طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

خطاب "القوات".. هل "إسرائيل" عدو فعلًا بنظرها؟!
11/05/2024

خطاب "القوات".. هل "إسرائيل" عدو فعلًا بنظرها؟!

خطاب "القوات اللبنانية" تبريري للعدو "الإسرائيلي" يكاد يظهره بموقع الضحية والمظلومية. في زمن السلم تجاهل تام لانتهاكات السيادة بكافة أشكالها برية وجوية وبحرية، وفي الحرب منظارهم لا يرى العدوان ولا الأضرار التي يخلفها، لا نسمع لهم حسيسًا ولا ونيسًا يدين أو يتضامن مع لبنانيين شركاء لهم في الوطن. مجهرهم مصوّب دومًا على المقاومة المشغولة بالتصدي للعدوان، لا يرون مجازر غزّة، ولا الإبادة الجماعية بحق أهلها وأطفالها. أما سواهم فيضع في حالة الحرب والظروف المماثلة حساباته السياسية جانبًا ويقف مع المقاومة بمواجهة العدوان، ولا يسجل على نفسه موقفًا معاديًا أو يطعنها بالظهر وهي تقدم خيرة شبابها دفاعًا عن لبنان واللبنانيين جميعًا دون أن تحمّلهم أي أعباء تذكر.

يلحظ المراقبون دومًا تماهي خطاب "القوات" عن قصد أو غير قصد مع تصريحات ومواقف قادة العدوّ "الإسرائيلي"، إلى حد يصل فيه هذا التماهي إلى التبني الكامل لروايات وسرديات العدوّ دون تكلف عناء التنقيح أو التصحيح. من يراقب خطابهم يخرج بنتيجة واحدة أنهم يقفزون عن جرائم العدوّ وانتهاكاته. المؤشرات كثيرة منها "لقاء معراب" الذي حشدت له "القوات" كلّ طاقاتها، وأصدرت بيانًا لم يتسع لحرف واحد يدين العدوان بل خصص كلّ بنوده ضدّ المقاومة المشروعة بموجب البيان الوزاري للحكومة التي نالت ثقة مجلس النواب، ومنها الانشغال الدائم لماكينتهم الإعلامية والسياسية في توهين ردود المقاومة والترويج بأنها دمرت القرى الحدودية من خلال تسليط الضوء على الأضرار وتضخيم إحصاءاتها وأرقامها، أو اتهامها بأنها تسعى لمقايضات واهية مقابل الرئاسة.

يقر الإعلام العبري وقادة العدوّ كلّ يوم بما فعله حزب الله وما أحدثه من أضرار بمواقعه وقوته العسكرية ومستوطناته، بينما تصر "القوات" ومنظومتها السياسية والإعلامية على أن فتح الجبهة لم يكن لمصلحة لبنان واللبنانيين، وتتجاهل كلّ الوفود الغربية وعجقة المبعوثين في مطار بيروت الدولي الساعين خلف الالتفاف على جبهة الجنوب والضغط لإيقافها، وتصر على سردية أن المقاومة أضرت بغزّة.

أما أغرب ما سمعناه مؤخرًا فحين خرج النائب "القواتي" السابق وهبي قاطيشا المفترض أنه خبير عسكري بحكم كونه عميدًا متقاعدًا من الجيش اللبناني، ليتبنى ويردّد مواقف وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت الذي تحدث عن تصفية نصف قيادات حزب الله، ليخرج قاطيشا ويؤكد كلام غالانت، متحدثًا عن "مقتل" ٣٠٠ قيادي من حزب الله، ويستنتج بعملية حسابية سريعة أن هناك ١٠٠ ألف مقاتل، فبالتأكيد أن القياديين سيكونون نحو ٦٠٠ بالتالي ما ذكره غالانت صحيح من قتل نصف قيادات الحزب، وفق النظرية القاطيشية.

لا نعلم المنطق أو المعادلات الحسابية التي استند إليها قاطيشا وكيف استنتج أن كلّ شهداء الحزب هم قيادات وكيف قدر أن عدد هؤلاء ٦٠٠، وكيف صدق غالانت الذي لا يصدقه أحد في كيانه، بل باتوا يهزأون منه لكثرة تهويله وتصريحاته، ولم يسجل لقاطيشا ولفريقه السياسي يومًا أنه صدق المقاومة أو أيدها بفعل أو موقف.

ليس جديدًا على "القوات" هذا الأداء، لقد فعلت ذلك في محطات سابقة، والجميع يذكر موائد عوكر في حرب تموز ٢٠٠٦، وما كشفته ويكيليكس عن استدراج جعجع عروضًا بـ١٠ آلاف مقاتل لمواجهة حزب الله، ثمّ ما أسرّه جنبلاط من أن جعجع كشف له أن لديه 15 الف مقاتل ومستعد لمواجهة حزب الله. مع كلّ ذلك، السؤال الأبرز هو: إذا كان اللبنانيون اتفقوا على طاولة الحوار - التي كانت "القوات" طرفًا فيها - على تحديد هوية العدو، وجرى حصر العداء للبنان بـ"إسرائيل"، لماذا إذًا بقي خطاب القوات دون تجسيد عملي لذلك في أدائها ومواقفها وبياناتها، فهل "إسرائيل" فعلًا عدو بنظر "القوات اللبنانية"؟! سؤال بات يحتاج لإجابة؟

 

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف