يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

29/07/2019

"العهد" على سفوح جبل الشيخ.. من هنا مرّ سمير القنطار

محمد عيد

لم ينكث سمير القنطار بالوعد الذي قطعه على نفسه عشية قيام رجال المقاومة الإسلامية بتحريره من سجون الإحتلال الصهيوني حين قرر السير مجددًا على درب فلسطين. وهو الأمر الذي تحقق حين قام عميد الأسرى العرب بتأسيس كتائب المقاومة الشعبية ضد المحتل الصهيوني في قرى جبل الشيخ المتاخمة للشريط المحتل في الجولان، والتي ضمت عديد الشبان الذين زارهم القنطار في قراهم فأصغوا السمع له وهو يبسط أمامهم خلاصة تجربته النضالية. فإرث القائد المقاوم كان واضحًا لدى أولئك الشباب الذين رووا لموقع "العهد" قصتهم مع القنطار، والتي لم تنته باستشهاده.

مشهور زيدان شهيد آخر على خطى القنطار
 
الإستهداف الأخير للمقاوم الشهيد مشهور زيدان على جسر القليعة في سعسع الواقعة في أقصى ريف دمشق الجنوبي الغربي المتداخل مع محافظة القنيطرة،  لم يكن سوى حلقة جديدة في مسلسل محاولة العدو الصهيوني إقفال الحساب مع إرث سمير القنطار المقاوم. فالشهيد زيدان واحد من الشبان الذين افتتنوا بالقنطار وسيرته النضالية حين مرّ بقرى جبل الشيخ المتاخمة للشريط المحتل. لعبت يومها شخصية القنطار "الكاريزمية" - المتقاطعة مع رغبة شباب تلك القرى في الوثوب على المحتل المتربص في الجوار - دورها الفعال في تشكيل نواة مقاومة شعبية أبلت البلاء الحسن في الدفاع عن قراها ضد العدو الصهيوني والمجموعات التكفيرية المدعومة منه، والتي تحطمت هجماتها الإرهابية تباعًا على صخرة هذه المقاومة لتفسد كل المشاريع التي اعتقد العدو الصهيوني أنه قادر على فرضها كأمر واقع على أهالي حضر وعرنة وبقعسم ومغر المير وغيرها من قرى جبل الشيخ.

"العهد" على سفوح جبل الشيخ.. من هنا مرّ سمير القنطار

هكذا حدّثنا القنطار

بعد استشهاد القنطار بمدة زمنية قصيرة، آثرنا تتبع آثار رحلته على تلك القرى المقاومة التي زرع فيها بذور مقاومة سرعان ما تعهدتها دماؤه بالرعاية، فصارت شجرة امتدت جذورها في الأرض وتطاول ظلها المبارك على المنطقة بأكملها مع انزياح المد التكفيري نحو أصله الصهيوني في الجولان المحتل القريب. أطل المقاومون عبر أسماء حركية ووجوه ملثمة. يتحدث أحد المقاومين لموقع "العهد" الإخباري عن الظرف السيئ الذي كانوا يعيشونه قبل مجيء القنطار إليهم "كنا محاطين بالإرهابيين من كل حدب وصوب قبل أن يأتي إلينا حاملًا فكرًا مقاومًا وكثيرًا من العزم وابتسامة أكاد أراها الآن".

رمزية حضور القنطار فعلت فعلها "فرجل بقيمته ما كان ليحضر إلينا لولا أنه يحمل معه خطة ممنهجة وعصارة تجربة مقاومة لم يعرف عنها الهزيمة أبدًا" يقول مقاوم آخر.

"العهد" على سفوح جبل الشيخ.. من هنا مرّ سمير القنطار

سألنا المقاومين في هذه القرى عن الأحاديث التي كانت محور اللقاءات مع سمير القنطار فردوا بأنها "كانت تتعلق بآلية الصمود وعدم السماح للإرهابيين بإحداث خرق مع القدرة على شن عمليات نوعية ضدهم، لكن الأهم وفق ما أفادنا به هؤلاء المقاومون كان قدرة القنطار  - وعلى خلفية فهمه العميق لسلوكيات العدو الصهيوني ببعدها النفسي - على تحجيم هذا العدو في أعين رجاله ضمن حدود قدرته الفعلية دون تلك الهالة الكبيرة التي كان يحرص على الظهور بها وكأنه لا يقهر أو كأن إرادته قدر واقع "وهو الأمر الذي نجح فيه إلى حد بعيد" كما قال لنا أحد المقاومين، فالفشل المستمر للتكفيريين في عملياتهم المخطط لها صهيونيًا بدا فشلًا حقيقيًا للأصيل قبل الوكيل ومراكمة يومية للعجز الصهيوني عن إحداث الفارق.  

"العهد" على سفوح جبل الشيخ.. من هنا مرّ سمير القنطار

الأكيد إذًا أن القنطار قد أرسى القواعد ووضع الخطط للتعامل مع التكفيريين المحيطين ومع العدو الصهيوني نفسه، الذي راح يتعقبه ويتعقب معه رجاله من أهالي المنطقة الذين رفعوا معه لواء المقاومة وهم وإن نجحوا في استهدافه واستهداف بعض من رجاله في كتائب المقاومة الشعبية فإنهم بدوا عاجزين عن استئصال الفكر العظيم الذي حمله معه إلى أولئك الرجال الأبطال الذين حفظوا الأمانة ووفوا بالعهد وها هي قراهم قد عادت سيرتها الأولى حصنًا منيعًا ومتقدمًا لدمشق في معركتها مع العدو الصهيوني بعد انكفاء الإرهاب التكفيري بعيدًا.     

 

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل