يوميات عدوان نيسان 1996

آراء وتحليلات

ما الرابط بين هونغ كونغ وجل الديب.. ما الجامع بين بكين وحارة حريك؟
17/11/2019

ما الرابط بين هونغ كونغ وجل الديب.. ما الجامع بين بكين وحارة حريك؟

محمود ريا

سؤال بحجم هذا السؤال يبدو للوهلة الأولى غريباً جداً، وربما يكون مستفزاً للبعض، ولكن لا بد من تفكيك مفرداته ودراسة خيوطه للوصول إلى إجابة له، ربما تقنع البعض ولا تقنع البعض الآخر.

في البداية إشارة إلى ما يحصل في هونع كونغ: "ثورة" أو انتفاضة أو حراك، بدأ باحتجاج على مشروع قانون، وما لبث أن تطور إلى عصيان شامل وانتهاك للقوانين والأنظمة وفوضى على مختلف المستويات، وصولاً إلى المس بالمحرّم الأكبر، وهو الدعوة لانفصال هونغ كونغ عن الصين، وهو الأمر الذي لا يمكن أن تقبل به السلطات الصينية بأي حال من الأحوال، حتى لو وصلت الأمور إلى.. أقصى ما يمكن أن تصل إليه.

في جل الديب جزء من "ثورة" أو انتفاضة أو حراك، بدأ باحتجاج على الأوضاع المعيشية ومالبث أن تطور إلى إقفال للطرقات وعصيان على الدولة وفوضى تفوق كل حد، وصولاً إلى طرح شعارات تمس بمسلّمات أساسية لا يمكن القبول بها كسلاح المقاومة وغير ذلك من الشعارات التي تقسّم لبنان. واختيار جل الديب بالذات من بين كل المناطق اللبنانية أمر مقصود، ففي تلك المنطقة يتجمع مناصرو حزب القوات اللبنانية التي تجهر العداء لحزب الله ولقيادته التي يرمز لها أنه تقيم في حارة حريك، ما يجعل المقابلة بين جل الديب وحارة حريك يشبه، مع الفارق بالحجم وبالمعطيات، تحمل وجوهاً من التشابه في المقابلة بين هونغ كونغ وبكين.

ومع هذا التلاقي في مفردات الأحداث في هذه المنطقة وتلك، ينبغي الالتفات إلى مسألة مهمة جداً وهي أن التحركين، في هونغ كونغ وفي جل الديب يحظيان برضا أميركي مطلق، ويقود العصيان في المنطقتين أشخاص مقربون جداً من المنظومة الأميركية ومدعومون من الدوائر الاستخباراتية الأجنبية، بما يدفع إلى الاعتقاد أن العقل المدبّر وراء هاذين التحركين هو واحد.

متابعة لهذه المقارنة نجد أن الصين في موقع مواجهة في هذه المرحلة مع الولايات المتحدة، نظراً للحرب المختلفة الأوجه التي تشنها الإدارة الأميركية على القيادة الصينية، والتي تتعدد أوجهها، بين حرب تجارية واقتصادية، وتدخل في الشؤون الداخلية في هونغ كونغ وتايوان وشينجيانغ والتيبت، ومحاصرة جيواستراتيجية واسعة النطاق في بحر الصين الجنوبي وشبه الجزيرة الكورية وغيرها.

بالتوازي نجد أن لبنان المقاوم هو في موقع مواجهة مع الولايات المتحدة التي تعمل على خنق الاقتصاد اللبناني وتحاول فرض الإرادة الإسرائيلية على لبنان في موضوع الحدود البرية والبحرية والغاز، وتسعى لنزع سلاح المقاومة، وتعمل على القضاء على الخط المقاوم خدمةَ للمصالح الأميركية والإسرائيلية التي لا تلتقي أبداً مع مصالح لبنان المقاوم والذي يمثل حزب الله رأس حربته.

الحديث هنا هو عن تلاقٍ في الظروف وليس بالضرورة عن تلاقٍ في الأفكار، وعن خصم مشترك وليس عن تحالف في مواجهته، وعن مواجهة متماثلة، تجمع في جانب طرفين متماثلين مرتبطين بقوة عظمى، مقابل طرفين، كلّ في جهة، يتعرضان لتهجّم متماثل من القوة العظمى نفسها.

الصين

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات