يوميات عدوان نيسان 1996

آراء وتحليلات

هل يُبعَد الحريري عن رئاسة الحكومة أو يعاد تكليفه؟
31/10/2019

هل يُبعَد الحريري عن رئاسة الحكومة أو يعاد تكليفه؟

شارل ابي نادر

لم تكن استقالة الرئيس سعد الدين الحريري منتظرة، خاصة بعد الاتفاق على الورقة الاصلاحية ومشروع الموازنة .

كما يبدو، لم يعمد الرئيس الحريري الى الاستقالة على خلفية ضغوط الشارع، لأن ذلك كان يمكن أن يحدث منذ بداية "الحراك" وظهور مطالبه، وفي مقدمتها استقالة الحكومة. بل الواضح أن الاستقالة جاءت على خلفية عدم التوافق على طروحات ما بعد الاستقالة المبرمجة، والمتعلقة بتكوين الحكومة الجديدة وأهدافها وبرنامجها أو بيانها الوزاري. وحسب معطيات التفاوض التي رشحت قبيل الاستقالة، كان الخلاف يدور حول رفض الحريري عودة الوزير جبران باسيل الى الحكومة المعدلة أو الجديدة، مع رفضه ايضًا شروطًا أخرى، الامر الذي كما يبدو رُفض من قبل فريق رئيس الجمهورية ومن بعض الحلفاء.

لا شك أن مقاربة الرئيس الحريري لكيفية التصرف الأمني والعسكري ازاء الحراك المطلبي، لناحية التظاهرات أو الاعتصامات، أو لناحية قطع الطرقات، كانت برأي البعض "مشبوهة" أو على الأقل مقاربة غير واضحة. فهو لم  يُظهر أية جدية او حسم في وجوب استصدار قرار رسمي لتكليف الجيش والقوى الأمنية بفتح الطرقات، وفي الوقت الذي كان الوضع المتأزم واحتمال التدحرج نحو احتكاك دموي مع قطاع الطرق، يتطلب قرارًا وتغطيةً رسمية سياسية لتدخل الجيش والقوى الأمنية، كان دائمًا يبتعد عن ذلك القرار.

هل بات من الافضل عدم إعادة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة؟

هذا لناحية مقاربة الرئيس الحريري تجاه الاجراءات الامنية المفترضة لمواجهة السلبيات الامنية والاجتماعية التي نتجت عن انحراف مجموعات مرتبطة خارجيا، استغلت الحراك لتنفيذ اجندة خارجية دائمة، لاستهداف العهد ورئيس الجمهورية بهدف كسر حزب الله. لكن من ناحية اخرى، كان واضحا أن قطاعين هامّين في البلاد، يشكلان عادة مؤشرا على تماسك الوضع أو على تأزمه، هما قطاع المصارف وقطاع التربية، قد وُجّها من قبل القيمين عليهما باتجاه تعميق الشلل وتأزيم الوضع، بشكل يتماهى مع التعطيل الذي أنتجه الحراك، والأهم، بشكل يتماهى مع الايذاء المؤلم للبلاد، والذي نتج عن قطع الطرقات.

اذًا، مع الدور غير المفهوم للرئيس الحريري في المساهمة غير المباشرة بتوجيه الحراك والشلل المصرفي والتعليمي واقفال الطرقات، نحو الهدف الخارجي الاقليمي الدائم، باستهداف العهد والمقاومة، اضافة لدوره في تكبيل الجيش والقوى الامنية في لعب دورها لفتح الطرقات، جاءت استقالته غير المنسقة مع أطراف التسوية الاساسية، والتي كان كُلِّف على اساسها بتشكيل الحكومة بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لتضع البلاد بمأزق غير واضح، وعلى الاقل غير مدروس، ويحمل الكثير من علامات الاستفهام والريبة.

اليوم، تتجه الأمور نحو أكثر من احتمال، أغلبها ليست سهلة سياسيًا وأمنيًا، في ظل ما حصل عليه المعتصمون أو قطاع الطرق بعد الاستقالة من جرعة سياسية، ستدفعهم حتمًا للاستمرار بطرح شروط سياسية ترتبط باستهداف العهد وحزب الله.

من هنا، وفي ظل ما ذُكر لناحية كيفية مقاربة الرئيس الحريري الحقيقية في معالجة الأزمة، وفي ظل ما كشفته استقالته من معطيات تتعلق بتقوية موقع الطرف المشبوه من الحراك، لناحية أهدافه وأهداف داعميه الخارجيين، ولان الرئيس الحريري أو فريقه السياسي والاداري والحزبي، تسلم رئاسة الحكومة في اغلب المراحل التي انتهكت فيها المالية العامة وهُدِرَت فيها الاموال العمومية وتضاعفت الديون بشكل كبير، الامر الذي سوف يضعه في دائرة استهداف المجموعة الصادقة من الحراك المطلبي وفي ظل التطورات الميدانية المتسارعة لناحية فتح اغلب الطرقات، والتي تم تغطيتها بقرار رسمي من رئيس الجمهورية بعد ان استقال الحريري: هل بات من الافضل عدم إعادة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة؟ هل يكون إبعاده عن التكليف هو الانسب للدولة ولإمكانية إعادة اطلاق مسار محاربة الفساد وعودة المصداقية الى مؤسساتها؟

 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات