خاص العهد

كيف سيُطبّق
23/11/2020

كيف سيُطبّق "ترشيد" الدعم على الدواء والقمح والمحروقات؟ 

فاطمة سلامة

تُسجّل العديد من الملاحظات والانتقادات على هامش سياسة دعم المواد الأساسية (القمح، المحروقات والدواء) الحالية. تلك السياسة لطالما رُجمت، اذ لا مكان للعدالة الاجتماعية فيها حيث الغني والفقير سواسية. إلا أنّ تنفيذ تصريحات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي أدلى بها منذ أكثر من شهرين لجهة رفع الدعم عن هذه المواد دون وضع استراتيجية تقي المواطن شر الأسعار الخيالية، يعني حكماً الذهاب نحو كارثة اجتماعية كبرى. هل يحتمل المواطن الذي يؤمّن بالكاد قوت عياله أن يتجاوز ثمن ربطة الخبز الـ5000 ليرة؟ هل يحتمل سائق السيارة العمومية أن يتخطى ثمن سعر صفيحة البنزين الـ70 ألفا؟ هل يحتمل المرضى أن يُصبح سعر الدواء 4 و5 أضعاف سعره الحالي؟. حكماً هذا الأمر -إن حصل- سيودي بنا الى واقع قد لا نعثر على الكلمات المناسبة لوصفه. 

وفيما يجري "عصر" ما تبقى من احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية قبل نفادها، سارع اقتصاديون كثر الى إسداء النصح بضرورة إنجاز بطاقات دعم مالية تستفيد منها العائلات الفقيرة مباشرةً، فيما يكثر الحديث هذه الأيام عن مصطلح "ترشيد" الدعم كبديل لرفع الدعم، وقد بدأت وزارة الاقتصاد بتطبيقه حيث خفّضت الأسبوع الماضي لائحة المواد الغذائية والاستهلاكية المدعومة. فكيف سيُطبّق "ترشيد" الدعم على الدواء والقمح والمحروقات؟. 

الدواء: خيارات عدة لترشيد الدعم

عراجي: لم يعد بمقدورنا مواصلة دعم الدواء بالطريقة الحالية

رئيس لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور عاصم عراجي يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ اجتماعاً للجنة الصحة النيابية سيعقد يوم الثلاثاء (24/11) بحضور وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن، وسيضم ممثلين عن كافة العاملين في هذا القطاع من مستوردين ونقابات ومصنعي الدواء وغيرهم. وفق عراجي، لدينا عدة خيارات لترشيد الدعم، اذ لم يعد بمقدورنا مواصلة الدعم بالطريقة الحالية. سوق الدواء في لبنان يضم آلاف الأصناف المدعومة، فيما تعترف منظمة الصحة العالمية بلائحة للدواء تضم 3000 دواء علاجي فقط. وعليه، لا يجوز الاستمرار بالواقع الحالي بعد أن استفاد مستوردو الدواء بأرباح كبيرة ولفترة طويلة. وهنا يضيف عراجي:" الجميع يجب أن يساهموا، لا كما حصل معنا مع المستشفيات التي هربت من طريقنا عندما احتجنا اليها، تماماً كما حصل معنا في مسألة المستلزمات الطبية التي جنى المتعاملون بها أرباحاً. هذا الأمر لا يجوز، فالفقير يجب أن يحصل على الاستشفاء كالغني".

كيف سيُطبّق "ترشيد" الدعم على الدواء والقمح والمحروقات؟ 

ويوضح عراجي أنّ جلسة الثلاثاء النيابية ستبحث في كيفية ترشيد الدعم حيث النقاش سيكون في "قائمة الأدوية الأساسية"، وسيطلب من كل الفاعلين في قطاع الدواء تزويدنا بالقائمة التي يرونها أساسية لعرضها على مصرف لبنان لدعمها حتى ولو استدعى الأمر تأليف لجنة لوضع هذه القائمة. وفق عراجي، لم يعد بإمكان لبنان الاستمرار بالترف و"الفلتان" الموجود في سوق الدواء. من يغص في هذا السوق يدرك كمية الفوضى الموجودة. معظم الأدوية في لبنان تملك أصنافاً كثيرة وهذا الأمر غير مقبول. على سبيل المثال، يتواجد في السوق 19 صنفاً لأحد الأدوية -يقول عراجي- الذي يؤكّد أن بإمكاننا حصر الدواء في صنفين "براند" يقدّم القيمون عليهما أسعاراً رخيصة، وصنفين "جينيريك"، بمعنى حصر تواجد كل دواء في السوق اللبناني بأربعة أو خمسة أصناف لديها أسماء علمية لا أسماء تجارية. 

الفاتورة الدوائية في لبنان هي الأغلى في العالم

ويجري عراجي عملية حسابية بسيطة تبيّن تكلفة الدواء المرتفعة للفرد اللبناني سنوياً. تلك التكلفة تبلغ 350 دولارا سنوياً اذا ما "قسمنا" ملياراً و900 مليون دولار ثمن استيراد الأدوية على ستة ملايين نسمة (عدد سكان لبنان بالإضافة الى النازحين السوريين). وفق حسابات عراجي، فإن هذه التكلفة مرتفعة جداً، ففي السعودية يصرف على الفرد سنوياً 180 دولاراً، في الإمارات 140 دولارا، في تونس 50 دولاراً، وفي الأردن 60 دولاراً. الفاتورة الدوائية في لبنان هي الأغلى في العالم، لذلك لا بد من ترشيد الدواء والبحث عن الطريقة الأسلم وسط تعدد الخيارات. 

بإمكاننا دعم الأدوية الأساسية وفقاً لسعر صرف 1515 وغير الأساسية وفقاً لسعر صرف 4000 ليرة 

ورداً على سؤال حول ما تم تداوله على لسان عراجي عن اعتماد سعر صرف وسطي للدواء (3900 ليرة) بدلاً من السعر الرسمي 1515، يوضح عراجي أنّه لم يقصد ما كُتب عنه، بل أكّد خلال حديثه أنه يمكن تجزئة الأدوية بحيث يتم دعم الأدوية الأساسية وفقاً لسعر صرف 1515، أما الأدوية غير الأساسية فمن الممكن دعمها وفقاً لسعر صرف 4000 ليرة.

المحروقات: لا آلية واضحة 

أبو شقرا: رفع الدعم عن المحروقات سيشكّل كارثة اجتماعية

أما فيما يتعلّق بالمحروقات، فتؤكّد مصادر وزارة الطاقة لموقعنا أنه وحتى الساعة لم يتم الحديث عن مسألة رفع الدعم عن المحروقات، وما يحكى في الإعلام لم تتم مقاربته بشكل رسمي. وفي هذا الصدد، يلفت  ممثل الشركات الموزعة للمحروقات في لبنان فادي أبو شقرا لموقع "العهد" الإخباري أن لا معطيات لدينا كموزعي محروقات عن مسألة ترشيد دعم المحروقات بانتظار أن ترشح أي معلومة في هذا الإطار للتصرف على أساسها. من وجهة نظر أبو شقرا، فإنّ ترشيد دعم المحروقات لن ينجح اذا لم يصَر الى تحديد سعر ثابت للدولار. وفق المتحدّث، من السابق لأوانه الحديث عن آلية لترشيد دعم المحروقات في الوضع الحالي، حيث لا معطيات واضحة عن استراتيجية لهذا الأمر. 

كيف سيُطبّق "ترشيد" الدعم على الدواء والقمح والمحروقات؟ 

ويشدد أبو شقرا على أن رفع الدعم عن المحروقات يشكّل قضية خطيرة ستولّد كارثة اجتماعية على مستوى لبنان، اذ لا نعلم كم سيبلغ سعر صفيحة المحروقات وسط تعدد أسعار صرف الدولار في لبنان. رفع الدعم يعني "خنق" المواطن والقضاء عليه، يختم أبو شقرا.  

القمح: لا شيء ملموسا

ابراهيم: رفع الدعم عن القمح سينعكس بشكل خطير على ثمن ربطة الخبز 

لدى سؤاله عما اذا كان هناك مشاورات للوصول الى آلية يطبق فيها مفهوم الترشيد على دعم القمح، يلفت رئيس نقابة أصحاب المخابز والأفران في بيروت وجبل لبنان علي ابراهيم لموقعنا الى أن لا شيء ملموسا حتى الساعة، متمنياً عدم رفع الدعم عن القمح لأنه سينعكس بشكل خطير على ثمن ربطة الخبز التي قد تتعدى الستة آلاف ليرة، ونحن هنا لا نتحدّث عن مادة كمالية بل عن ربطة خبز أي عن لقمة عيش الفقراء.

كيف سيُطبّق "ترشيد" الدعم على الدواء والقمح والمحروقات؟ 

مصرف لبنانالمحروقاتالدواء

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة