طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

03/06/2019

"داعش" يعود لاستراتيجيات "القاعدة" والعين على واشنطن

محمد محمود مرتضى
منذ مدة، وتحديدا مع سقوط "خلافة" داعش، لجأ التنظيم إلى حرب العصابات، وهي خطوة كانت متوقعة بعد خسارة الارض، وقد أكد على ذلك زعيم التنظيم في كلمته الاخيرة، وتركز عليه اصدارات داعش ومنها بعض الصحف التابعة له.

ففي عددها الذي صدر الأسبوع الماضي شجعت صحيفة "النبأ" التابعة للتنظيم، عناصر التنظيم على اتباع أساليب حرب العصابات في المعارك التي يخوضونها، وعمدت الى نشر مجموعة تعليمات تفصيلية عن كيفية تنفيذ عمليات الكر والفر. وقد بات يعرف أن التنظيم يستخدم هذه الأساليب في الأماكن التي يتطلع إليها للتوسع خارج بعد الهزيمة في العراق وسوريا.

ورغم أن الأسلوب حقق العديد من النجاحات، إذ نُفذت الكثير من الهجمات الإرهابية في أجزاء مختلفة من العالم خلال الأسابيع الماضية، فانه من المرجح الا تحقق هذه الهجمات أهدافها لناحية عودة عملية الاستقطاب، اذ أن الاستقطاب السابق للتنظيم ارتكز على "جاذبية" شعار الخلافة وهو أمر فقده التنظيم، ولعله ذلك ساهم في عودة تنظيم القاعدة الى الواجهة بعد أن كان قد اعترض على اعلان الخلافة الذي اعتبرها أن من شروطها "التمكين" وانها سابقة لأوانها، وان فشل الخلافة سيؤدي الى فقدان الثقة بالتيار "الجهادي" العالمي، وقد ينشر الاحباط.

ومهما يكن من أمر، ففي مقطع فيديو بثته ما تُعرف بـ"شبكة الفرقان" التابعة للتنظيم في نيسان/ أبريل الماضي، شجع "البغدادي" عناصره على مواصلة القتال، لما سماه إضعاف العدو من خلال الاستنزاف، وأكد  أن شن هذه الحرب سيكون أهم من الانتصار.

وقد كان تصريح البغدادي تمهيدا لما نشرته عن سلسلة من أربعة أجزاء تحت عنوان "إسقاط المدن مؤقتا كأسلوب عمل للمجاهدين"، حيث دعا التنظيم فيه عناصره إلى تجنب المواجهة المباشرة مع "العدو"، علما أن هذا الأمر كان يشجع عليه في فترات سابقة.

هذه السلسلة التي نُشرت شرحت كيف تستطيع عناصر التنظيم إضعاف "العدو" دون تكبد خسائر من خلال حرب العصابات، كما أنها دعتهم إلى الاستيلاء على أسلحة المستهدفين من الهجمات، وقالت: "إن من بين أهداف هجمات الكر والفر احتجاز الرهائن، وتحرير الأسرى، والاستيلاء على أموال العدو"، ويبدو أن ذكر الاستيلاء على الأموال يؤشر الى أزمة مالية يمر بها التنظيم.

وعلى أي حال، إن اللغة التي استخدمها التنظيم في صحيفته تقترب من خطاب وإرشادات كان تنظيم "القاعدة" يدأب عليها في ما مضى عبر مجلته الإلكترونية المعروفة باسم ـ"البتار".

إن الأسلوب الجديد الذي يستخدمه التنظيم والذي استطاع من خلاله مهاجمة أكثر من دولة، يعمد الى توظيفه في تأسيس ولايات، كما فعل ذلك في الثامن عشر من شهر نيسان/ أبريل الماضي عندما أعلن التنظيم عن أول هجوم له في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وإنشاء ما عُرف بـ"ولاية وسط أفريقيا"، ومنذ ذلك الاعلان تبنى عدة هجمات أخرى في الكونغو.

ويضاف الى ولاية وسط أفريقيا، ما أعلنه في العاشر من شهر أيار/ مايو الماضي عن ولاية مزعومة في كشمير بالهند، وفي نفس اليوم اقتحم مسلحون على دراجات نارية بلدة شمال شرق نيجيريا، وعمدوا الى اطلاق النار على السكان.

من الواضح أن تنظيم "داعش" يعمل على تطوير  استراتيجيته القتالية التي كان يستخدمها في السابق؛ ويُحاول أن يعوض الخسائر التي تكبدها خلال السنوات الماضية. الا أن معظم هذه الخطط كان يستخدمها في بداية دخوله الأراضي السورية، ولئن نجحت تلك الخطط في وقتها لأسباب باتت معلومة، فان نجاحها اليوم دونه خرط القتاد.

وبالمحصلة، فان أي تطور خطير في ساحة غرب اسيا (الشرق الاوسط) يتوقف على مدى نجاح الاستخبارات الامريكية في دعم "داعش"، وهو امر لم يعد سهلا بعد انكشاف دور هذه الاستخبارات، وبعد تحذير تقارير استخبارية عدة عن نشاط لواشنطن في نقل مقاتلي التنظيم الى مناطق في افغانستان والصين وافريقيا وغيرها، ما يعني أن النشاط الاميركي بات تحت المجهر ايضاً.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات