طوفان الأقصى

خاص العهد

 نفق ضهر البيدر: من البقاع إلى بيروت.. ربع ساعة
09/08/2019

 نفق ضهر البيدر: من البقاع إلى بيروت.. ربع ساعة

فاطمة سلامة

أثناء اتصالنا بنائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي للحديث عن إنشاء نفق طريق بيروت ـ البقاع على طريقة الـ "BOT"، صادف مروره على طريق ضهر البيدر. وجد الفرزلي في اللحظة مناسبة لوصف حال المتوجّه بقاعاً. "معاناة ليس ما بعدها معاناة. عن ماذا أحدّثكم؟ عن الزحمة "العجيبة"؟ عن حوادث الموت؟ عن الشاحنات التي تمر بسرعة "جنونية"؟ لا يقول الفرزلي هذا الكلام عبثاً، بل جعل منه مقدّمة للانطلاق في الحديث عن أهمية النفق الذي أقرّت إنشاءه اللجان النيابية المشتركة أمس الخميس. مع هذا النفق لا مكان لتلك الزحمة التي "أعيشها" الآن، وبعد إنجازه وقدر لي الله عمراً سأنقل مكان إقامتي الى البقاع بعيداً عن ضجيج بيروت". 

المعاناة الحيّة التي تحدّث عنها الفرزلي، تشكّل معاناة يومية لأي شخص يتجه بقاعاً. كُثر يحدثوننا عما يُشبه "الحجز" في البقاع جراء ظروف الطريق "السيئة". إلا أنّ الأمر سيختلف كلياً مع النفق العتيد إذا ما تم كل شيء على ما يرام وعبَر طريق الإقرار بسلام في الحكومة والهيئة العامة لمجلس النواب. مع هذا النفق لن تكون مجبراً، بل سيتم تخييرك بين دفع مبلغ زهيد (دولار أو دولارين) وربما أقل واجتياز الطريق من شتورا الى بيروت في وقت قياسي يتراوح بين الربع والثلث الساعة، وبين عبور الطريق العادية. وما أدراك ما هي؟. حالياً، يستغرق قطع الطريق ما بين الثلاث والأربع ساعات، يُضاف اليها "حرق الأعصاب" في زحمة السير، واستهلاك الوقت والسيارة، وغير ذلك من الأمور التي ستجعلك حتماً  تختار النفق بلا تردد. والمميّز في النفق المذكور أنه يقوم على طريقة الـ "BOT" وهي تجربة سيخوضها لبنان للمرة الأولى، وفق ما يقول الفرزلي الذي يُشدّد على أنه آن الأوان لنُدخل هذه الثقافة الى بلدنا. الفلسفة الأولى التي تقوم عليها الـ "BOT" أنها لا تُكلّف الدولة ليرةً واحدة. هذه التجربة عالمية تخوضها معظم البلدان في العالم. 

ما هو الـ"BOT"؟

وقبل الحديث عن أهمية النفق الاستراتيجية، لا بد من الإشارة الى أنّ الـ"BOT" أو ما يعرف بنظام البناء والتشغيل والتحويل هو إجراء تعاقدي تقوم بموجبه جهة من القطاع الخاص بعد الترخيص لها من الدولة بتشييد وبناء أي من مشروعات البنية الأساسية، كإنشاء مطار أو طريق أو محطة لتوليد الكهرباء على أن تتولى الجهة تشغيل المشروع وإدارته بعد الانتهاء منه لمدة امتياز معينة تتراوح عادة ما بين 30 و40 سنة. خلال فترة التشغيل تحصل الجهة الخاصة على التكاليف التي تحملتها بالإضافة إلى تحقيق أرباح من خلال العوائد والرسوم التي يدفعها مستخدمو هذا المشروع، وبعد انتهاء مدة الامتياز يتم نقل المشروع إلى الدولة.

أهمية لا حدود لها 

وبالعودة الى أهمية النفق، يؤكّد الفرزلي أن لا سقف لوصف الأهمية الاستراتيجية التي ستغيّر وجه لبنان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتي سيكون لها العديد من الانعكاسات الإيجابية أهمها: 
ـ حل مشكلة السكن، بحيث يتوجّه جزء مهم من سكان بيروت الى العيش في البقاع
ـ المشروع يجعل مرفأ بيروت صاحب الصفة التفاضلية الأولى عن كل مرافئ المنطقة بما فيها حيفا ويجعله يشكل خارطة المرافئ في حوض البحر الأبيض المتوسط  
ـ تخفيف الضغط عن بيروت من حيث وجود المعامل والمصانع 
ـ تنشيط التجارة الدولية والتي ترتبط بأكملها بهذا الطريق خصوصاً لناحية قرب الطريق من الداخل العربي
ـ التخلص من حوادث الموت ومشكلة انقطاع الطرقات (ثلوج..)
ـ إدخال ثقافة الـ"BOT" الى لبنان عبر هذا النفق ما يمهّد الطريق أمام تكرار التجربة في مناطق أخرى كالشمال 
ـ يمكّننا من الاستفادة من ضهر البيدر الذي يرسو على أكبر خزان مائي في الشرق الأوسط بحسب دراسة يابانية أنجزت عام 1967. 

ويلفت المتحدّث الى أن المستثمرين كثر من إيطاليين ويابانيين وصينيين وغيرهم، وحتى الساعة ينتظرون الاشارة من الحكومة اللبنانية، موضحاً أنّ النفق يشكّل ثورة في حياة لبنان. 

مراد.. لتعميم التجربة

ما يقوله الفرزلي يكرّره رئيس حزب الاتحاد اللبناني عبد الرحيم مراد ـ أحد النواب الذين تقدّموا بالمشروع ـ. ويلفت مراد الى أنّ هذا المشروع تاريخي ومطروح منذ عقود حين أعربت اليابان عن استعدادهم لتنفيذه ولم يتم التنفيذ. والمهم ـ بحسب مراد ـ أنه لا يكبد الخزينة اللبنانية قرشاً واحداً، التكلفة تقع على المواطن المستفيد وبأسعار زهيدة. ويلفت مراد الى أن البقاع يشكل 45 بالمئة من مساحة لبنان ويحق له أن يمتلك طريقاً عاماً وكبيراً يخفّف عن المواطنين المشكلات الكبرى التي تواجههم في رحلة التنقل. 

ويرى مراد أنّ للمشروع إيجابيات عدة منها:

ـ يحوّل البقاع الى أهم منطقة صناعية في العالم
ـ التخفيف من حدة الكثافة السكانية في بيروت
ـ إفشال المشروع الصهيوني الساعي للتطبيع مع الدول العربية تمهيداً ليكون لدى الكيان المرفأ الرئيسي لتوريد البضائع الى الدول العربية، وبموجب النفق يلعب مرفأ بيروت هذا الدور ويصبح لبنان مركزاً للدول، على غرار ما حدث سابقاً عندما كنا نمتلك قطاراً في هذه المنطقة
يختم مراد حديثه بالتأكيد على أنّ هذا المشروع يعتبر أهم مشروع على الصعيد الوطني والقومي إذ لأول مرة في تاريخ لبنان نشهد هكذا خطوات استراتيجية، يجب أن تُعمّم في الجنوب والشمال.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد