طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

من يملأ الفراغ السعودي في لبنان؟
27/11/2021

من يملأ الفراغ السعودي في لبنان؟

محمد باقر ياسين

بعد الأزمة السياسية التي افتعلتها السعودية مع لبنان متذرعةً في البداية بتصريح وزير الخارجية اللبنانية جورج قرداحي، لتعلن عن السبب الحقيقي فيما بعد ألا وهو إقصاء حزب الله عن المشهد اللبناني، يبرز السؤال التالي: من سيملأ الفراغ السعودي في لبنان؟

ولكي يكون المتابع على دراية بما يدور في المنطقة، لا بد أن نلفت عنايته وبشكل سريع إلى بؤر عديدة للصراع بين الثالوث الخليجي المتمثل بالسعودية والإمارات وقطر. فأي بلدٍ يخرج منه أحد الأطراف الثلاثة تجد أن الطرفين الآخرين يسعيان لملء فراغه. وهذا الحال سينسحب على لبنان أيضًا.

بعد القطيعة السعودية السياسية مع لبنان، وبالتالي خروجها من الساحة اللبنانية، هناك طرفان يعملان على ملء هذا الشغور الذي ستخلفه المملكة، الأول متمثل بدولة الإمارات والثاني متمثل بدولة قطر.

ولقراءة الموقف الإماراتي لا بد هنا أن نشير إلى ثلاثة أمور قامت بها الإمارات مؤخرًا، وهي على النحو التالي:

- زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى تركيا، وهو العدو اللدود لها، وإبرام اثنتي عشرة اتفاقية، وكذلك أنشأت الإمارات صندوق استثمارات بقيمة عشرة مليارات دولار، وهذا سيسهم في تعزيز الليرة التركية بعد تراجعها مقابل الدولار الأمريكي.

- زيارة وفد من الإمارات إلى إيران، والإعلان عن فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين. وهذا يشكل تمايزًا واضحًا وصريحًا عن الموقف السعودي تجاه إيران.

- زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى سوريا، وما لها من دلالات عدة منها:

1- إقرار بانتصار سوريا بعد فشل دول الخليج بإسقاطها وبالتالي فشل المشروع الخليجي.

2- محاولات ترميم العلاقات العربية مع سوريا، وبالتالي تمهيد عودة الجامعة العربية إلى سوريا.

3- رغبة الإمارات بحصد المكاسب الاقتصادية من خلال المشاريع التي ستقدمها وعلى رأسها إعادة الإعمار.

- الإمارات حضرت بقوة في الساحة اللبنانية عبر سفيرها حمد الشامسي، وكذلك عبر رجل الأعمال خلف الحبتور، الذي يدعم بشكل صريح شخصيات لبنانية في الشمال، وقد مول نشاطات مختلفة لما تدعى بثورة 17 تشرين.

ومن هنا فدولة الإمارات مهتمة بشدة بلبنان، ولن يكون من المستغرب أن تساهم في دعم الليرة اللبنانية عبر ودائع في المصرف المركزي، أو بمشاريع في صندوق استثمار على غرار ما قامت به بدعم الليرة التركية.

وكذلك تدرك الإمارات أن بوابتها لإعادة الإعمار في سوريا ستكون حتماً من لبنان، لذا ستعمل جاهدةً على تحسين العلاقة مع لبنان، ولو أدى هذا إلى تمايزها عن الموقف السعودي الذي كسرته في الساحات الثلاثة التي ذكرناها سابقاً (تركيا، سوريا، إيران).

وفي المقابل، تسعى قطر بدورها لملء الفراغ السعودي؛ فهي لم تغب عن الساحة اللبنانية، إذ إنها الدولة الخليجية الوحيدة التي دعمت حكومة حسان دياب واستقبلته هو ووزير خارجيته، وكذلك دعمت لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، ودعمت الجيش اللبناني بمساعدات ما زالت تقدمها بشكل دوري، وعززت أيضًا من حضورها على الساحة اللبنانية وخاصة في الشمال اللبناني إبان ما تسمى ثورة 17 تشرين، عبر دعم شخصيات من خلال الواجهة التركية، التي تلقى قبولًا لدى الشارع الشمالي.

 وبعد افتعال السعودية للأزمة مع لبنان، حاولت قطر الدخول على خط الوساطة، كون التصريح الذي زعمت السعودية في البداية أنه أصل المشكلة، كان عبر برنامج من إنتاج قناة "الجزيرة" القطرية. ولكن بعد تصريح وزير خارجية السعودية عن السبب الحقيقي ألا وهو "سيطرة حزب الله على لبنان"، انسحبت قطر من الوساطة السياسية، والتي لن تقوم بها إلا بحال فوضتها السعودية بذلك، وهذا مستبعد في الوقت الراهن؛ فبدل ذلك عمدت قطر إلى مساعدة لبنان بشكل غير مباشر، عبر الدعم التركي، وذلك من أجل عدم إغضاب السعودية، التي لم تمضِ سنة على عودة العلاقات معها.

وتهدف قطر من خلال الدعم التركي، إلى فتح ثغرة اقتصادية للبنان لكي يعبر من خلالها نحو الأسواق الخارجية. وكذلك من غير المستبعد أن تقوم قطر بدعم الليرة اللبنانية، عبر ودائع لها في البنك المركزي على غرار الـ 30 مليار دولار التي قدمتها كدعم لليرة التركية. وستستغل قطر زيارة الرئيس عون اليها في الأيام القادمة، لمحاولة تقريب وجهات النظر بين لبنان والدول الخليجية.

ومن هنا سيكون الصراع محتدمًا بين الإمارات وقطر على تثبيت وجودهما في لبنان، بغية وراثة التركة السعودية، وسيتجلى هذا الصراع بشكل واضح في الشمال اللبناني.

السعوديةالإمارات العربية المتحدةقطر

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
اللواء احتياط في جيش العدو إسرائيل زيف: الأميركيون يطالبوننا بالاختيار بين رفح والرياض
اللواء احتياط في جيش العدو إسرائيل زيف: الأميركيون يطالبوننا بالاختيار بين رفح والرياض
طهران: ما يحدث في جامعات أميركا يعكس صحوة المجتمع الدولي حيال القضية الفلسطينية
طهران: ما يحدث في جامعات أميركا يعكس صحوة المجتمع الدولي حيال القضية الفلسطينية
الحرب ووهم السلام (1)
الحرب ووهم السلام (1)
اللبنانيون ممنوعون من العمرة
اللبنانيون ممنوعون من العمرة
هل للسعودية شهداء على طريق القدس؟
هل للسعودية شهداء على طريق القدس؟
في عاشر أعوام الصمود.. السيد القائد الحوثي يضع شروطًا خمسة للسلام مع السعودية
في عاشر أعوام الصمود.. السيد القائد الحوثي يضع شروطًا خمسة للسلام مع السعودية
حزب الله: وفيق صفا التقى مسؤولين في الامارات معنيين بملف المعتقلين اللبنانيين.. والأمل بالتوصل إلى الخاتمة المطلوبة
حزب الله: وفيق صفا التقى مسؤولين في الامارات معنيين بملف المعتقلين اللبنانيين.. والأمل بالتوصل إلى الخاتمة المطلوبة
زيارة سريّة لوفد عسكري إماراتي إلى الأراضي المحتلة
زيارة سريّة لوفد عسكري إماراتي إلى الأراضي المحتلة
وثائق ديبلوماسية تكشف مواقف الدول قبل 7 أكتوبر وبعده: لا أحد يريد الضغط على "إسرائيل"
وثائق ديبلوماسية تكشف مواقف الدول قبل 7 أكتوبر وبعده: لا أحد يريد الضغط على "إسرائيل"
غزّة سؤال المستقبل المصري
غزّة سؤال المستقبل المصري
إدانات دولية واسعة لجريمة اغتيال أبناء هنية
إدانات دولية واسعة لجريمة اغتيال أبناء هنية
قطر وإسبانيا تدعوان من الدوحة لوقف الحرب على غزة
قطر وإسبانيا تدعوان من الدوحة لوقف الحرب على غزة
الخارجية القطرية: المفاوضات بين حماس وكيان الاحتلال استُؤنفت بكافة مساراتها
الخارجية القطرية: المفاوضات بين حماس وكيان الاحتلال استُؤنفت بكافة مساراتها
لا انفراجة في لقاءات القاهرة حول غزة.. حماس: نتنياهو لا يريد اتفاقًا
لا انفراجة في لقاءات القاهرة حول غزة.. حماس: نتنياهو لا يريد اتفاقًا
 تواطؤ مصري وصمت قطري على تبنّي مطالب إسرائيل | وقائع مناورة باريس: الأسرى مقابل الغذاء
 تواطؤ مصري وصمت قطري على تبنّي مطالب إسرائيل | وقائع مناورة باريس: الأسرى مقابل الغذاء

خبر عاجل