طوفان الأقصى

تكنولوجيا وأمن معلومات

الذّكاء الاصطناعي في مجال الطبّ.. مستقبل واعد للرعاية الصحية
02/04/2024

الذّكاء الاصطناعي في مجال الطبّ.. مستقبل واعد للرعاية الصحية

يعدّ الذكاء الاصطناعي (AI) من أبرز التقنيّات الحديثة التي تعد بتحوّلات كبيرة في مجالات متعدّدة. ومن بين هذه المجالات، يبرز دوره في تحسين الرّعاية الصّحيّة وتقديم خدمات طبيّة متقدّمة باستخدام الخوارزميات والأنظمة الذّكيّة لتحليل البيانات وتوفير التوصيات العلاجيّة وتعزيز البحوث الطبيّة، ما يساعد في تحسين دقة التشخيص وتوفير خطط علاج متخصّصة وزيادة كفاءة الرّعاية الصّحيّة وإدارتها.

كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي في الطب؟


1. تشخيص دقيق:
يعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين عمليات التشخيص بشكل كبير. إذ يمكن للأنظمة الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ مثلًا: تحليل التصوير المقطعي المحوسب، التصوير بالرنين المغناطيسي، التصوير بالأشعة السينية (X - Ray)، الجينوميات والبروتيوميات (Genomics and Proteomics) بشكل دقيق وفعّال. هذا الدور يساعد في اكتشاف الأمراض والاضطرابات في مراحل مبكرة، ما يعزّز فرص الشفاء ويقلّل من مخاطر المضاعفات.

2. تحليل البيانات الضخمة:
يعدّ الذكاء الاصطناعي أداة فعّالة في التعامل مع البيانات الضخمة المتزايدة في مجال الطب. ويمكن للأنظمة الذكية تحليل ملايين المعلومات، بشكل سريع وفعال، ما يسهم في توجيه الأطباء نحو العلاجات الأكثر فاعلية مع توفير الجهد والوقت.

3. تطوير خطط العلاج الشخصية:
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المريض بشكل دقيق لفهم تفاعلات الجسم والتوصيات العلاجية المناسبة. ويتيح ذلك للأطباء تحديد خطط علاج مخصصة لكل مريض بناءً على معلومات فردية، ما يزيد من فعالية العلاج ويحدّ من آثار العلاج الجانبية.

4. تسريع البحث الطبي:
يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع عمليات البحث الطبي وتحليل الدراسات الطبية بشكل أسرع. ما يفتح أفقًا جديدًا للاكتشاف الطبي وتطوير العلاجات الجديدة.

5. تحسين الرعاية في المستشفيات:
يمكن استخدام الروبوتات المزوّدة بالذكاء الاصطناعي في المستشفيات؛ لمساعدة الأطباء وتوفير الرعاية للمرضى، فهي تستطيع تقديم المعلومات الطبية وتذكير المرضى بجدول الدواء وتقديم الدعم العاطفي.

6. تطوير الأدوية:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الكيميائية والهيكلية لتصميم جزيئات دوائية فعالة وآمنة، من خلال الآتي:
 - تحديد الجزء من الجسم، والذي هو المستهدف بالعلاج، أو تحديد أصل المرض البيولوجي.
 - تحديد الأدوية المرشحة للعلاج من خلال تتبع أثر المركبات على الجزء المستهدف من العلاج، ثمّ اختيار الدواء المناسب.
 - تسريع عملية التجارب السريرية، إذ تساعد في اختيار مرشحين مناسبين لإجراء الدراسات وتحسين عملية مراقبة التأثير الدوائي، وبالتالي تطوير الدواء.

فوائد الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي

من أهمّ الفوائد والإيجابيّات لهذه التطبيقات والتطوير المستمرّ لها:
- تحسين رعاية المريض: من خلال تقليل وقت البحث، وإعطاء أدلّة سريعة على كفاءة الإجراءات والعلاجات.
- تقليل احتمالية الخطأ: سواء في تشخيص المرض أو في وصف الأدوية المناسبة، ما يؤدّي إلى ضمان سلامة المريض.
- توفير الوقت والموارد: من خلال توفير المزيد من الوقت الذي تحتاجه للإفادة منهم في ساعات وموارد الانتاجية الحيوية.
- الردّ السريع على استفسارات المريض خلال مرحلة علاجه: قد تراود المريض الكثير من الأسئلة خارج أوقات عمل الطبيب، لكن مع الذكاء الاصطناعي يمكنه الحصول على الإجابات من خلال روبوتات المحادثة.

بالطبع بعد الإطّلاع على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصّحيّة وفوائدها، هناك بعض التحديّات التي من الضروري الإلتفات إليها:

1. مشاكل الخصوصية والأمان: يشكّل استخدام البيانات الصّحيّة الحسّاسة تحديًا كبيرًا في مجال الطب. يجب تأمين الأنظمة بشكل جيّد لحماية هذه البيانات من التسريب أو الاستخدام غير المصرّح به.

2. التحديّات الأخلاقيّة والمسؤولة: هناك قضايا أخلاقية تتعلّق بمن يتحمّل المسؤولية في حال وقوع أخطاءٍ قاتلةٍ ناجمةٍ عن الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من افتراض خلو الأنظمة الذكيّة من التحيّزات الاجتماعيّة، إلّا أنها قد تكون أكثر عرضةً للتحيّز إذا كانت البيانات المستخدمة في تدريبها متحيزةً نحو وجهة نظرٍ معينة.

3. المخاطر السريرية والأخطاء الطبيّة: يمكن أن يتسبّب الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في اتّخاذ قرارات طبيّة غير صحيحة أو غير ملائمة في حال وجود ثغرات في دقّة البيانات المعتمدة، ما يزيد من المخاطر السريرية ومن احتمال حدوث أخطاء طبية.

4. عدم الدقة في بعض الحالات: تنعكس كفاءة البيانات على أداء الذكاء الاصطناعي AI في الطب، فإذا كانت هذه البيانات غير دقيقةٍ أو تتعلق بتركيبةٍ سكانيةٍ أو أمراضٍ أو عوامل بيئية محدّدة ٍقد يؤدي ذلك إلى أخطاءٍ في التشخيص. ما يتطلّب من متخصّصي القطاع الطبي معرفة هذه الثغرات واتّخاذ التعديلات الّلازمة.

* مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجال الطبّ:

يستعدّ الذكاء الاصطناعي لتحقيق نموٍّ تحويليّ، في القطاع الطبيّ، يمتدّ إلى ما هو أبعد من التطبيقات الحالية مثل روبوتات الدردشة والتنبؤ بالأمراض. وبالتالي، من المتوقع أن يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورةً في:
● التشخيص؛ ما يسمح بالكشف المبكر والأكثر دقةً عن الأمراض من خلال تحليل أنماط البيانات الواسعة.
● رعاية المرضى، حيث تساعد الروبوتات في مهام مثل حركة المريض ومراقبة العلامات الحيوية في الوقت الحقيقي لاستباق المواقف الخطيرة.
● الطب الدقيق، خاصةً في تحليل التصوير وتوصيات العلاج الشخصية.
● تبسيط التواصل مع المرضى والتوثيق السريري، ما يعزز تقديم الرعاية الصحيّة نتيجة دمج تقنيات التعرّف إلى الكلام والنصوص.

* مثال عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب:

عمل باحثون من جامعة تورنتو مع شركة Insilico Medicine لتطوير علاج محتمل لسرطان الكبد (HCC) باستخدام منصة اكتشاف دواء تسمّى Pharma. وصرّح فينغ رين، وهو كبير المسؤولين العلميين والرئيس التنفيذي للشركة: "شقّ AlphaFold أرضية علميّة جديدة في التنبؤ بهيكل جميع البروتينات في جسم الإنسان، وجُمعت هذه الهياكل وجرى تطبيقها على منصة الذكاء الاصطناعي الشاملة الخاصة بنا من أجل إنشاء علاجات جديدة لمعالجة الأمراض".

لقد اكتشف الذكاء الاصطناعي مسارًا علاجيًا غير معروف سابقًا، وصمّم "جزيئًا جديدًا ناجحًا" يمكن أن يرتبط بهذا الهدف. والنظام الذي يمكنه أيضًا التنبؤ بمعدل البقاء على قيد الحياة، هو من اختراع علماء من جامعة كولومبيا البريطانية.

كما يستخدم النظام المستخدم للتنبؤ بمتوسط العمر المتوقّع معالجة الّلغة الطبيعيّة (NLP) - فرع من الذكاء الاصطناعي يفهم لغة الإنسان المعقّدة - لتحليل ملاحظات أخصائي الأورام بعد زيارة الاستشارة الأولى للمريض. في هذا السياق، تجدر الإشارة الى أنّ استخدام التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي في مجال الطب، يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك الموارد المتاحة والبنية التحتية الفنية والتطور التكنولوجي والسياسات الصحية والقدرة على التمويل وغيرها من العوامل.

في الوقت الحالي، قد تكون الدول ذات الاقتصادات القوية والموارد الغنية أكثر قدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في الطب. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها ستنحصر بها فقط. فهناك توجه عالمي نحو تبني التكنولوجيا الصحية وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي في الطب في العديد من الدول، بما في ذلك الدول النامية، حيث يمكن أن تساعد هذه التقنيات في تحسين جودة الرعاية الصحية وتوفيرها بشكل أكثر فعالية.

ومع تقدم التكنولوجيا وتوسع انتشارها، من الممكن أن يصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب أكثر انتشارًا وتوفرًا في جميع أنحاء العالم، بغضّ النظر عن القدرات الاقتصادية للدول. ومن المهم أن تتواصل المنظمات الدولية والمجتمع العلمي والصناعة لضمان أن التطور التكنولوجي في مجال الطب يعود بالفائدة على الجميع، ويسهم في تحسين صحة البشريّة بشكل شامل.

في الختام، تتزايد استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، بالرغم من التحديّات المحتملة، إلا أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعد بمستقبل واعد يعزّز جودة الخدمات الصحيّة ويسهم في تطوير المجال الطبي بشكل كبير.

الطبالتكنولوجياالذكاء الاصطناعي

إقرأ المزيد في: تكنولوجيا وأمن معلومات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة