تفلّت سوق الدواء يدخل مرحلة التزوير.. ما قصة دواء "methotrexate"؟

يوسف جابر

بسبب ما يعيشه لبنان على صعيد قطاع الدواء، وبعد الدخول في دوامة "أُمٌّن الدواء أو لم يؤمَّن، مدعوم وغير مدعوم"، مما شرّع الباب أمام المهربين والمزوّرين ليس فقط لنهب جيوب المرضى بل أيضًا لسرقة أرواحهم عبر الدواء المزوّر.

وأمس، كثُر الحديث عن انتشار دواء "methotrexate" المناعي في لبنان الخاص بعلاج سرطان الأطفال، حيث تبيّن أنّه يحتوي البكتيريا المزيّفة الزنجارية "pseudomonas arguinosa"، ما حدا بمنظمة الصحة العالمية للتحذير من خطورته القاتلة، والمطالبة بسحبه من أسواق لبنان واليمن.

النائب المقداد: تقاعس الدولة عن تأمين الدواء تسبب بطفرة التهريب

ولتبيان حيثيات الموضوع، أجرى موقع "العهد الإخباري" اتصالًا هاتفيًا بعضو لجنة الصحة النيابية الدكتور علي المقداد الذي أكَّد أنَّ "عدم ضبط المرافق البرية البحرية والجوية زاد من نسبة التهريب إلى لبنان على كافة الأصعدة، بما في ذلك صعيد الأدوية".

وأشار النائب المقداد إلى أنَّه بات هناك ما يُسمى "دواء الشنطة"، وهو الإتيان بعدد من الأدوية من الخارج بحجة الاستخدام الشخصي أو تأمين الدواء للأهل والأقارب، وبسبب عدم توافر الدواء في الداخل اللبناني يتم صرف النظر عنه من قبل القوى الأمنية سواءً في المطار أو المرفأ أو الحدود البرية، فصارت تجارة "الشنطة" مزدهرة، ما فتح بابًا لإدخال أدوية مجهولة المصدر أو أدوية مزوّرة و"مضروبة".

وأضاف: "الأهم أنّ هذا الدواء "methotrexate" الذي يُعطى لمرضى السرطان يحتوي جرثومة خطرة إذا دخلت إلى دم المريض تؤدي إلى تسمّمه ووفاته"، موضحًا أنَّه تم تشخيص حالة واحدة في لبنان، اكتشفت في إحدى المستشفيات، وقد عُرف لاحقًا أن المريض كان قد أحضر الدواء بنفسه من الخارج، بداعي الاستخدام الشخصي، ثم تدهورت حالته الصحية، ما استدعى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، وعلى إثر ذلك أخطرت وزارة الصحة اللبنانية منظمة الصحة العالمية بالأمر، ليتبين في ما بعد أن هناك حالتين مشابهتين في اليمن.

وتابع النائب المقداد: "نحن في لجنة الصحة، بصفتنا جهة رقابية، سنطلب من المشفى الذي أعطى المريض الدواء توضيحًا بهذا الشأن، استنادًا إلى المسؤولية المعنوية الملقاة على عاتقه، باعتبار أن مصدر الدواء غير موثوق وغير مطابق لمعايير الوزارة"، كاشفًا عن وقوع حادثة مماثلة حصلت في وقت سابق، 'حيث جاء المريض بدواء من تركيا للعلاج الكيميائي، لكن طبيبه لاحظ وجود فروق في شكل علبة الدواء، فطلب فحصه ليتبيّن أنّه مياه فقط".

ولفت إلى أنَّ وزارة الصحة اتخذت إجراءً بسحب التركيبة المزوّرة من المستحضر الطبي METHOTREX 50 mg ( Methotrexate) الخاص بعلاج السرطان، من الأسواق اللبنانية، ومنع تداوله، كما طلبت بفحص الدواء المسجّل منه عبرها في كل لبنان، وأوصت بضرورة عدم شراء أي دواء من مصدر غير معروف والالتزام بلائحة الأدوية المسجّلة والمنشورة على موقع وزارة الصحة العامة، حرصًا على سلامة المواطنين وصحتهم ولحمايتهم من استعمال أدويّة مزورة. 

وفي هذا السياق، شدَّد النائب المقداد خلال حديثه لموقع "العهد الإخباري" على أنَّ "المشكلة الأساس تكمن في عدم توفر أدوية مرضى السرطان وغيرها من أدوية الأمراض المستعصية بالكميات التي تلبي حاجات المواطنين، وإلاّ فلماذا سيذهب المريض إلى الخارج في حال كان دواؤه مؤمَّنًا طالما أنّه مجاني؟ ما يطرح علامات استفهام حول الكلام عن توفر الدواء للجميع".

وطالب المقداد وزارة الصحة ومصرف لبنان بتعويض النقص الحاصل في الأدوية، لأنّه وحده تقاعس الدولة عن تأمين الدواء المدعوم للمريض تسبب بطفرة في تهريب الأدوية وإحضارها من الخارج، مبيّنًا أنَّ توفير أدوية مرضى السرطان بشكل كامل يحتاج ما بين 5 إلى 10 ملايين دولار.

النائب عبد الله: هناك عشرات الملفات التي تتابعها الوزارة والأجهزة الأمنية 

من جهته، كشف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور بلال عبد الله، خلال حديثه لموقع "العهد الإخباري" أنَّ مريضًا أحضر دواءً مزوّرًا من الخارج ليتطبب به بشكل شخصي، لكن لاحقًا اكتُشف أمره في إحدى المستشفيات بعد أن ظهرت عليه عوارض خطيرة، مؤكدًا أنَّ المطلوب تشدد وزارة الصحة والأجهزة الأمنية على حد سواء في أعمال الرقابة.

وأوضح النائب عبد الله أنَّ هناك عشرات الملفات التي تتابعها الوزارة والأجهزة الأمنية تهدف لتتبع الأدوية المزوّرة التي تضرّ بالمواطنين، خصوصًا أنَّ سوق الداوء متفلّت، وهناك تهريب لأدوية جيدة وأُخرى مزوّرة وفاسدة، طالبًا من المواطنين التأكد من سلامة المنتج الدوائي المستورد عبر الوكيل الرسمي، والعودة إلى الطبيب أو الصيدلي في أي حال قبل استخدام أيّ دواء مجهول المصدر أو مزوّر كما ثبت مع الدواء الذي تم كشفه.

الصحةالدواءمنظمة الصحة العالميةوزارة الصحة اللبنانية

إقرأ المزيد في: خاص العهد