خاص العهد
حليب الرُضع للميسورين!!
إيمان مصطفى
منذ سنة وأكثر وحليب الأطفال خصوصًا من عمر يوم إلى سنة غير متوفّر في الأسواق، والسبب "كما يكون دائمًا وفي محتلف القضايا المعيشية" تأخّر مصرف لبنان في تمويل عملية الاستيراد. وعليه، بات الأطفال الرضّع رهينة لدى مصرف لبنان الذي يرفض توقيع الاعتمادات، من دون أن نغفل دور الشركات التي تحتكر السوق وتحجب الحليب عن الأطفال بانتظار رفع الدعم. أمام هذا الواقع، باتت رحلة البحث عن علبة حليب واحدة شاقة ومتعذرة في الصيدليات والأسواق وحتى السوق السوداء.
وبعدما كان سعر الحليب لعمر دون السنة مدعومًا بنسبة 50 بالمئة و50 بالمئة وفق سعر الصرف وسعر المؤشر الذي تصدره وزارة الصحة - مما يتيح للشركات ابتزاز المعنيّين بقطع الحليب عن الأطفال - جاء القرار المفاجئ لوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض بتحرير الأنواع كلها من الدعم، معللًا أن القرار جاء نتيجة عدم توفر خطة قادرة على ضبط التهريب والبيع في السوق السوداء.
القرار سيؤدي حتمًا لتوفر علب الحليب على رفوف الصيدليات، ولكن هل سيستطيع المواطن اللبناني تحصيل المبلغ المطلوب شهريًا للحصول على الكمية المطلوبة لطفله بعد الارتفاع الهائل بالأسعار؟
وفقًا لنقيب الصيادلة جو سلوم، فإن مختلف أنواع الحليب التي تُعطى للرضع قبل عمر السنة "تضاعف سعرها" وباتت بـ337000 ليرة، أما الأنواع التي تعنى بالحالات الخاصة فباتت بـ376000 ليرة، فيما وصل سعر الفئات الأكثر عمرًا إلى 776000 ليرة.
سلوم الذي يعتبر أن القرار مهم جدًا! يؤكد لـ "العهد" أنه كان يجب أن يقر منذ ثلاث سنوات، ويجب أن يتضمن الأدوية المدعومة جزئيًا أيضًا، عازيًا السبب إلى أنه يتم تهريب "الحليب المدعوم للخارج على حساب الأطفال اللبنانيين".
ويقول "إننا أهدرنا 5 مليارات دولار على مدى السنوات الأخيرة، بينما كنا نستطيع أن نستثمر هذا المبلغ بالدعم المباشر للأطفال". من هنا، يشدد سلوم على ضرورة دعم المريض والطفل عبر بطاقة صحية تترافق مع رفع الدعم، والمسارعة لمؤتمر للمانحين يتم عبره تأمين الدواء والحليب على حد سواء.
الحليب المدعوم كان يواجه مشكلتين، بحسب سلوم، أولها عدم توفر الأموال الكافية للاستيراد، فيما التهريب "شغال" من جهة ثانية. ويعود ويؤكد أن الحل الوحيد كان رفع الدعم، مطالبًا بالدعم المباشر للمواطن كي يستطيع تأمين ثمن علب الحليب.
ولكن متى يقر الدعم المباشر للمواطن؟ لا أحد يعلم..
الحليب لمن استطاع إليه سبيلًا
بالمقابل، وعلى النقيض تمامًا، يعتبر وزير الصحة السابق حمد حسن أن قرار رفع الدعم عن حليب الأطفال "متهور" و"غير مسؤول"، مؤكدًا أن له تداعيات على المستوى الصحي والاجتماعي والنفسي للأم والطفل على حد سواء، مشيرًا إلى أنه سيتوفر ولكن لمن استطاع إليه سبيلًا، أي للأولاد الذين يحصلون على تغطية من مؤسسات دولية أو للأطفال الأثرياء.
حسن الذي يشدد على أن القرار ينم عن ضعف وفقر في الإلمام بالواقع الحياتي للناس، يقول "إن وزارة الصحة ومصرف لبنان هما المسؤول الأول عن هذا التصرف اللا مسؤول، مردفًا أن التبرير الذي قدمه وزير الصحة هو أضعف الإيمان بمواجهة الأزمة".
ويسأل كيف لمواطن راتبه لا يتجاوز الـ 3 ملايين ليرة أن يؤمن الحليب لطفله بمليوني ليرة شهريًا وأكثر؟ فهل سيتحمّل هذا الأمر؟
ويوضح حسن لـ "العهد" أن دعم الحليب كان يشكل حوالى 4% فقط من إجمالي تكلفة دعم الدواء، بنسبة لا تتعدى الـ 5 ملايين دولار سنويًا.
وبالتالي، بحسب حسن، كان بإمكان وزارة الصحة التريث واستنباط الحلول قبل أن يُقرر رفع الدعم تحت ذريعة "التهريب"، وابتداع طريقة تحفظ الدعم للمواطن اللبناني وتلزم كل المنظمات الدولية وغير الحكومية التي تتغنى بحقوق المرآة والطفل بتقديم المساعدة.
حسن يؤكد أنه لطالما ناشد بعدم رفع الدعم عن الدواء والحليب، معتبرًا أنه خط أحمر، ويقول: "إننا مسلحون بالمنطق وبالحق الذي يوجب على أي إنسان في موقع سلطة أن يكون على قدر المسؤولية خصوصًا في مادة أساسية لنمو الأطفال".
ويأسف حسن لأن ثمة فئة كانت الأكثر خسارة من كلّ هؤلاء، وهي فئة الرضّع الذين يتناولون أنواعًا مخصّصة من الحليب تناسب حالاتهم المرضية، فقد وجدت عائلات هؤلاء نفسها في مأزق مع صعوبة تأمين هذه "العلاجات" التي باتت باهظة الثمن ولو توفرت بعد رفع الدعم.
إقرأ المزيد في: خاص العهد
05/12/2024
الحياة تعود إلى النبطية من تحت ركام العدوان
02/12/2024