نقاط على الحروف
العام الدراسيّ ومعاناة دولرة الأقساط
تنهمك العائلات في التحضير للعام الدراسيّ على وقع صعوبات مختلفة: سواء كان غلاء الأقساط في المدارس الخاصّة، وكذلك غلاء كلّ المستلزمات المدرسية من كتب وقرطاسية وتكاليف النّقل المشترك يؤرق غالبية الأهالي في مختلف المناطق، أو كانت أصوات القصف والغارات جنوبًا، والتي رافقت العام الدراسي الماضي، وها هو العام الحالي يبدأ على وقعها، وكذلك الإرباك الحاصل لدى النازحين من القرى الحدودية في ما يتعلّق بمدارس أبنائهم، وحيرتهم بين التعليم "عن بعد" الذي تمّ اعتماده العام الماضي للطلاب المسجلين في المؤسسات التعليمية الواقعة في قرى الحدود، أو نقل أبنائهم إلى مدارس في المناطق التي نزحوا إليها سواء في الجنوب أو في بيروت. وفي الحالتين، القرار صعب ومكلف، على المستويين المادي والنفسيّ.
إذًا، بين ارتفاع تكلفة التعليم في المدارس الخاصة، من القسط المدرسي إلى كل المستلزمات الأخرى، وبين ضبابية الوضع في ما يتعلق بالمدارس الرسمية وكثرة الأقاويل حول بدل التسجيل فيها لهذا العام، تجد معظم العائلات نفسها في حال اختناق يرافق عادة بدايات الأعوام الدراسية ويشتد في كلّ عام أكثر. التكلفة التعليمية للولد الواحد في التعليم الأساسي في المدارس الخاصّة لا تقلّ عن الألف دولار أميريكي بالحدّ الأدنى، وتبلغ أرقامًا مهولة في بعض المؤسسات. وكما الأقساط، كذلك تسعيرة نقل الطلاب من وإلى مدارسهم، سواء اعتمد الأهل على الباصات المدرسية أو تلك الخاصّة. أسعار الكتب والمستلزمات المدرسية تبلغ بدورها أرقامًا كبيرة نسبيًا، ولا سيّما مع شياع عادة "تغيير الكتب" المعتمدة في بعض المؤسسات أو فرض شراء الطبعات الجديدة من الكتب نفسها، ما يحرم العائلات من فرصة شراء الكتب المستعملة.
هذه الأزمة الخانقة يعبّر عنها الناس وتراها في ملامحهم في المكتبات ومحال القرطاسية وحتى في الأحاديث اليومية حول صعوبة التجهيز للعام الدراسي كما يجب، في ظلّ الغلاء الفاحش من جهة، وتراجع القدرات الشرائية بشكل ملحوظ. الجانب المتعلّق بالأزمة المعيشية يشمل غالبية العائلات اللبنانية، ولكن إن اتجهت جنوبًا، تُضاف إلى هذا الجانب صعوبات أكثر تعقيدًا وأشدّ وطأة: ظروف الحرب. في الواقع، أمضى طلاب المدارس في الجنوب عامهم الماضي تحت النار حرفيًا، مع كلّ ما يخلّفه هذا الوضع من ضغط نفسي وعصبي؛ رافقت أصوات الغارات والقصف المدفعي وهدير الطائرات المعادية والاعتداءات المتكرّرة كلّ يوم دراسي في الجنوب، بحيث يمكن القول إنّ نجاح هؤلاء الطلّاب لم يقتصر على المستوى التعليمي فحسب، بل أيضًا على مستوى خوض التحدّي الأصعب في مواجهة الإرهاب الصهيوني.
أمّا بالنسبة لطلّاب المدارس الواقعة في القرى الحدودية فالأمر أكثر تعقيدًا بعد: معظم هؤلاء الطلاب أنهوا عامهم الدراسي عبر اعتماد خاصية التعلّم عن بعد، وهم الآن بين خيارين: متابعة الدراسة بالطريقة نفسها رغم صعوباتها التقنية في لبنان، أو الانتقال إلى المدارس القريبة من البيوت التي نزحوا إليها والتعلّم حضوريًا مع العلم أن القرار ليس سهلًا إذ يتساءل الأهل مثلًا: ماذا لو عدنا إلى بيوتنا وقرانا الحدودية في أي لحظة مع توقف الحرب، هل سيكون من الممكن أن نعيد أولادنا إلى مدارسهم الخاصة بشكل طبيعي أم سيكون عليهم انتظار نهاية العام الدراسي والبقاء في المدارس التي انتقلوا إليها؟ بالنسبة إلى التعليم الرسمي، جرى حلّ هذه المشكلة، إذ أتيح للطلاب النازحين الالتحاق بالمدرسة الرسمية الأقرب إلى أماكن سكنهم، على أن يعودوا إلى مدارسهم الأصلية حال انتهاء الحرب وإكمال عامهم الدراسي بشكل طبيعي، هذا بحال جرت الأمور بشكل طبيعي وافتتح العام الدراسي كما يجب، في ظلّ تلويح وزير التربية بالاعتكاف او الاستقالة نتيجة عدم مقدرة الوزارة على تغطية نفقات فتح المدارس، مع امتناع الجهات المانحة عن الدفع.
الاقتصادغلاء الأسعارالتربية والتعليموزارة التربية والتعليم العالي في لبنانالمدارس الرسميةالمدارس
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
01/10/2024
طيف السيد نصر الله سيبقى يلاحقهم ويرعبهم
30/09/2024
وعلى طريق القدس مضيت!
29/09/2024
الدم ذخيرة المسيرة، والنصر نصر الله...
28/09/2024