خاص العهد
"التضامن العالمي الأكاديمي من أجل فلسطين".. لقاء جامعي في بيروت نصرة للقضية
يقول المثل "أن تأتي متأخرًا خير من أن لا تأتي أبدًا"، هكذا كانت الصحوة الطلابيّة في الدول الغربية منذ أسابيع تضامنًا مع الشعب الفلسطيني ورفضًا للحرب الهمجية التي تشنها "إسرائيل" منذ أكثر من ستة أشهر على قطاع غزة.
هذا الحراك الطلابي الذي تمدد من الولايات المتحدة إلى كندا وأستراليا ودول في أوروبا، كان كالجمر تحت الرماد، وأحدث فجوة كبيرة في جدار الوعي لدى الشعوب على مستوى العالم، لا سيما أن هذا الجيل لم يغفل عن قضية محقّة رغم كل الوسائل الترهيبية والترغيبية التي مارستها الحكومات الأجنبية لثني هؤلاء عن مناصرة الحق.
ورغم أن القضية الفلسطينية هي قضيّة عربية وإسلامية قبل أن تكون قضية عالمية، فكان لا بدّ من مبادرات عربية لها وزنها الثقيل لتعبيد الطريق أمام هذا الطوفان الطلابي ليتمدد إلى ساحات أكاديمية في بلدان عربية وإسلامية، ومن أفضل من الأساتذة والأكاديميين ليتصدّوا لهذا الدور المشرّف؟
لبنانيًا، شهدت الأسابيع الماضية عدة خطوات في هذا الإطار نظّمتها جمعيّات وأحزاب في عدد من الجامعات والمدارس والساحات، فيما كان لافتًا ما شهده مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية بالجامعة اللبنانية، بالتعاون مع التجمع الأكاديمي في لبنان لدعم فلسطين، من لقاء تضامني (عن بعد) مع الحراك الأكاديمي لدعم فلسطين حول العالم، تحت عنوان "التضامن العالمي الأكاديمي من أجل فلسطين".
الدكتورة لور أبي خليل
الأمينة العامة لـ "التجمّع الأكاديمي في لبنان لدعم فلسطين" الدكتورة لور أبي خليل، اعتبرت في حديث لموقع العهد الإخباري أن هذا اللقاء تضامنيّ مع الحراك الأكاديمي الذي يجري في الغرب، وأنه انطلاقًا من الانتهاكات التي تحدث ضد الأكاديميين، كان لا بد من مبادرة نتواصل من خلالها مع الأكاديميين في الدول العربية والغربية، لنسجّل بداية دعمنا لهم على وقع الذي حصل بعد "طوفان الأقصى"، أو بتغيير الصورة النمطية التي كانت موجودة عن منطقتنا، إضافة لدعم الأطفال وغيرها من الأمور التي تعزز الموقف والحق الفلسطيني، فكان لقاء اليوم.
وأشارت إلى دعوة التجمع للحوار في المرحلة القادمة للوقوف على كيفية وقف الإبادة الجماعية بحقّ شعبنا الفلسطيني والمخطط الصهيوني للمنطقة، لافتة إلى أنه يمكن من خلال هذا اللقاء أن نؤسس لعدّة خطوات مستقبلية.
الدكتورة أبي خليل ذكّرت بنشاطات قام بها التجمع سابقًا، من تجميع الانتهاكات التي ارتكبها العدو الصهيوني في غزة خلال أول عشرين يومًا من العدوان، ورفعه كتابًا للأمين العام للأمم المتحدة يوثّق الانتهاكات ووقّعه 2222 باحثًا من كافة دول العالم، وهذه كانت الخطوة الأولى، كما شارك التجمع بعدّة مؤتمرات، إضافة لإقامة "مؤتمر طوفان الأقصى" داخل الجامعة اللبنانية، واليوم نُظّم هذا اللقاء.
وأعلنت أن التجمع "سيشارك بعد 3 أسابيع بورقة بحثية مشتركة من مركز الأبحاث والمختبرات حول مفهوم الإبادة الجماعية وتطوّرها التاريخي والتوصيات التي يمكن أن نقدّمها لمؤتمر سيُعقد في جنيف، سينتج عنه لجان تراقب المحكمة الدولية وكافة الأمور التي تحدث في المنطقة، حتى يكون عمل هذه المحكمة في مساره الصحيح، ونسلّط الضوء على الخروقات التي تحدث فيها".
وحول رؤيتها للمسار الطلابي في الغرب، أشارت أبي خليل إلى أنّه لأول مرة منذ النكبة حتى الآن يكون هناك تغيير للصورة النمطية التي كانت موجودة، وبدأ الحديث عن حقيقة الانتهاكات التي كنا نتعرّض لها، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت كثيرًا في نقل الحقيقة وفي تغيير الصورة الحقيقية لهذا العدو داخل منطقتنا، ولن يكون عابرًا، بل هو ككرة الثلج، وكل يوم هناك جامعات جديدة تنضم للتحركات.
ولفتت إلى القرار الذي اتخذ اليوم في إسبانيا بعدم تمويل الكيان الصهيوني بمبالغ كانت تخصصها المراكز البحثية داخل الجامعات، وأن الأمور تتصاعد بوتيرة سريعة ولا نستطيع ملاحقة التغيرات التي تحصل، معربة عن أمنيتها بأن تتوّج هذه الجراح والآلام والشهداء بنصرٍ لنا في المرحلة القادمة.
الدكتورة ليلى شمس الدين
بدورها، العضو المؤسس في "التجمع الأكاديمي في لبنان لدعم فلسطين"، الدكتورة ليلى شمس الدين، أشارت في حديث لموقع العهد الإخباري، إلى أن حركة الطلاب في أوروبا وأميركا وكل العالم، والتي انضم إليها مجموعة من الأساتذة، كانت لافتة نظرًا لأن هؤلاء الطلاب الذين تربّوا وتعلّموا وأخذوا الثقافة والفكر من هذه الدول التي تسمّى "ديمقراطيّة"، والتي تساعد الكيان الصهيوني على قتل الفلسطينيين بهذه الوحشية وارتكاب جرائم الإبادة، هذا الجيل قام ضد أنظمة هذه الدول، وهذا التحرّك من أحد عوامل النجاح فيه كانت وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب شمس الدين، من ضمن الأهداف التي كانت أساسًا لهذا اللقاء التضامني "كتجمع، هو دورنا بأن نقوم بعملية تشبيك مع الجامعات العربية والأجنبية والباحثين الموجودين فيها، كي نفعّل هذا الدور، ليس فقط في الغرب بل كطلاب موجودين في الدول العربية"، وأضافت "كان هدفنا الأساسي أيضًا أن تتصدّى الجامعات العربية لهذا الدور المؤثر والأساسي بموضوع المواجهة العالمية لإحقاق الحقّ والعدالة".
ولفتت الباحثة في علم الانتربولوجيا والاعلام إلى أنه "في هذا اللقاء كان لدينا حوالي 25 باحثًا ينتمون إلى دول أميركا وكندا وفرنسا وبلجيكا والعراق ومصر وتونس والجزائر والمغرب والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، هؤلاء الباحثون وأساتذة الجامعات الموجودون في أماكن متفرقة من العالم، كلٌ منهم قدّم رؤيته ومقترحه لتعزيز ما يحصل في الجامعات العالمية والعربية ووضع أسسًا وتوصيات لضمان مسار استراتيجي يحقق الأهداف بإحقاق الحقّ، لأن نقول بأن فلسطين حرّة ولتصبح فلسطين حرّة بالفعل".
وعن توصيات اللقاء، كان هناك تأكيد على العمل على مراجعة ومتابعة موضوع القانون الدولي الإنساني، إضافة لتوصيات بإجراء أبحاث أكاديمية تتابع هذه المسائل التي تحدث على الأرض سواء في فلسطين أو خارجها.
وحول رؤيتها للمسار الطلابي في الجامعات الأجنبية، أكدت شمس الدين أنه سيتصاعد أكثر فأكثر، مضيفة "نعوّل عليه لأن مستقبل الدول الغربية سيقوم على كاهل هؤلاء الشباب وأمثالهم، وللمدى البعيد نتطلع بإيجابية لما يحصل، لأن استراتيجيات الدول الغربية ستتغيّر مع هذا الجيل، والذي يؤكد هذا الأمر، أن هذا الجيل انتفض على سياسيات دوله ولم ينجرف ولم يختبئ وراءها بل واجهها، وما قام به الطلاب في جامعات العالم أنهم لم يطالبوا فقط بوقف جرائم الإبادة الجماعية، بل طالبوا بوقف تمويل الجامعات للأبحاث في مراكز الأبحاث "الإسرائيلية" لأنها كلها مرتبطة بالقيادة العسكرية الصهيونية، كما أن هؤلاء الطلاب صمدوا أمام آلة القمع التي مورست ضدهم، ورأوا أن ما يتحملونه جزء قليل مما يتحمله الشعب الفلسطيني".
"إذًا هذه المطالب ليست سهلة أبدًا"، تردف شمس الدين، "بل هي مطالب لافتة من شباب غير عربي لم يعاصر هذه القضية أو يعايشها منذ طفولته، ونحن ننظر بعين الإعجاب والتقدير والتوقّع الإيجابي بتغيّر السياسات من خلال هذه المجموعات الشبابية والأساتذة الداعمين لهم في بلادهم".
وفي كلمة عبر "العهد"، ختمت الدكتورة شمس الدين "بكل فخر واعتزاز، نحن بلد المقاومة ونعرف أن الثبات والإصرار والكفاح والنضال هو من يعطينا الحقّ، وإن مواجهة الغطرسة العالمية الموجودة لن تكون عبر القنوات الدبلوماسية، لأن هذا الزمن هو زمن صاحب القوة، ونحن نمتلك القوّة، لذلك ندعو شباب منطقتنا من طلاب وطالبات الجامعات أن لا يتركوا هذه الساحة بالنضال والتحرّك والضغط، وأمامنا نموذج في جامعات العالم يدعو للحرية واستطاعوا أن يحققوا جزءًا مما طالبوا به، ونحن أهل القضيّة وعلينا أن نكون السبّاقين وليس للسباق بل لإحقاق الحقّ في منطقتنا".