طوفان الأقصى

خاص العهد

هكذا يمكن للبنان تحصيل مليار دولار من
18/06/2019

هكذا يمكن للبنان تحصيل مليار دولار من "اسرائيل"

علي ابراهيم مطر

تكسب مسألة المياه أهمية استراتيجية كبيرة في العالم، بسبب ارتباطها المباشر بمصير الشعوب، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولذلك بدأت تبرز كعامل أساسي قد يساهم في إعادة خلط الأوراق وإعطاء دفع جديد لخطر المواجهة والحرب، هذه الحرب التي يعتمدها العدو الإسرائيلي كأداة رئيسية لبقائه وتمدده، ويستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، دون أن يعير أي اهتمام للأماكن المستهدفة، وتداعياتها على ثروات الدول العربية، ويأتي في هذا السياق ما قامت به "إسرائيل" خلال عدوان تموز 2006، حيث لوثت الشاطئ اللبناني انطلاقاً من بلدة الجية، باستهداف خزانات الوقود.

قيمة التعويضات

في مقابل هذه الجريمة، تكرر الجمعية العامة للأمم المتحدة في كل سنة مطالبة "اسرائيل" بالتعويض على لبنان عن البقعة النفطية التي أحدثتها، وقد تكررت هذه المطالبة لمدة 13 سنة متتالية بناءً على قرارها 61/194 لسنة 2006 والقرارات التالية له، والتي كان آخرها في الدورة 73 بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2018.

أشارت الجمعية في قراراتها المكررة إلى أن البقعة النفطية أحدثت تلوثا شديدا في شواطئ لبنان، طالبة من "إسرائيل" أن تتحمل المسؤولية عن دفع تعويض فوري وكاف إلى حكومة لبنان عن الضرر الآنف الذكر.

هذه القرارات أتت نتيجة ما حققته الدبلوماسيه اللبنانية التي تعمل في أروقة الأمم المتحدة منذ عام 2006، باستنادها إلى المادة الثامنة من قانون المحكمة الجنائية الدولية، التي تقول إن "هجوما متعمداً يحصل من جهة معينة مع اليقين أن هذا الهجوم سيؤدي إلى أضرار كبيرة على المدى الطويل تلحق بالبيئة الطبيعية، يمكن أن يشكل جريمة حرب"، وهذا ما يعتبر انجازاً في الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، لكن ذلك لا يكفي بل يجب الاستمرار في هذا العمل والضغط من أجل الحصول على التعويضات، التي تم تقديرها بـ 856،4 مليون دولار أميركي ويضاف اليها تأخير سنوي بقيمة 45 مليون دولار، وبذلك فإن قيمة التعويض الحالي تجاوز المليار دورلار، لكن "اسرائيل" تحاول التملص من ذلك وتعتبر القرار مضيعة وقت ويجب سحبه من البرنامج السنوي لإجتماعات الجمعية العامة، وهذا ما يجب التنبه لكي لا يضيع على لبنان هذا الحق.

الاتفاقيات المرعية والزامية القرارات

على الرغم من أن الأمم المتحدة طلبت بشكل متكرر من الكيان الاسرائيلي التعويض عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالشواطئ اللبنانية، إلا أن ذلك يبقى حتى الآن دون تطبيق، وللأسف لم يكن هناك مطالبات جدّية من قبل المجتمع الدولي لإلزام الكيان الاسرائيلي بعدم تعريض البيئة اللبنانية للخطر ودفع التعويضات، مع أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الصادرة عام 1982 أفردت الجزء الثاني عشر بكامله (الموادّ 192 إلى 237) لمعالجة التلوث البيئي، لكنّ كيان العدوّ تقصّد إلحاق الضرر بالبيـئة اللبنانية. وقد ألقت المادة 194 من الاتفاقية على عاتق الدول الأطراف التزاماً أو واجباً باحترام البيئة البحرية وعدم المساس بها باعتبار البحار والمحيطات مصدراً أساسياً للملاحة الدولية وللتنمية الاقتصادية بما تحويها من ثروات وموارد هائلة.

ومع أن الأمم المتحدة تؤكد على وجوب هذا التعويض، إلا أن المجتمع الدولي يغض طرفه عن "اسرائيل"، علماً أنها لم تلتزم بالاتفاقيات التي تمنع التلوث البيئي للبحار ومنها الاتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالنفط، الموقعة في لندن عام 1954، والاتفاقية الدولية الخاصة بالمسؤولية المدنية للأضرار الناجمة عن تلوث البحار بالنفط والموقعة في بروكسل عام 1969، والاتفاقية الدولية لعام 1972 والخاصة بمنع تلوث البحر من جراء رمي المخلفات والموادّ الأخرى واتفاقية حماية البحر الأبيض المتوسط الموقعة في برشلونة عام 1977.

الخيارات الممكنة

مع أن المجتمع الدولي، لا يعير أي أهمية لهذه القضية، ويتجاهل القيام بدوره بالضغط على كيان العدو، إلا أنه لا بد من متابعة هذه القضية حتى النهاية، حيث تعد قرارت الجمعية العامة انتصاراً للبنان لمجرد الزام "اسرائيل" بهذه التعويضات، وذلك لأن تكرير هذا القرار والقرارت التي تليه، أصبح ملزماً لـ"إسرائيل" لأنه وإن كان صادراً وفق الفصل السادس، إلا أنه مكرر من الجمعية العامة وذلك ما يكسبه صفة الإلزامية. وعلى الرغم من أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة وهي تكتفي بإصدار التوصيات، تأخذ هذه القرارات الصفة الالزامية في حالات عدة منها: إذا كلف مجلس الأمن الجمعية العامّة بمناقشة قرار يكون له تأثير على حفظ السلم والأمن الدولي أو أي عمل عدواني إذا لم يستطع المجلس أخذ القرار به، أو في حال أصدرت قراراً مكرراً، أو في حال تبني اجتهاد صادر عن محكمة العدل الدولية وكذلك في حالة اتخاذ قرار بالاستناد الى قرار الاتحاد من أجل السلام الصادر عام 1950.

هذا يعني أنه لا يمكن "قانونياً" من الناحية النظرية، للكيان الاسرائيلي عدم الالتزام بهذا القرار ودفع التعويضات للبنان. لذلك يتحتم على لبنان الاستمرار في الضغط من أجل تطبيقه، حتى إلزام "اسرائيل" بالتعويض، وعدم السماح لها بالتنصل من القرار، والتعامل بلامبالاة مع القرارات والمواثيق الدولية، من هنا يجب الضغط على الأمم المتحدة لاستحصال على هذه الأموال وتسليمها إلى الدولة اللبنانية، لتتمكن من معالجة التلوث البيئي الحاصل على امتداد الشاطئ اللبناني، في حال التعذر يصبح من الممكن عرض القضية على المحكمة الجنائية الدولية التي يدخل هذا الأمر في اختصاصها على الرغم من عدم التوقيع على اتفاقيتها من قبل العدو علماً أن هذا القرار دونه مخاطر، أو من الممكن عرض القضية ايضاً على المحاكم الوطنية ذات الولاية القضائية العالمية، فضلاً عن وسائل أخرى.

 

إقرأ المزيد في: خاص العهد