يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

ضاحيةٌ في قلبِ الضاحية 
08/08/2019

ضاحيةٌ في قلبِ الضاحية 

محمد حسين 

هي الضاحية أو هنا الضاحية، قلها كما شئت، فأنت في محضر شعب مقاوم أحب الحياة وما زال يطمح ويكد، ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا. من معترك الجامعة إلى شارع الشورى شبابٌ أدركوا مرارة الحياة، فكانوا كما تربوا "الرساليين". وفي وسط شارع الشورى افتتح هؤلاء الشباب مقهى "الضاحية"، والاسم كفيل في أن يجيبك أين أنت، وكيف تكون. 

لماذا "الضاحية"؟ قد يتبادر إلى ذهنك الكثير من الأفكار بمجرد رؤية أو سماع هذا الاسم. أحد مالكي مقهى الضاحية "أمير قاروط" يقول لموقع "العهد" الإخباري: "وقع الاختيار على الاسم بعد مباحثات طويلة، وبعد اختيار المكان نظرنا إلى خصوصية الشارع في حارة حريك والذي عايش مرحلة الاحتلال الصهيوني، منذ الثمانينيات وصولاً إلى نصر تموز، وكذلك لقربنا من أحد المعالم الشهيرة في الضاحية وهو شجرة الكينا أو ما تعرف بشجرة الشورى – واصفاً إياها بشجرة الصمود".

يكشف "أمير" تميز موقع المقهى حيث يقع في المكان الذي رفع فيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله البندقية عام 2000. 
يوصّف أمير الوضع المعيشي والاقتصادي الراهن، قائلاً: "يتخرج الشاب من الجامعة ليواجه صعوبة الحياة وميدان العمل، ومن الطبيعي لكل إنسان وخاصة المتزوج أن يبحث عن عمل إضافي حتى لو كان بعيداً عن اختصاصه العلمي، لذلك يلجأ الشباب اليوم إلى المصالح أو المهن الحرة، وهذا ما فعلناه أنا وشريكيّ الاثنين".

ويتابع: "هنا تكمن الصعوبة في التميز في العمل وسط زحمة المقاهي في البيئة المحيطة، وفي "الضاحية" كان الاختلاف". المقهى المولود من رحم تجربة مريرة، من تجربتنا كخريجين، حيث كنا نعاني من مشكلة الالتقاء والتجمع من أجل الدراسة، وافتقدنا مثل هذه الأمكنة القليلة في منطقتنا، كما كنا نواجه صعوبة في الوصول إلى بعضها بسبب البعد الجغرافي والأسعار المرتفعة، وكذلك الظروف المحيطة. وكان هدفنا تأمين مكان للطلاب لتحصيل ما يريدون في المقهى".

أما عن طقوس المقهى فيوضح أمير أن وجود الطلاب أعطى طابعاً متميزاً لها: "لا يمكنك التحدث بصوت عالِ كالمقاهي الشعبية، ولا تستطيع تغيير "الديكور" كما تريد. لدينا معايير يتقيد بها الزائر، يرتاح معها ونرتاح نحن". 

يبتسم "أمير" عند حديثه عن الأصداء الإيجابية التي يتركها المقهى لدى الناس : "تشكل دافعًا لنا للاستمرار والتميز في تقديم خدماتنا. لقد أصبح لدينا عدد كبير من الهدايا من زوارنا دعمًا للمبادرة، ونلقى تعاونًا كبيرًا في المجال البيئي المتمثل في "الشاليمونات" الكرتون، وكذلك أغطية العبوات البلاستيكية التي نعيد تدويرها لمساعدة الأطفال الصم، وصولاً إلى تقديم الكتب واللوحات وبعض الزخرفات".

الصور المعلقة هي أكثر ما يلفتك عند الدخول إلى المقهى. يقول أمير خاتمًا حديثه "انتقاء الصور خصصنا له وقتاً كبيراً، بعضها بحثنا عنها في الأرشيف وبعضها الآخر في متناول العديدين. إنها تشمل بداية حالة المقاومة في الضاحية مروراً بالتحرير وصولاً حتى اليوم، وشخصيات كانت علامة فارقة منذ الطفولة، فكانوا القادة والقدوة على رأس المراحل المفصلية في دحر الاحتلال". لافتاً إلى قوة المكان والذكريات من خلال هذه الصور التي تشكل ذاكرتنا كملعب الراية والعرض العسكري في يوم القدس، ومبنى المارينز، وكذلك دوار الكفاءات، "فكان لا بد من أن ترافقنا كيفما نظرنا في هذا المقهى".

 


 

الضاحية الجنوبية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل