يوميات عدوان نيسان 1996

عيد المقاومة والتحرير

19 عاماً على التحرير والمقاومة بقدرات عسكرية وتكتيكية
25/05/2019

19 عاماً على التحرير والمقاومة بقدرات عسكرية وتكتيكية "هائلة"

فاطمة سلامة

قد يكون من الصعب أن تختصر ببضع كلمات محطة على قدر تحرير العام 2000. في رحاب هذه الحقبة المُضيئة قيل ويُقال الكثير. يكفي أن نستذكر في هذا الصدد حال الجنوبيين قبل أيار عام 2000 وبعده، لنلتمس "عظمة" المرحلة التي غيّرت مستقبل أمة. قبل هذه المحطة يروون لنا الكثير من حكايات الاستبداد الصهيوني، وأبشع صور الظلم التي تعرّض لها اللبنانيون. نموذج معتقل الخيام "بأسراه" شاهد على هذه الحقيقة. وقبل هذه المحطة أيضاً، كانت الأرض محرّمة على أصحابها، ينظرون اليها، ويلقون عليها التحية من بعيد. وإذا قُدّر لهم زيارتها فعليهم أن يتحضّروا ليوم شاق وطويل عند المعابر الصهيونية. عليهم أن يقضوا يومهم على الطريق من الفجر الى "النجر" وأن يتحضّروا لشتى أنواع الذل والضرب والإهانات، أو الإعدام حتى. بعد هذه المحطة، انقلبت الصورة 180 درجة، باتت الأرض لأهلها يدخلونها بسلام آمنين، لا بطش ولا تنكيل ولا خوف. وكل ذلك بفضل المقاومة. 

ولا شكّ أنّ في كل بيت من بيوت الجنوبيين قصّة تروي حكاية "قهر" من صهيوني محتل وعميل "ذليل". تماماً كما في كل بيت حكاية مقاوم جاهد فكان الانتصار والتحرير. تلك الفترة حُفرت مشاهدها في ذاكرة -ليس الجنوبيين فقط- بل اللبنانيين، وذاع صيتها في كل العالم. لم تكن سهلة أن تغلب فئة قليلة بعديدها وعتادها أعتى جيوش العالم، وتُخرجه مدحوراً من أرضها. لم تكن سهلة أن تقاوم العين المخرز، متحدّية المقولة الانهزامية التي تحكّمت في عقول الكثيرين، ومدمّرة أسطورة الجيش الذي لا يقهر. 

ما فعلته المقاومة حينها، تحوّلت بموجبه الى نموذج عسكري يُدرّس في أهم الجامعات في العالم. ومنها تستمد حركات المقاومة الأساليب "المناسبة" لدحر العدو. والجدير قوله أنّ تلك المقاومة التي استطاعت بإمكانيات "زهيدة" تحقيق المعجزات عام 2000، لا شكّ أنها اليوم وبعد مرور 19 عاماً على التحرير، تمتلك قدرات عسكرية وتكتيكية "هائلة" تتخطى بأشواط ما كانت عليه. فما التغييرات التي طرأت على عمل المقاومة على مدى عقدين من الزمن؟ 

يُشّدد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر على أنّ تحرير عام 2000 شكّل مرحلة مفصلية في التاريخ العسكري على صعيد العالم. لأوّل مرة يتم تحرير أرض عربية بواسطة المقاومة ويتم إخراج العدو "الإسرائيلي" بهذه الطريقة "المذلة". يلفت المتحدّث الى أنّ المقاومة لعبت دوراً مهماً في التصدي للعدو الصهيوني بعد التحرير لمنعه من القيام بأي عدوان جديد، حيث أرست قواعد ردع مهمة، الأمر الذي ساهم في فشل العدوان عام 2006 من تحقيق أهدافه المتمثّلة بكسر ظهر المقاومة. بل على العكس، توسّط لدى الدول وعلت صيحته بعد أيام من المعركة لإخراجه منها.

 

19 عاماً على التحرير والمقاومة بقدرات عسكرية وتكتيكية "هائلة"

 

يوضح جابر أنّ أبرز تطور حقّقته المقاومة منذ عام 2000 حتى اليوم تمثّل في استراتيجية الردع التي أرستها والتي جعلت العدو يضرب ألف حساب قبل أن يستخدم "حماقته" التي لن يستطيع معها تحمل التداعيات. عام 2006 كان مفصلياً في هذه الاستراتيجية. هذه التجربة كانت مهمة للمقاومة حيث أثبتت الآلة العسكرية التي تملكها "إسرائيل" فشلها أمام تكتيك المقاومة المتمثّل بمجموعات صغيرة قادرة، كفوءة، مؤمنة، ولديها عقيدة قتالية تعرف الأرض جيداً. 

يُشدد المتحدّث على أنّ قدرات المقاومة تطورت بعد حرب 2006، وباتت الخبرة لديها أضعاف ما كانت عليه عام 2000 من حيث العديد والعتاد. وأبرز ما تتميّز به المقاومة -بنظره- هي "السرية" التي تُحيط ممتلكاتها العسكرية. العدو مستعد لأن يهب الملايين مقابل الاجابة على أسئلة تتعلّق بتلك الممتلكات. 

ويلفت جابر الى أنّ مشاركة المقاومة في الحرب على الإرهاب سواء في لبنان أو  سوريا، جعلتها تمتلك قدرات متفوّقة بناء على الدور الفاعل الذي لعبته لجهة محاصرة الارهابيين خصوصاً في معركة القصير حيث التكتيك الدقيق والاستراتيجية الهادفة. مشاركة المقاومة في هذه الحرب أعطتها الكثير من الخبرات ودفعت عن لبنان الويلات -بحسب جابر- الذي يُشدد على أنه ولولا لم تُضح المقاومة بشهدائها لاجتاح "الدواعش" العديد من المناطق اللبنانية. 

يختم جابر حديثه بالإشارة الى أنّ تجربة التحرير عام 2000 أعطت الكثير من العبر. وعلى مدى 19 عاماً امتلكت المقاومة قدرات مهمة، لا يُمكن أن تأخذ بيدها سوى الى النصر. ولعلّ أكبر سر لانتصار المجاهدين -برأي جابر- يكمن في الأخلاق التي يمتلكونها والمصداقية والعقيدة القوية التي لا يمكن أن يُهزموا بوجودها. 

إقرأ المزيد في: عيد المقاومة والتحرير