يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

الأموال المهرّبة في
27/12/2019

الأموال المهرّبة في "رقبة" سلامة..هل ينجز مسؤولياته؟

فاطمة سلامة

لم يستطع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الهروب من الأسئلة التي وُجّهت اليه أمس الخميس في لجنة المال والموازنة. وُضع الحاكم أمام مسؤولياته التي لطالما تهرّب منها كما يقول أصحاب الاختصاص، فبدت إجاباته على الأسئلة كأنه يعيش في عالم آخر. حدة الأزمة التي يعيشها لبنان أسقطت الأسئلة الملطّفة، فوجد النواب أنفسهم يسألون سلامة بالمباشر بعيداً عن أي مراعاة. لا مداراة لمن أوصل البلد الى ما هو عليه نتيجة سياسات "عوجاء" اتبعها منذ عام 1993 حتى اليوم، وعليه، لا بد من مساءلته عن كل شاردة وواردة. أبرز الأسئلة التي وجّهت لسلامة تعلّقت بالتحويلات الخارجية التي تحوم حولها الشبهات. قيل لسلامة "بصفتك رئيس هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان والتي أنشئت بموجب قانون مكافحة تبييض الاموال، لماذا لم تمارس صلاحياتك وتتحرى عن التحويلات الخارجية؟". فأجاب سلامة بأنه "سيتخذ كل الخطوات القانونية لمعرفة مصير التحويلات الخارجية إن حصلت فعلاً". المقطع الأخير من الجملة كان صادماً ومثيراً للاستغراب. بدا من خلاله الحاكم كمن تجري المياه تحت قدميه ولا يشعر بها، في مؤشر واضح على أنّ الحاكم نفض يديه من المسؤوليات المناطة به، على ما تقول مصادر المجتمعين في اللجنة لموقع "العهد" الاخباري. 

عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ياسين جابر يتطرّق الى الأموال التي هُرّبت الى الخارج والتي قدّرت بمليارات الدولارات، فيُشدّد في حديث لموقع "العهد" الاخباري على أنّ حاكم مصرف لبنان بموجب القانون هو رئيس هيئة التحقيق الخاصة المنصوص عليها في المادة 6 من قانون مكافحة تبييض الأموال، الأمر الذي يضع على سلامة مسؤولية الاحاطة بحركة التحويلات الخارجية، لمنع أي عملية تهريب لأموال تحوم حولها شبهات فساد أو سرقة أو ما شابه، اذا ان إحدى أبرز مهام الهيئة تلقي الابلاغات وطلبات المساعدة واجراء التحقيقات في العمليات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم تبييض أموال، والتي يدخل ضمنها تحويل الاموال او نقلها. 

ويوضح عضو  لجنة المال والموازنة أنّ القانون رقم 44 الصادر بتاريخ 24/11/2015 والمتعلّق بمكافحة تبييض الأموال ينص في المادة 2 منه على أنّه (يعتبر تبييض الاموال كل فعل يُقصد منه تحويل الاموال او نقلها، او استبدالها او توظيفها ...بغرض اخفاء او تمويه مصدرها غير المشروع او بقصد مساعدة اي شخص متورط في ارتكاب اي من الجرائم المنصوص عنها في المادة الاولى على الافلات من الملاحقة..). وعليه، يقول جابر فإنّ أي مدير مصرف أو محام أو كاتب عدل أو مدقق حسابات أو ما شابه تقع عليه مسؤولية جزائية اذا لم يتقدم باخبار عندما يكون هناك شك بالعملية المصرفية التي يقوم بها العميل أو الزبون. برأي جابر، مصدر الشك ينطلق من ملاحظة "النعمة" التي تهبط فجأة على من يتولى أي وظيفة عامة كأن نجري مقارنة بسيطة بين قيمة الراتب الذي يتقاضاه والأموال المودعة في المصرف، وهذا يدخل في إطار الاثراء غير المشروع. اذ يشير البند التاسع من المادة الأولى في قانون تبييض الأموال الى الفساد الذي يتضمّن الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة واساءة استعمال السلطة والاثراء غير المشروع.

ويُشدّد جابر على أنّ حاكم مصرف لبنان مطالب بملاحقة المصارف ومساءلتها عن تقصيرها في عدم تقديم اخبارات عن الاموال المشبوهة المهربة الى الخارج. عليه أن يحاسب المصارف كونه رئيس هيئة التحقيق لعدم حجزها تلك الأموال التي صُدّرت، ولعدم تحويل صاحبها الى القضاء. ويوضح جابر أن سلامة وعد الحاضرين وتعهد باحضار لوائح التحويلات الخارجية من مصرف لبنان للكشف عن هوية أصحابها ومساءلتهم من أين أتوا بهذه الأموال. ويشدّد جابر على ضرورة قيام هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان بدورها الكامل في هذا الصدد حفاظاً على المال العام. 

وفي سياق آخر، يتطرّق جابر الى موضوع هيكلة الدين، فيشير الى أنّ خدمة الدين العام مشكلة المشكلات في لبنان. فالدولة -حسب جابر- ستدفع ما يقارب العشرة الاف مليار ليرة كخدمة للدين. هذا الرقم -برأي المتحدّث- يشكّل أكبر رقم بمصاريف موازنة عام 2020، ما يحتّم ضرورة إعادة دراسة خدمة الدين العام لتخفيضها، تماماً كما خفضت الفوائد على الودائع. ويشدد جابر على أن الهندسات المالية للحاكم تشكل أحد أبرز أسباب الأزمة التي نعانيها اليوم. وفي هذا الصدد، يؤكّد جابر ضرورة إعادة دراسة موضوع خدمة الدين فلا يجوز أن تحتل خدمة الدين ما يقارب النصف من مصاريف الموازنة. 

ومن جملة الأسئلة التي وجّهت لسلامة كانت حول التعميم الذي أصدره فيما يخص تخفيض الفوائد للمودعين، سئل سلامة لجهة تطبيق هذه الجزئية وتجاهل القسم الآخر من التعميم المتعلّق بتخفيض الفوائد على القروض المعطاة للقطاع الخاص. برأي جابر، لا يجوز أن نمارس ازدواجية في المعايير فنطبّق جزءاً من التعميم ونتجاهل آخر. وبحسب المتحدّث وعد سلامة بتخفيض الفوائد على القروض ابتداء من 5/12/2020.

رياض سلامةياسين جابر

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة