يوميات عدوان نيسان 1996

آراء وتحليلات

30/05/2019

"البحرين" والاستخدام الأمريكي لنظرية الخاصرة الرخوة

إيهاب شوقي

نظرية الخاصرة الرخوة، نظرية سياسية شهيرة، يستخدمها الاستعمار، سواء في الحروب أو في الحروب الباردة، وكذلك في التمدد الاستعماري والصراع الدولي على الجبهات المختلفة.

والدول الكبرى لا تعتمد على المكايدات السياسية، مثل الدول التابعة والتي لا تملك سوى المكايدات، بينما توظف الدول الكبرى ولا سيما الدول العريقة في الاستعمار، السياسات المكايدة توظيفا استراتيجيا قائما على نظريات.

ويقول المراقبون للسياسات الأمريكية، إن أوباما نجح في استخدام سياسة الخاصرة الرخوة، رغم اللغة الهادئة التي كان يسوق نفسه بها وعدم الصخب مقارنة بنماذج مثل ترامب، كما فطن أوباما لخواصر أمريكا، الموجودة في المحيط الحيوي للولايات المتحدة، مثل كوبا، حيث عمل على التهدئة لعدم استخدامها بشكل مضاد لأمريكا مثلما حدث إبان الحرب الباردة.

واليوم لا نرى ترامب يختلف في سياساته عن أوباما، سوى في الصخب والفجاجة، حيث تقول المؤشرات إن أمريكا تستخدم هذه النظرية في كل جبهات صراعها، ولكن بشكل فج وحاد واستفزازي، ويمكن عرض النماذج التالية للتوضيح:

1- فعلى الجبهة مع الروس، نراها تستخدم بولندا بشكل استفزازي يصل إلى سياسة حافة الهاوية، ومؤخرا، أعلن وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتاك، أن بلاده تعتزم شراء 32 طائرة مقاتلة من طراز "إف-35 إيه"، التي تنتجها شركة "لوكهيد مارتن" لتحل محل مقاتلاتها من الحقبة السوفيتية، وقال بلاشتاك: " أرسلنا طلبا للحصول على الأسعار لشركائنا الأمريكيين فيما يتعلق بشراء 32 طائرة إف-35 إيه مع خطة للترتيبات اللوجستية والتدريب"، مضيفا أن "بولندا تحرز تقدما في إقناع الولايات المتحدة بزيادة وجودها العسكري على الأراضي البولندية".

2- وعلى الجبهة الصينية، نرى علاقات أمريكا بتايوان والاستفزازات المستمرة للضغط على الصين.

3- والأمر جلي مع محور المقاومة، فعلى الجبهة مع إيران، نرى الحشود في الخليج، ولكن ومع نظرية الخاصرة، فإننا نرى استخداما لافتا لدويلة صغيرة مثل البحرين كجبهة متقدمة.

"البحرين" والاستخدام الأمريكي لنظرية الخاصرة الرخوة

في ايار/ مايو 2017،  قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إن العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين ستتحسن وذلك بعد لقائه مع ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أثناء زيارة للسعودية، وقال ترامب أثناء جلسة تصوير مع ملك البحرين فى الرياض "العلاقات بين بلدينا رائعة وإن كان قد شابها بعض التوتر.. لكن لن يكون هناك توتر مع هذه الإدارة... مضيفا: "سنقيم علاقة طويلة المدى جدا. وأتطلع بشدة إلى هذا.. فهناك الكثير من القواسم المشتركة".

فماذا يعني ترامب بكلماته، سوى تعميق الاستخدام لنظرية الخاصرة الرخوة!

ان البحرين التي تم اختيارها لتدشين صفقة القرن المزعومة، لم يكن اختيارها خاليا من الرسائل والدلالات، فهي اصغر دولة عربية، ولكنها الأقرب إلى ايران، وبها القاعدة الاستعمارية البحرية العريقة، التي ورثتها أمريكا في إطار تهديدها البحري لايران وللحيلولة دون غلق مضيق هرمز.

بتتبع هذه النظرية، يمكن فهم استخدام مناطق التمركز الأمريكية في جبهات الصراع المختلفة، حيث نرى تمركزاتها في سوريا والعراق، وقيادتها للعدوان على اليمن، وعلاقاتها مع باكستان والهند، بل والاستخدام الفوري للنظرية عند نشوب أي تباين مع الحلفاء، على غرار استخدام اليونان لتأديب تركيا.

لن تتخلى أمريكا عن سياساتها الاستعمارية مهما تراجعت قوتها بفضل تنامي قوة المقاومة على مختلف الجبهات، ووجب الانتباه جيدا للخواصر وتأمينها وقطع الطريق على تحويلها لنقاط قوة استعمارية.

ربما تدرك دويلات صغيرة مثل البحرين أنها تستخدم لأغراض كهذه، وربما لا تدرك وتمضي في شوط التبعية دون استيعاب، ولكن ينبغي لدويلات كهذه أن تدرك أنها ستكون الضحية الأولى عند وقوع المحذور ونشوب الصراعات وتحولها من حروب باردة إلى حروب ساخنة ومدمرة.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل