طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

عائقان أمام تعافي الليرة
19/06/2020

عائقان أمام تعافي الليرة

يوسف الريّس

يعمد المصرف المركزي لضخ الدولار في السوق عبر الصرافين كوسيلة بديلة لتدخل المركزي لتثبيت سعر الصرف الذي ثبته سابقا بمعدل 1515 ليرة مقابل الدولار الواحد عبر المصارف.

عمليًا، يقوم المصرف المركزي بتثبيت سعر الصرف عبر التدخل في السوق، فيشتري الليرة عندما ينخفض الطلب عليها أي يضخ الدولار في السوق ويبيع الليرة في حال ازداد الطلب عليها، أي أنه يشتري الدولار من السوق. سابقا، كان المصرف المركزي يمارس سياسة التدخل هذه مرورا بالقطاع المصرفي وكانت وسيلة ضخ الدولار أو شرائه هي السندات. إلا أن توقف قدرة مصرف لبنان على الاستمرار في سياسة التدخل هذه نظرا لانخفاض احتياطي العملات الأجنبية، أدخل لبنان بأزمة الانهيار النقدي والقطاع المصرفي.

واليوم، العائق أمام السياسة الحالية للمصرف المركزي نقطتان أساسيتان:

- إن الدافع من الطلب على الدولار لم يعد اتمام المعاملات التجارية، بل باتت المضاربة هي الدافع الأساسي.
- إن قدرة المصرف المركزي على التدخل محدودة في ظل الانخفاض الحاد في احتياطي العملات الأجنبية.

 بالنسبة للعائق الأول، فإن الطلب على الدولار لم تعد تحكمه أحكام السوق بل بات قادرا على امتصاص كميات هائلة من الدولارات. وبالتالي، فإن المصرف المركزي لن يستطيع أن يعمد الى سياسة التدخل من بيع الدولار لتهدئة السوق. فالطلب على الدولار غير محدود بحاجة معينة ليصل المصرف المركزي لمراده بكمية محددة من الدولارات.

أما على صعيد العائق الثاني، فإن محدودية احتياطي العملات الأجنبية هي التي حالت دون قدرة المصرف المركزي على إبقاء سعر الصرف على ما كان عليه 1515 ليرة مقابل الدولار الواحد أو حتى عند صعوده لعتبة الـ2000 ليرة او 3000 ليرة أو الـ4000 ليرة.

فكمية الدولارات التي كان يحتاجها المصرف المركزي لتثبيت سعر الصرف على أي عتبة تجاوزها سابقا ليست أقل مما يحتاجه حاليا لتثبيته تحت الـ5000 ليرة. فليست العتبة من تحدد كمية الدولار التي يجب ضخها بل الدافع وراء الطلب عليه. وعند العتبات السابقة كانت الثقة بالليرة أكبر ومن هنا فإن هذه السياسة، والتي تمر عبر الصرافين، أي ليس بقطاع منظم كالقطاع المصرفي ستبوء بالفشل.

من هنا، فإن استنزاف احتياطي العملات الأجنبية سيترجم بالنقص بالدولار عندما يكون الدافع للطلب هو لاتمام عمليات تجارية أساسية مثل استيراد القمح والمازوت والأدوات الطبية.

إن السياسة النقدية لا يمكن أن تستمر بنفس الأهداف والوسائل حتى بعد فشلها. فالاحتمالات لإدراة أزمة الانهيار النقدي ليست محدودة، ولكن تفضيل الأهداف والوسائل يجب أن يتم عن علم ومعرفة بالأرقام المالية والنقدية. قد يكون وقف ضخ الليرة حلا لوقف الانهيار، وقد يكون منع التعامل بالدولار خيارا إلا أن الإبقاء على نفس الذهنية لتنفيذ السياسة النقدية والابقاء على نفس الجهات إجراء الرقابة لا يمكن أن يغيّر التنيجة الحالية: الانهيار.

الدولارالليرة اللبنانية

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة