طوفان الأقصى

منوعات ومجتمع

ليالي القدر جنوبًا: "ونْس" الكبار والصغار
07/04/2023

ليالي القدر جنوبًا: "ونْس" الكبار والصغار

 حسين كوراني

تعتبر ليلة القدر من الليالي المباركة العظيمة في الإسلام التي جعلها الله عز وجل فرصة للتقرب منه وخَصّ بها عباده الصالحين، ففيها تتنزّل الرحمة على العباد وتتنزّل الملائكة إلى الأرض. والقرآن الكريم ذكر أجرها الكبير:" ليلة القدر خير من ألف شهر". تقع هذه الليلة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وتختلف طريقة إحيائها من منطقة لأخرى، منهم من يحييها في البيوت والآخرون في بيوت الله. مع الإشارة إلى أن إحياءها يكون في ثلاث ليالٍ ذكرتها الأحاديث الشريفة.

ومع قرب الشعيرة السنوية، يستذكر عددٌ من كبار السنّ الجنوبيين في حديث لموقع "العهد" الإخباري إحياءاتهم لهذه الليالي المباركة، وكيف يستعدّون لها وأين وحجم المشاركة.

التنسيق وتوزيع المهمات في ليالي القدر

الحاج محمد سويدان من بلدة ياطر يقول لـ"العهد" إن لليلة القدر رمزية دينية كبيرة له في حياته، إذ اعتاد منذ أكثر من 60 سنة أن يحييها في مسجد القرية الذي بناه سماحة المرجع الديني السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس) الذي كان يقيم طوال أيام فصل الصيف في البلدة. ويُشير الى أن المشاركة كانت تبدأ من الساعة العاشرة والنصف ليلًا حتى صلاة الفجر، ويتناوب على قراءة القرآن والأدعية والصلاة عدد من أصحاب الصوت الشجيّ.

يروي الحاج محمد أنه في إحدى الليالي كان الشتاء غزيرًا والبرد قارسًا، "رغم ذلك حاولنا الوصول الى المسجد وثيابنا مبلّلة بالماء، حيث لا مدفأة تُدفئنا من عواصف فصل الشتاء، ولولا "كانون" من الجمر لكنّا تجمدنا من الصقيع، ولا كهرباء للإضاءة والقراءة لولا بعض القناديل والسُرج التي أحضرناها في النهار".

ويضيف الحاج محمد أن "التحضير لليلة القدر كان يبدأ قبل أيام وببرنامج محدد، ونوزّع الأدوار، البعض موكل بالقراءة، والآخر مهمته تجهيز المسجد بكل ما يتطلبه، من كتب أدعية ووسيلة تدفئة (كانون من الجمر) وبعض "الفرش" والبطانيات، ومنهم من يوكل إليه تجهيز وجبة السحور بالتنسيق مع نسوة البلدة".

ويشير الحاج محمد الى أن إحياء ليالي القدر في الماضي كان أفضل من الآن، رغم أن الكهرباء وكل وسائل الراحة أصبحت اليوم مؤمنة أكثر، إلا أن الراحة النفسية والسكينة والخشوع كان لها وقعٌ خاص على قلوبنا.

ليالي القدر جنوبًا: "ونْس" الكبار والصغار

الإحياء بالتناوب السنوية

أما الحاج قاسم بلحص من بلدة صديقين، فيروي لـ"العهد" قائلاً: "من أجمل الليالي التي تمرّ عليّ خلال السنة هي إحياء ليالي القدر لما تتركه من أثر جميل في نفسي"، ولا سيّما أن الإحياء يكون متناوباً في كلّ عام من منزل الى آخر في الحيّ نفسه، فيتناوب مع رفاقه على إحيائها كل سنة عند شخص منهم، وما زلوا حتى الساعة.

ويتابع الحاج قاسم: "نبدأ بالتحضير لها قبل يوم، نوزّع الأدوار فيما بيننا، نبدأ بالقراءة من الساعة 11 ليلًا، وكل ساعة نستريح 10 دقائق، ونتناول وجبة الفطور عند الساعة 3 تقريبًا، وتكون مجهزة من نساء الحي، ونعاود الإحياء لحين صلاة الفجر".

وفي سؤال عن الطعام الذي يوزع خلال ليالي القدر، يجيب الحاج قاسم أن نسوة الحي عندنا كنّ يحضرن مناقيش الصاج واللبن والشاي والزيتون، ومنهن من تجلب فطائر السبانخ أو أقراص كعك "العباس"، كما توزع بعض الحلوى المصنّعة في البيوت.

وعن عدد المُشاركين في الإحياء، يلفت الى أن العدد في تزايد خاصة من كبار السن، لأن الشباب والفتية يترددون الى المساجد أكثر من البيوت.

ليالي القدر جامعة لكلّ الأجيال 

بدوره، الحاج علي حمدان من بلدة كفرا، يوضّح لموقع "العهد" أنه اعتاد على إحياء ليالي القدر في مسجد قريته القديم، رغم أنه يشير الى أن مراسم الإحياء اختلفت عن الماضي في كثير من الأمور، إذ كان كل أهالي البلدة يجتمعون في هذا المسجد، ولم يكونوا موزعين على بقية المساجد.

ويعتبر الحاج علي أن إحياء الليالي كان قديمًا مقتصرًا على كبار السن وبعض الشباب، ولكن اليوم المشاركة أصبحت من كل الأجيال وحتى من الأطفال والنساء الذين لم يكن لهم أي حضور في الماضي، إذ أصبح للنساء أماكنهن الخاصة في الإحياءات في البيوت والمساجد.

ليلة القدر

إقرأ المزيد في: منوعات ومجتمع