يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

06/08/2019

"عين الحلوة" بعد مقتل العرقوب: صفحة جديدة

هيثم أبو الغزلان

مَن يدخل مخيم عين الحلوة، أو عاصمة الشتات الفلسطيني، يدرك حجم التغيّر الإيجابي الذي حصل بعد العملية الأمنية الناجحة والمحدودة التي نفّذها عناصر من "الحركة الإسلامية المجاهدة"، و"عصبة الأنصار الإسلامية"، ومجموعة الناشط "رامي ورد"، وأدّت إلى مقتل الإرهابي "بلال أبو عرقوب" واعتقال نجليه وتسليمهما إلى مخابرات الجيش اللبناني، والبحث جارٍ عن نجله الثالث لاعتقاله..

رغم الأخطاء والجرائم التي ارتكبها أبو عرقوب سابقًا، واستهدافه أمن المخيم وترويع سكانه، إلا أن الخطأ القاتل الأخير كان عندما نفّذ جريمة اغتيال الشاب "حسين علاء الدين الملقب" (الخميني)، بعد مشاركة الأخير في تظاهرة رافضة لقرار وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان في وقت كانت التظاهرات الفلسطينية على تخوم قطاع غزة تحت عنوان "جمعة لاجئي لبنان"، تُقدّم شهيدها "أحمد القرا" برصاص العدو الصهيوني.. وما أعطى شحنة هائلة دفعت باتجاه الحسم النهائي مع ظاهرة أبو عرقوب، الفيديو الذي ظهر فيه نجله وهو يطلق الرصاص على المغدور، وبعد دقائق قليلة أجهز بلال نفسه على الجريح حسين في مشهد يُظهر حجم حقده وتعطّشه للدماء كما يروي عنه عارفوه.

مصدر فلسطيني في مخيم عين الحلوة: "الإستهداف الواضح لعين الحلوة يتطلّب من الجميع أعلى درجات الوعي واليقظة"

الجريمة التي ارتكبها أبو عرقوب تأتي في ظل حالة الوحدة الفلسطينية غير المسبوقة في المخيم، وبعد الجهود المتواصلة لتكريس دور القوة الأمنية؛ فجاء اغتيال الشاب "حسين علاء الدين" محاولة لضرب الوحدة الفلسطينية، والجهد الفلسطيني المتنامي لإقناع الرأي العام وبعض المسؤولين في لبنان بأحقيّة المطالب الفلسطينية، وبالظروف الصعبة التي يعيشها أهالي المخيم.

حسم الأمور باتجاه إنهاء حالة أبو عرقوب جاء بالتأكيد لوقف عمليات الاغتيالات في عين الحلوة، ووقف محاولات التوتير الأمني، وهواجس تصاعدها إن ظلّت مثل هذه الحالة وأشباهها قائمة ومستمرة ولم يتم وضع حدّ لها. إذ بات يدرك أهالي المخيم أن بيانات الإدانة والاستنكار عقب حصول كل جريمة قتل لم تعد تكفي.. فكان لعمّ الشهيد "حسين علاء الدين" دور مهم وحاسم كما ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة بالدفع باتجاه خيار الحسم والقضاء على حالة أبو عرقوب.

في بيت عزاء حسين علاء الدين في القاطع الخامس في حي صفوري في المخيم، يجلس والد حسين بين المُعزّين متماسكًا وهو يتقبّل التعازي، بينما المخيم الذي ألغت التظاهرات الرافضة قرار وزير العمل، المربعات الأمنية فيه؛ يسير مثل خلية نحل رافضًا العودة إلى دائرة المربعات الأمنية التي كانت تُقطّع أحياء المخيم بعد أن كرّسها الخارجون عن القانون بفعل البطش والقتل والإرهاب.

مصدر فلسطيني في مخيم عين الحلوة: ما حصل يتطلّب من الدولة اللبنانية إعطاء اللاجئين حقوقهم الطبيعية والإنسانية

ما حصل من إنهاء وجود حالة أبو عرقوب من المفترض أن يُؤسّس لمرحلة جديدة في العلاقات البينيّة الفلسطينية - الفلسطينية، والفلسطينية - اللبنانية. فهو رسالة واضحة ومحددة لكل العابثين بأمن المخيم أن اغتيال "حسين علاء الدين" مرحلة لها ما بعدها لجهة رفض العبث بأمن المخيم عبر منع استمرار الخوض في الصراعات الداخلية، وحفظ المخيم من المزيد من القتل والتدمير عبر وقف استخدام العنف منطلقًا لحل الإشكاليات القائمة. والعمل على تكريس التفاهم والحوار بديلًا عن العنف واستخدام السلاح، لمنع تكرار نماذج تدمير المخيمات مثل مخيم "نهر البارد"، أو أحياء فيها، كما حصل في "حي الطيرة" مع مجموعة "بلال بدر" التي كانت تتحالف مع العرقوب، لِيُصَار لاحقًا إلى فكّ عرى تحالفهما بعد هزيمتهما في "حي الطيرة" وخروجهما من مربّعهما الأمني، بعد تفكيك حالة "بلال بدر" وإنهائها، وقيام "القوة الفلسطينية المشتركة" بالانتشار في "حي الطيرة" لحفظ الأمن وضبط الوضع الداخلي ومطاردة المجموعات الإرهابية..

يقول مصدر فلسطيني في مخيم عين الحلوة: "إن الإستهداف الواضح لعين الحلوة يتطلّب من الجميع أعلى درجات الوعي واليقظة لمواجهة "المؤامرة" وتفويت الفرصة على المتربّصين بشعبنا وبالشعب اللبناني الشرّ.. وهذا يتطلّب من الدولة اللبنانية إعطاء اللاجئين حقوقهم الطبيعية والإنسانية، مع التأكيد الفلسطيني واللبناني على رفض التوطين والتهجير وكل المشاريع الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية".

وبحسب "المبادرة الشعبية في عين الحلوة" فإن الأمل هو بأن "يتحول قرار القضاء على أبو عرقوب إلى سياسة دائمة ومعتمدة لكونها ستعيد الأمل والطمأنينة لجميع سكان مخيمنا".

إقرأ المزيد في: خاص العهد