طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

هل وصل الصراع الدولي للمباراة النهائية؟
22/02/2023

هل وصل الصراع الدولي للمباراة النهائية؟

إيهاب شوقي

يدخل العالم حثيثًا إلى نفق مجهول ومستقبل غامض لطبيعة الصراع الدولي، حيث تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة، ولم يعد هناك شيء مستبعد بعد عقود كان استبعاد احتمالات بعينها مثل "الحرب العالمية النووية" من قبيل المسلمات.

ولعل هناك تداخلًا بين قوى الطبيعة مثل الزلازل، وتداعياتها الجيوبوليتيكية والجيو ستراتيجية، وبين تفاعلات الصراع على الأرض، تدفع إلى مزيد من التعقيدات.
ولعل أيضًا زيارة الرئيس بايدن لأوكرانيا وملابساتها، وخطاب الرئيس بوتين وتعليقه مشاركة روسيا في معاهدة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، وتحذيرات الخارجية الروسية لأمريكا ومطالبتها بسحب عتاد الناتو والتواجد الأمريكي في أوكرانيا، مع شواهد مستجدات الصراع على الجبهات، وتعقيدات العلاقات بين أوروبا وأمريكا وتشابك ما هو اقتصادي بما هو عسكري، يدفع بالأمور لتحولات وربما مفاجآت مرتقبة، وهو ما يحتاج لإلقاء بعض الضوء على النحو التالي:

1- التداعيات المرتقبة للزلزال التركي:

يبدو أن الزلازل الكبرى، وليس مجرد الزلزالين الكبيرين اللذين افتتحا مشهد الزلازل على الحدود التركية السورية، سيكون لها تداعيات أعمق من الكوارث الإنسانية، بحيث سيكون لها انعكاسات على تركيا وموقعها الجيوستراتيجي كملتقى وعقدة من أهم عقد الصراع الدولي. تبدو هناك تحولات مرتقبة في الوضع الاقتصادي وإعادة الإعمار والحاجة لمساعدات تفوق طاقة الغرب والناتو، وهو ما سيؤثر على توجهات تركيا الجيوبوليتيكية، وكذلك دورها العالمي خارجيًا وطموحاتها في التمدد الإقليمي ومشروعها الطوراني في آسيا، وكذلك وضعها الجيوستراتيجي للناتو وأمريكا ومدى أمان قواعدها، وخاصة قاعدة انجرليك ومخزوناتها النووية الأمريكية.

ولعل زيارة بلينكين وزير الخارجية الأمريكي لليونان وتصريحاته تشي بدور جديد لليونان على حساب تركيا، وربما تعيد للأذهان النوايا والتقارير التي تفيد بنقل مخزون قاعدة انجرليك واستبدالها بقاعدة قاعدة أراكسوس اليونانية.

2- ملابسات زيارة بايدن ودلالاتها:

ربما تحمل زيارة بايدن إلى أوكرانيا وبولندا دلالات مختلفة، من حيث الزيارة في ذاتها، ومن حيث أيضًا الطريقة والملابسات التي جرت بها.
فالزيارة هي زيارة قوة عظمى مأزومة ومهددة وانقلب السحر عليها، حيث انقلبت خطط التوسع الأمريكية ومحاصرة روسيا في عقر دارها، إلى أزمة تهدد أمريكا وهيبتها ونفوذها ومكانتها الدولية، ولا تملك أمريكا مقومات نصر عسكري في مواجهة عسكرية مباشرة ستتحول حتما لمواجهات نووية مدمرة، وليس أمامها إلا إفشال روسيا عبر الدعم المكثف والمحدود لأوكرانيا.

فهو مكثف لاستمرار الاستنزاف والمحدود بسقف لا يوقع الأمور في محظور الاشتباك المباشر مع روسيا، وهي مقاربة معقدة ومحفوفة بالمخاطر ولا يمكن استمرارها.
وربما تدل الزيارة على الوصول لذروة الأزمة حيث لا تملك أمريكا تقديم أسلحة أكثر تطورا، وتستعيض عن ذلك بتقديم ذروة المساعدة السياسية عبر زيارة أكبر رأس في أمريكا لأوكرانيا!

وفي ملابسات الزيارة وتفاصيلها دلالات على خطورة الوضع، حيث كانت الزيارة لبولندا بعد أوكرانيا عبر القطار، أما في اوكرانيا فقد حرص على إبلاغ الروس بالزيارة خشية وقوع عمل ولو عن طريق الخطأ يقود إلى المحظور.
هذا الوضع هو وضع  بالغ الحساسية، ومع إعلان روسيا تعليق مشاركتها بمعاهدة ستارت، تزداد الفرص لسباق التسلح النووي ونشره والوصول بالصراع لمعارك صفرية بعيدة عن التسويات ومحاطة بصواعق التفجير من كل حدب وصوب.

3- تعقيدات العلاقة بين أوروبا وامريكا:

رغم الوحدة الأوروبية الأمريكية البادية على مستوى حلف الناتو عسكريًا، إلا أن نذر الشقاق متصاعدة اقتصاديًا بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا على خلفية السلوك الأمريكي المشين، والذي يعمل على جني المكاسب الاقتصادية على حساب المصالح الأوروبية، وهو ما أثار غضب أوروبا، وتحديدًا فرنسا، والذي قاد رئيسها ماكرون حملة ضد السلوك الأمريكي والقوانين الحمائية ومحفزات الاستثمار في الداخل الأمريكي لمواجهة التضخم، على حساب الاستثمار في أوروبا، وهو ما يضر بالشركات الأوروبية الكبرى.

وعلى جانب آخر تستغل أمريكا الأزمة في أوكرانيا وحظر الطاقة الروسية، وتبيع الغاز والطاقة لأوروبا بأسعار مضاعفة، ناهيك عن ضغوط أمريكا على أوروبا لمقاطعة الصين وحظر تصدير معدات إنتاج الرقائق، وهو ما يضر بالاقتصاد الأوروبي ويعمق أزماته.

هذا الخلاف الاقتصادي قد تكون له تبعات قريبة تنعكس على مجمل العلاقات بما فيها الموقف الموحد من روسيا، وخاصة مع الغضب الشعبي وتصاعده في أوساط كثيرة، وتزايد أسهم اليمين الأوروبي والذي لا يتعاطى مع الوضع في أوكرانيا بنفس منظور الطغمة الحاكمة حاليا في أوروبا.

4- إصرار روسيا وشواهد الجبهات:

المتابع لخطاب وتصريحات الرئيس بوتين وتصريحات نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ميدفيديف، يرصد حجم الإصرار الروسي على المضي قدمًا في المعركة والوصول بها إلى نهايتها دون فزاعات، وأنه لا توجد لروسيا رفاهية الهزيمة، وهو ما ينعكس من التقارير القادمة من الجبهات، والتي تفيد بالتحضير لهجوم كبير في الربيع، وتنسيق كامل مع بيلاروسيا، وانفتاح روسي على التنسيق الاقتصادي والتعاون في جميع المجالات، بما فيها العسكرية، مع إيران ومعسكر المقاومة العالمي للهيمنة.
وهو ما يعني أننا مقبلون على تصعيد على مختلف الجبهات العالمية التي تشهد اشتباكا بين الروس والغرب، بما فيها منطقتنا وفي قلبها سوريا.

5- انعكاس الوضع على المنطقة:

هذه الأوضاع الدولية المحتدمة، والتي أضيفت إليها مستجدات بفعل الطبيعة والزلازل وانعكاساتها، تشي بأن التصعيد هو العنوان الرئيسي، وأن منطقتنا في قلب الحدث، وأن الصراعات البرية والبحرية وصراعات الطاقة تلتقي في عقد رئيسية، تأتي منطقتنا كعقدة رئيسية بها، وهو ما يقود إلى الجهوزية التامة والاستعداد لأي مواجهات.

ولعل تهديدات المقاومة وإسراعها بالمبادرة هو لفطنة وقراءة شاملة لهذه الأوضاع، ولقطع الطريق على رهانات أمريكا والعدو الإسرائيلي والتعجيل بحلحلة الأمور أيا كانت الخيارات.

الناتو

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة

خبر عاجل