يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

01/08/2019

"المراقبون الجويون" ناجحون على لائحة الانتظار السياسي

فاطمة سلامة

اعتاد إيلي عازار مذ كان طالباً في كلية إدارة الأعمال على زيارة موقع مجلس الخدمة المدنية الالكتروني بشكل شبه يومي. كأي شاب لبناني يحلم بوظيفة رسمية في بلد تُحاصره الأزمات، ويشكو من "القلة". في إحدى المرات التي قصد فيها إيلي الموقع "لمع" أمامه إعلان عن مباراة جديدة لوظائف "شاغرة" في المديرية العامة للطيران المدني. وظيفة "مراقب جوي" إحدى تلك الوظائف التي أثارت "حماسة" إيلي رغم الراتب غير المغري. وفق قناعاته، فإنّ الفوز بوظيفة "دولة" تشكّل ضمانة لمستقبل أي لبناني. خاض إيلي المباراة التي قدّم فيها حوالى 1930 شخص لملء مجموعة وظائف شاغرة. نتيجة الاختبارات أتت لصالحه إذ تم اختياره من ضمن الناجحين . إلا أنّ حسابات الحقل لم تُطابق حسابات البيدر، مرّ مرسوم التعيين بمراحل فيها ما فيها من التسويف والتأخير، الى أن وصل الى قصر بعبدا في أيار/ مايو 2018، ومنذ ذلك الوقت ننتظر صدور المرسوم، يقول محدثنا.

لدى الحديث معه، لا يُخفي إيلي أبداً "حرقته" التي يشعر بها جراء ما وصلت اليه قضيتهم. يأسف ابن قضاء المتن لكل التبريرات التي تُساق وتحرمه من الالتحاق بوظيفة  "مراقب جوي" التي فاز فيها بكفاءته. عندما نتحدّث عن مجلس خدمة مدنية فإننا حكماً نتحدّث عن امتحانات "صعبة" لا تدخل فيها المحسوبيات، فقط الكفاءة، يُكرّر إيلي الذي يتحدّث بصراحة مُطلقة والى أبعد الحدود، بعيداً عن سياسة الاختباء وراء الاصبع. يقولون أنّ المشكلة في التوازن الطائفي، إذا قمنا بعملية حسابية واحتسبنا نسبة المسيحيين الذين تقدّموا لإجراء الإمتحانات مقارنة بالمسلمين يتبيّن لنا أن القضية أرفع من أن تزج في زواريب الطائفية والمناطقية. يُفصّل أكثر، فيلفت الى أنّ 1800 مسلم تقدّموا للاختبار يقابلهم 130 مسيحي. في المقابل نجح 88 شخصاً في الامتحانات من بينهم 81 مسلماً وسبعة مسيحيين. أليست هذه النسبة معقولة جداً مقارنةً بالأعداد؟، يسأل المتحدّث.

ولا يخجل إيلي من الحديث بشكل مباشر وصريح بأنّنا نحن المسيحيين قلّما نتقدّم لوظيفة من الفئة الرابعة. هذا الأمر شبه متجذّر في ثقافتنا رغم أنه شيء خاطئ للأسف. إلا أنّ إيلي ورغم كل ما حصل لا يُمانع بخوض تجربة امتحانات خدمة مدنية جديدة إذا سنحت له الفرصة، انطلاقاً من عدم رغبته في الهجرة، وسعياً وراء تحقيق "حلمه" بالفوز في وظيفة دولة. وهو ما يدعوه لمناشدة كل المعنيين في الملف لإعادة النظر وإصدار مرسوم تثبيتهم حفظاً لحقوقهم.

حال إيلي لا يختلف عن حال الشاب نايف هدلا الذي يصف حالة "القهر" التي يعيشها. يشعر  بشيء من "الغبن"، فنجاحه لم يكن صدفةً بل ثمرة تعب وسهر وجهد. وأكثر ما يُثير الألم ـ برأي هدلا ـ أنّ مطار بيروت في أمس الحاجة للمراقبين الجويين بسبب "النقص" الذي تواجهه المديرية العامة للطيران المدني. وعندما نتحدّث عن وظيفة "مراقب جوي"، فإننا حكماً نتحدّث عن وظيفة حساسة لا تحتمل التراخي والتعامل معها بقلة مسؤولية لأنها تمس أمن المسافرين، ما يستدعي  المسارعة الى ملء الشواغر حفاظاً على السلامة الجوية ولما تحمله هذه الوظيفة من مهام حيوية.

هدلا ـ وهو الفائز من بين 25 تم اختيارهم لهذه الوظيفة ـ يتحدّث بكل ثقة عن الشفافية والنزاهة التي تتمتّع بها امتحانات مجلس الخدمة المدنية، وهو الأمر الذي من المفترض أن يكون دافعاً لتثبيتنا بعيداً عن المحسوبيات والمحاصصات. يقارب المتحدّث القضية بحرقة، فيلفت الى المعاناة التي يعيشها رفاقه الذين نجحوا. البعض تخلى عن وظيفته لمجرّد خضوعه للامتحانات، ولا يزال حتى الآن عاطلاً عن العمل. البعض الآخر يجد صعوبةً في العثور على أي وظيفة فالكثير من المؤسسات لا تعطيه فرصة التوظيف لخوفها من مرسوم التثبيت الذي قد يصدر لاحقاً. كما يتحدّث هدلا عن حاله كلبناني عاطل عن العمل رغم نجاحه، هذا الأمر في حد ذاته صعب جداً، يقول المتحدّث الذي يرى أنّ المطار يعاني من مشكلة كبيرة جداً بسبب الشغور الموجود، وهذا الأمر دفعنا الى توجيه رسالة الى المعنيين تحدّثنا فيها عن السلامة الجوية، عسى ولعلّ يتفكرون بالأمر، يختم الفائز مع وقف التوظيف.

في المطار.. تكتم منعاً لـ"البلبلة"

مصادر مطار بيروت الدولي تبدو شديدة التكتم حيال أعداد المراقبين الجويين والنقص الذي تعاني منه. أوساطها تؤكّد لموقع "العهد" الإخباري أنّ المديرية العامة للطيران المدني تعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية العاملة على هذا الصعيد، لكنها تعتذر عن الادلاء بأي تفصيل. كل شيء إلا الملاحة الجوية. برأيها فإنّ الإفصاح عن أي معلومة "تفضح" النقص الموجود كفيلة بإحداث "بلبلة" واسعة، وهذا الأمر بغنى عنه في ظل الوضع القائم. جل ما تستطيع قوله أننا في أمس الحاجة لمراقبين جدد، لكنّ الأوضاع تحت السيطرة حالياً وآمنة والأمور تسير بالكادر البشري الموجود الذين يُضاعف ساعات العمل لتسيير الأحوال.

بدوره، وزير الأشغال العامة والنقل السابق غازي زعيتر يوضح أن هناك نقصاً كبيراً في أعداد المراقبين الجويين بالمطار. هذا الأمر يستدعي المسارعة الى تثبيت الناجحين، خصوصاً أن الأمر يتعلّق بحركة الطيران والسلامة الجوية. وفق حساباته، فإنّ مهمة المراقب الجوي دقيقة جداً ولا يجوز إبقاء الوضع على ما هو عليه خصوصاً أنّ المديرية العامة للطيران المدني تستعين بمراقبين متقاعدين، وهذا أمر غير سليم، انطلاقاً من دقّة المهام المطلوبة.

مجلس الخدمة المدنيةمطار رفيق الحريري الدولي

إقرأ المزيد في: خاص العهد