طوفان الأقصى

خاص العهد

حدائق جنوب لبنان ومحمية الحجير: انجازات تعزز الصمود
12/07/2022

حدائق جنوب لبنان ومحمية الحجير: انجازات تعزز الصمود

داني الأمين

 

في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة، تبدو الحدائق العامة التي أنشأتها البلديات و"الهيئة الايرانية لاعادة اعمار لبنان"، اضافة إلى محمية وادي الحجير، المتنفس الوحيد المجاني للأهالي.

 

تستقطب هذه الأماكن العدد الأكبر من الزوار، سواء من أبناء المنطقة الحدودية أم من المناطق اللبنانية الأخرى. عصر كل يوم، ومنذ بداية فصل الربيع، ترتفع أعداد زوار حديقتي شقراء ومارون الراس لتصبح كل حديقة منهما أشبه بخلية نحل، يشرف عليها عدد من عمال البلدية، اضافة الى أصحاب المحلات التجارية الصغيرة الذين افتتحوا محلات داخل حديقة شقراء العامة، وقاموا بتأجيرها لعدد من أبناء البلدة بهدف "تأمين فرص عمل للمقيمين من جهة، وتأمين الخدمات اللاّزمة للزائرين من جهة ثانية" بحسب أحد الموظفين. ويؤكد الموظّف أن هذا الانجاز الجبار، الذي كلّف أموالا طائلة، ما كان ليتم لولا اصرار البلدية وتقديمات المغتربين ورجال الأعمال الخيّرين، الذين تبرّعوا لشراء الأرض، قبل أن تعمل البلدية على التخطيط والبناء، وبمساعدة من اتحاد بلديات بنت جبيل.

عشرات الأهالي الزائرين يعبّرون عن شكرهم لكل من ساهم في بناء هذا المتنفس الطبيعي الجميل. في هذا الإطار، تقول فاطمة عطوي لموقع "العهد": "نقصد يومياً حديقة شقراء أو حديقة مارون الراس، نحضر أطفالنا، الذين تم تأمين الملاعب لهم والحدائق والألعاب اللاّزمة، اضافة الى المسبح، ونحن بذلك نستطيع الجلوس والتمتع بمناظر الطبيعة الخضراء، نأكل مما نحضره معنا، ونبتاع لأطفالنا بعض حاجاتهم من المحال التجارية الموجودة، كل شيء مؤمن هنا بالمجّان، حتى أماكن الصلاة والنظافة، ما يمكّننا من البقاء حتى ساعات متأخرة من الليل".

بدوره، يقول أحمد حسين "أصبحنا نعيش بأمان في أكثر الأماكن التي كان يمنع علينا زيارتها أو الوصول اليها أثناء الاحتلال الاسرائيلي، فحديقة شقراء تشرف على وادي السلوقي، الذي كان ممراً للمقاومين لمواجهة العدو في مواقعه المشرفة على المنطقة، أما حديقتا مارون الراس وعيترون فشيدتا على الحدود مباشرة، في أراضٍ كان يمنع على المزارعين الدخول اليها، لكننا اليوم نستخدم هذه الأراضي في اللهو والاستجمام ونحن نشاهد جنود العدو وهم يختبئون خلف دشمهم".

رئيس اتحاد بلديات بنت جبيل ورئيس بلدية شقرا السابق رضا عاشور يقول في حديثه لـ"العهد" إن "معاناة الأهالي الطويلة خلال الاحتلال، جعلتنا نتخذ القرار بضرورة العمل لانجاز ما يعزز صمودهم ويؤمن راحتهم رغم الكلفة المالية العالية، الى أن حققنا ما نريده فتم انشاء حدائق مارون الراس، شقرا، حانين، بنت جبيل، برعشيت وعيترون، اضافة الى حدائق عامة في مناطق أخرى"، موضحًا أن "الاتحاد عمد بشكل مستمر الى تأمين الدعم اللازم، سواء أثناء تشييد الحدائق، أم أثناء تشغيلها، ومع الوقت وزيادة حركة الزوار، باتت هذه الحدائق مصدر رزق لعشرات الأهالي".

أما المهندس المشرف على بناء حديقة مارون الراس اسماعيل الزين، فيلفت في تصريح لـ"العهد" الى أن "نجاح حديقة مارون الرّاس، بدعم بلدية طهران، شجع البلديات على انشاء العديد من الحدائق الأخرى، حتى أن عدد الزوار الكبير الذي كان يقصد حديقة مارون أدى الى توسعة الحديقة لتصبح مساحتها 50 ألف متر مربع، بدل 8000 متر مربع، وانشاء ملعب رياضي كبير، ومن ثم مضمار جهادي للأطفال والشباب، وقاعة، ما ساهم في تعزيز روح المقاومة عند الأطفال، وتحطيم معنويات جنود العدو الذين يشاهدون فرح الناس وحضورهم بينما هم مختبئون خلف دشمهم".

حدائق جنوب لبنان ومحمية الحجير: انجازات تعزز الصمود

وادي الحجير الذي غيّب خلال سنوات الاحتلال الطويلة عن أعين أبناء الجنوب اللبناني أصبح اليوم المتنزه الطبيعي الوحيد في المنطقة، يجمع حول مياهه يومياً عشرات الأهالي، وتحولت ينابيعه الى مسابح متنقلة، وأماكن للاستجمام. حتى أن مطاحن الوداي السبعة العتيقة، التي يعود تاريخها الى أكثر من مئتي عام، استعادت عافيتها، بعد أن تم ترميم ثلاثة منها، لتعود من معالم الوادي المقصودة.

وقد أفلح اتحاد بلديات جبل عامل مع لجنة محمية وادي الحجير في وقف تجديد الرخص المتعلّقة بإقامة الكسارات في نطاق المحمية، وتطبيق القانون المتعلق بانشاء المحمية، الصادر في 23 تموز/ يوليو 2010، الذي حدّد مكان المحمية "في الأراضي التي هي ملك الدولة وضمن مشاعات بلديات القرى المحيطة، من مجرى نهر قعقعية الجسر، أسفل مدينة النبطية، حتى بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل".

ويبين مدير المحمية حسن زراقط لموقع "العهد" الإخباري أن "مساحة المحمية 26 كلم مربع، يضاف اليها المنطقة العازلة للمحمية والتي تبلغ 16 كلم مربع، وقد استطاعت ادارة المحمية بالتعاون مع اتحاد بلديات جبل عامل انشاء مركز للدفاع المدني داخل المحمية لمنع الحرائق، وانشاء خزانات اسمنتية لاستخدامها لاطفاء الحرائق، وتقديم الارشادات للأهالي، وزراعة 12000 شجرة حرجية، وسيتم زراعة حوالي 100 ألف شجرة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي".

حدائق جنوب لبنان ومحمية الحجير: انجازات تعزز الصمود

وقد استعانت ادارة المحمية بطلاب عدد من الجامعات لدراسة التنوع البيولوجي داخل المحمية، واحصاء أكثر من 110 أنواع من الطيور، و100 نوع من الأشجار والنباتات، و58 نوعا من الحيوانات الثديية والزواحف. كما استقبلت المحمية، خلال السنوات الماضية، 127 وفداً سياحياً من 5500 شخص من طلاّب الجامعات والمدارس. ويذكر زراقط أن "المحمية ساهمت في تحريك العجلة الاقتصادية في المنطقة، لأنها تستقبل آلاف الزوار من مناطق مختلفة".

في فيء أشجار "البُطم" القليلة المتبقية في وادي السلوقي الواقع بين تلال بلدات مجدل سلم وشقرا وحولا وميس الجبل وقبريخا، ومع ارتفاع درجات الحرارة، يتجمّع العشرات من الأهالي للتنزّه في المكان المتبقّي من الطبيعة الخضراء التي لم تكتسحها ورش البناء المتناثرة مع ارتفاع عدد سكان المنطقة بعد التحرير عام 2000؛ فأبناء تلك المنطقة يتسابقون لحجز فسحة من الأرض في ظلال أشجار البطنم في منطقة حرمت طوال زمن الاحتلال من التمتع بجمال الطبيعة الخضراء.

إقرأ المزيد في: خاص العهد