يوميات عدوان نيسان 1996

آراء وتحليلات

الوكالات الحصرية في الاقتصاد الحرّ: فساد
25/10/2019

الوكالات الحصرية في الاقتصاد الحرّ: فساد

يوسف الريّس

يفاجئ اللبنانيون السلطة، فبعد نهب وفساد استمر ثلاثين عاما استفاق رجال السلطة على نهضة شعبية حركتها ضريبة على الواتسآب. هذا الغضب كوّنته سياسات النهب على مدى عقود، في ظل الهوية الاقتصادية الضائعة ما بين السوق المفتوحة والوكالات الحصرية.

السوق الحرة هي السوق التي يوفر فيها التبادل الطوعي وقوانين العرض والطلب الأساس الوحيد للنظام الاقتصادي، دون تدخل الحكومة. من السمات الرئيسية للأسواق الحرة عدم وجود معاملات قسرية أو شروط على المعاملات. على الرغم من عدم وجود اقتصادات سوق حرة خالصة، بحيث إن جميع الأسواق مقيدة في بعض النواحي، فقد وجد الاقتصاديون الذين يقيسون درجة الحرية في الأسواق علاقة إيجابية بشكل عام بين الأسواق الحرة ومقاييس الرفاه الاقتصادي.  

تهدف السلطات بذلك إلى خلق أسواق تنافسية يوجد فيها العديد من الموردين الذين يتنافسون مع بعضهم بعضاً على أمل توفير السلع والخدمات التي يريدونها ويحتاجونها كمستهلكين. بمعنى آخر، لا يوجد منتج واحد يمكنه ملء السوق. أهمية هذه الأسواق هي العمل على إرضاء الزبائن وبالتالي تصل الأسعار إلى أدنى مستوى يناسب التجار.

لبنانيًا، تبتعد السلطات رغم تعريفها الاقتصاد اللبناني على أنه حرّ عن جوهر السوق المفتوحة ليس بالرسوم الجمركية وحسب بل بالوكالات الحصرية وأرقامها الصادمة.

يستورد لبنان سنويا ما يقدّر بعشرين مليار دولار في ظل احتكار يقارب الـ60% من المبيعات. تستحوذ الشركات المحكترة على 12.2 مليار دولار من قيمة الاستهلاك النهائي في ظل ناتج محلي يقارب الـ52 مليار دولار. هذا الاحتكار يشلّ الأسواق ويتحمل نتائجه السلبية المستهلك. فالاحتكار يجعل المورّد هو الوحيد الذي يحدد السعر وبالتالي يخضع المستهلك لهذا السعر أو يتنحى عن شراء السلعة أو الخدمة ولكن حينما تكون السلعة أساسية لا يمكن للمستهلك في ظل حماية الدولة للمحتكرين إلا أن يخضع.

لعلّ أبرز ما يمكن أن يوضح خطورة الاحتكار هما أزمتا المحروقات والقمح. فعند أول أزمة هددت مصالحهم هددت الشركات المحتكرة استيراد المحروقات والقمح الأمن الغذائي وسعر الصرف. فيما لو لم تكن الحال كذلك لهابت هذه الشركات فعل ما فعلت خوفا من خسارة زبائنها لصالح شركات أخرى وتحملت مع الدولة والمستهلكين أزمة شحّ الدولار.

فيما يلي بعض من السلع المحتكرة:

- شركة واحدة تحتكر 95% من استيراد الغاز.
- شركة واحدة تحتكر 45% من سوق المشروبات الغازية.
- شركة واحدة تحتكر 43% من سوق الوقود الصلب والسائل والغاز.
- شركة واحدة تحتكر 48% من الهندسة الميكانيكية والعامة.
- 4 شركات تحتكر 50% من سوق الأدوية.
- 3 شركات تحتكر 100% من سوق الاسمنت.
- 3 شركات تحتكر 59% من سوق المعادن.
- 1% من الشركات تحتكر 73% من الزراعة.

إن خطورة الاحتكار تتمثل بغلاء الأسعار إضافة إلى حصر التجارة بشركات وأشخاص وبالتالي استفادة القلّة على حساب فقر الكثرة. إن ما يمكن أن يكون على لائحة مطالب الشعب هو الخلاص من أحد أسباب أزمات الأسواق المتمثلة بالوكالات الحصرية.

الاقتصاد يحمل كما السياسة وجهات النظر ولكن حدود هذه الآراء علمية رقمية يجب أن تبنى على أساس رؤية واضحة. ومن هنا نعود لمفهوم الاقتصاد الحر الذي يوصف به لبنان: لا وكالات حصرية في ظله.

 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات