طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

بين مصر وسوريا.. تاريخ مشترك ينعكس تضامناً مشتركاً
13/06/2019

بين مصر وسوريا.. تاريخ مشترك ينعكس تضامناً مشتركاً

احمد فؤاد

تبقى الجامعات المصرية مراكز لنشر الوعي والنور للمجتمع، وقاطرة الحداثة والتنوير، التي ما فتئت تقدم المثل والدليل على شعب يرفض كل محاولات السيطرة أو الاختراق، شعب لا يزال على خط المقاومة، يواجه أسوأ عدو لوطن، عدو الداخل المدعوم من أعداء الخارج، وراغبي الركوب الخليجيين على أكبر دولة بالشرق الأوسط.

جامعة الإسكندرية، خلال فعالياتها بختام شهر رمضان المبارك، منذ أيام، أقامت حفل إفطار، تحول إلى مظاهرة عشق لسوريا العربية، ورسم الحاضرون بالطاولات والأجساد المتراصة جملة "الجولان سورية"، للتذكير بعروبة الجولان، وبعدالة القضية العربية، وضرورة الوقوف والدعم خلف راية المقاومة ضد العدو الأول للأمة العربية، من يحاول - واهمًا - انتزاع المزيد من الأراض العربية بجرة قلم في المكتب البيضاوي.

قدم الطلاب المصريون التحية والتقدير لسوريا المقاومة والنصر القادم، سوريا الثابتة بوجه محاولات اختراع شرق أوسط صهيو-أميركي، يدخل دول المنطقة وشعوبها للحظيرة الأميركية، لترعى وتسمن، ومن ثم تذبح وتقدم شهية للآكلين.

وقّع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إعلانًا يعترف بسيادة الكيان الصهيوني على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، في آذار/مارس الماضي، في خطوة رفضتها أغلبية دول العالم، وفي مقدمتها الجامعة العربية والجمهورية الإسلامية وروسيا وألمانيا، وغيرها.

تحركات قانونية لدعم سوريا

تقول دعاء صالح، مسؤولة الإعلام باللجنة الشعبية المصرية لمساندة الشعب السوري: "من خلال عملي باللجنة الشعبية لمساندة الشعب السوري والتي تأسست منذ 2014، ومن خلال مشاركة اللجنة بتبرعات رمزية لمساندة السوريين في مصر وسورية، شاهدت بنفسي الحب المصري للسوريين".

تضيف: " أما بالنسبة لعودة السوريين وما أثير مؤخرا، فسوريا وبعد تحرير 80% من الأراضي التي كان يسيطر عليها الإرهابيوين تدعو مواطنيها للعودة لحضن الوطن منذ مطلع 2018، لكن هناك دول تمنع معظمهم من العودة للمتاجرة بهم لدى مؤسسات أميركا وأوروبا لتلقي أموال المنظمات الدولية.

تؤكد دعاء صالح قيامها برفع دعوى قضائية بمجلس الدولة، لطرد قادة ما يسمى الجيش السوري الحر وكذلك الفنانين المعارضين لجيشهم الوطني بسبب خطورتهم على مصر وإفشاء روح الخيانة للجيش المصري كما رأينا بقضية هشام العشماوي أخيرا، لكنها لم تجد صدى.
وتضيف: "أما الوطنيون السوريون الذين هربوا من الإرهاب الكوني على سوريا فهم مرحب بهم وهم على أهبة الاستعداد للعودة فعليا حين تتيسر لهم العودة".

وتوضح أن "قادة الإرهاب والمعارضين المسلحين وجدوا طريقهم للتجارة والكسب والعلاقات الجيدة مع العدو الصهيوني وهو الأمر المحرم بتاتا في سوريا، وهؤلاء كونوا ثروات بسبب انفتاح النظام المصري على التعامل مع الكيان الصهيوني، وكانوا ظهيرا لاعتصامات رابعة والنهضة، وهؤلاء وضعهم منظم مع الدولة المصرية ولا أظن أن دعوى سمير صبري المحامي تقصدهم، فهم يسيرون بنفس نهج الدولة حاليا".
وقد تأسست اللجنة الشعبية المصرية لدعم سوريا في الحرب الكونية التي تخوضها، وأقامت عددًا من الفعاليات استهدفت إيصال صوت الشارع المصري المؤازر للدولة السورية، وقيادتها.

القرار للشارع

وخلال الأيام القليلة الماضية، أثار سمير صبري، المحامي المقرب من النظام المصري، جدلًا واسعًا، بعد تقدمه بمذكرة للنائب العام، يطالب فيها بفرض الرقابة على أموال السوريين المقيمين في مصر، مؤكدًا أن حجم استثمارات رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال السوريين، والذين انتقل معظمهم للإقامة في مصر بعد بدء الأزمة، يقدر بـ23 مليار دولار -حسب قوله- معظمها مستثمر في عقارات وأراض ومصانع ومطاعم ومحلات تجارية وغيرها.

بين مصر وسوريا.. تاريخ مشترك ينعكس تضامناً مشتركاً

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات منددة بالبلاغ "الغريب"، معتبرين أن السوريين أعطوا دفعة للاقتصاد المصري، وساعدوا في امتصاص البطالة الهائلة التي تعصف بالشباب، ودشنوا "هاشتاج" #السوريين_منورين_مصر، ردًا على تصريحات "صبري".

الدفاع الشعبي التلقائي والحاد عن وجود السوريين في مصر يعود إلى مهارة العامل السوري النادرة، والتحسن الذي طرأ أخيرًا على صناعات مهمة، مثل النسيج، بالإضافة إلى قرب المزاج النفسي بين الشعبين، بفعل ميراث طويل، تعمد بالتضحيات والدم الزكي، كان شاهده الأقرب البطل جول جمال، والأبرز سليمان الحلبي، وكلاهما استشهد دفاعًا عن تراب مصر، وآخر الحروب التي خاضتها مصر ضد العدو الصهيوني كانت بشراكة مع الجيش العربي السوري.

وتغذي فترة الوحدة المتألقة التاريخ والحاضر معًا، رغم قصرها النسبي -3 سنوات من 1958 إلى 1961- ولا تزال المؤسسة العسكرية المصرية تسمي الجيوش الميدانية بدءاً بالرقم 2، باعتبار أن الجيش العربي السوري هو الجيش الأول لمصر، ولا تزال راية الوحدة ذات النجمتين ترفرف في سماء دمشق، تكتب مع انتصاراتها على تحالف الشر العزة للقاهرة ودمشق.

فضح حملة الإساءة لسوريا

المستشار محمد محمود رفعت، رئيس حزب الوفاق القومي الناصري، يقول إن "سوريا كانت وستظل قلب العروبة النابض، ومن الشام تشرق شمس العروبة، إنها كلمات القائد والزعيم جمال عبد الناصر"، وهي مفتتح أي حديث يخص العلاقات المصرية السورية.
ويؤكد رئيس حزب الوفاق القومي أن مصر جزء من الأمة العربية تسعى إلى وحدتها. هكذا كانت وستظل، وما يربط بين مصر وسوريا من تاريخ مشترك وحضارة وأمن قومي، يفوق قدرة أي شخص أيا كان على المساس به، والشام ومصر هما بوابة أمان الأمة العربية، وقد طار عقل الاستعمار حين توحدتا فكانت المؤامرات ضد الوحدة حفاظا على الكيان الصهيوني، وقد خرج الشعب السوري في مظاهرات رافضا الانفصال.
ويضيف أن "الشوام عاشوا عمرهم في مصر ولو نظر أحدهم لمؤسسات الطباعة والنشر والمحلات الكبرى وغير ذلك الكثير، سيجدها كانت مملوكة لأهل الشام الذين عاشوا في مصر."

ويوضح أن الترابط العائلي بين الشام ومصر جعل أهل مصر والشام في رباط واحد، وهناك من ضحوا بدمهم واستشهدوا من سوريا دفاعا عن مصر فارتوت مصر بدمائهم دفاعا عنها، وإذاعة سوريا هي التي خرجت لتعلن للعالم عام 1956 في مواجهة العدوان الثلاثي "هنا القاهرة من دمشق".

ويشير رئيس حزب الوفاق القومي إلى "أننا حققنا انتصارنا في أكتوبر/تشرين الأول 1973 حين توافقت مصر وسوريا على القتال، ومن يحاول بث الفتنة وخلق العنصرية بين البلدين لا يعمل سوى لمصلحة العدو الصهيوني، صاحب المصلحة في الفصل بين أهلنا في سوريا ومصر".

ضد الكيان دائمًا

الدكتورة سوسن فايد، أستاذة علم النفس السياسي في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، تشير بدورها إلى أن الرأي العام في مصر لا يهتم بالحروب الجارية خارج حدود مصر إلى حدٍ كبير، لكنه يتعاطف مع أي طرف يحارب ضد الكيان الصهيوني بشكل عام.

تقول فايد إن الوجدان المصري تجاه الكيان، هو ما دفعه على سبيل المثال إلى دعم حزب الله والدولة اللبنانية معنويًا في حرب لبنان الثانية، حيث يستقر في وجدان الشعوب العربية عمومًا أن الكيان هو الطرف العدو في أي صراع تدخل طرفًا فيه، وإن أي طرف يهاجمها تزداد ثقة العرب به، لا سيما إذا أحرز تقدمًا في مواجهتها.

وأضافت سوسن فايد: "عقلية الرأي العام المصري والعربي تنظر إلى الكيان الصهيوني على أنه جزء سرطاني في المجتمع العربي، وأي نصر عربي عليه يمنح المواطنين العرب ثقة في ذاتهم وقدرتهم المتفوقة عليه، خاصة وأنه يعتبر نفسه قوةً لا تُقهر".

وأوضحت أستاذة علم النفس السياسي أن الخلافات السياسية أو المذهبية تتلاشى وتصبح غير ذات تأثير في المعارك العربية ضد الكيان الصهيوني، نظرًا لأن استشعار الهوية العربية الأشمل يهيمن على فكر الشعوب.

الأرقام لا تكذب

الاقتصاد المصري استفاد بالتأكيد من تدفق الاستثمارات السورية، خلال السنوات الماضية، في ظل وضع الحكومة المصرية هدف "جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة" كهدف أول لها، أصدرت من أجله حزمة من التشريعات والقوانين، ونزفت مليارات الجنيهات في تنفيذ مشروعات للطرق والبنية التحتية والطاقة.

وتشير الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن إجمالي الأموال التي استثمرها السوريون في مصر منذ اندلاع الأزمة في بلدهم في مارس/ آذار عام 2011 يقدر بنحو 800 مليون دولار، من خلال 30 ألف مستثمر، كما تفيد إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن عدد السوريين المقيمين في مصر والمسجلين لديها يبلغ 130 ألفا، بينما تتحدث التقارير الحكومية المصرية عن أن عددهم يتراوح بين 250 ألفا و 300 ألف سوري.

وبالطبع فإن الاستثمارات السورية المتدفقة، تعني المزيد من التشغيل والنمو، وارتفاع حصيلة الضرائب، كما أنها تعتمد على الموردين المحليين في إمدادها بالمواد الأولية اللازمة للإنتاج، وهذا كله يترجم مباشرة إلى حالة من النشاط في الأسواق المصرية، التي تعاني من التضخم المنفلت، بسبب القرارات الاقتصادية، بدءا من قرار تعويم العملة المحلية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل