لبنان
سلام من القاهرة: لبنان يئنُّ اليوم تحت سلسلة من الأزمات ويمر في مرحلة انتقالية دقيقة
أشار وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، خلال كلمته في الدورة العادية الـ 114 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي المنعقد في القاهرة على مستوى وزراء، إلى أنّ "مجلسنا هذا يتحمل مسؤولية كبرى في إرساء التعاون وتكريس الجهود المشتركة لخدمة مجتمعنا العربي الذي يحمل ضمن كياناته قدرات ضخمة يتوجب توجيهها في الاتجاه الصحيح والبنّاء"، لافتًا إلى أنّ جدول الأعمال يعكس "العديد من الموضوعات الحيوية، ولا سيما ما يطال استكمال منطقة التجارة العربية الحرة، ومواجهة تحديات الأمن الغذائي العربي، والذي يفترض معه إرساء الإستراتيجية العربية للأمن الغذائي، كما صيانة مجتمعاتنا العربية في مجالات الصحة والتعليم وتمكين المرأة".
وأردف سلام "يشهد العالم تحولات نوعية في السياسة والاقتصاد، وعالمنا العربي ليس ببعيد عن هذه التحوّلات، فما نشهده من تقارب مستجد ومساعٍ لطي صفحة الخلافات وفتح صفحات جديدة، هي خطوات على قدر كبير من الأهمية نثني عليها وننظر إليها ببريق أمل في مستقبل منطقتنا"، مؤكّدًا أنّه "لا بد لهذه التحولات العربية، وتلك المرتبطة بإقليمنا، أن تواكب بمساع عربية حقيقية لبناء اقتصاد عربي تكاملي طال انتظاره، اقتصاد قادرون على بنائه ليكون مواكبًا للعصر الاقتصادي الجديد الذي يطلّ أمامنا، مع كل متطلباته من تطور تكنولوجي ورقمي وذكاء اصطناعي، والأهم أن يسهم في تحقيق تنمية مستدامة شاملة، وفي الارتقاء بمستوى حياة المواطن العربي وتوفير الرفاهية له".
وأضاف سلام: "لقد أثبت التاريخ الحديث أن قوة الدول لم تعد تقاس بتفوقها العسكري وإنما بقدراتها الاقتصادية وتطور صناعاتها، وبمدى تحقيقها الاكتفاء الذاتي، إلى جانب مناعتها بوجه العواصف والأزمات الاقتصادية الشتّى"، مشيرًا إلى أنّ "عالمنا العربي يمتلك، بدوله كافة، قدرات اقتصادية لا مثيل لها، ومكامن قوة جعلته ولا تزال محط أطماع الكثيرين، بما له من موارد طبيعية وقدرات بشرية وموقع جغرافي مميز يمسك فيه بعدد من أهم بوابات العالم، بحريًا وبريًا، ولقد ضاعت منّا فرص كثيرة للارتقاء بهذا الكيان العربي إلى مصاف أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، فلا نضيع مزيدًا من الوقت لأننا لم نعد نملك ترفه".
وقال سلام إنّ "لبنان يا سادة من مؤسسي الجامعة العربية، وقد كان له إسهامات على مدار السنين في تطوير العمل العربي، واعتماد سياسة الأخوة والتعاون مع أشقائنا العرب كافة، دون استثناء، ولبنان الذي تعرفونه أيها السادة يئنُّ اليوم تحت سلسلة من الأزمات التي توالت عليه خلال العقد المنصرم، ولا يزال لغاية تاريخه في أفق مسدود، يتطلب مساندتكم بدرجة أولى".
وتابع سلام "يمرّ لبنان كما تعلمون بأسوأ أزماته الاقتصادية على مرّ تاريخه، وتعتبر أزمته من الأزمات الأكثر حدة في العالم، معطوفةً على الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت، وخلّف خسائر كبيرة لا نزال نعيش تداعياتها الأليمة حتى يومنا هذا، وأتت الحرب التي لا تزال دائرة مع الأسف في فلسطين ولبنان لتصب الزيت على نار الأزمة الاقتصادية اللبنانية المتدهورة أصلًا، والتي أصابت شراراتها كل مقومات الاقتصاد اللبناني، وصولًا إلى أوضاع اجتماعية صعبة وخطيرة جدًا، إنْ لم نقل مأساوية، وهي أزمات مرشحة للتفاقم إنْ لم تُمَد يد الدعم والرعاية الأخوية بسرعة وبحكمة وبغيرة قومية عربية وبشجاعة".
وأضاف "لبنان يمر في مرحلة انتقالية دقيقة ومصيرية قوامها الإصلاح، تعزيز الثقة، وإعادة البناء، لكن لبنان الواثق دائمًا من وقوف أشقائه العرب إلى جانبه في كل الأزمات والحروب التي عصفت به، يتطلع إلى دعمهم في محنته هذه، ويدعوهم إلى الاستثمار في بنيته التحتية وإقامة مشاريع منتجة تعود بالفائدة على كلٍ من لبنان والدول العربية والمستثمرين العرب"، مؤكّدًا أنّ "الفرص الاستثمارية عديدة وواعدة، ولبنان الذي يعتبر من الدول السبّاقة والرائدة اقتصاديًا في تاريخ منطقتنا قادر على النهوض مجددًا من كبوته".
ودعا سلام المجتمعين إلى أن لا يتركوا لبنان "يتخبط وحيدًا، نحن لسنا بلدًا مفلسًا، ولا بلد الطلبات الكثيرة، نحن بلدٌ عربي اعتبر حلقة ضعيفة، ووضع تحت ضغوطات إقليمية ودولية سمحت للفساد والمفسدين أن يدمرو بلدًا عربيًا غنيًا بنعم كثيرة لها أهمية لا تثمن ماديًا أو معنويًا ضمن الأسرة العربية الكبيرة".
وجدد سلام "النداء الطارئ باسم الشعب اللبناني التواق إلى إعادة بناء بلده وتكوين سلطاته الدستورية، وانتظام العمل السياسي والإداري"، مشيرًا إلى أنّ "الطريق إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات وبناء المؤسسات التزامًا وواجبًا على الدول العربية جميعًا، فإن الحرص عليها أمانة ووديعة بين أيديكم لأنها طريق الغد ومستقبل الأجيال، ولأنه بتطلعكم وعزيمتكم واستعدادكم للتضحية لا يرضيكم ولا يجوز أن يرضيكم إلا أن تكون أوطاننا وأمتنا العربية سائرة وبسرعة إلى أعلى مراتب الازدهار والعزة والكرامة".
إقرأ المزيد في: لبنان
15/10/2024