معركة أولي البأس

 

خاص العهد

سجون الاحتلال.. "رحلة عذاب" مليئة بالفخر
31/08/2024

سجون الاحتلال.. "رحلة عذاب" مليئة بالفخر

الحرية هي لحظة إنسانية يصعب وصفها. يُدقّق فيها الأسير المحرّر أكثر في معالم مدينته، وشوارعها، التي اعتقل منها، بعد سنوات من الغياب. قد تتطلّب العملية منه بعض الوقت لكي يتعرف إلى وجوه أقاربه بعد سنوات طويلة من الأسر. أعوام تمضي، ويبقى للأسير دينٌ في أعناقنا، ويبقى التاريخ يُعامل الفدائيين والمقاومين والأسرى معاملة خاصة، فتضحياتهم تزداد توهجًا مع تقادم الزمن، وشهادتهم تبقى صرحًا وطنيًا تهتدي به الأجيال المتعاقبة. واليوم، مع معركة "طوفان الأقصى" وجبهة الإسناد المفتوحة في لبنان خاصة في الجنوب، نسترجع عطاءات الأسرى الأبطال، ونستعيد معهم القضية الوطنية التي اعتُقلوا لأجلها.  

رئيس الهيئة الوطنية للمعتقلين اللبنانيين في سجون الاحتلال الأسير المحرّر عباس قبلان يستذكر أيام الأسر. 11 عامًا أمضاها في سجون الاحتلال، يصفها بأنها "رحلة عذاب" مليئة بالفخر. لا يفوت الأسير المحرر أن يذكر ما لحق بالأسرى من عذابات. ويقول لموقع "العهد": "أنا آمنت بالقضية الفلسطينية منذ البداية، حتى أنني في عز مرحلة الأسر كنت أشعر بالفخر، لأنني في المكان الذي يليق بالمقاومين، ولأن العذاب يصبح "حلوًا" في سبيل الحق". يؤكد أن العدو يعذّب الأسير خوفًا من فكره، ومن القضية التي يحملها في قلبه ووجدانه، مضيفًا: "السجّان الذي يمارس أبشع أنواع التعذيب، كان هو المرعوب، لأنه يعرف أن مصيره القتل أو العودة من حيث أتى".

غزة ليست منطقة مفصولة عن لبنان، فالعدو واحد، بحسب قبلان، وجيش الاحتلال الذي يُمارس جريمة الإبادة الجماعية في القطاع، عينه على لبنان، باعتبار أنّه المنطقة التي تشكّل الخطر الأكبر عليه، بالتالي، عندما تُساند المقاومة الإسلامية غزة اليوم، فهي بالدرجة الأولى تدافع عن لبنان وعن المجتمع اللبناني.

وفقًا لقبلان، لا يمكن لأحد إنكار أطماع العدو في لبنان خصوصًا في الجنوب، والتاريخ يشهد على محاولات "إسرائيل" لضرب البنية الاجتماعية اللبنانية، واحتلال الأراضي، ونهب الثروات، فهي تحاول دائمًا تجريد لبنان من عناصر القوة، لتحقيق أطماعها، لذلك فإنّ الحرب معها وجودية، ومعركة تاريخ، وحضارة، وجغرافيا.

ويُردف الأسير المحرر أن "الشعب اللبناني هو من أكثر الشعوب التي عانت من الاحتلال، وبالتالي من يعتبر نفسه لبنانيًا عليه أن يكون في جبهة المقاومة التي تدافع عن الأرض والعرض، فالمقاومة هي سلاحنا في مواجهة العدو". ويشير إلى أن الجبهة الداخلية لدى الكيان الصهيوني في حالة ارتباك، وقلق، وضياع، لذلك فإنه يريد أن يهشّم جبهتنا الداخلية، من خلال بعض الأبواق، لإحباط البيئة المقاومة وثنيها عن دعم المقاومة، مؤكدًا أن أصوات الداخل المطالبة بوقف المعركة داعمة بشكل لا لبس فيه للعدو الصهيوني، فكل من يطالب بفكّ الارتباط بغزة، يساند "إسرائيل"، وفي ذلك شك بولائه للبنان. 

قبلان يشدد على أنّ المقاومة الإسلامية اليوم وضعت لبنان على الخارطة الدولية والإقليمية، وهذه المكانة لم تأتِ من خلال التصريحات، أو الدبلوماسية، ولا من مقولة قوة لبنان في ضعفه، بل أتت من دماء الشهداء، وثبات المجاهدين في الميدان، وصبر وتضحيات المجتمع الحاضن، ويقول: "في الماضي كان لبنان ملعبًا تسرح فيه قوى العالم، واليوم بات قوة إقليمية، وشريكًا أساسيًّا في عمليات التسوية، وهذا كله بفضل المقاومة، التي جعلتنا نعيش بعزة وكرامة"، مردفًا: "إننا نواجه العدو اليوم الند بالند، ونؤلمه كما يؤلمنا، ويتهجر مستوطنوه، ويسقط له قتلى، وينهار اقتصاده، بينما شعبنا يهتف على بعد أمتار من الحدود بالموت لـ "إسرائيل"". ويضيف: "اليوم لبنان ليس على الهامش، بل في قلب المعركة، وجزء أساسي في المنطقة، وشعبنا صامد في القرى الحدودية، رغم القصف، بفضل قوة الردع وبأس المقاومة". 

يُشيد قبلان بصمود الأسرى الفلسطينيين، مؤكدًا أنهم في المكان الصحيح، وتحملوا عن الأمة العربية والإسلامية ما لا تتحمله الأمم، إذ يُمارَس عليهم أبشع أنواع التعذيب والإرهاب، من أبشع المتطرفين الذين عرفهم التاريخ مثل إيتمار بن غفير. ويرى أن القضية الوحيدة التي لا يزال يُجمع عليها الجميع هي الأسرى، هم الباعث الحقيقي لتوحيد فلسطين، وهم أناروا الطريق للمجاهدين، وهم الذين أعطوا القضية الفلسطينية دفعًا جديدًا، وسيأتي اليوم الذي سيخرج فيه الأسرى الفلسطينيون إلى الحرية مرفوعي الرأس، بعد صمودهم الأسطوري، ويختم: "تحريرهم مسؤولية فردية وجماعية، رسمية وفصائلية، يجب أن توضع في سلّم الأولويات الوطنية".

معتقل الخيامالأسرى والمعتقلون

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة