يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

هل يحفظ إطلاق دورة التراخيص الثانية حقوق لبنان النفطية؟
05/04/2019

هل يحفظ إطلاق دورة التراخيص الثانية حقوق لبنان النفطية؟

فاطمة سلامة

ذات مجلس وزراء، لم ينتظر وزير الطاقة والمياه السابق سيزار أبي خليل انتهاء الجلسة ليزف الى اللبنانيين خبر دخول لبنان نادي الدول النفطية. على الفور، ولحظة إقرار بند تلزيم البلوكين البحريين 4 و 9 لتجمع شركات توتال ـ نوفاتيك ـ ايني بارك للبنانيين على "تويتر" هذه الخطوة النوعية. أمس، تشابهت الأحداث وإن اختلفت الخطوات، إلا أنّ جميع الدروب من المفترض أن توصل للهدف المنشود المتمثّل بإنتاج النفط. فكان أن غرّدت وزيرة الطاقة ندى البستاني عبر "تويتر" من داخل جلسة مجلس الوزراء خبر موافقة المجلس على إطلاق دورة التراخيص الثانية في المياه البحرية، وبالتحديد في البلوكات 1، 2، 5، 8 و10. خطوة وإن أتت متأخرة إلا أنها تعني ما تعنيه لناحية "شد الهمة" لمواجهة المطامع "الإسرائيلية" في ثرواتنا. طبعاً إذا ما سارت الأمور كما يجب، بعيداً عن التلكؤ والحسابات الضيقة التي حكمت هذا القطاع لعقود، فقصة لبنان مع النفط ليست مستجدة، إذ ان أول قانون للنفط البري أقر عام 1933، وقبل ذلك أصدر المفوّض السامي الفرنسي عام 1926 تشريعاً يجيز فيه التنقيب عن النفط والمعادن واستثمارها واستخراجها.

وفيما يؤخذ على لبنان "تضييع الوقت" وعدم استثماره لموارده النفطية التي لو أحسن استغلالها لكان بلداً منتجاً ومصدّرا للنفط منذ زمن، أكّدت البستاني أنّ قطاع النفط اللبناني واعد، كاشفةً عن تلقي لبنان عروضاً خلال الايام القليلة الماضية من ثلاث شركات نفطية كبرى ما يدل على الاهتمام بالنفط اللبناني، كما أعلنت عرض البلوكات 1، 2، 5، 8 و10 للمزايدة وفقاً لاجراءات محدّثة وضعتها وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول مع الالتزام بجميع قواعد الشفافية المطلوبة خلال جميع الإجراءات. 

خطوة متقدّمة 

الخبير النفطي ربيع ياغي يعتبر في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ الخطوة توجب على الحكومة اللبنانية ووزارة الطاقة والهيئة الناظمة التحضير جيداً، خاصة أننا لم نبدأ فعلياً الاستفادة من عقد الاستكشاف والانتاج الأول الذي وُقّع مع الشركات الثلاث: "توتال" الفرنسية، "ايني" الايطالية، و"نوفاتيك" الروسية. ورغم أن المتحدّث يصف الخطوة بالمتقدّمة، إلا أنه كان يُفضّل لو تروينا قليلاً ريثما تبدأ نتائج دورة التراخيص الأولى بالظهور. أما وقد جرى إطلاق الدورة الثانية والتي من المتوقع أن تأخذ وقتاً لا يقل عن سنة منذ تاريخ الاطلاق حتى توقيع الاتفاق مع الشركة الفائزة، فمن الحكمة أن نتجهّز جيداً ـ برأي ياغي ـ ونتفادى الثغرات التي حدثت في المرحلة الأولى. من وجهة نظره، لا بد من التأكيد على الدور المحوري والأساسي للدولة اللبنانية، بحيث تكون شريكاً فعلياً بنسبة 5 أو 10 بالمئة، بمعنى آخر أن تشارك الدولة فعلياً في القرار وعلى الأرض في مختلف المراحل، وأن لا ينتهي دورها عند محطة توقيع العقد. يستحضر الخبير النفطي ما حصل سابقاً، فالبند الخامس من العقد لم يلحظ للدولة اللبنانية أي دور فعلي في الشراكة سواء باتخاذ القرار أو بالعمل على الأرض، بل أعطى للمنفّذ أي للشركات هامش المئة بالمئة في كل شيء. 

يولي ياغي أهمية كبرى لإعطاء لبنان لنفسه دوراً في المشاركة العملانية في مختلف المراحل بدءاً من الاستكشاف مروراً بالتنقيب والحفر وصولاً الى الانتاج والصناعة النفطية. بالنسبة لياغي فإنّ الاتفاقية الموقعة product sharing agreement هي بلا شك من اسمها اتفاقية شراكة لا يمكن تجاهل هذا الأمر، والشراكة تكون بين طرفين، وعليه لا بد من أن تتشارك الدولة اللبنانية فعلياً مع الشركات الفائزة في المناقصات. ماذا عن البلوكين  8 و10 وأزمة ترسيم الحدود العالقة نتيجة الأطماع الصهيونية في ثروات لبنان؟. 

الأطماع "الاسرائيلية"

يُشدّد الخبير النفطي على ضرورة أن تمارس الدولة سلطتها بكل ما أوتيت من قوة على النقطة البحرية التي تحاول "إسرائيل" سلبها من لبنان وهي في سبيل ذلك قد تعمل على منع عمليات التنقيب وترهيب بعض الشركات كما حصل مع شركة "توتال" التي تعرضت لضغوط خلال عملها في البلوك رقم 9 الذي أقر العمل به بموجب دورة التراخيص الأولى. يرى ياغي أن على الدولة إيلاء الأهمية القصوى للبلوكين "8" و"10" لتغطية كامل الشريط البحري الجنوبي، خاصة أن المسوحات الجيولوجية قد أكّدت أن هذه المنطقة واعدة جداً، وهو الأمر الذي يدفع بـ"إسرائيل" الى السعي  للاستئثار بالثروات الموجودة على طرفي الحدود عند المكامن المشتركة ما بين لبنان وفلسطين المحتلة.  برأي ياغي، علينا أن نعطي الأفضلية للشركات الروسية لحمايتنا من العدوانية "الاسرائيلية". 

التنسيق مع سوريا

يتوقّف ياغي عند البلوكين  "1" و"2" الواقعين على الحدود البحرية مع سوريا، فيشير الى أنّ سوريا بلد شقيق وعلينا أن نولي أهمية للذهاب الى أبعد الحدود من التعاون معها، وهذا الأمر يحتاج الى عملية تنسيق ما بين الشركات الفائزة بالمناقصة والشركة العاملة في سوريا التي تقسّم منطقتها الخاصة الى ثلاثة بلوكات لُزمت الى شركة روسية، وهذا يُشجّعنا أيضاً على تلزيم الشركات الروسية. 

يرى الخبير النفطي أنه من المبكر الحديث عن أسواق للانتاج اللبناني. بالنسبة اليه، لن يكون لدينا انتاج تجاري قابل للتصدير قبل ثماني سنوات. بمقدورنا في هذه الفترة إجراء مسوحات للأسواق ومتابعتها وبناء العلاقات معها على كافة المستويات لتأمين أسواق إقليمية، وآسيوية، وربما أوروبية لمنتجاتنا النفطية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل