طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

مقاومةٌ... فنصرٌ وكرامة
17/08/2019

مقاومةٌ... فنصرٌ وكرامة

شارل أبي نادر
لم يكن جديدا احتفال حزب الله بالامس بمناسبة انتصار لبنان والمقاومة في حرب تموز عام 2006 على العدو الاسرائيلي، فالحزب جعل من هذا التاريخ في مفكرته مناسبة ثابتة، يحتفل بها كل عام، مستعيدا من ناحية وقائع ومسار وأهداف ونتائج تلك الحرب وجدانيا وعسكريا ووطنيا، ومن ناحية اخرى ـ وهذا هو اللافت ـ يعطيها بعدا استراتيجيا بعد أن يربطها كل عام بالمستجدات والتطورات والأوضاع التي تعيشها المنطقة، ولبنان طبعا من ضمنها.

البعد الإستراتيجي هذا العام والذي يمكن استنتاجه من خطاب الامين العام لحزب الله  السيد حسن نصر الله بالامس في مهرجان "نصر وكرامة" في مربع المواجهة والصمود في بنت جبيل، بمناسبة الذكرى 13 للانتصار في عدوان تموز 2006، يتمثل هذا العام بأهمية ودور المقاومة، نهجا ومحورا، في تحقيق النصر وفي حفظ الكرامة وحماية الوجود.
 
هذا الرابط الذي اوجده سماحة السيد في خطابه انطلق من المواجهة العسكرية المباشرة  التي حدثت بين العدو وبين مجموعة صغيرة من المقاومين في مربع الاحتفال بين بلدات الصمود الجنوبية الحدودية، في تلك المنطقة التي شهدت أعنف المعارك حينها، ليصل إلى المواجهة الأكبر والتي خاضتها ايران مؤخرا في الخليج ضد الاميركيين وبعض حلفائهم الغربيين والاقليميبن، والتي خرجت منها منتصرة.

هذه المواجهة المباشرة بين مجموعة المقاومين وجنود وضباط النخبة من العدو، والتي حدثت على مساحة بسيطة داخل كرم زيتون متواضع الأبعاد الجغرافية، وباسلحة عادية من قنابل يدوية ومسدسات وبنادق فردية، وسقط فيها للعدو بطريقة صادمة عدة اصابات بين قتيل ومصاب، سببت للاخير الخشية والخوف من تدحرج المعارك الى مواجهات مماثلة لمواجهة كرم الزيتون، رأى انها ستكون حتما كارثية على وحداته وبالتالي على جيشه وعلى معركته بشكل عام.

لا تختلف مواجهة كرم الزيتون في مربع الصمود عام 2006 بالمبدأ وبالمضمون عن المواجهة الاخيرة التي خاضتها ايران في الخليج، حيث اسقطت للاميركيين طائرة الاستطلاع الاحدث والأكثر تطورا، واحتجزت ناقلة نفط بريطانية كانت قد خالفت قواعد الملاحة الدولية، بالرغم من مواكبتها وحراستها من قبل بارجة عسكرية بريطانية، ربما هي الاحدث لدى الإنكليز.

انه نفس المبدأ الذي جعل من الممر الاغلى على قلوب المقاومين بين بلدات بنت جبيل وعيناتا ومارون الراس، والذي صعُب عليهم عبوره من قبل العدو، فواجهوا باللحم الحي نخبته المدعومين بالقاذفات وبالطوافات، مثله مثل مضيق هرمز الذي طالما اعتبرته ايران رمزا لسيادتها وصعُب عليها تجاوز وجودها وحضورها التاريخي والجغرافي فيه من قبل دول غربية غريبة.

انه مبدأ المقاومة نفسه، في المواجهة الفردية بين جنود أعداء ومقاومين، وفي المواجهة الدولية بين اساطيل بحرية وقاذفات إستراتيجية ومنظومات دفاع جوي متطورة، انه مبدأ الوقوف والثبات والصمود وراء الحق والقضية العادلة والوجود، بمواجهة عدو غاصب قوي وقادر ومتمكن، انه مبدأ المقاومة لا يتغير، يبدأ من الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ينمو مع الالتزام بالقضية الحقة، يتطور مع التجربة والخبرة والتدريب والعمل الجاد، يتكامل مع الحكمة والديبلوماسبة والتقدير السليم للموقف، ويكتمل مع القوة والقدرة والامكانيات، لينتهي بالنصر وبحفظ الكرامة... إنه مبدأ: "مقاومة.. فنصر وكرامة".

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات