يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

ما بين 2010 و2019 أزمة النزوح تصدّع الاقتصاد اللبناني
15/06/2019

ما بين 2010 و2019 أزمة النزوح تصدّع الاقتصاد اللبناني

يوسف الريّس
تخطت عواقب الأزمة السورية مشكلة أعداد النازحين، فما بين مؤيد و معارض لهذا الإستقبال بات لبنان يتأرجح بويلات نتائج هذا الاستقبال. لا يمكن نفي الحالة الإنسانية التي استوجبت استقبال العائلات السورية منذ اندلاع الأزمة ولكن الوضع الإقتصادي في لبنان لا يحتمل دخول ما يقارب المليون ونصف نازح.

بحسب الأرقام، لقد وصل معدل النمو في لبنان عام 2010 إلى 8 % لينخفض إلى 0.9% في العام التالي. إن هذا الإنخفاض في معدل النمو يعكس حقيقة اثر الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني. فنفي هذا الواقع لا يحلّ الأزمة بل يزيدها سوءا.

أما على صعيد البطالة فقد قدر معدل البطالة بـ 10% عام 2010 ليتضاعف ويصل إلى الـ 20% في عام 2011. وقدّ صرّح رئيس الجمهورية في العام الماضي أن معدل البطالة قد وصل إلى ما يفوق ال40%. كما يؤكد البنك الدولي على أنه تم طرد 270 ألف عامل لبناني من العمل، تحت نهج متحفظ، يقدر أن 150،000 من هذه الوظائف في قطاع الخدمات. فقد استقبل لبنان، بأقل تقدير، 384000 عامل سوري جرّاء هذه الأزمة.

قدّر الطلب الإضافي على الكهرباء نتيجة توافد النازحين السوريين ما بين 280 ميغاوات بنهاية العام 2011، ومن 290 إلى822 ميغاوات بنهاية العام 2014، وفقاً لتقديرات عدد اللاجئين. كما قدرت التكلفة المالية الإضافية لتوفير الكهرباء للنازحين بنحو 131 مليون دولار أميركي لعام 2013، وما بين 314 مليون و343 مليون دولار أميركي لعام 2014.

أما بالنسبة للدين العام، فما لا يمكن تجاهله مشاركة قطاع الكهرباء بنسبة مرتفعة من الدين العام وتقدر بثلث الدين العام. شهد لبنان إنخفاض ملحوظا في نسبة الديون وقد ساهمت التقلبات الدورية إلى حد في وضع المالية العامة، لكن نشوب الصراع في سوريا عام 2011 اعادها لترتفع بعيد عن الهيكلية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر باريس 3. فللمرة الاولى منذ العام 2011، عادت نسبة الدين العام في لبنان إلى الارتفاع وصولا الى 150% من الناتج المحلي في 2018.

أما على صعيد العجز في الميزانية، فلقد ظهر ضعف هيكلية المالية العامة في لبنان قبل نشوب الصراع في سوريا، ولكن الأزمة السورية تعرضها لضغوطات حادة، إذ يقدر إتساع عجز الموازنة بنحو 2.2 مليار دولار أميركي خلال الفترة الممتدة بين 2012 و2018.

إن هذه الأرقام لا تعكس أزمة النزوح السوري حصرا، بل الأزمة السورية ككل بما تتضمنه من علاقات تجارية بينية، أو كطريق تجاري للبلاد العربية أو على صعيد منطقة توتر تبعد المستثمرين عن الاستثمار في لبنان. ولكن، إن أزمة النزوح شكّلت عبئا ثقيلا على بلد منهك كان قد بدء يتعافى. فكان النزوح أحد الأسباب الرئيسية لهذا التدهور خاصة على صعيدي البطالة واستنزاف البنى التحتية.

إنسانيا، لم يكن لدى لبنان خيار رفض إستقبال النازحين. ولكن لم يعدّ لبنان استراتيجية لاستقبالهم أو حتى لامتصاص التداعيات لهذا الاستقبال. يحتلّ لبنان المركز الأول حاليا لنسبة النازحين للفرد الواحد في العالم. فبحسب أقل نسبة تذكر فإن نسبة النازحين تساوي ثلث السكان وهذا ما تتبناه الإحصاءات الأوربية. رغم الحديث عن نسب تتخطى هذا المعدل كثيرا، إلا أن هذا المعدل مرتفع جدا.

إن الاقتصاد اللبناني مهترئ، لا بنى تحتية ولا قطاعات نامية تنهض به. كانت الأولوية الإنسانية تحكم الموقف في الـ 2011 أما الآن فالأولوية باتت وطنية لإنقاذ جيل كامل من الشباب تحت مهبّة البطالة بكل ما يتوالى عنها من نتائج سلبية في البلد. لم تضع الحكومة حينها خطط بل اكتفت بالتفرج لعامين كاملين متبعة سياسة الحدود المفتوحة ليتدهور الوضع وحتى الآن يغيب اقتراح جدّي ومدروس لتقليص تداعيات آثار النزوح وإعادة النازحين إلى قراهم.

إقرأ المزيد في: خاص العهد