طوفان الأقصى

لبنان

جسّ النبض للتمديد لسلامة مستمرّ.. ومخاوف من خضّات نقدية
08/07/2023

جسّ النبض للتمديد لسلامة مستمرّ.. ومخاوف من خضّات نقدية

تعيش البلاد تحت تأثيرات القرار الذي أعلنه نواب حاكم مصرف لبنان منذ أيام قليلة وتلويحهم بالاستقالة الجماعية في حال لم يتم تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي، ما يطرح تساؤلات حول مصير الهدوء النسبي الذي تشهده الساحة المحلية على صعيد سعر صرف الدولار مقابل اللليرة اللبنانية وما لها من ارتدادات سلبية على يوميات المواطنين.
ومع اقتراب آخر الشهر، موعد انتهاء ولاية رياض سلامة رسميًا، تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تقوم به السلطة السياسة من إجراءات للخروج من هذه الأزمة المعقّدة، والتي تنذر بأزمة غير مسبوقة قد تؤدي إلى خراب كبير في نهاية المطاف، بحال تركت الأزمة النقدية دون حلول.

 

"البناء": جسّ النبض للتمديد لسلامة مستمرّ

لا تزال الساحة الداخلية تحت تأثير قرار نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة التلويح بالاستقالة الجماعية بحال لم يتم تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي قبل نهاية ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة في 31 الشهر الحالي.
وعلمت «البناء» أن تهديد نواب الحاكم حرّك قنوات الاتصال بين المقار الرئاسية والقوى السياسية لا سيما بين عين التينة والسراي الحكومي على أن تفتح أبواب الحوار مع المرجعيات السياسية والروحية المسيحية لمحاولة التفاهم على مخرج للمأزق المتمثل بالفراغ في حاكمية مصرف لبنان.

ولفتت أوساط سياسية الى أن «موقف نواب الحاكم فتح المجال على كافة الاحتمالات من بينها الفراغ في الحاكمية في حال تعذر تعيين حاكم جديد والتمديد للحاكم الحالي»، وكشفت الأوساط لـ»البناء» أن «نواب الحاكم شعروا بخطورة الموقف وتيقنوا من صعوبة تعيين حاكم جديد واطلعوا على التقارير الدولية التي تقيم الوضع المالي والاقتصادي في لبنان وآخرها تقرير صندوق النقد الدولي وشعروا بأن الأوضاع ستذهب الى مزيد من الانهيار والانفجار الاجتماعي في أول شهر آب المقبل، لذلك استشعروا خشية من تحملهم لمسؤولية ما قد يحصل».

إلا أن مصادر نيابية انتقدت تهرُّب نواب الحاكم من مسؤوليتهم، رغم وجود قانون واضح يفرض على نائب الحاكم الأول تسلّم صلاحيات الحاكم وتساءلت: «لماذا لم يتخذ نواب الحاكم أي موقف أو خطوة خلال العامين الماضيين إزاء كل البيانات التي أصدرها مصرف لبنان لا سيما المتعلقة بأموال المودعين وبسعر صرف الدولار والتلاعب بالعملة الوطنية وفرض هيركات على أموال المودعين، كما وقفوا متفرّجين تجاه إقفال المصارف في وجه المودعين وتهريب الأموال الى الخارج للنافذين في الدولة».

وفي سياق ذلك، برز موقف تصعيدي لنائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي لفت إلى أن «البيان استوقفني عند نقطتين مثيرتين للتساؤل: أولاً، التهديد بالاستقالة الذي ينطوي عليه البيان خطير للغاية في هذا المنعطف الحرج والوقت العصيب الذي يمرّ به البلد. يشير البيان الى المادة 18 من «قانون النقد والتسليف» التي تنص على آلية تعيين حاكم جديد في حال شغور هذا الموقع، ولكن في الوقت نفسه يتجاهل المادة 25 التي تقول بوضوح شديد على أن يتولى النائب الأول للحاكم مسؤولية الحاكم عند الشغور. ولا يمكن أن ننتقي ونختار من القانون ما نشاء. ثانيًا، إن القول بعدم وجود خطة إنقاذ حكومية أمر صادم نظرًا لوجود هذه الخطة ولأن مصرف لبنان كمؤسسة كان جزءًا من الفريق الذي شارك في إعدادها ومناقشها والاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي. نعم، نحن بحاجة إلى حاكم جديد لمصرف لبنان، لكن على نواب الحاكم تحمل مسؤوليتهم في حالة تعذر هذا التعيين».

وكشفت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سيجري مروحة اتصالات مع القوى السياسية لمحاولة تأمين مظلة تفاهم سياسيّ على تعيين حاكم مركزي جديد»، ولفتت الى أن نواب الحاكم رموا الكرة في ملعب المرجعيات المسيحية السياسية والروحية المعنيين بمنصب الحاكمية، ووضعهم أمام خيارين: إما تزكية اسم حاكم للمركزي يتمّ تعيينه في مجلس الوزراء أو الإسراع في الانخراط بتسوية مع الشركاء الآخرين على اسم رئيس الجمهورية وإنهاء الشغور الرئاسي وتأليف حكومة جديدة وإعادة عجلة المؤسسات وحينها يسهل ملء كل الشواغر في المواقع العليا بطريقة عبر حكومة أصيلة وشرعية ودستورية وإلا يبقى الحل الأخير بأن يستقيل نواب الحاكم وترفض الحكومة استقالتهم وتكلفهم بتصريف الأعمال في الحاكمية ريثما يتم تعيين حاكم جديد».

وكشف رأي مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس عن «تحرك لرئيس الحكومة خلال الأسبوعين المقبلين للحوار مع الأفرقاء للوصول إلى مخرج». وأضاف: «هناك مخارج متعددة منها التعيين أو تسليم النائب الأول للحاكم، وإذا لم يتم التوافق على المخرجين المطروحين فهناك مخرج جديد سوف يُدرس». واعتبر نحاس أن «من المبكر اقتراح التمديد للحاكم الحالي، لافتًا إلى «درس آلية جديدة تعطي الثقة للمصارف والمؤسسات». وعما إذا كان القرار بتعيين حاكم جديد سيتخطى الاعتراضات، قال نحاس إن «الموضوع ليس موضوع تحدٍّ والموقع أساسي يتخطى المصالح السياسية، مشددًا على اولوية التوافق في هذا الملف»، محذرًا من «مسار غير مطمئن في حال عدم حدوثه».
على صعيد آخر، لا جديد رئاسياً في ظل ترقب عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان لإعادة تحريك المبادرة الفرنسية، وشهدت السفارة السعودية في بيروت أمس لقاءً مطوّلاً جمع عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب ملحم الرياشي والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري.

من جانبه، رأى رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك أنه «يجب الخروج من هذا الضياع والواقع المأسوي بصحوة ضمير ووقفة مسؤولة». ودعا إلى «المبادرة للخروج من الفراغ الذي لم يعُد يطاق، باللقاء والحوار والتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية حتى تنتظم المؤسسات وتمسك الدولة بزمام أمرها». وأضاف «ها هو العدو الإسرائيلي يقتطع أرضنا في الغجر بضرب سياج عليها وضمّها، مع إقرار الأمم المتحدة بأن الأرض هي أرض لبنانية، متجاوزاً سيادة لبنان وقرارات الأمم المتحدة فضلاً عن انتهاكاته الأخرى بتحريك جرافات وجرف أرض زراعية لبنانية، فالمطلوب من الحكومة والشعب اللبناني العمل الجاد بالطرق القانونية وبالإلحاح على المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوضع حد لهذه الانتهاكات».

إلى ذلك، وبموجب التحقيقات التي تجريها قاضية التحقيق الاول في الشمال سمرندا نصار مع فريق الأدلة الجنائية فيما خصّ حادثة القرنة السوداء ومقتل شابين من بشري، أفيد أنه تم تحديد مكان وفاة هيثم طوق والمسافة التقريبية التي أُطلقت منها الرصاصة عليه والتي هي نحو 160 إلى 170 متراً تقريباً. أيضاً، تمّ تحديد نوع السلاح المستخدم في مقتل هيثم طوق، كما أنه عُثر على عدة طلقات في النقطة التي كانت مجموعة شباب بشري موجودة فيها، بالإضافة إلى طلقات نارية في النقطة التي تم إطلاق النار منها على هيثم. وأشارت المعلومات الى تعرض هيثم ورفاقه الى طلقات قليلة قتلت هيثم استدعت رداً من شباب بشري الذين تم تحديد نوع السلاح الذي كان بحوزتهم. كما علم، أنّه تمّ العثور على سبعة متاريس مصنوعة من حجر في التلال المحيطة كما تم توثيق متاريس في التلال الأبعد. وكل هذه المعطيات تنتظر صدور نتائج الفحوص في المختبرات. كما أفيد أن مروحيات الجيش واصلت صباح اليوم أعمال الدورية والمراقبة الجوية لمنطقة القرنة السوداء وجرود المكمل المجاورة للقرنة، وسط تدابير مشدّدة يُنفّذها الجيش في القرنة ويمنع من خلالها الوصول إلى أماكن محدّدة كتدبير احترازي بعد الحادثة الأخيرة.

 


"الأخبار": النواب الأربعة يستعدّون للاستقالة بعد أسبوع: ليشرّع المجلس قانوناً يمنحنا التغطية القانونية

يتّجه نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين والكسندر مراديان، إلى مزيد من الخطوات في حال لم يظهر خلال الأسبوع المقبل أي حل مناسب من قبل السلطات الدستورية. وعلمت «الأخبار» أن النواب الأربعة يدرسون إصدار بيان ثانٍ بعد نحو عشرة أيام، يعلنون فيه الخطوات التي يعتقدون أنها المناسبة ربطاً بما سيحصل من تطورات خلال الفترة الفاصلة.

وبحسب المعطيات، فإن التواصل بين المراجع المعنيين والنواب الأربعة لم يحصل بطريقة تشير إلى نضوج العلاج، وإن نواب الحاكم أبلغوا من يهمّه الأمر، بأن موقفهم يرتبط أساساً باختلافاتهم التي لم تخرج إلى العلن مع سلامة نفسه. ونُقل عنهم أن محاضر جلسات المجلس المركزي لمصرف لبنان سرية، ولكن من يتاح له الاطّلاع عليها، يعرف أن الخلافات مع سلامة كبيرة جداً.

وقال مصدر مطّلع على المداولات إن البيان الذي صدر لا يستهدف إحراج السلطات الدستورية فقط، بل يستهدف سلامة نفسه، وللقول بأن فكرة التمديد له أو الاستعانة به كمستشار في المرحلة الانتقالية هي أمر مرفوض من قبلهم، وأن خلافاتهم تتجاوز النقاش حول منصة «صيرفة» بل تشمل كل آلية العمل واتخاذ القرارات وكيفية التعامل مع السوق النقدية. وأوضح المصدر أن النواب الأربعة يشعرون بالضغط جراء الوضع الذي وصل إليه مصرف لبنان بعد الادّعاء عليه أو توجيه الاتهامات إلى الحاكم من قبل سلطات قضائية في لبنان والخارج، وهو أمر له آثاره السلبية الكبيرة على صورة المصرف وعلاقاته ودوره، وأن النواب الأربعة لهم الحق في التصرف بحذر حتى لا يكونوا عرضة لملاحقات بسبب سياسات وقرارات يتخذها سلامة دون العودة إليهم أو دون الأخذ بملاحظاتهم.

وعن المطالب المباشرة والواقعية للنواب الأربعة، يقول المصدر إنهم يعتقدون بأن الأزمة القائمة توجب على القوى السياسية كافة أن تبادر إلى خطوات توفّر الغطاء القانوني لعمل إدارة المصرف. وأضاف المصدر أن النواب الأربعة يريدون من مجلس النواب تشريع قانون بمادة وحيدة، تقول بأنه يجيز للمصرف المركزي «استعمال السيولة الموجودة لديه بالعملات الصعبة، وأياً كان نوعها أو وصفها أو الغاية المعدة لها»، وأن يجيز للمصرف المركزي «استعمال هذه الأموال لغايات نقدية والتدخل في العمليات من أجل استقرار سعر صرف العملة الوطنية». ولا يمانع النواب الأربعة أن يحدد القانون سقفاً معيناً، ربطاً بكون هذه الأموال تخص فعلياً ودائع الناس أو تعود إلى جبايات تقوم بها الدولة وتضعها في حساباتها في مصرف لبنان.

واختصر المصدر الموقف الإجمالي للنواب الأربعة، بأنهم في وضع لا يريدون فيه تحمّل المسؤولية عن أعمال قد تكون مخالفة للقانون، وأنهم يريدون أن تكون القوى السياسية شريكة في تحمل المسؤولية من خلال إصدار القوانين التي تشكل الغطاء لكل العمليات المالية والنقدية لاحقاً. وفي حال تعذّر ذلك، فإن النواب الأربعة لا يعتقدون أن بمقدورهم الاستمرار في عملهم حتى ولو طلبت الحكومة منهم ذلك.

- هل تغطّي بكركي و«القوات» جلسة لتعيين حاكم جديد؟

إزاء رفض التيار الوطني الحر وحزب الله إقدام حكومة تصريف الأعمال على إجراء تعيينات في الإدارة العامة، باشر الرئيس نجيب ميقاتي مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري حملة سياسية من أجل تأمين التغطية لجلسة حكومية تعالج مسألة الشغور في منصبَي حاكم مصرف لبنان ورئيس الأركان في الجيش اللبناني.

وقالت مصادر مطّلعة إن ميقاتي بدأ اتصالات مع البطريرك الماروني بشارة الراعي ومع «القوات اللبنانية» وبعض النواب المسيحيين، من أجل إقناعهم بدعم عقد مجلس الوزراء لجلسة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. وأضافت المصادر أن بري وميقاتي يركزان على مخاطر الشغور في هذا المنصب، ويستخدمان تهديد نواب الحاكم الأربعة بالاستقالة لهذا الهدف.
وأشارت بعض المصادر إلى أن محاولة إقناع البطريرك الراعي تنطلق من أن موقع حاكم الصرف هو الأرفع للمسيحيين والموارنة بعد رئاسة الجمهورية، وأن مسلماً شيعياً سيتولى المنصب، ولفترة لا يُعرف مداها في ظل الشغور الرئاسي والعجز عن توافق على انتخاب رئيس بديل، وأن قائد الجيش لا يمكنه القيام ببعض الأعمال جرّاء عدم وجود رئيس للأركان ينوب عنه. وتحدّثت المصادر عن أن ميقاتي الذي يعرف موقف التيار الوطني الحر الرافض للأمر، يعمل على جذب القوات اللبنانية صوبه، من خلال محاولة التفاهم معها على اسم مرشح يخلف سلامة في منصبه. لكنّ القوات تظهر تحفّظات كثيرة، خصوصاً إذا لم يبادر البطريرك الماروني إلى توفير الغطاء اللازم.

أما التيار الوطني، فقد نفت مصادره أن يكون قد وافق على مناقشة الملف، لا من زاوية السماح للحكومة بتعيين حاكم جديد ولا بالنقاش حول اسمه، وأبلغ مسؤول بارز في التيار «الأخبار» بأن التيار لا يزال يعتقد أن الحل الامثل، هو تعيين حارس قضائي على مصرف لبنان، يُتفق على اختياره من بين قضاة موارنة يمكن توفرهم للقيام بهذه المهمة ريثما يصار إلى تعيين حاكم جديد.

وعلمت «الأخبار» أنه إلى جانب مشكلة «الموقف المسيحي»، فإن معضلة أخرى تعترض بري وميقاتي تتمثل في رفض حزب الله أن تقوم هذه الحكومة بأي تعيينات إدارية. وقال مصدر مطّلع إن بري وميقاتي يحاولان إقناع الحزب بعدم مقاطعة أي جلسة تكون مخصّصة لهذا الغرض حتى ولو صوّت الوزراء المحسوبون عليه ضد التعيين. لكنّ الحزب يدعو لترك الأمور تسير وفق الآليات القانونية، وأن يتولى النائب الأول مهام الحاكم، وأن يقوم المراجع المعنيون بالاتصالات الضرورية داخلياً وخارجياً لضمان عدم عرقلة عمله حتى يتم تشكيل حكومة جديدة تعين الحاكم الأصيل.

 


"الجمهورية": أزمة "المركزي" معقّدة ومخاوف من خضّات نقدية

رئاسة الجمهورية ضائعة في زواريب العبث السياسي، والسلطات على اختلافها في أعلى درجات الشلل، والإدارة معطوبة أكلها العفن واستباحها الفلتان وعصابات الفساد، والمؤسسات الماليّة والعسكريّة والأمنيّة تعاني وضعاً حرجاً؛ كلّ ذلك يعطي أدلة دامغة ولا لبس فيها على دولة مترنحة في كل مفاصلها، يستبيحها العقم السياسي ويدفع بها الحقد الأعمى والمراهقات الساقطة، إلى سقوط لا قيامة منه.

باتت المسافة الفاصلة عن السقوط المشؤوم تُقاس بالأمتار القليلة، وهو ما يفتح الواقع اللبناني على مرحلة جديدة لا حصر لمفاجآتها وربما لصدماتها التي تصبّها على رؤوس اللبنانيين. وإذا كان انتخاب رئيس الجمهورية يشكّل التحدّي الاول الذي سقطت فيه الطبقة السياسية بعدم توافقها على إنضاج حل رئاسي يُنهي الفراغ القائم في سدّة الرئاسة الاولى، فإنّ تحدّيين أساسيين يفرضان نفسيهما بندين ملحّين على خط العلاج السريع:

الاول، متصل بالمجلس العسكري، وضرورة إتمام عقده، نظراً لشغور مواقع رئيس الاركان ومدير عام الإدارة والمفتش العام. وإذا كان التوافق قد تمّ على العمل ببعض الإجراءات التي من شأنها ان تسيّر عمل المؤسسة العسكرية، الّا انّ واقع المجلس حالياً وفي غياب تعيين رئيس للأركان، يقيّد قائد الجيش، ويمنع عليه التحرّك نحو اي نشاط او زيارة خارج لبنان مهما كانت مهمّة وضرورية، حيث لا يوجد رئيس اركان ينوب عنه في غيابه.

واما التحدّي الثاني، فيتمثل بحاكمية مصرف لبنان، التي يبدو انّها دخلت في أزمة شديدة التعقيد مع اقتراب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة آخر الشهر الجاري. وقد جاء البيان الاخير للنواب الاربعة لحاكم مصرف لبنان وتلويحهم بالاستقالة، ليدفع السلطة السياسية كي تحسم خيارها في هذا الملف، اما للسعي جدّياً لإيجاد الحلول المناسبة التي ستُدرج في سياقها تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي، واما ترك البلد في مهبّ مفاجآت غير محمودة على الصعيد النقدي، حيث انّ الجو العام عابق بمخاوف من منزلقات خطيرة جداً.

وعلى ما يقول خبير مالي لـ«الجمهورية»، «كل الاحتمالات واردة في أفق الأزمة الناشئة حول حاكمية مصرف لبنان، وأخطر ما فيها السقوط في خضّات نقديّة تمهّد لسقوط مالي كبير سيؤدي بدوره إن حصل، إلى انهيار كامل يكمّل الانهيار السياسي، او بمعنى أدق يؤدي ألى زلزال مدمّر للبنية التحتية القائم عليها البلد، والتي يشكّل مصرف لبنان مرتكزها الأساسي».

وبحسب معلومات «الجمهورية»، انّه حتى الآن لم تبرز ايّ محاولة من السلطة التنفيذية، ولم يتمّ التواصل مع نواب الحاكم الاربعة لاستيضاح مرامي او خلفيات بيانهم المشترك، فيما تحدثت بعض المعلومات عن خطوة حكومية ستُتخذ في هذا الإطار خلال الفترة الفاصلة عن نهاية ولاية سلامة في 31 تموز، من دون ان تحدّد ماهية هذه الخطوة، سواء أكانت تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان او اي تدبير آخر، مثل الذهاب الى تمديد تقني لحاكم مصرف لبنان بناءً على اقتراح من وزير المالية. وبرز في هذا الإطار، ما كشف عنه مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس، عن تحرّك لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي خلال الاسبوعين المقبلين للحوار مع الأفرقاء للوصول إلى مخرج، مشيراً الى انّ «هناك مخارج متعدّدة، منها التعيين أو تسليم النائب الاول للحاكم، وإذا لم يتمّ التوافق على المخرجين المطروحين فهناك مخرج جديد سوف يُدرس».

وفيما توزعت القراءات القانونية لهذه الأزمة بين قائل انّ تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان اكبر من صلاحية حكومة تصرّف الاعمال في حدودها الضيّقة، وقائل انّ آخر الدواء لهذه الأزمة يكون باللجوء الى تعيين الضرورة، استبعدت مصادر متابعة لهذا الملف خيار التمديد التقني او غير التقني لحاكم مصرف لبنان، الّا انّها كشفت انّ المداولات الجارية في الغرف المغلقة حول هذا الامر، باتت تقارب تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي كأمر واقع لا بدّ من الذهاب اليه، برغم الاعتراضات السياسية التي تحيط بهذه الخطوة، كون هذا التعيين يبقى أهون الشرور ويجنّب البلد خضّة كبرى، اذا ما لجأ نواب الحاكم الاربعة الى الاستقالة.

ووصف نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي تهديد نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة بالاستقالة بالأمر الخطير للغاية، وقال في بيان: «نعم، نحن بحاجة إلى حاكم جديد لمصرف لبنان، لكن على نواب الحاكم تحمّل مسؤوليتهم في حالة تعذّر هذا التعيين». فيما لفت في هذا السياق ما قاله وزير الاقتصاد امين سلام: الهروب من المسؤولية عمل غير وطني، وبحال حصلت استقالة جماعية لنواب حاكم مصرف لبنان فعلينا كحكومة ان نجد حلاً، والجميع مجبرون على الالتزام به اياً كانت الآراء السياسية، لأنّ الشغور ممنوع في السلطة النقدية الأعلى في البلد».

مصادر النائب الاول

الى ذلك، أبلغت مصادر النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري الى «الجمهورية» قولها: «انّ الوضع في منتهى الدقّة والحساسية، والخطوة التي أقدم عليها النواب الاربعة للحاكم، لم تأت استجابة لأي اعتبارات سياسية، بل جاءت انطلاقاً من شعورهم بمدى ما قد يبلغه الوضع من خطورة، إذا ما بقي الحال على ما هو عليه. ومن هنا فإنّ المسؤولية الأساسية تقع على عاتق السلطة السياسية التي عليها ان توجد الحل في اسرع وقت ممكن، اي تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. والمادة 18 من قانون النقد والتسليف شديدة الوضوح في ما يتعلق بتعيين حاكم المركزي. واتخاذ الاجراءات والاصلاحات التي طال انتظارها».

ولفتت المصادر، الى انّها «قد تتفهم استغراب المواطن العادي لهذه الخطوة، انما لا ينبغي على السلطة السياسية ان تستغرب هذه الخطوة، وخصوصاً اننا منذ فترة طويلة ندقّ ناقوس الخطر وندعو الجهات المسؤولة لايجاد الحل، ولم نلمس اكتراثاً بما ندعو اليه. وما ورد في بيان النواب الاربعة، هو مناشدة متجدّدة وصريحة للسلطات السياسية في الحكومة ومجلس النواب لايجاد السبل الكفيلة بالحفاط على المؤسسة النقدية في لبنان، والكفيلة ايضاً بترسيح الاستقرار النقدي في البلد، لأنّ اي فلتان في هذا الامر قد لا يجد له ضوابط بسهولة».

ولفتت المصادر إلى انّ «قرارنا نهائي وفي منتهى الجدّية، وبالتالي فإنّ الاستقالة واردة في أي لحظة، اذا ما وجدنا انّه لا بدّ منها طالما انّ هناك تخلّفاً من السلطة السياسية عن تحمّل مسؤولياتها واتخاذ الاجراء المناسب الا وهو تعيين حاكم اصيل للمصرف المركزي. نحن لا نتهرّب من المسؤولية، بل متحسسون بحجم ما هو ملقى على عاتقنا، وانطلاقاً من هنا نحن متمسكون بالإطار القانوي الذي لا نحيد عنه، ونطالب تكراراً الجميع بتحمّل مسؤولياتهم».

وحذّرت المصادر من انّ اي إبطاء في تحمّل السلطة السياسية لمسؤولياتها وتعيين الحاكم، وقالت: «انّ ترك الأزمة النقدية على ما هي عليه في أزمة غير مسبوقة، سيؤدي الى خراب كبير في نهاية المطاف».

ورداً على سؤال انّه في حال تعذّر تعيين حاكم لمصرف لبنان، فهل سيتسلم النائب الاول للحاكم الحاكمية وكالة، قالت المصادر: «ما ورد في بيان النواب الاربعة يجيب بصراحة ووضوح عن هذا السؤال. ولكن من حيث المبدأ، لا احد يتهرّب من تحمّل المسؤولية، ولكن هل هذا هو الحل؟ الحل الجوهري يكون بتعيين حاكم اصيل لمصرف لبنان. ثم كيف يمكن للنائب الاول لحاكم مصرف لبنان ان يقوم بتسيير القطاع النقدي، ويُطلب منه ان يضع سياسات شفافة وواضحة، سواء في الشأن النقدي او في التعاطي الداخلي في مصرف لبنان او في العلاقة مع القطاع المصرفي، من دون ان يُعطى الحدّ الأدنى من الادوات القانونية ليتسنى له القيام بهذه المهام؟».

الدولاررياض سلامةمصرف لبنان

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
لافروف: موسكو وبكين توقفتا بشكل شبه كامل عن استخدام الدولار في تجارتهما المتبادلة
لافروف: موسكو وبكين توقفتا بشكل شبه كامل عن استخدام الدولار في تجارتهما المتبادلة
غرب آسيا والحيثية الدولية للولايات المتحدة الأميركية
غرب آسيا والحيثية الدولية للولايات المتحدة الأميركية
خسائر غير مسبوقة بمليارات الدولارات نتيجة استدعاء الاحتياط منذ بدء العدوان على غزة
خسائر غير مسبوقة بمليارات الدولارات نتيجة استدعاء الاحتياط منذ بدء العدوان على غزة
برلمانيون وخبراء اقتصاد: واشنطن وراء اضطراب السوق العراقي
برلمانيون وخبراء اقتصاد: واشنطن وراء اضطراب السوق العراقي
منصة بلومبرغ.. ترقيع جديد في الاقتصاد اللبناني
منصة بلومبرغ.. ترقيع جديد في الاقتصاد اللبناني
مدقّق حسابات سلامة: لا أعرف... لا أعلم... لا أتذكّر
مدقّق حسابات سلامة: لا أعرف... لا أعلم... لا أتذكّر
عبد اللهيان وهوكشتاين يصلان بيروت اليوم.. وسلامة "ينجو" من الملاحقة القانونية
عبد اللهيان وهوكشتاين يصلان بيروت اليوم.. وسلامة "ينجو" من الملاحقة القانونية
القاضي شعيتو يرفع يده عن ملف سلامة بعد دعوى مخاصمة
القاضي شعيتو يرفع يده عن ملف سلامة بعد دعوى مخاصمة
زيارة لموفد قطر الى بيروت تسبق جولة لودريان.. وسلامة يواجه قدره بالتوقيف أو الفرار
زيارة لموفد قطر الى بيروت تسبق جولة لودريان.. وسلامة يواجه قدره بالتوقيف أو الفرار
الحاكم في عزلته بين وسط بيروت والصفرا: لا هاتف يرنّ ولا باب يُطرق
الحاكم في عزلته بين وسط بيروت والصفرا: لا هاتف يرنّ ولا باب يُطرق
هل تُنصف تعاميم مصرف لبنان الجديدة المودعين؟ 
هل تُنصف تعاميم مصرف لبنان الجديدة المودعين؟ 
هل من إمكانية لاستيفاء الدولة الضرائب الاستثنائية على الشركات؟
هل من إمكانية لاستيفاء الدولة الضرائب الاستثنائية على الشركات؟
لجنة المال تُحيل ملف السحوبات الخاصة إلى ديوان المحاسبة
لجنة المال تُحيل ملف السحوبات الخاصة إلى ديوان المحاسبة
منصوري يكسر العزلة ويرفع الصوت: كلفة النزوح تعادل الفجوة المالية
منصوري يكسر العزلة ويرفع الصوت: كلفة النزوح تعادل الفجوة المالية

خبر عاجل