يوميات عدوان نيسان 1996

عيد المقاومة والتحرير

25 أيار العيد الحاضر في قلوب الطرابلسيين
27/05/2019

25 أيار العيد الحاضر في قلوب الطرابلسيين

محمد ملص
في صباح 25 ايار/ مايو من عام 2000، وبعد أن اعلن عن انسحاب الجيش الصهيوني من جنوب لبنان، عمت الافراح والأعراس مختلف أرجاء الوطن، كانت الفرحة بانتصار المقاومة على العدو الصهيوني تنتشر من بوابة فاطمة جنوباً مروراً بعاصمة المقاومة بيروت ووصولاً الى طرابلس وعكار شمالاً.

في 25ايار 2000، صور لا تغيب من الاذهان والعقول، مشاهد التحرير غطت كل الوطن من جنوبه المحرر الى شماله الفرح بالتحرير، كيف لا تذرف دموع الفرح هنا وبالامس جفت دموع الحزن على أطفال قانا الاولى والثانية، على شهداء عناقيد الغضب، ومئات الشهداء والجرحى الذين سقوا بدمائهم أرض الجنوب المقاوم.

25 أيار العيد الحاضر في قلوب الطرابلسيين

كيف لا يحق لطرابلس أن تفرح لفرح الجنوب وهي من كانت تحزن لحزنه، تشارك أحزان كل ام شهيد، تزغرد فرحاً، عند تنفيذ رجال المقاومة لعملية ضد الصهاينة، وتوزع الحلوى حينما يسقط قتلى وجرحى للعدو، وتنطلق المظاهرات والاعتصامات لتشق شوارع طرابلس وهي تصدح بحناجرها " من طرابلس للجنوب شعب وحد ما بيموت".

25 ايار، اليوم التاريخي، والذي كان له وقعه الخاص في طرابلس، مفرقعات نارية وحلوى وجو من الفرح لطالما كان مفقودًا، مواكبٌ تصدح فيها الحناجر بأهازيج النصر على الاحتلال الذي  هزمه اللبنانيون في انتصارٍ قدمته المقاومة  لكل ابناء الوطن وليس لمنطقة وحدها او لطائفةٍ بذاتها.

وكعادتها في الوفاء، وبعد عدة ايام على الانتصار، خصصت المقاومة لاهالي طرابلس يوماً ليشهدوا فيه على غنائم النصر من الاحتلال وكان الموعد المحدد حيث تجمع آلاف المواطنين في ساحة النور رافعين اعلام ورايات المقاومة، وصور الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مرحبين ومهللين لرجال المقاومة اللذين هزموا من ادعى يوماً انه جيش لا يقهر.

يومها أهدت المقاومة "دبابة اسرائيلية" غنمتها من الجنوب لاهالي طرابلس عربون محبّة ووفاء لهم  وذلك عقب التحرير لتكون شاهداً على إنجاز المقاومة، وضعت في وسط المدينة .

19 عاماً مرت على الانتصار، تبدلت فيها الكثير من الصيغ والمعادلات، لكنها لم تغير او تبدل في مواقف ابناء طرابلس من الانتصار.

25 أيار العيد الحاضر في قلوب الطرابلسيين

وبالرغم من  جولات القتال في طرابلس، وكل المحاولات لالباس المدينة ثوباً تكفيرياً، عمد عدد من المسلحين في احدى جولات القتال بين باب التبانة وجبل محسن الى الاعتداء على الدبابة محاولين إزالتها ورميها لازالة الانتصار ومحوه من ذاكرة الطرابلسيين، فما كان من الجيش اللبناني إلا وان تدخل واستعاد الدبابة ووضعها بعهدته. ولكن الأمور تبدلت اليوم، وبعد أن استراحت المدينة من ثقل هؤلاء التكفيريين، تجري محاولات حثيثة من العديد من أبناء طرابلس الى التواصل مع قيادة الجيش اللبناني في طرابلس،" لإعادة الدبابة الى مكانها، في محاولة لعودة جزء من تاريخ المدينة اليها.

تجول اليوم في أحد شوارع طرابلس للسؤال عن ما يعني 25 أيار، ما يلفت انتباهك أن الطفل والشاب وكبير السن يعلم ولا يزال يلم بأدق التفاصيل التي حدثت وسطرت في الاذهان والعقول والقلوب، "ابو خالد" البالغ من العمر خمسون عاماً، هو من احد اصحاب المحال التجارية في ساحة النور، يتذكر كيف اغلقت الطرقات والمحلات لاستقبال المقاومين الابطال يومها كان يوم عز وانتصارٌ لنا جميعًا، انتصار لكل لبنان، و"انا  كابن طرابلس لا ازال فخور بهذا الانتصار".

مشهد الدبابات الصهيونية وهي تخترق ساحة النور في طرابلس، برفقة المقاومين الابطال يستحضرها "حسن" في مخيلته، قائلاً: "هي لحظات لا تنسى، قد لا أحتفل في هذا اليوم، لكن لهذا اليوم معنى مميز عندي في حد ذاته، وقد لا أجد الكلمات المناسبة لتوجيه الشكر لصانعي هذا المجد وذاك النصر… ولا معنى ولا قيمة لكل أيامي كعربي ولبناني من دون هذا اليوم وهذا التاريخ، ما قبل 25 أيار من العام 2000 شيء وما بعد هذا التاريخ شيئ اخر… ما قبل هذا التاريخ دماء وتضحيات، شهداء وأرواح ومحاولات كثيرة في مقاومة المحتل "الإسرائيلي". أما ما بعد هذا التاريخ فهو إنتصار وترجمة لكل التضحيات ومذلة نكراء نزلت بالصهاينة وستبقى تلاحقهم على مرِّ التاريخ.

العودة الى ايار 2000 تشعرنا بالعودة الى الزمن الجميل، الى الوضوح في الرؤية والخيار الاصح الى سطوع الحق وعدم التباس في المسميات والمضامين، الى مجموعة مقاومة تحاربُ محتلاً، لانه قاتل ومجرم ومعتدي ومغتصب ومتكبر وفاقد للقيم وناقض للناموس الانساني.
 
هذا التاريخ وان غاب عن طرابلس قسراً، لكن في قلوب الطرابلسيين يبقى له أثر محفور ، يعيدهم الى تاريخ الشرف والكرامة والعزة والعنفوان، تاريخ لن ينسى ولن يستطيع احد اي كان ان ينسيهم اشرف ايام الانتصار في هذا الوطن المقاوم.

إقرأ المزيد في: عيد المقاومة والتحرير