يوميات عدوان نيسان 1996

لبنان

قضية
23/07/2019

قضية "قبرشمون" تنتظر الحلّ .. ودعوات لجلسة حكومية يوم الخميس

تتابع المراجع السياسية في لبنان مساعيها لمعالجة حادثة "قبرشمون"، وقد ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم على تعثر الإتصالات في الوصول إلى وساطة في ظل تخوف الحزب الإشتراكي من التوجه للمجلس العدلي، مشيرة في السياق نفسه إلى إصرار الحريري على عقد جلسة حكومية يوم الخميس، ومخاوف من تزايد التوتر بين أطراف الأزمة.

الحريري مصرّ على انعقاد مجلس الوزراء الخميس: الحكومة لا تزال في الأسر!

بداية مع "الأخبار" فيما يُصرّ رئيس الحكومة سعد الحريري على عقد جلسة للحكومة يوم الخميس المقبل، لم تثمر الاتصالات السياسية أي مبادرة أو وساطة من شأنها الوصول الى تسوية في ملف حادثة «قبرشمون». وفيما أكدت مصادر سياسية أن ذلك لا يمنع من انعقاد مجلس الوزراء، إلا أن انعقاده سيزيد التوتر في البلاد.

ورُغم مضيّ أكثر من 3 أسابيع على جريمة قبرشمون، لا تزال الحكومة أسيرة هذا الملف نتيجة الانقسام العميق حول آلية الحل للخروج من الأزمة. النائب طلال أرسلان ومن خلفه «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» يُطالبون بإحالته الى المجلس العدلي، باعتبار أن ما حدث كان محاولة لاغتيال الوزير صالح الغريب، فيما يستمر زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، مدعوماً من رئيس الحكومة سعد الحريري، في إصراره على انتظار نتائج التحقيقات كي تحدد الوجهة القضائية بالتوازي مع الحركة السياسية التي تواكبها. وبالرغم من كل الاتصالات والمشاورات التي يجريها المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم مع المعنيين، لم يتحرك الملف باتجاه الحل، ولا يزال عالقاً عند هذه النقطة.

وفيما بدا هذا الملف في اليومين الماضيين وكأنه على موعد مع اختراق بعد إحالة التحقيق على المحكمة العسكرية، وإصرار الحريري على عقد جلسة يوم الخميس المقبل، الا أن المعطيات الأخيرة تؤكّد «أننا ما زلنا في المربع الأول»، بحسَب ما أفادت مصادر سياسية مطلعة. فرغم حركة رئيس الحكومة يومَ أمس، ولقاءاته بوزراء من الفريقين المتنازعين، أكدت المصادر أن «لا جديد، بل على العكس، فإن إصرار الحريري على عقد جلسة هذا الأسبوع يُمكن أن ينقلنا الى مستوى غير مسبوق من التشنّج». وقالت المصادر إن «جنبلاط والحريري هما أكثر تصلباً من ذي قبل، ومن غير المفهوم السبب الذي يقف خلف موقفهما المتصلب»، معتبرة أن «إصرار أرسلان على موضوع المجلس العدلي لا يحول دون عقد جلسة حكومية، لكن انعقادها من دون تسوية يعني أن الجلسة ستشهد معركة كبيرة»، خصوصاً أن «الوزير صالح الغريب سيطرح مسألة إحالة الملف على العدلي، ما قد يوتّر الأجواء بشكل كبير». الغريب الذي التقى أمس رئيس الحكومة أعلن أن «الحريري يقوم بمجموعة اتصالات لتقريب وجهات النظر»، مشدداً على «أننا منفتحون على مناقشة المخارج اللائقة لهذا الأمر». 

وأشار الى أن «الحريري مع التوافق على الحلول ونحن كذلك، وفي نهاية المطاف هناك حكومة تقرر»، مشدّداً على «أننا مصرّون على طرح هذا الموضوع على المجلس العدلي، وهذا حقنا، وهناك مساع لتدوير بعض الزوايا». وفيما فسّر البعض كلام الغريب بأنه مؤشر لحل، أكدت مصادر الديمقراطي أن «لا حسم في هذا الموضوع، وأن إحالة الملف الى المحكمة العسكرية لا يعني سقوط مطلب الحزب بإحالة الملف الى العدلي، بل هو متمسك به أكثر من أي وقت مضى. وهذه الإحالة الى المحكمة هي مسار تلقائي بعد انتهاء التحقيقات».

من جهة أخرى، عقدت لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات جلسة ظهر أمس برئاسة النائب سمير الجسر وفي حضور وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب. إثر الجلسة قال بو صعب إن «اللجنة طلبت مني الحضور من اجل السؤال عن ملف كنت قد حوّلته عبر وزير العدل الى الجهات المختصة لاتخاذ القرار المناسب فيه، وهو ملف قديم قبل أن أتسلم وزارة الدفاع. وهذه الجلسة هي من أجل إطلاع لجنة الدفاع، رئيساً وأعضاء، على المعطيات الحقيقية التي على أساسها حركت الملف وأحلته على وزارة العدل، وليست جلسة استماع أو استجواب لوزير الدفاع». وبحسب المعلومات، أتى استدعاء وزير الدفاع بعد «إحالته ملفاً يتضمن دفع رشى لإدخال أشخاص الى المدرسة الحربية الى وزير العدل، بسبب شعوره بأن قضاةً في المحكمة العسكرية تساهلوا مع المتهمين، ومن بينهم ضابط محسوب على تيار المستقبل». وأحد القاضيين اللذين طلب بو صعب إحالتهما على التفتيش هو معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار، الذي يحظى بغطاء تيار المستقبل. وردّ التيار الأزرق بطلب استجواب بو صعب في اللجنة النيابية. 


الحكومة بين متاعب التسويات وتبعات التصويت

بدورها قالت "البناء" بقيت قضية قبرشمون تؤثر على المسار الحكومي في ظل العجز عن بلورة مساحة مشتركة بين الأطراف تتيح انعقاد جلسة حكومية توافقية، ففيما يُصرّ رئيس الحكومة على التوافق المسبق على المخارج للدعوة لعقد جلسة للحكومة، يبدو هذا التوافق صعباً في ظل تمسك الحزب التقدمي الاشتراكي برفض إحالة القضية إلى المجلس العدلي، وتمسك الحزب الديمقراطي اللبناني بهذه الإحالة وطرحه بلسان الوزير صالح الغريب، سؤالاً حول سبب الخوف من المجلس العدلي ما لم يكن ثمة ما يدعو للريبة؟

وأشارت إلى وجود بعض الآمال بإحراز تقدّم قد تمّت إشاعتها مع إحالة المدعي العام التمييزي بالوكالة عماد قبلان لملف التحقيقات في القضية إلى المحكمة العسكرية، واستقبال رئيس الحكومة لكل من الوزيرين وائل أبوفاعور وصالح الغريب كل على حدة، لكن المعلومات المتوافرة قالت إن المواقف لا تزال تراوح مكانها وإن الإحالة إلى المحكمة العسكرية لا تشكل حلاً توافقياً لصرف النظر عن الإحالة إلى المجلس العدلي.

ولخصت مصادر متابعة خارطة المواقف بالقول إن بيضة القبان عند رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يمكن لموقفه أن يحدّد مسار التسوية التي يتمسك بإنجازها قبل الدعوة لاجتماع حكومي، وإن الرئيس بري المتمسك بتحالفه مع حزب الله، الداعم بقوة لموقف رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان، متمسك بمخرج لا يكسر النائب السابق وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، وأن التصعيد السلبي في علاقة حزب الله وجنبلاط يضع موقف بري تحت الأضواء ويجعله معنياً بحساب موقفه بدقة، ولذلك دعت المصادر للتروي في التوقعات المتسرّعة بالحديث عن الحلول، التي يفترض أن تتبلور من لقاءات عين التينة، حيث ينتظر أن تشهد الأيام المقبلة استكمالاً لما بدأه بري تمهيداً لنضج الطبخة، التي ربما تكون على مراحل وربما تأتي دفعة واحدة، باتجاه المجلس العدلي لكن بالتنسيق المسبق مع جنبلاط ومن بوابة زيارته لبعبدا التي تتابع بالتفاصيل الاتصالات وتنظر لموقف الرئيس بري بصفته الموقف الذي يقرّر وجهة الحلول.


الإشتراكي متوجِّس من المحكمة العسكرية

من جهتها بدأت "اللواء" بعبارة «كل شيء يتوقف على نتائج الاتصالات»، والتي لفتت بها مصادر معنية سير الجهود المبذولة للعودة إلى مجلس الوزراء، نظراً للضرورات الملحة، ادارياً (التعيينات) دستورياً (استكمال تعيين أعضاء المجلس الدستوري) مالياً (تعيين نواب حاكم مصرف لبنان) و(موازنة الـ2020) واقتصادياً (مقررات «سيدر»).

وأضافت أن الطريق إلى المعالجة، فتحت من الباب القضائي، الأمر الذي يعني ان نقطة أو أكثر سجلت لصالح الحلحلة، سواء من خلال إحالة ملف احداث قبر شمون إلى المحكمة العسكرية، انطلاقاً من «الادعاء الذي تنظمه النيابة العامة العسكرية هو الذي سيعطي الوصف القانوني لما حصل في قبرشمون بعيداً عن التوصيفات السياسية. أو من خلال تصريحات الوزير صالح الغريب لجهة تسهيل المعالجة، مع الإصرار على إحالة الملف إلى المجلس العدلي، وتفعيل عمل مجلس الوزراء، معتبراً ان الإحالة إلى المحكمة العسكرية بمثابة «ممر إلزامي».

ومع ذلك، لا تستبعد مصادر مطلعة أن يدعو الرئيس سعد الحريري الى جلسة لمجلس الوزراء في بحر الأسبوع الجاري، وربما اليوم أن يعقد مجلس الوزراء الخميس بعد انقضاء وقت طويل من المشاورات من دون جدوى. وأضافت المصادر أن الرئيس الحريري كان يميل الى عدم عقد جلسة للحكومة تعكس انقساما عموديا داخل مجلس الوزراء والى اعطاء فرصة أخيرة للمشاورات حول ملف حادثة قبرشمون، لكن في ضوء تعثر هذه المشاورات يجري رئيس الحكومة مقاربة تنطلق من ضرورة عقد جلسة للحكومة لمواجهة الاستحقاقات وأهمها وضع دفعة من مشاريع «سيدر»على طاولة الحكومة. أما بالنسبة الى موضوع طرح ملف المجلس العدلي على جدول أعمال مجلس الوزراء فأكدت المصادر تمسك رئيس الحكومة بموقفه المعروف الرافض لإدراجه على جدول الأعمال.

وعلمت «اللواء» ان الحزب الاشتراكي يعتبر ان تحويل الملف إلى المحكمة العسكرية هو عبارة منصوب سلفاً، بحيث يصدر عن المحكمة تحديد الصلاحية، واحالتها إلى المجلس العدلي. وقالت مصادر سياسية أن الملف يجب ان يحال إلى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، وأن أرسلان وافق على «حلّ وسطي» للأزمة لكنه ما لبث ان رفض، وتحدث عن طعن الظهر وقلة وفاء وخيانة.

وفي هذا الوقت، طرأ تطوّر جديد على الصعيد القضائي، من شأنه إيجاد مخرج مؤقت لتبريد الأجواء بالنسبة لحادثة قبرشمون في الجبل، يفسح في المجال امام استئناف جلسات الحكومة، اعتباراً من هذا الأسبوع، من دون ان يكون موضوع إحالة الحادثة على المجلس العدلي، بحسب ما يطالب به فريق النائب طلال أرسلان في جدول الأعمال. ويتمثل هذا التطور، بإحالة النائب العام التمييزي بالوكالة القاضي عماد قبلان ملف التحقيقات الأمنية بحادثة قبرشمون - البساتين، مع دعوة الحزب التقدمي الاشتراكي ضد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب ومرافقيه إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، بعدما وجد أثناء دراسته الملف الذي احالته إليه شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، اثر انتهاء التحقيقات في الحادثة يوم الخميس الماضي، ان هناك صلاحية للقضاء العسكري لمتابعة هذه القضية، وذلك في مؤشر ان المنحى الذي سيتجه إليه الحل أو المخرج للأزمة السياسية التي اوجدها الحادث، وفي مقدمها تعطيل جلسات مجلس الوزراء.

وفي تقدير مصدر قضائي، ان إحالة ملف الحادثة إلى المحكمة العسكرية اجراء طبيعي، خصوصاً انه لم يعد من الجائز استمرار توقيف المشتبه بهم على ذمة التحقيق خارج المدة القانونية للتوقيف، ولا بدّ من الادعاء عليهم من قبل النيابة العامة العسكرية، وهذا ما يفترض ان تفعله، إذ احال القاضي جرمانوس بدوره الملف إلى معاونه القاضي كلود غانم لإصدار الاستنابات القضائية اللازمة تمهيداً لاحالته على قاضي التحقيق العسكري.


 

إقرأ المزيد في: لبنان