم في آب، فلا داعي للخوف خاصة أن المديرية تفسح المجال للمضطر لإنجاز الجواز بطريقة مستعجلة.
إقرأ المزيد في: خاص العهد
29/09/2024
اغتيال سيد المقاومة.. خسارة كبيرة لفلسطين
27/09/2024