طوفان الأقصى

لبنان

الاحتلال يواصل مجازرة في غزة.. وآلة قتله تطال الصحافة في جنوب لبنان
14/10/2023

الاحتلال يواصل مجازرة في غزة.. وآلة قتله تطال الصحافة في جنوب لبنان

لا تزال الأحداث في الأراضي المحتلة تظغى على ما سواها في المنطقة، وبعد أسبوع على بدء عملية "طوفان الأقصى"، استمرت المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة وسط حصار مطبق من كافة الجهات وانتهاكات لكل حقوق الإنسان التي تقرها المواثيق الدولية، حيث ناهزت حصيلة الشهداء أكثر من 1900 بينهم مئات الأطفال والنساء وأعداد كبيرة من الجرحى لا تستطيع المستشفيات أن تقوم برعايتهم.
الهمجية الصهيونية لم يسلم منها لبنان، حيث استهدف العدو بالقصف عدة مناطق حدودية جنوبًا، كما وصلت يد العدوان إلى الصحافة، حيث استهدف الاحتلال بشكل مباشر سيارات لمراسلين ومصورين عند الحدود نتج عنها استشهاد المصوّر عصام العبد الله وجرح 5 آخرين.
ووسط صمت عربي ودولي رسمي، قالت الشعوب كلمتها بالأمس وتضامنت مع القضية الفلسطينية بالنزول إلى الشوارع في أكثر من بلد.


"الأخبار": استشهاد صحافيّ... وحزب الله يتوعّد بالردّ

بقي التوتر مسيطراً على القرى الحدودية أمس، مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية التي وصلت ذروتها مساءً باستهداف العدو صحافيين في بلدة علما الشعب، بقذيفة من دبابة ميركافا في موقع الحمرا، ما أدّى إلى استشهاد مصوّر وكالة «رويترز» الصحافيّ عصام عبدالله، وجرح ستة من مراسلي ومصوّري عدد من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأجنبية العاملة في لبنان، نُقلوا إلى مستشفيات المنطقة وسط استنفار للجيش اللبناني وقوات اليونيفل.

وسبق الاستهداف الإسرائيلي الصحافيين قصف مدفعي إسرائيلي عصراً طاول مناطق حدودية عدة، إثر انطلاق صفّارات الإنذار في الجليل الغربي خشية عملية تسلّل، أعقبها العدو بدعوة سكان مستوطنة حانيتا القريبة إلى الاختباء في منازلهم. وتحدّث المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي عن أضرار لحقت بالسياج الحدودي عند المستوطنة المذكورة بعد وقوع انفجار بجانبه ألحق به «أضراراً طفيفة»، وقال إن وحداته ردّت بقصف مدفعي باتجاه الأراضي اللبنانية، متّهماً «مجموعة فلسطينية» بأنها حاولت التسلّل من دون أن تحقّق هدفها.

وللمرة الأولى منذ بدء التطورات الميدانية في جنوب لبنان ربطاً بعملية «طوفان الأقصى»، قصف العدو الإسرائيلي برج مراقبة غير مشغول للجيش اللبناني في خراج بلدة علما الشعب.
وفي إطار معادلة الرد المتناسب على اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ‏أعلن حزب الله مهاجمة المواقع الإسرائيلية التالية: موقع العباد، موقع مسكفعام، موقع راميا، موقع جل العلام، بالأسلحة المباشرة والمناسبة، مؤكّداً تحقيق إصابات دقيقة فيها.
وتعليقاً على استهداف الصحافيين، أكّد حزب الله في بيان أن «هذه الجريمة النكراء بقتل المواطنين اللبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية، ‏وأيّ اعتداء على أمن شعبنا وسلامة بلدنا لن يمرا دون الرد والعقاب المناسبيْن».

واستدعت عملية الاستهداف للأطقم الصحافية مواقف سياسية ونقابية مُندّدة بالجريمة الإسرائيلية. فسأل رئيس مجلس النواب نبيه بري: «هل يحتاج المجتمع الدولي إلى دليل بأن إسرائيل ومستوياتها السياسية والعسكرية تريد ممارسة إجرامها وعدوانيتها من دون شهود على الحق والحقيقة؟». واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن الاستهداف «وصمة عار جديدة تضاف إلى سجلّ العدو الإسرائيلي الأسود في القتل والعدوان». ووضعت «نقابة الصحافة اللبنانية» هذه المجزرة «التي تضاف إلى المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال والآلة العسكرية الإسرائيلية بدم بارد في لبنان وصولاً إلى قطاع غزة برسم المجتمع الدولي والاتحاد الدولي للصحافة والإعلام والاتصال». ووصفت «نقابة محرّري الصحافة» الاعتداء بـ«الجريمة الموصوفة التي ترقى إلى مصاف جرائم الحرب»، مؤكدةً أن «المنطقة التي كانوا يتواجدون فيها بعيدة من أي موقع عسكري وكانوا اتخذوا كل الإجراءات والتدابير التي تشير إلى هويتهم الصحافية». ودعا «مجلس نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع» الجميع إلى «الضغط لمنع الكيان الإسرائيلي من الاستمرار في استهداف الصحافيين الذين يجب أن يكونوا مُحيَّدين عن أي استهداف». كما صدرت مواقف سياسية مندّدة من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب والقوات اللبنانية وقوى سياسية أخرى.

وشهدت مناطق عدة في بيروت والجنوب والبقاع، أمس، مسيرات وتظاهرات متضامنة مع أهالي غزة، ومستنكرة للمجازر المرتكبة بحقهم. وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال وقفة تضامنية في الضاحية الجنوبية، إن «حزب الله يعرف واجباته جيداً ويتابع خطوات العدو ومتى يحين وقت أي عمل سيقوم به. نحن حاضرون بجهوزية كاملة ونتابع لحظةً بلحظة، ولن تؤثّر الاتصالات التي جرت في الكواليس من أطراف دولية لضمان عدم تدخّلنا في المعركة»، مشدّداً على أنه «لا تهمّنا بوارجكم ولا تُخيفنا تصريحاتكم وسنكون لكم بالمرصاد لتبقى المقاومة... نحن في زمن الانتصارات ولسنا في زمن الهزائم وتوقّعوا كل شيء». ووصف عملية «طوفان الأقصى» بأنها «نتيجة طبيعية لردح كبير من الزمن عاث فيه الصهاينة الفساد في الأرض. وهي عملية تأسيسية ومحطة تاريخية استثنائية ومضيئة ستكون خالدة للمستقبل وستكون معلماً أساسياً لكل المقاومين والأحرار».

 

"البناء": مذبحة غزة مستمرة.. والصواريخ.. واعتداء على الصحافة

شهد العالم استجابة عالية لنداء حركة حماس للشعوب للخروج الى الشوارع دعماً لطوفان الأقصى، ونصرة لغزة بوجه المذبحة المفتوحة ضدها، فكانت التظاهرات المليونية في صنعاء وبغداد، وكانت باريس تكسر قرار المنع وتخرج بعشرات الآلاف، وعمان تشهد لمرة ثالثة حشوداً ضاقت بها الشوارع والساحات، وتسرّب منها مئات النشطاء الى الحدود مع فلسطين المحتلة، حيث اصطدموا بالشرطة لساعات، وفي لبنان وسورية والمغرب وتونس والكويت وسلطنة عمان وقطر خرج المتظاهرون بالآلاف، لكن مشهد صلاة الجمعة في مسجد الأزهر تحوّل الى تظاهرة مساندة لغزة، أشار الى حجم النهوض الشعبي حول المقاومة الذي أطلقته عملية طوفان الأقصى، بينما كانت مدن بريطانيا والمدن الأميركية وعواصم أوروبية عديدة إضافة لكندا وأستراليا، على موعد مع تحركات تضامنية مع غزة. ويمثل هذا النهوض الشعبي العارم عربياً ودولياً، سياقاً تصاعدياً سوف يترك تأثيره على مواقف الحكومات العربية والغربية، ما يضيق هوامش جدار الدعم الذي يرغب الأميركيون بتوفيره وراء كيان الاحتلال.
جدار الدعم الذي تريده واشنطن تفويضاً مفتوحاً بالقتل لبنيامين نتنياهو، كان محور الزيارات التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، الذي تحدّث بوقاحة بلغة تتبنّى وتبرر عمليات القتل الجارية في غزة، بينما كان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، يتحقق من أن لدى جيش الاحتلال ما يحتاجه من سلاح وذخائر وعتاد لمواصلة مذبحة غزة، لكن كلاً منهما لم يستطع إخفاء حجم ضغط قضية الأسرى والرهائن في الرأي العام الأميركي وتقدمها على تقديم الدعم للكيان وحربه على غزة.
في الميدان كانت الطائرات والمدفعية في جيش الاحتلال تواصلان المذبحة، عندما تحدّث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن حرب طويلة، بينما كانت المقاومة تؤكد جهوزيتها للمواجهة عندما تبدأ العملية البرية، بينما تواصل إطلاق الصواريخ على عمق الكيان، وصولاً الى صفد حيث مقر قيادة قوات الشمال في جيش الاحتلال، حيث وصل صاروخ عياش قاطعاً قرابة 200 كلم، فيما كانت جبهة الحدود اللبنانية تشهد مزيداً من الاعتداءات التي يشنها جيش الاحتلال وقد توّجها بعملية استهداف للصحافيين بصاروخ من طائرة أباتشي في منطقة علما الشعب، حيث استشهد مصور وكالة رويترز عصام عبدالله، وأصيب الصحافيان كارمن جو خدار وايلي براخيا من قناة الجزيرة وصحافي من وكالة الصحافة الفرنسية، بينما وجهت المقاومة صواريخها الى مواقع مسكاف عام والعباد في القطاع الشرقي.
وبعد 24 ساعة من الهدوء الحذر على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة، عاد التوتر ليخيم على طول الخط الأزرق بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت عدداً من المنازل في القرى الحدودية.
ودفعت الهيستيريا الإسرائيلية الى القصف العشوائي، حيث استهدفت سيارة فريق عمل وكالة «رويترز» في علما الشعب ما أدى الى استشهاد الصحافيّ عصام عبدالله. وأفادت قناة «المنار» عن استشهاد صحافي وجرح 3 آخرين بعد قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من الصحافيين في علما الشعب، بينهم 3 وكالات أجنبية. وأكّدت القناة نقل الدفاع المدني للجرحى إلى المسشفيات.
كما استهدف القصف الإسرائيلي سيارة فريق عمل قناة «الجزيرة» القطرية، وأعلنت القناة عن إصابة الصحافيين كارمن جوخدار وإيلي براخيا.
وأفاد مصدر أمني لبناني لقناة «الجزيرة»، بأنّ طائرة «أباتشي» إسرائيلية هي التي استهدفت الصحافيين بصاروخ موجّه في علما الشعب جنوبي لبنان.
واستهدف القصف الإسرائيلي محيط بلدة العديسة في القطاع الشرقي جنوبي لبنان. وأفيد بأنّ القبة الحديدية أطلقت صاروخين لاعتراض جسم طائر فوق مستعمرة مسكفعام في القطاع الشرقي، وأحد الصاروخين سقط في أحد أحياء بلدة العديسة وأشعل حريقًا.
في المقابل أعلن «حزب الله« في بيان، أنّ «ردًّا على الاعتداءات الإسرائيليّة عصر اليوم الجمعة على محيط عدد من البلدات اللّبنانيّة الجنوبيّة، قام مجاهدو المقاومة الإسلاميّة بمهاجمة المواقع الإسرائيليّة التّالية: موقع العباد، موقع مسكفعام، موقع راميا، وموقع جل العلام، بالأسلحة المباشرة والمناسبة؛ وحقّقوا فيها إصابات دقيقة».
وأشارت مصادر عسكرية وسياسية لـ»البناء» الى أن الاحتلال الإسرائيلي خرق قواعد الاشتباك مرة جديدة بقصصف أهداف مدنية»، متوقعة أن يبادر حزب الله الى «ردّ يناسب الفعل الإسرائيلي»، مرجحة بأن يطلق الحزب صواريخ على مستوطنات إسرائيلية. لكن المصادر أوضحت بأن القصف والاشتباك المتبادل لا يزال ضمن إطار محدود ومن المستبعد أن ينزلق الى حرب واسعة النطاق على الأقل في الوقت الراهن، إذ لا مصلحة لـ»إسرائيل» بتوسيع مساحة الحرب على جبهات عدة لا سيما الجبهة الجنوبية مع حزب الله التي تعرف حجم التداعيات التي ترتبها لا سيما في ظل خوض جبهة مع قطاع غزة وقد تفتح جبهات أخرى داخل فلسطين، مثل الضفة الغربية وأراضي الـ48 والقدس. ولذلك تكثف الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الضغوط على الحكومة اللبنانية للضغط على حزب الله لكي لا يفتح الجبهة الجنوبية، ما يعكس حجم الخوف والقلق الإسرائيليين من حزب الله. ولفتت المصادر الى أن المدمرات وحاملة الطائرات الأميركية لن ترهب حزب الله وايران ولن تستطيع تغيير المعادلة باستثناء بعض الدعم المعنوي والنفسي للكيان الإسرائيلي المصدوم والمفجوع بالضربة النوعية والتاريخية التي تلقاها السبت الماضي.
وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الى أنه «لا تهمنا بوارجكم ولا تُخيفنا تصريحاتكم وسنكون لكم بالمرصاد لتبقى المقاومة»، مشدداً على أن «حزب الله يعرف واجباته جيداً ويتابع خطوات العدو ومتى يحين وقت أي عمل سيقوم به».
لفت قاسم، من أمام مجمع المجتبى خلال الاعتـصام التضامني مع غزة في الضاحية الجنوبية، الى أن «عملية طوفان الأقصى ناجحة بكل المعايير وهي عملية تأسيسية ومحطة تاريخية استثنائية ومضيئة ستكون خالدة للمستقبل وستكون معلما أساسيا لكل المقاومين والاحرار».
في غضون ذلك، جال وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان على المسؤولين اللبنانيين والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي. وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع الإقليمية والدولية، والتطورات الأخيرة في جنوب لبنان وغزة. وفي خلال اللقاء، اكد رئيس الحكومة «ضرورة بذل كل المساعي الدبلوماسية من قبل جميع الاطراف لوقف ما يجري من أحداث في غزة وحماية لبنان».
بدوره حذر الوزير الايراني «من امتداد الأحداث الجارية في غزة الى مناطق أخرى في المنطقة، اذا لم يوقف نتنياهو حربه المدمّرة ضد القطاع، وأن ما قامت به حركة حماس كان رداً على سياسة نتنياهو وجرائم إسرائيل». أضاف: «المهم بالنسبة إلينا هو أمن لبنان والحفاظ على الهدوء فيه، وهذا هو هدف زيارتي، واقترح عقد اجتماع لقادة المنطقة للبحث في الأوضاع».
كما التقى عبداللهيان في عين التينة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قبل ان يتوجه الدبلوماسي الى دمشق للقاء نظيره السوري علي المقداد.
وأكد عبد االهيان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب «أن ما نشهده اليوم في غزة هو جرائم حرب يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الأطفال والنساء الفلسطينيين». وأشار الى «اتفاق بين لبنان وإيران لضرورة الوقف العاجل لجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني الأعزل». وأعلن ان «إيران دعت وأبدت استعدادها لاجتماع استثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في طهران». من جهته، قال وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ان «لبنان لم يكن يوماً يرغب بالحرب أو يسعى اليها ونحذر من ان استمرار التصعيد سيُشعل المنطقة ويهدد الأمن والسلم فيها».
وأشارت أوساط سياسية لـ«البناء» الى أن «زيارة الوزير الايراني تأكيد على دعم إيران لحكومات وحركات المقاومة في المنطقة لا سيما المقاومة الفلسطينية، ورسالة ايضاً للإسرائيليين بأن إيران لن تسمح بالاستفراد بالمقاومة في فلسطين»، كما لفتت المصادر الى أنها «رسالة للأميركيين بعد التهديدات وإرسال المدمرات بأن إيران ومحور المقاومة لن يخشوا أي تهديد ولا أي بارجة أو مدمرة».
وأفيد أنّ وزيرة الخارجيّة الفرنسية كاترين كولونا تزور لبنان، في جولة على دول في المنطقة وتشمل «إسرائيل»، الأردن ومصر، تأكيدًا على عدم تدهور الوضع الأمني في المنطقة وعلى إجراء مفاوضات سلام.
وأطلق ميقاتي سلسلة مواقف حيال التطورات الأمنية في الجنوب، فلفت الى «أنّنا نسعى لإبقاء لبنان بعيدًا عن الحرب أو عن أيّ حالة من عدم الاستقرار»، مشيرًا إلى «أنّني لمستُ الواقعيّة والعقلانيّة عند «حزب الله«، وهمّنا الأساسي كحكومة أن يبقى الاستقرار في لبنان دائمًا، لكنّني لم أحصل على ضمانة من أحد لأنّ الظّروف متغيّرة باستمرار».
وشدّد، في تصريح تلفزيوني، على «أنّنا ملتزمون بالقرار الدولي 1701، والجيش اللبنانيّ متواجد على الخطوط الأماميّة في جنوب لبنان، ونتمنّى أن يدوم الاستقرار»، مكرّرًا أنّ «همّنا الأساسي أن يبقى لبنان مستقرًّا. عاطفيًّا، نحن مع أهلنا في فلسطين، وواقعيًّا يهمّنا الاستقرار في لبنان».
ولفت ميقاتي إلى أنّ «في الأيّام الثّلاثة الأولى من انطلاق عمليّة «طوفان الأقصى»، كان الجميع يطلب من «حزب الله» أن يضبط النّفس. لكن في الأيّام الثّلاثة الأخيرة، أكّدنا أنّ «إسرائيل» يجب أن تتوقّف عن استفزاز الحزب»، معلنًا «أنّني أقوم بواجبي كاملًا لحماية لبنان والدّولة اللّبنانيّة».
وشدّد على أنّ «قرار السّلم والحرب ليس بيدي ولا بيد الحكومة، ولكنّني أقوم بمسعى مع كلّ الفاعليّات لعدم جرّ لبنان إلى الحرب»، معربًا عن أمله أن «يتوقّف إطلاق النّار بين «حزب الله» و»إسرائيل»، لتمرّ هذه الغيمة عن لبنان».
ولاقت الهمجية الإسرائيلية باستهداف طاقم صحافي في علما الشعب حملة استنكار واسعة، فيما اكتفى البيت الأبيض، بالإشارة في بيان إلى «أننا اطلعنا على تقارير بمقتل صحافي في «رويترز» وإصابة صحافيين بقناة «الجزيرة» ووكالة الصحافة الفرنسية في جنوب لبنان». ولفت إلى أنّ «العمل الذي يقوم به الصحافيون محفوف بالمخاطر وحادث اليوم (أمس) يذكّر بذلك»، مشيرًا إلى «أننا نأمل أن يتماثل الصحافيون المصابون للشفاء العاجل».
في المواقف الداخلية، تساءل الرئيس بري: «هل يحتاج المجتمع الدولي إلى دليل، بأنّ «إسرائيل» ومستوياتها السّياسيّة والعسكريّة يريدان ممارسة إجرامهما وعدوانيّتهما من دون شهود على الحقّ والحقيقة؟». وقدّم «أحرّ التّعازي للإعلام الدّولي والعربي واللّبناني ولذوي الشّهيد، باستشهاد المصوّر في وكالة «رويترز» عصام العبدالله، والشّفاء العاجل للإعلاميّة في قناة «الجزيرة» كارمن جوخدار وزميلها المصوّر إيلي براخيا».
بدوره، أكّد الرئيس ميقاتي، أنّ «استهداف العدو الإسرائيلي الصّحافيّين مباشرةً، في عدوانه المستمرّ على الأراضي اللّبنانيّة، وصمة عار جديدة تضاف إلى سجلّه الأسود في القتل والعدوان».
ودانت العلاقات الإعلامية في حزب الله، «الجريمة النكراء التي أقدم عليها العدو ‏الصهيوني باستهداف عدد من الإعلاميين على الحدود اللبنانية أثناء قيامهم بتغطية ‏الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ما أدى إلى استشهاد الزميل الصحافي عصام ‏العبد الله وإصابة عدد منهم». ولفت إلى أنّ «ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي هو استكمال لعدوانها الإجرامي على ‏المؤسسات الإعلامية في غزة وتدمير مقارّها ومراكزها وقتل عدد كبير من ‏العاملين فيها، بهدف منع نقل الجرائم وصور العدوان الوحشي على المدنيين ‏والأبرياء». وتقدمت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» من «وكالة رويترز في لبنان، ومن قناة الجزيرة، ومن وكالة الصحافة ‏الفرنسية في لبنان، ومن سائر الإعلاميين الأحرار ومن عائلة الشهيد المظلوم ‏عصام العبد الله بالتعازي، ونسأل الله أن يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل». ‏

 

"اللواء":  همجية الإحتلال تستهدف الإعلاميِّين.. وإدانة واسعة لإغتيال عصام عبد الله

قبل أن يكتمل الأسبوع على اندلاع الحرب في غزة وغلافها بين حركة «حماس» والفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال الاسرائيلي، سجَّل التوتر في الجنوب، اشتباكين مباشرين: الأول في اليوم التالي للحرب، والثاني يوم امس، إذ أكَّد حزب الله بعد ردّ مباشر على مواقع اسرائيلية، بعد قصف علما الشعب، واستهداف الصحافيين، وسقوط المصور في وكالة «رويترز» عصام عبد الله (من بلدة الخيام) شهيداً، ان أي «اعتداء على أمن شعبنا وسلامة بلدنا لن يمر دون الرد والعقاب المناسبين» واصابة 6 مراسلين آخرين بالقصف، واصابة بعضهم خطيرة، والذين استهدفوا بصاروخ من طائرة اباتشي أصاب سيارتهم.
وفي حين عزّا البيت الابيض بالشهيد عبد الله، طالب المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي بجمع المزيد من المعلومات بشأن مقتل واصابة صحفيين في لبنان، وسط حملة ادانة لبنانية وعربية ودولية واسعة لاقدام الاحتلال على استهداف تجمع للموفدين الصحافيين العاملين في وسائل اعلام محلية وعربية ودولية.
كما ادانت لجنة حماية الصحافيين الدوليين القصف الذي تعرض له هؤلاء في جنوب لبنان.
وكان حزب الله استهدف مواقع العباد ومسكفعام ورامية وجلّ العلم بالأسلحة المباشرة والمناسبة وحقق إصابات دقيقة.
والأبرز، دبلوماسياً، كانت المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان، مع كل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والتي تركزت على تطور الحرب في غزة، وما يجري عند الحدود اللبنانية- الاسرائيلية، والردّ الذي تولاه حزب الله بين الوقت والآخر.
واعتبر بوحبيب ان استمرار التصعيد واجتياح غزة سيشعل المنطقة بأسرها، وتخوف من الوقوع في حرب إقليمية ما لم يتم وضع ضغط غربي وعربي على اسرائيل، لوقف أعمالها العدوانية في غزة.
ولاحظ عبد اللهيان اتفاقاً في وجهات النظر حول ضرورة الوقف العاجل لجرائم الحرب التي يرتكبها نتنياهو، مشيراً الى انه اذا كانت اميركا معنية بعدم توسع الحرب في المنطقة، فإنه يتعين عليها لجم اسرائيل.
ووصفت مصادر سياسية الاتصالات والمساعي التي جرت مع حزب الله في الساعات الماضية، بين الحكومة وحزب الله، لتجنب الانجرار الى مواجهة مع العدو الاسرائيلي الذي يصعد الموقف على الحدود اللبنانية، بقيت في اطار التمنيات، ونقل رسائل التحذير التي ابلغتها نقلا عن سفراء الدول الكبرى والمؤثرة على الساحتين الاقليمية والدولية، فيما لم تتبلغ اي رد على هذه الرسائل، او اي مواقف محددة تلتزم بمقتضيات الحفاظ على التهدئة وتجنب اي ردود فعل قد تنعكس سلبا على سلامة وامن لبنان واستقراره.
واشارت المصادر الى ان المسؤولين اللبنانيين الذين التقوا وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان، شددوا على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان في هذا الظرف بالذات، والابتعاد عن كل ما يؤدي الى استغلال الساحة اللبنانية في المواجهة المحتدمة حاليا في قطاع غزة، والاعتداءات الإسرائيلية غير المسبوقة التي باتت تهدد بكارثة لايحمد عقباها.
وكشفت المصادر ان المسؤولين اللبنانيين لم يتلقوا اي ضمانات او تعهدات من وزير الخارجية الايراني تطمئن  بالتدخل  لمنع انزلاق لبنان إلى الحرب الدائرة في غزة ، ولخصت ما سمعته من الوزير الايراني بأنه في معظمه كان كلاما ديبلوماسيا، تخلله  مجاملات وحرص على مصلحة لبنان واستقراره، ولكنه تضمن قلقا ايرانيا ملحوظا جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية والدولية التي لم يسبق  لها مثيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، الامر الذي يتطلب تشابك القوى لمواجهته.
وفي الإطار الدبلوماسي، تزور وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا لبنان، الاسبوع المقبل، من ضمن جولة شرق اوسطية، تشمل اسرائيل ودول اخرى في المنطقة.
وفي المعلومات أيضاً، ان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان سيزور بيروت، بهدف إظهار الدعم للبنان في مواجهة أية محاولات لزعزعة استقراره.
واليوم، يجتمع النواب السنّة في دار الفتوى بدعوة من المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، للبحث في ما يمكن فعله لنصرة غزة وأهملها.
وفي السياق إياه، طالبت الهيئات الاقتصادية الحكومة الإمساك بالملف الوطني، وناشدت الهيئات الاقتصادية «كل المعنيين لتحييد لبنان عن الراع القائم»، داعية «القوى السياسية الى تحمل مسؤولياتها الوطني كاملة ونبذ الخلاف والإلتقاء لمنع الإنزلاق الى المجهول».
وسارت تظاهرات غاضبة في بيروت، كما في عواصم عربية، دعماً لغزة والمقاومة، ابرزها التظاهرة التي انطلقت من ساحة البربير الى وسط بيروت امام جامع محمد الأمين.
وفي تجمع حاشد في الضاحية الجنوبية، أكد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم جهوزية حزبه «متى يحين وقت أي عمل» للتحرك ضد إسرائيل دعمًا للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس. وقال قاسم خلال تظاهرة دعا إليها حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت «حزب الله يعرف واجباته تمامًا ونحن حاضرون وجاهزون بجهوزية كاملة ونتابع لحظة بلحظة»، مضيفًا: «نحن كحزب الله نساهم في المواجهة وسنواجه فيها ضمن رؤيتنا وخطتنا، نتابع خطوات العدو ولدينا جهوزية كاملة، ومتى يحين وقت أي عمل سنقوم به».
واقتصادياً ايضاً، وفور تبلغه بموقف شركة توتال التي تولت الحفر في البلوك رقم 9، بأنها اوقفت الحفر في البلوك المذكور، بعدما وصلت الى عمق 3900م تحت قعر البحر، ولم تجد سوى الماء، توجه وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض مع اعضاء في هيئة ادار قطاع البترول الى المنصة التي تحفر، وعاين الوضع على الأرض.

 

"الجمهورية": توتر على الحدود.. عبد اللهيان: حضرتُ للتهدئة.. «حزب الله»:سنواجه حسب خطتنا

إسرائيل ماضية في حربها التدميريّة على قطاع غزة، واجتمعت مستوياتها السياسية في حكومة طوارىء لهدفٍ مُعلن هو تصفية حركة «حماس»، مُودِعة تِبعاً لذلك، رصيداً اضافياً في بنك الاحتمالات الدراماتيكية التي تلوح في أفق منطقة الشرق الاوسط برمتها.

واذا كانت دول المنطقة قد انقسمت بين مُنخرطة سراً او علناً مع الحشد الدولي الداعم لإسرائيل الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية في ما تعتبره حقّها في الدفاع عن نفسها، وحربها ضد حركة «حماس»، أو منخرطة في المحور الداعم لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة العدو وتحرير أرضه، فإنّ لبنان يواكب هذه الحرب بأعصاب مشدودة، وتتجاذبه مخاوف متزايدة على كلّ المستويات من أن تتدحرج كرة النّار إليه، في الوقت الذي يعاني فيه فقدان الحد الأدنى من المناعة والتحصين الداخلي والقدرة على تحمّل ما قد يتأتى عن هذا الاشعال.


فالحدود الجنوبية خاضعة لما يبدو انها لعبة مدّ وجزر، وتتأرجح بين الهدوء والتوتر، أمّ العمليّات الحربية على الحدود الجنوبية فقد حافظت على وتيرتها المحدودة نسبياً، مُرخية على المنطقة حالاً من التوتر الشديد، تفاقمه تعزيزات عسكريّة في المستوطنات، التي تبدو فيها حركة المستوطنين شبه معدومة. في وقت افيد فيه بأن قوات «اليونيفيل» تواصل اتصالاتها مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي لتجنّب اي خطوات تساهم في تأجيج التوتر وتدهور الوضع على الحدود.

إتصالات لتلافي التفجير
وبالتوازي مع تأكيد لبنان الرسمي على اولوية الاستقرار الامني، والسعي لتجنيب لبنان تداعيات ما يحصل، وعلى الالتزام بمندرجات القرار 1701، والتشديد على دور الجيش في حماية الامن والاستقرار، والتعاون مع قوات اليونيفيل، تتوالى الإتصالات من اكثر من مستوى دولي وتشدّد على القيادات المسؤولة العمل على إبقاء لبنان بمنأى عن الحرب الدائرة في غزة وعدم الإنخراط فيها، وضمن هذا السياق تحرّك الأميركيّون في اتجاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ووفق معلومات «الجمهورية» تلاهم مسؤولون في الامم المتحدة، وكذلك الفرنسيون الذين تحركوا على اكثر من مستوى داخلي مشددين على تجنّب اي خطوة من شأنها أن تمدّد ما سمّاه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون النزاع الدائر في المنطقة، الى لبنان. وضمن هذا السياق، تندرج زيارة مرتقبة لوزير الخارجية التركية هاكان فيدان الى بيروت قبل نهاية الاسبوع المقبل، يُرجّح ان تحصل يوم الخميس.

الحزب: سنواجه ضمن خطتنا
الواضح الوحيد هي «حرب الدمار الشامل» التي تسعى اسرائيل من خلالها الى تحويل قطاع غزة الى ما يشبه «مقبرة جماعية»، فيما باقي الجبهات المصنّفة من ضمن المحور الداعم للمقاومة، تُجمع القراءات والتحليلات على ضعف احتمالات اشتعالها، ما خلا جبهة الجنوب اللبناني التي باتت على درجة عالية من الغموض القلق، مما تخبئه الأيام المقبلة من تطورات فيها، سواء من الجانب الاسرائيلي الذي دفع بتعزيزات عسكرية كبيرة الى المستوطنات القريبة من الحدود، واتبعها بإعلان مستوطنة المطلّة منطقة عسكرية، أو من قبل «حزب الله» الذي اعلن مع بداية الحرب على لسان رئيس مجلسه التنفيذي السيد هاشم صفي الدين انه ليس على الحياد في هذه المعركة، واستهدف بالقصف مواقع عسكرية اسرائيلية، ويمارس في الوقت ذاته تعتيماً كاملاً حول ما قد يُقدم عليه، تبعاً لتطورات الميدان في غزة.

وضمن هذا المنحى جاء اعلان نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، امس، انّ «حزب الله» معني بمعركة المقاومة ونحن مؤيدون لمعركة «طوفان الأقصى» ونفتخر أنّ «في أمتنا شعبا فلسطينيا مضحيا وحرا وشريفا». وقال خلال تظاهرة نظمها الحزب في الضاحية دعماً لغزة: «حزب الله» يعرف واجباته تمامًا، ونحن حاضرون وجاهزون بجهوزية كاملة ونتابع لحظة بلحظة، ولن تؤثر الاتصالات التي جرت في الكواليس من أطراف دولية لضمان عدم تدخلنا في المعركة».
وتوجه الى الاسرائيليين بالقول: نحن في زمن الانتصارات ولسنا في زمن الهزائم وتوقعوا كل شيء». واضاف: «نحن كـ»حزب الله» نساهم في المواجهة وسنواجه فيها ضمن رؤيتنا وخطتنا، نتابع خطوات العدو ولدينا جهوزية كاملة، ومتى يحين وقت أيّ عمل سنقوم به». واكد أن «عمليّة «طوفان الأقصى» كشفت أنّ إسرائيل ضعيفة»... وتوجّه الى داعمي اسرائيل قائلاً: «لا تهمّنا بوارجكم ولن تخيفنا أسلحتكم وسنكون لكم بالمرصاد وسنواجه لتبقى المقاومة».

مخاوف
واذا كانت التطورات الميدانية التي شهدتها منطقة الحدود في الأيام الأخيرة، والتراشق المتبادل بين الجيش الاسرائيلي و»حزب الله» سواء بين المواقع العسكرية أو ما تسمّى «المناطق المفتوحة»، لم تخرج عن انضباط الجانبين ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها بينهما منذ حرب تموز في العام 2006، ما بَدا كأنه اعلان غير مباشر من قبلهما بعدم الرغبة في الذهاب الى تصعيد اكبر والدخول في مواجهة واسعة، الا انّ القراءات الامنية والسياسية تتقاطع عند اعتبار منطقة الحدود على درجة عالية من الهشاشة الامنية القابلة للاشتعال وتجاوز تلك القواعد، فأمن الحدود بات معلّقاً بشعرة رفيعة على الحدود مهددة بأن تنقطع مع بروز ايّ تطور غير عادي.

مصدران للاستدراج
وكانت لافتة للانتباه في هذا السياق التأكيدات المتتالية للرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي تمنّى على «حزب الله» التنبّه واحباط اي محاولة لاستدراجه الى الحرب، من ايّ جهة أتت. وقد برز في موازاة ذلك ما ورد في تقرير حول الجبهة الحدودية، أعدّه مركز دراسات استراتيجية، ورد فيه ما حرفيته: «يمكن وصف الوضع بالحذر جداً على الخط الحدودي الممتد من الناقورة في القطاع الغربي الى القطاع الشرقي وصولاً الى مزارع شبعا، وثمة نشاط ملحوظ للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. والعمليات العسكرية التي حصلت بعد عملية «حماس» في ما يسمّى «غلاف غزة»، بَدا جلياً انها كانت في إطار محدود ومحصور، ويستخلص من ذلك عدم وجود رغبة او توجّه الى تجاوز هذا الحدّ.

الا أنّ ذلك لا يلغي الخشية من عوامل اخرى تبدو معها منطقة الحدود في ما يسمّى «هدوء ما قبل العاصفة»، ومن شأنها ان تستدرج أمن الحدود الى الاشتعال من مصدرين: الاول، أن تدخل على الخط من الجانب اللبناني، بعض الجهات خارج اطار المقاومة، والتي اصطلح على تسميتها «مجموعات الصواريخ المشبوهة» وتستهدف عمق المستوطنات الاسرائيلية، وتستدعي عمدا ردا اسرائيليا على عمق البلدات اللبنانية. امّا الثاني، فهو الأخطر، ويتمثّل في ان يغامر العقل الاسرائيلي الجهنمي بأن يعتبر الدعم الدولي الذي حشدته اسرائيل معها بعد عملية حماس، فرصة سانحة لها لإشعال جبهة لبنان ضد «حزب الله»، وهو الامر الذي قد لا تحصر ناره على الحدود، بل قد يأخذ كل المنطقة الى المجهول».

سيناريوهات مخيفة
مضمون هذا التقرير يتقاطع مع مخاوف جدية يُبديها مسؤول كبير، حيث ابلغ الى «الجمهورية» قوله: «هناك جهد كبير يُبذل على اكثر من مستوى خارجي لتجنّب اشعال الجبهة الجنوبية، لكن رغم ذلك، أشعر بقلق كبير، لا بل بخوف عظيم من أن تتدحرج الأمور في أيّ لحظة، خصوصاً انّ اسرائيل في حربها هذه لا تسعى فقط إلى تصفية حركة «حماس»، كهدفٍ أعلنه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، بل إلى فرض قواعد جديدة في المنطقة، وهذا الامر يَنصُبُ أمامنا سيناريوهات مخيفة».

عبداللهيان: حضرتُ للتهدئة

وسط هذه الاجواء، برزت امس زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان الى بيروت، التي تأتي غداة الاتصال الذي وصف بـ»المهم» بين الرئيس الايراني الشيخ ابراهيم رئيسي وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وأجرى عبداللهيان محادثات حول تطورات الوضع في غزة، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب. وكذلك التقى الامين العام لـ»حزب الله» االسيد حسن نصرالله، في حضور مساعد ‏وزير الخارجية الايرانية مهدي شوشتري والسفير ‏الإيراني في بيروت مجتبى أماني. وخَلص اللقاء الى بيان مقتضب جاء فيه انه «جرى استعراض للأحداث والتطورات ‏الأخيرة في المنطقة، خصوصًا بعد عملية «طوفان الأقصى»، كما جرى تقييم الأوضاع والمواقف الدولية ‏والإقليمية والنتائج المحتملة. كذلك حصل التشاور حول المسؤوليات الملقاة على ‏عاتق الجميع والمواقف الواجب اتخاذها تجاه هذه الأحداث التاريخية والتطورات ‏الخطيرة».
ولفت في السرايا الحكومية، اعلان وزير الخارجية الايرانية «انّ المهم بالنسبة إلينا هو أمن لبنان والحفاظ على الهدوء فيه، وهذا هو هدف زيارتي، وأقترح عقد اجتماع لقادة المنطقة للبحث في الأوضاع». الا انه حذّر من امتداد الأحداث الجارية في غزة إلى مناطق أخرى في المنطقة إذا لم يوقِف نتنياهو حربه المدمرة ضد القطاع، معتبراً انّ ما قامت به حركة حماس كان ردًا على سياسة نتنياهو وجرائم اسرائيل».

وفي وزارة الخارجية، قال عبداللهيان بعد اللقاء مع بوحبيب: «كان لدينا اتفاق في وجهات النظر حول ضرورة الوقف العاجل لجرائم الحرب التي يرتكبها نتانياهو بحق المدنيين الفلسطنيين»، مشيراً الى ان «الجانب الاميركي يدعو الاطراف للالتزام بضبط النفس لأنه قلق من توسيع نطاق الحرب، لكن الامر المضحك في هذه المسألة هو انّه في حين توصي أميركا الاطراف بضبط النفس فإنها تسمح للمجرمين في الكيان الصهيوني بقتل المدنيين في غزة».
وقال: «ما نشهده اليوم في غزة هو جريمة حرب يرتكبها الكيان الصهيوني ضد النساء والاطفال والمدنيين». ويمكن تصوّر اي سيناريو اذا لم تتوقف الجرائم في غزة بشكل عاجل. واذا كانت اميركا تسعى الى عدم توسع الحرب في المنطقة فإنه يتعيّن عليها لجم اسرائيل».

هدوء... وتوتر
وكان الوضع على الحدود الجنوبية قد شهد في فترة النهار حالاً من الهدوء، ترافق مع تحركات تضامنية ومسيرات في مختلف المناطق تضامناً مع الشعب الفلسطيني وتلبية لدعوة «جمعة النفير العام» التي وجّهتها «حماس» منذ ايام. الا انّ الوضع شهد توترا ملحوظا في فترة ما بعد الظهر والمساء، تخلله قصف اسرائيل على خراج بلدات العديسة والضهيرة وعلما الشعب. وأفيد عن استهداف موقع العباد الاسرائيلي بالقرب من بلدة حولا، كما استهدف العدو برج مراقبة للجيش اللبناني، واعلن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي عن قصف الاراضي اللبنانية رداً على انفجار عند السياج الحدودي في حنيتا. كما تردّد في هذه الاجواء انّ هناك محاولة تسلل لمسلحين من محيط بلدة علما الشعب واشتباكهم مع قوة اسرائيلية. ونقلت وكالة رويترز ان الجيش الاسرائيلي يحذّر من تسلل مسلحين من القطاع الغربي للحدود مع لبنان.

واعلن «حزب الله» عن مهاجمة المواقع العسكرية في العباد ومسكفعام وجل العلم ورامية بالاسلحة المباشرة والمناسبة وتحقيق اصابات دقيقة. وجاء ذلك ردا على الاعتداءات الاسرائيلية عصر أمس على محيط عدد من البلدات الجنوبية.

إصابة صحافيين
واستهدف القصف الاسرائيلي فرَق الاعلاميين الذين يتولّون تغطية الاحداث في المنطقة، حيث ادى القصف في علما الشعب الى استشهاد صحافي في وكالة «رويترز» يُدعى عصام بسام العبدالله من بلدة الخيام، واصابة 4 صحافيين آخرين بجروح.

بري: اجرام
وعلّق رئيس مجلس النواب نبيه بري على الجريمة التي ارتكبتها قوات الإحتلال الإسرائيلي بحق الإعلاميين في منطقة علما الشعب بالقول: هل يحتاج المجتمع الدولي الى دليل بأنّ إسرائيل ومستوياتها السياسية والعسكرية تريد ممارسة إجرامها وعدوانيتها من دون شهود على الحق والحقيقة؟ أحر التعازي للإعلام الدولي والعربي واللبناني ولذوي الشهيد، باستشهاد المصوّر الصحافي في وكالة «رويترز» عصام العبد الله والشفاء العاجل للاعلامية في قناة «الجزيرة» كارمن جوخدار وزميلها المصور إيلي براخيا، ولسائر الجرحى الذين كانوا برفقتهما من مراسلين ومصوّرين.

«حزب الله» يُدين

وأصدرت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» بياناً أدانت فيه «الجريمة النكراء التي أقدم عليها العدو ‏الصهيوني بإستهداف عدد من الإعلاميين على الحدود اللبنانية أثناء قيامهم بتغطية ‏الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان ما أدى إلى إستشهاد الزميل الصحافي عصام ‏العبد الله وإصابة عدد منهم». ‏
واعتبرت أن ما أقدمت عليه قوات الإحتلال الإسرائيلي هو إستكمال لعدوانها الإجرامي على ‏المؤسسات الإعلامية في غزة وتدمير مقرّاتها ومراكزها وقتل عدد كبير من ‏العاملين فيها بهدف منع نقل الجرائم وصور العدوان الوحشي على المدنيين ‏والأبرياء.
وجاء في البيان : إننا نتقدم من وكالة «رويترز» في لبنان، ومن قناة الجزيرة، ومن وكالة الصحافة ‏الفرنسية في لبنان، ومن سائر الإعلاميين الأحرار ومن عائلة الشهيد المظلوم ‏عصام العبد الله بالتعازي، ونسأل الله أن يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل. و ‏إننا نطالب جميع المؤسسات الإعلامية والإنسانية والقانونية بإدانة العدوان ‏الصهيوني على لبنان وإدانة الانحياز الصارخ والأعمى لمؤسسات ما يسمى بالعالم ‏الحر إلى جانب القتلة والمجرمين والمعتدين». ‏
واكد البيان «أن هذه الجريمة النكراء بقتل المواطنين اللبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية ‏وأي اعتداء على أمن شعبنا وسلامة بلدنا لن يمر دون الرد والعقاب المناسبين».

الإقتصاديون يحذّرون
وسط هذه الاجواء، حذرت الهيئات الاقتصادية، في بيان امس، من «أن لبنان الذي يرزح منذ 4 سنوات تحت وطأة أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة أكلت الأخضر واليابس، لا يمكنه على الإطلاق تَحمّل حصول حرب جديدة على أرضه». ولفتت الى أن «لبنان اليوم مُنهك على مختلف المستويات، والدولة شبه مفككة ومتحللة ومفلسة في ظل فراغ رئاسي وشلل حكومي ونيابي وانقسام واشتباك حاد بين القوى السياسية وأزمات كارثية تطال كل الجوانب الحياتية وليس آخرها عبء النزوح السوري، فيما فاتورة الحرب كبيرة وباهظة الثمن، ولبنان لا يقوى على تحمّلها بتاتاً في الظل الظروف التي تَحكُم المرحلة الراهنة، والتي تختلف كلياً عن مرحلة العام 2006».

غزةالصحافة

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة