خاص العهد
"صيرفة" تقضم رواتب موظفي القطاع العام
فاطمة سلامة
لم تمُر على العامل في لبنان ظروف كالتي تمُر عليه اليوم. في رحاب الظروف الصعبة قد لا نعثُر على المصطلحات المناسبة لوصف حالة "القهر" التي يعيشها العُمّال على اختلاف أماكنهم. ويبدو موظفو القطاع العام على رأس الفئات الأكثر مظلومية بعد أن باتت رواتبهم "بالأرض" اذا صحّ التعبير. الموظّف في القطاع العام يتقاضى راتبه باليد اليُمنى ويصرفه منذ الأيام الأولى باليسرى قبل أن تبدأ رحلة الاستدانة. يعيش هؤلاء الموظفون تحت رحمة رواتب تتآكل مع كل صعود للدولار. ولعلّ أكبر "غبن" لحق بهؤلاء الموظفين كان عبر ربط رواتبهم بسعر منصة "صيرفة". إجراء قيل في يوم من الأيام أنه لمصلحتهم ليتبيّن لاحقًا ومع كل ارتفاع بسعر صرف المنصة أنّه ما هو الا إجراء لقضم المزيد من الراتب الذي لم يعد فعليًا يساوي بدل فاتورة كهرباء.
ارتفاع سعر منصة صيرفة من 45 ألفًا الى 90 ألف ليرة يعني تآكل 50 بالمئة من قيمة راتب موظفي القطاع العام دفعة واحدة. على سبيل المثال، من كان راتبه قبل الأزمة ثلاثة ملايين ليرة أي 2000 دولار بات يساوي نحو 33 دولارًا بعد أن كان 66 دولارًا وفق سعر منصة 45 ألف ليرة، الأمر الذي رفضه موظفو القطاع العام الذين أطلقوا حملة مقاطعة الرواتب التي تتآكل يومًا بعد يوم بتوقيع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وصمت المعنيين.
الأسمر: إسقاط لحقوق الموظفين
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر يُعلّق في حديث لموقع "العهد" الإخباري على استمرار الدولة بصرف الرواتب وفق منصة "صيرفة" بالإشارة الى أنّه إسقاط لحقوق الموظفين واحدًا تلو الآخر. وفق حساباته، فإنّ حق الموظّف في عيش كريم لم يعد متوفرًا لا بأساس الرواتب ولا متمماتها ولا بأي شيء. مسلسل تآكل الرواتب مستمر، فعندما ارتفع سعر منصة صيرفة من 45 الى 90 ألفًا خسرت الرواتب 50 بالمئة من قيمتها، وقبلها عندما ارتفع من 32 ألف ليرة الى 45 ألف ليرة خسرت الرواتب 28 بالمئة من قيمتها. وعليه، فإنّ الزيادات الموجودة على طاولة مجلس الوزراء لتحسين رواتب موظفي القطاع العام سقطت قبل إقرارها وتطبيقها. تمامًا كما سقطت الزيادات التي نطالب بها في لجنة المؤشر لتحسين رواتب موظفي القطاع الخاص ما يعني تفكُّك القطاعات واحدًا تلو الآخر.
لا يجد الأسمر ما يقوله لوصف أوضاع العامل اليوم. برأيه، يعيش العامل اللبناني أقسى درجات القهر خاصة في القطاع العام "المدمّر" اذ لم يمر على العامل في تاريخ لبنان ظروف كالتي نشهدها اليوم.
نصر: مستمرون بالإضراب
رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر ترفض في حديث لموقعنا اقتراح صرف الرواتب وفق سعر منصة صيرفة 90 ألف ليرة. "هذا الاقتراح مرفوض بالكامل، فنحن لا نرفضه فقط بل نطالب بتثبيت الراتب وفق سعر منصة صيرفة 15 ألف ليرة. كلما ارتفع سعر صرف الدولار ومعه سعر منصة "صيرفة" كلما انخفضت رواتبنا. حتى الآن انخفضت الرواتب 50 بالمئة وقبلها أيضًا 50 بالمئة". وفق نصر، قسمة الرواتب على 90 ألف ليرة لا يتقبلها عقل. "أخذنا ضعفي راتب بالاضافة الى الراتب الأساسي وبمجملها باتتت أقل من الراتب الأساسي الذي كنا نتقاضاه عندما كان سعر منصة صيرفة 28 ألفًا، هذا فضلًا عن الحسومات التي تُفرض على الموظّف من الراتب كمبلغ العشرة دولارات التي تتقاضاها المصارف وما الى هنالك من حسومات وزارة المالية والضريبة ومساهمات تعاونية موظفي الدولة وغيرها".
تطالب نصر بربط الراتب بمنصة 15 ألف ليرة بحيث تجري قسمة الرواتب على هذا الرقم. وعليه، لنفترض أنّ الراتب يبلغ ثلاثة ملايين ليرة تجري قسمته على 15 ألف ليرة فيساوي الراتب 200 دولار، ويُضاف اليه زيادة راتبين. وهنا تكرّر نصر بأننا نرفض بالكامل سحب الرواتب وفق منصة 90 ألفًا ونطالب بتصحيح الأجور ودولرة جزء منها على مراحل. وفي هذا الإطار، تشدّد نصر على أننا مستمرون بالاضراب المفتوح وسط كل ما نتعرّض له، فبدل أن يقدّموا لنا جزءًا من حقوقنا تراهم يأكلون جزءًا منها كل يوم. وهنا تلفت الى أنّنا نطالب بالإضافة الى تصحيح الأجور بمِنح تعليم وبدل استشفاء و10 ليترات بنزين كمعدل وسطي عن كل يوم.
في الختام، تصف نصر ما يتعرّض له الموظفون في القطاع العام بـ"الكُفر" اذ ثمّة خطة جُهنمية -برأيها- لرفع سعر صرف الدولار ومسح القطاع العام واقتطاع رواتبهم. ثمّة ما لا يتقبله عقل فالقطاع العام الذي كانت ميزانية رواتبه تكلّف 8 مليارات دولار سنويًا باتت اليوم 100 مليون دولار، وهذا المبلغ لا يساوي شيئًا.
إقرأ المزيد في: خاص العهد
05/12/2024
الحياة تعود إلى النبطية من تحت ركام العدوان
02/12/2024