طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

فليكن "الميلاد" ساعةً للحقيقة!
25/12/2023

فليكن "الميلاد" ساعةً للحقيقة!

ليلى عماشا

يحتفل اليوم المسيحيون حول العالم بعيد الميلاد.. في كلّ البيوت التي ينتمي أهلها إلى الديانة المسيحية، اليوم هو يوم عيد. إلّا في فلسطين، مهد النبيّ المسيح وأرض نبوّته.. يستبيح العدوّ حتى الأعياد، ليس فقط في قصفه للكنائس في غزّة، بل في انتهاكه اليومي للحياة وللإنسان على كامل التراب الفلسطيني، أرض المسيحية الأولى.

بالنسبة إلى غزّة، استهدف الصهاينة كنائسها الثلاث: الكنيسة المعمدانية وكنيسة اللاتين وكنيسة القديس برفيريوس.. فالمستشفى المعمداني التي صفعت المجزرة فيه الإنسانية جمعاء بعد أن تجاوز العدوّ كلّ حدود الوحشية والإجرام هو مستشفى ملحق بالكنيسة وقد التجأ إليه الكثير من النازحين المسيحيين والمسلمين على حدّ سواء. أما كنيسة اللاتين فقد أغار على محيطها الطيران الحربي، في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، في أثناء وجود عدد من المصلين بداخلها، وكان قد استهدف قبل ذلك أقدم كنيسة في القطاع، كنيسة القديس برفيريوس ما أدى إلى استشهاد ثمانية عشر شخصًا، منهم عشرة من عائلة واحدة.

إذًا، لا تفرّق الصهيونية المتوحشة بين الأديان، ولا بعد دينيًا للصراع كما يحاول العدو وكل العالم الغربي تصوير الحال، وكأنّه نزاع بين المسلمين واليهود. وفي الضفة والقدس وكلّ الأرض الفلسطينية، يستهدف العدو العرب المسيحيين كما يستهدف المسلمين، يمنعهم من دخول كنيسة المهد أحيانًا تمامًا كنا يمنع المسلمين من دخول الأقصى.

والملفت أن دول العالم التي تدّعي المسيحية لا يرفّ لها جفن إزاء الاعتداءات الصهيونية هذه، وتصرّ على تظهيرها وكأنها مجرد ردود أفعال على "اعتداءات" المسلمين ضد اليهود، في محاولتها المستمرة لتغذية العامل العرقي والديني في صناعة "مظلومية" كاذبة للصهاينة، تحت مسمّى اليهود.

من ناحية أخرى، تسيطر لدى بعض العقول التي نجح الأميركي بإخضاعها وتشغيلها، واستطاع الغرب كلّه استخدام دونيّتها في خدمة أكاذيبه المتمحورة حول تلك المظلومية الوهمية التي أسّست لزراعة كيان لهم في أرضنا. فتنشط هذه العقول في إشاعة الإسلاموفوبيا وربط الارهاب بالمسلمين، والتسويق لفكرة أن الأميركي كما الإسرائيلي، يحارب الإرهاب، أي المسلمين، ويحيّد أهل الديانات الأخرى. وفي ذلك كذب فاضح، فلم يفرّق العدوّ مرّة بين أتباع دين وآخر، سوى بمعيار الولاء له وخدمته.

بكلام آخر، هو لن يحيّد مسيحيًا أو حتى يهوديًا يواجهه ويمنع ظلمه، أو حتى لا يقرّ له، وحتمًا يحيّد مسلمًا يناصره، حتى ينتهي من خدماته، فيتركه معلّقًا على عجلات طائراته حين تحين لحظة الحقيقة. المعيار الوحيد الذي يحكم نظرة الغرب إلينا، نحن أهل هذه البلاد، هو مدى خضوعنا لدعايته ولأدواته: نحن أعداؤه ما دمنا أعزّاء محصّنين بالشرف المقاوم، وما إن نسقط في مستنقعات الخيانة، نتحوّل بالنسبة إليه إلى أدوات يستخدمها حتى تحقيق الغايات منها ثمّ يرميها.

لا أصدقاء له في بلادنا، نحن في عينيه منقسمون إلى فئتين: إما عبيد له وإما أنداد تصارعه، وتغلبه، لأن الحق غلّاب. إذًا، ليخلع العالم كلّه اليوم كذبة المحبة والسلام التي يرتديها قناعًا ولا سيّما في يوم الميلاد، ليكشّر عن حقيقته المنافية لتعاليم السيد المسيح أولًا، وليواجه بصدق ولو لمرّة واحدة في حياته ويقول إنّ له في بلادنا أطماعًا لا تنتهي ولا يمكنه تحقيقها سوى عبر كيان هجين مزروع غصبًا فوق أرضنا، سوى عبر الفتن الطائفية والمذهبية، سوى عبر إخضاع الدول عبر تركيب أنظمة تديرها وفقًا لأمرته..

فليكن، لمناسبة الميلاد صادقًا كما السيّد المسيح الذي يدّعي الانتماء إليه، ويكفّ عن الكذب المتوارث جيلًا بعد جيل.. ليقف كما الرجال ويقول: الصهيونية هي مصلحتي التي سأدافع عنها، وليفهم أن الصراع بيننا وبين كيانه الجاثم على صدر كنيسة المهد والمسجد الأقصى على حدّ سواء، هو صراع وجود: نفنيه أو نفنى! فليكن الميلاد الذي يحتفى به اليوم، ساعة حقيقة يعلن فيها الغرب عن وجهه الحقيقي، عن وجهه الذي شوَه الانسانية وشوَه التعاليم المسيحية وشوّه كل ما يمتّ إلى الأديان السماوية بصلة!

فلسطين المحتلةغزةالمقاومةالكيان المؤقتالميلاد

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
المقاومة الإسلامية في البحرين - سرايا الأشتر تستهدف عمق كيان الاحتلال بالطائرات المسيّرة
المقاومة الإسلامية في البحرين - سرايا الأشتر تستهدف عمق كيان الاحتلال بالطائرات المسيّرة
فيديو: قوات الشهيد عمر القاسم تسيطر على طائرة "كواد كابتر" شرق حي الزيتون
فيديو: قوات الشهيد عمر القاسم تسيطر على طائرة "كواد كابتر" شرق حي الزيتون
مستمرون.. مشاهد من إحدى وحدات التصنيع العسكري التابعة لكتائب المجاهدين
مستمرون.. مشاهد من إحدى وحدات التصنيع العسكري التابعة لكتائب المجاهدين
الوفاء للمقاومة حيّت التحركات الطالبية في جامعات العالم: نجدد التزامنا دعم ونُصرة فلسطين وقضّيتها
الوفاء للمقاومة حيّت التحركات الطالبية في جامعات العالم: نجدد التزامنا دعم ونُصرة فلسطين وقضّيتها
الحراك الطلابي في فرنسا يتوسّع دعمًا لفلسطين
الحراك الطلابي في فرنسا يتوسّع دعمًا لفلسطين
هنية يؤكد للوسطاء على الروح الإيجابية لحماس في دراسة مقترح وقف إطلاق النار
هنية يؤكد للوسطاء على الروح الإيجابية لحماس في دراسة مقترح وقف إطلاق النار
الشرطة الأميركية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا بالقوّة
الشرطة الأميركية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا بالقوّة
شوارع ألمانيا تغصّ بالمسيرات الداعمة لفلسطين 
شوارع ألمانيا تغصّ بالمسيرات الداعمة لفلسطين 
احتجاجًا على قمع اعتصام طلابي.. الآلاف يتظاهرون في نيويورك
احتجاجًا على قمع اعتصام طلابي.. الآلاف يتظاهرون في نيويورك
من الحلم بـ "جبهة" عريضة إلى بيان ضدّ المقاومة: "لقاء معراب" بحثًا عن تعظيم الحضور
من الحلم بـ "جبهة" عريضة إلى بيان ضدّ المقاومة: "لقاء معراب" بحثًا عن تعظيم الحضور
الموسوي: العدو فشل استراتيجيًا وجلّ ما يفعله المزيد من الفشل والتخبط والضياع والخسران
الموسوي: العدو فشل استراتيجيًا وجلّ ما يفعله المزيد من الفشل والتخبط والضياع والخسران
عز الدين: ما كان يشكل حلمًا بات اليوم واقعًا لناحية تحرير فلسطين
عز الدين: ما كان يشكل حلمًا بات اليوم واقعًا لناحية تحرير فلسطين
الكيان مستعد لبحث تعديلات حدودية مع لبنان تجنبًا للحرب
الكيان مستعد لبحث تعديلات حدودية مع لبنان تجنبًا للحرب
الحرب ووهم السلام (2)
الحرب ووهم السلام (2)
استطلاع رأي يظهر غالبية تدعم استقالة نتنياهو وآخرين
استطلاع رأي يظهر غالبية تدعم استقالة نتنياهو وآخرين
"إسرائيل هيوم": مسؤولون صهاينة تواصلوا مع أعضاء بالكونغرس للضغط على المحكمة الدولية
"إسرائيل هيوم": مسؤولون صهاينة تواصلوا مع أعضاء بالكونغرس للضغط على المحكمة الدولية
حزب الله يتحكّم بأغلب قواعد الكيان شمالًا.. أيّ أبعاد؟
حزب الله يتحكّم بأغلب قواعد الكيان شمالًا.. أيّ أبعاد؟
فيديو: احتفالات الكنيسة الكلدانية في العراق تقتصر على المراسم الدينية
فيديو: احتفالات الكنيسة الكلدانية في العراق تقتصر على المراسم الدينية
على هامش الميلاد المجيد.. والجديد
على هامش الميلاد المجيد.. والجديد