يوميات عدوان نيسان 1996

لبنان

انتظار لردّ العدو بشأن ترسيم الحدود.. وحماوة المعركة الرئاسية ترتفع
15/08/2022

انتظار لردّ العدو بشأن ترسيم الحدود.. وحماوة المعركة الرئاسية ترتفع

في وقت يسود فيه هدوء نسبي حذر على الساحة الداخلية، بدأت مؤشرات حرارة الاستحقاق الرئاسي بالارتفاع، لا سيما بعد زيارة رئيس التيار الوطني الحر لبكركي ومواقف البطريرك الراعي في عظة الأحد، إضافة للقاء الأخير بين النائب السابق وليد جنبلاط وحزب الله.
على صعيد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الصهيوني، من المرتقب أن تظهر مؤشرات حول دور المفاوض الأمريكي عاموس هوكشتاين، حيث ينتظر لبنان الرسمي منه جوابا صهيونيا من المفترض أن يكون نهائيا حول هذه المسألة، وسط تأكيد من المقاومة في لبنان أن الاسرائيلي لن يتمكن من الاستفادة من الغاز والنفط إن لم يحصل لبنان على حقوقه كاملة في ثروته البحرية، وأن كل الاحتمالات مفتوحة على هذا الصعيد.

 

"الأخبار": المقاومة تكرّر لاءاتها... وجهات لبنانية تشيع مناخات سلبية

ليس معلوماً بعد السبب الذي دفع وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى نشر خبر، الأسبوع الماضي، عن زيارة سرية قام بها الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود اللبنانية - الفلسطينية المحتلة عاموس هوكشتين إلى تل أبيب، وما إذا كان هناك من ضلّل الإعلام العبري. إذ إن الجانب الأميركي بادر بنفي الأمر. وتم، بعيداً من الإعلام، إبلاغ جهات عدة في لبنان والمنطقة وأوروبا بأن الإسرائيليين ليسوا جاهزين بعد لتقديم جواب نهائي لانشغالهم بتطورات الحرب على غزة والاستنفار في الضفة الغربية. لكن اللافت أن هذه «التوضيحات» الأميركية رافقها الإصرار على ترداد لازمة أن الأمور «قابلة للحل»، وأضافوا على ذلك أن «كل القوى السياسية في إسرائيل تدرك أن ملف الترسيم شأن يخص الأمن القومي ولا يمكن إقحامه في المعركة الانتخابية الداخلية».

وإذا كانت حكومة يائير لابيد قد أملت في تحقيق تقدّم في العدوان على غزة تستثمره في ملف الترسيم مع لبنان، فإن الصورة ليست على هذا النحو حتى الآن. لكن المؤكّد أن كل الرسائل الإسرائيلية غير المعلنة التي وصلت إلى بيروت، عبر الأميركيين مباشرة أو عبر الأمم المتحدة أو عبر ناقلي رسائل من عواصم عربية، تركز على أن «المستوى السياسي في إسرائيل ينصت جيداً إلى المستوى العسكري والأمني، ويعرف أن الحل يجب أن يستند إلى حسابات تتصل بكلفة الرفض أو الحديث عن كلفة القبول بالمطالب اللبنانية».

وبحسب مصادر معنية بالملف، فقد تلقّت إسرائيل، عبر جهات مختلفة، التوضيحات الكافية حول موقف الحكومة اللبنانية وحزب الله، وموجزه الآتي:
أولاً، أن المهلة الزمنية للعدو لحسم الأمر لم تتغير ولا تتجاوز منتصف أيلول المقبل، وأي إشارات تسويف أو إطلاق مناورات سياسية أو حتى عمليات عسكرية ستدفع المقاومة إلى تقليص المهلة.

ثانياً، أن المقاومة ترفض ربط الملف بالانتخابات الإسرائيلية، وهي غير معنية بأي نقاش حول الواقع السياسي في إسرائيل وانعكاسات الملف على الانتخابات وغيره من التفاصيل التي تهم السياسيين الإسرائيليين.

ثالثاً، أن معادلة المقاومة لا تزال ثابتة، ومفادها أنه لا يمكن لإسرائيل البدء في استخراج الغاز من أي منصة في البحر الفلسطيني المحتل، وليس من منصة «كاريش» فقط، ما لم يُعلن رفع الحظر المفروض على عمل الشركات في التنقيب والاستخراج في البحر اللبناني بعد حسم حقوق لبنان في الحقول والخطوط وفق ما تسلّمه هوكشتين من الرؤساء الثلاثة في آخر زيارة له إلى بيروت.

رابعاً، أن المقاومة جدية، وقد أرسلت إشارات عملانية تدل على استعدادها لضرب مجموعة من المنصات دفعة واحدة إذا لزم الأمر. وقد أُحيطت كل الشركات الأجنبية العاملة في هذه الحقول علماً بذلك وتبلّغت تحذيرات من مغبة الاشتراك في ما تعتبره المقاومة اعتداء إسرائيلياً على لبنان، ما دفع الجانب اليوناني الذي نفى بداية ملكيته لسفينة «إنيرجين» إلى التراجع والإقرار بذلك وبأن غالبية العاملين على متنها يونانيون. وقد أكّدت الحكومة اليونانية أنها لا تريد التورط في مشكلة، ورفضت تحميلها مسؤولية عمل «إنيرجين» لأنها شركة تجارية لا تمثل الحكومة. وقد تجدّد قلق أثينا بعدما لامست تهديدات المقاومة حدوداً فاجأت حتى العاملين على السفينة، وهي تتصرف بحذر كبير وتعرف أنها ستكون مسؤولة، بشكل أو بآخر، وباتت تدرك، كما شركات عالمية أخرى، أن الضمانات الإسرائيلية لم تعد كافية.

خامساً، أن محاولة العدو المناورة من خلال تجميد العمل في منصة «كاريش» مقابل تجميد تهديد المقاومة أو تعطيله سيصار إلى الرد عليها بالتأكيد أنه لا يمكن للعدو استخراج الغاز من كل حقول المتوسط ما لم يقرّ بحقوق لبنان، وما لم تبادر الولايات المتحدة بتوقيع تعهد خطي علني يضمن حرية لبنان في استقدام أي شركة عالمية للعمل في حقوله.
عملياً، تؤكّد المصادر المعنية أن التوقعات حول الجولة الجديدة من الاتصالات تتركز الآن على معلومة تفيد بأن هوكشتين ينتظر تأكيداً على مواعيد له في إسرائيل خلال هذا الأسبوع. وأنه في حال حصل الأمر، يفترض أن يتوجّه إلى تل أبيب للحصول على ما يمكن وصفه بالحل. وفي حال كانت المناخات سلبية فإن الموفد الأميركي ليس مضطراً للذهاب، بالتالي ستكون مهمته التالية في لبنان معقّدة، لأن فكرة التفاوض من جديد على إطار للبحث وترسيم وخلافه لم تعد ممكنة.

المقاومة كرّرت لاءاتها: لا تسويف، لا ربط للملف بالانتخابات الإسرائيلية، لا استخراج إلا مقابل استخراج

التسريبات السلبية... لبنانية
وعلمت «الأخبار» أنه فور انتشار تسريبات في الأيام القليلة الماضية حول مناخات سلبية ورفض إسرائيلي لمقترحات لبنان، عمد هوكشتين إلى التواصل سريعاً مع مسؤولين لبنانيين مؤكداً لهم أن الأمر «غير صحيح ولم يحصل»، وأنه عندما غادر لبنان إلى فلسطين المحتلة، عقب زيارته الأخيرة لبيروت، أمضى هناك ست ساعات فقط التقى خلالها رئيس الحكومة الإسرائيلية، وأنه لا يزال في انتظار تحديد موعد جديد له.

في هذه الأثناء، كان لافتاً أن التدقيق الذي أجرته جهات رسمية حول خلفية التسريبات أكّدت أنها «لبنانية المصدر والفبركة والنشر»، وأن جهات سياسية تقف خلف الأمر من زاوية أنها تعتبر أن مجرد إشاعة مناخ إيجابي حول الملف تحت ضغط حزب الله يعطي الحزب مكانة متقدمة، كما يفيد الرئيس ميشال عون. كما تخشى هذه الجهات، وعلى رأسها القوات اللبنانية، من أن يؤدي هذا المناخ الإيجابي - معطوفاً على مناخات الانفتاح في المنطقة - إلى توسع مروحة القوى والشخصيات التي تبادر بالحوار مع حزب الله كما فعل رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط. علماً أن هاجس هذه الجهات يتركز على انعكاسات مثل هذا الحوار على التحضيرات للانتخابات الرئاسية المقبلة. مع الإشارة إلى أن «الهبل» السياسي وصل حدّ جهر مسؤولين في القوات بتفضيلهم عدم التوصل إلى حل لاستخراج النفط والغاز قبل التخلص من حزب الله وتأثيراته على الدولة اللبنانية. وهو الموقف نفسه الذي يفضّل العتمة على قبول هبة الفيول الإيرانية التي يتكل الأميركيون ليس على فريق 14 آذار لرفضها بل على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

استفتاء في إسرائيل
إلى ذلك، أدخلت إسرائيل نفسها في تعقيدات «قضائية - دستورية» في ملف الترسيم مع لبنان، بعد تقديم منظمة «منتدى كوهلت للسياسات» التماساً أمام محكمة العدل العليا في القدس المحتلة، طالبت فيه بإصدار حكم قضائي يلزم تل أبيب إجراء استفتاء عام على أي «تنازل» للجانب اللبناني. ويفتح ذلك باب النزاع في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من فرضية ما يزيد منسوب القلق من إمكان التسبب في مواجهة عسكرية مع حزب الله.
فهل تفرمل المحكمة العليا خطوات الحل وتعيده إلى نقطة البداية مع إمكان التسبب بتصعيد وربما أيضاً بمواجهة؟ سؤال سيكون على طاولة مداولات قضاة المحكمة، المفترض بهم أن يحددوا حكمهم وفقاً للمصلحة الإسرائيلية التي تضع في رأس أولوياتها التهديدات الأمنية.

ويعدّ الالتماس جزءاً من حركة «اعتراض» إسرائيلية، بعضها ضد أي اتفاق مع لبنان يعزّز مكانة حزب الله في الساحة اللبنانية بوصفه مقاومة، وبعضها الآخر من منطلق الخصومة السياسية الداخلية بين موالاة ومعارضة عشية الانتخابات التشريعية، رغم أن القرار في نهاية المطاف يستند إلى «فتوى» المؤسسة الأمنية التي يمكنها «إقناع» الجميع، بمن فيهم القضاء، بالتوجه إلى حل ديبلوماسي سواء تضمن «تنازلات» سيادية أم لا.
مع ذلك، يطرح تأخر الوسيط الأميركي في إنجاز وساطته أكثر من علامة استفهام: هل يريد هوكشتين وإسرائيل استهلاك الوقت المعطى لهما في التسويف والمماطلة إلى أن تفرض تل أبيب وقائع ميدانية يتعذر الرجوع عنها؟ أو أن التسويف يأتي في سياق تمرير الوقت إلى حده الأقصى قبل الرد على الموقف اللبناني من الترسيم ما يخفّف وطأة «التنازل» عن إسرائيل؟ أم أن إرادة التسويف وترحيل الردود إلى ما قبل موعد استخراج الغاز من حقل «كاريش» يتيح لتل أبيب تضمين أجوبتها بنوداً ملغومة وحمّالة أوجه للاستناد إليها لاحقاً في حال التراجع عن الاتفاقات؟

أما السؤال الأكثر حضوراً فهو ما يتعلق بالموقف الأميركي نفسه: هل يتحرك هوكشتين وفقاً لأجندة مسؤوليه في واشنطن، المفترض في أي حل أن يزعزع استراتيجيتهم في مواجهة حزب الله في لبنان، أم وفقاً لأجندة إسرائيل التي تسعى، ما أمكنها، إلى تجنب أي سبب يؤدي إلى مواجهة عسكرية مع حزب الله؟

 

"البناء": حزب الله: لا غاز للكيان دون الغاز للبنان
لبنانياً، ملفان راهنان مع ترجيح التريث في مناقشة الاستحقاق الرئاسي حتى جلاء مصيرهما، الأول هو ملف الترسيم البحريّ الذي ينتظر عودة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت، بعدما قام بنفي كل ما تمّ ترويجه عن أجوبة سلبية يحملها على المقترحات اللبنانية، وفي ظل غموض أثارته تصريحات وزير الطاقة في الكيان عن عروض جديدة تنتظر أن تلقى القبول في لبنان، ما أثار المخاوف من عرض التأجيل للترسيم مقابل تأجيل الاستخراج أو العودة لصيغ الاستثمار المشترك لبعض الحقول، وهو ما يرفضه لبنان بالمطلق، فيما عبرت مواقف قادة حزب الله عن حسم المقاومة لخيارها وفق معادلة “لا غاز للكيان دون الغاز للبنان”، بمعزل عن وجود الغاز في أية حقول، قطعاً للطريق على المماطلة وربط مصير الحقوق اللبنانية بمصير حقل كاريش وحده. أما الملف الثاني فهو ملف الكهرباء، مع وصول وفد عراقي كبير الى لبنان لإدارة مفاوضات حول شكل الاستفادة العراقية من الخدمات اللبنانية لقاء كميات الفيول التي سيؤمنها العراق للبنان، ومع بقاء عرض حزب الله لهبة الفيول الإيراني على الطاولة، وهو ما أضاف اليه رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، إعلان الحزب عن امتلاكه خطة لتأمين الكهرباء 24 ساعة يومياً خلال سنتين اذا تم إبعاد التسييس والتدخلات الخارجية والداخلية للاعتبارات السياسية عن الملف، وتم السير بمعادلة وضع المصلحة اللبنانية مالياً وتجارياً وزمنياً وفنياً في المقدمة كمعيار.

وقال السيد صفي الدين في مقابلة عبر شاشة المنار، بمناسبة “ذكرى الانتصار في 14 آب” الى “أننا اليوم نحن اشد اطمئناناً فنحن ما زلنا نحن وقضيتنا محقة وعقيدتنا ثابتة، ونحن نتعامل بواقعية ونعتمد على الله، ونحن استفدنا من تجارب الآخرين ونعلم طبيعة العدو ونقاط ضعفه وقوته وتمكنا بإلحاق الهزيمة به، ومنذ البداية حددنا الاولويات ولم نبدلها والتجربة أثبتت ان ​العدو الاسرائيلي​ لا يفهم إلا لغة القوة ونحن نعزّز نقاط القوة لدينا”.

وتحدث صفي الدين عن تجربة مؤسسات حزب الله الاقتصادية والاجتماعية، فعرض لتجربة مؤسسة القرض الحسن الناجحة على الصعيد المالي في ظل نظام مصرفي كان يباهي بتفوقه وقد انهار وتبخّرت معه ودائع اللبنانيين، فقال عن الحملة على القرض الحسن، “هناك بعض الناس في لبنان مرضى وطنياً ومرضى أخلاقياً، وتساءل إذا كان نظامكم المالي تعيساً وكان هناك مؤسسة ناجحة كالقرض الحسن لماذا تهاجمونها؟”. ثم أضاف “بعد ما أصيب به القطاع المصرفي ـ وبعد ما انكشف تبين ان لبنان كان يعيش في فقاعة مالية ـ هل ستقوم له قائمة؟ متى وكيف؟ هل هناك في لبنان من يشك في ان المصارف فقدت الثقة؟ اللبنانيون باتوا بحاجة الى تحديد المكان الذي يتواجدون فيه الآن وان يقدموا حلولا.. لبنان القديم انتهى”.

وتابع: “البنية الاقتصادية في كل المنطقة تبدلت والناس اليوم تتابع ما يحصل في العالم.. لقد تبدلت كل القواعد التي كانت تتحكم بالبنية الاقتصادية اللبنانية.. الدلال الذي كان يأتي من الخارج انتهى وعلى اللبنانيين أن يعتمدوا على أنفسهم وعلى القدرات الواقعية من نفط وسياحة وزراعة، والحلول الترقيعية مستمرون بها لتضميد الجراح ولكن هذا ليس علاجاً”.

مجدداً يستحوذ كلام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي باهتمام القوى السياسية التي يعتبر معظمها أن كل طروحات باسيل تأتي لغاية في نفس نائب البترون الذي يطمح لدخول قصر بعبدا وإن كان لا يجاهر في ذلك. فمن الديمان وبعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي قال باسيل نريد رئيساً لديه تمثيل يتجسّد بكتلة نيابية ووزارية تدعمه وتزيد من قوة صلاحياته وموقعه رافضاً أن يكون الرئيس منعزلا كلياً عن الأرض وأن يفرض علينا سواء من الخارج أو من الداخل»، ومعتبراً أنّ «القرار في هذا الموضوع يجب أن يكون «عند الممثلين الفعليين» داعيا البطريركية المارونية الى ان تتولى مواكبة الاستحقاق الرئاسي. وشدّد باسيل على أنّ رئيس الجمهورية «يجب أن يكون منتخباً مباشرة من الشعب ويجب أن يكون من الناس، الأمر الذي يمنع خطر الفراغ». 

وفيما يعقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مؤتمرا صحافيا في معراب يتناول فيه آخر تطورات الملف الرئاسي وذلك عند الساعة 12:30 من بعد ظهر اليوم، اشارت مصادر القوات لـ”البناء” الى ان طرح باسيل انتخاب الرئيس من الشعب يحتاج الى تعديل دستوري وهو مرفوض خاصة، مشيرة الى ان باسيل يحاول الترويج لطرح كهذا منذ فترة لأنه مقتنع ان هناك شارعا شيعيا سيكون مساندا له، وتقول مصادر القوات ان اطلالة الدكتور جعجع اليوم تتصل بشكل اساسي بالملف الرئاسي، حيث سيركز على مواصفات الرئيس وأهمية هذا الاستحقاق وموقف القوات من الملف الرئاسي بكل جوانبه وما يطرح في هذا الخصوص. 

واعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي ان «الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، يكون ذا خبرة في الشأن العام ومواقف سيادية. إن الإسراع في إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية الضرورية تنقذ لبنان وتعيد النظام المصرفي اللبناني إلى دورته الطبيعية. هذا النظام الذي شكل أحد مقومات الازدهار في لبنان. وإن اعتبار عملية شارع الحمراء في هذه الأيام الأخيرة أمراً حصل وعبر، سيفاقم الوضع العام في البلاد ويهدد أمن العمل المصرفي، وقد يشجع، لا سمح الله، مواطنين آخرين على تحصيل حقوقهم بمنأى عن القانون. إن لدى الدولة طرقاً كثيرة لإنقاذ أموال المصارف والمودعين، لكنها مع الأسف ترفض استعمالها لأسباب باتت معروفة، وتروح نحو حلول وخطط تعافٍ تستلزم المراجعة والتصحيح والتعديل». 

نفذت طائرات حربية إسرائيلية معادية غارات وهميّة فوق مناطق الناعمة، خلدة، والضاحية الجنوبية ومناطق صيدا، إقليم الخروب وطريق الساحل بين بيروت والجنوب، ويأتي ذلك بالتزامن مع إطلاق طائرات حربيّة اسرائيلية معادية، مساء أمس صاروخين من قبالة سواحل الجية، باتجاه الأراضي السورية.

وأفاد مصدر عسكري سوري لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، بأنّ «حوالي الساعة 20,50 من مساء امس، نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه جنوب شرق بيروت، مستهدفًا بعض النقاط في ريف دمشق».

ولفت إلى أنه «تزامن هذا العدوان مع عدوان آخر من اتجاه البحر مستهدفاً بعض النقاط جنوب محافظة طرطوس، وقد تصدّت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها، وقد أدى العدوان إلى استشهاد ثلاثة عسكريين وجرح ثلاثة آخرين ووقوع بعض الخسائر المادية». 

ولفت رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إلى أنّنا نعيش في بلدنا أزمةً نتجت عن سياسات خرقاء في الداخل وعن انتهاز بعض الدول النافذة فُرصًا من أجل التضييق علينا ومحاصرتنا، علّنا نتنازل عن النهج الذي نلتزمه.
واضاف رعد: لن تستطيع “إسرائيل” أن تستخرج الغاز إذا أرادت أن تضع رأسها برأس المقاومة. 

ويصل غداً الثلاثاء إلى بيروت وفد عراقي يضم علاء عبد الحسين الساعدي مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي وكلاً من خالد منصور رسن وحسن هادي حسن من مكتب رئيس الوزراء العراقي، ومدير عام مركز التدريب المالي والمحاسبي في وزارة المالية احمد جواد الدهلكي والسيد عبد الكاظم عبد علي الدراجي من وزارة التربية والسفير العراقي حيدر شياع البراك وتستمر الزيارة يومين يلتقي خلالها الوفد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وزير الطاقة وليد فياض، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتهدف الى التفاوض مع المعنيين في لبنان لغرض الاستفادة من المبالغ المودعة في المصارف اللبنانية.

الى ذلك، دعت جمعية المودعين اللبنانيين الى وقفة تضامنية مع المودع الموقف بسام الشيخ حسين يوم غد الثلاثاء عند الساعة العاشرة صباحًا أمام قصر العدل في بيروت، للمطالبة بإطلاق سراحه وعدم كيل القضاء بمكيالين.

 

"اللواء": لبنان فوق بركان مخاوف
قبل 16 عاماً بالتمام والكمال، أعلن وقف العمليات الحربية بين اسرائيل التي بدأت حرب تموز وحزب الله، بعد مواجهة دامت 33 يوماً. المهم في الامر ان الجنوبيين لم يتوانوا لحظة في العودة الى قراهم التي دمر بعضها، ومنازلهم المهشمة او البائدة بقوة الغارات من الجو والبر والبحر، ليستمر الهدوء على طرفي الحدود، من دون الاعلان عن وقف نار كامل، ما خلا دخول الاستقرار تحت ولاية القرار 1701.

وعشية عيد انتقال السيدة العذراء، بقي الترقب الجنوبي سيد الموقف، في ضوء استحقاقين يتعلقان بالاستقرار وديمومته في الجنوب بانتظار عودة الوسيط الاميركي اموس هوكشتين لتحديد الخيارات المقبلة بعد الحصول على الرد الاسرائيلي على الطرح اللبناني، وسط نفي شبه رسمي من المعنيين بالتفاوض عن أجواء سلبية يشيعها بعض الإعلام اللبناني والاسرائيلي، كما نفاها هوكشتين عبر اتصالات مع أكثر من مسؤول لبناني في الساعات الماضية. 
وتوقعت مصادر على اطلاع عودته في موعد بين مطلع الاسبوع المقبل (22 آب) ونهايته (29 من الشهر نفسه).
والثاني يتعلق بالتمديد لقوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب (اليونيفل) نهاية آب الجاري، من دون ان يطرأ اي تعديل متوقع على مهامها.

أمَّا في الشأن الداخلي، وفي ظل غياب اي جهد داخلي، لاعادة وصل ما انقطع بين الرئاستين الاولى والثالثة، واصلاح ذات البين بين الرئاسة الثانية والنائب جبران باسيل، بقيت الاجواء المسمومة سيدة المتابعة، لجهة «التشويش» او التحريض، والانصراف الى «التنظير» حول الرئاسة والمصير، و«الخطر الكبير بعد نهاية العهد الحالي»، وفقا لترويجات التيار الوطني الحر.
على ان الأبرز، بدا امس، التباين الحقيقي بين التوجهات الكنسية والتوجهات السياسية للتيارات والكتل النيابية المسيحية، وهذا ما بدا واضحا من نتائج زيارة باسيل الى الديمان ولقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، حيث طلب منه الدعوة لعقد لقاء للقيادات المارونية والمسيحية للاتفاق على مواصفات الرئيس، وعدم التنازل عن سقف الرئيس القوي الذي يشكل العماد عون نموذجه..
وجاءت المواصفات التي حدّدها الراعي في عظة الاحد امس مخالفة «للرئيس القوي في بيئته» والذي يمثل وجدانها وغير مسموح ان يسققط.. مما يعني ان افتراقاً قوياً حاصل قبل الزيارة وبعدها بين بكركي التي عادت ان «تكون الصوت الذي يعبّر عن مكنونات اللبنانيين، والجهر بالمواقف الوطنية المصيرية».

ومن زاوية، انه من الطبيعي ان يطلع الشعب على رؤية كل مرشح جدي لرئاسة الجمهورية، طالب الراعي «المرشح لهذا المنصب من ابداء تصوره للمشاكل والحلول، واعلان مواقفه الواضحة من القضايا المصيرية، مثل: السبيل الذي يسلكه لإجراء مصالحة وطنية على أسس وطنية؟ أولوياته الوطنية والإصلاحية للنهوض الإقتصادي والمالي؟ المسار الذي يتبعه لضمان الكيان اللبناني ومنع بعثرته؟ كيفية العمل لتطبيق اللامركزية الموسعة؟ موقفه من عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان وتحديد نقاطه، ومن بينها القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان؟ كيفية إعادة دور لبنان في محيطه العربي والإقليمي والعالم؟ الخطة لديه لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم؟ اقتراحه لتنظيم عودة اللبنانيين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى إسرائيل سنة 2000؟ في ضوء كل ذلك نقول: لا يجوز في هذه المرحلة المصيرية، أن نسمع بأسماء مرشحين من هنا وهناك ولا نرى أي تصور لأي مرشح. كفانا مفاجآت».

ورأى: «إن الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، يكون ذا خبرة في الشأن العام ومواقف سيادية. إن الإسراع في إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية الضرورية ينقذ لبنان ويعيد النظام المصرفي اللبناني إلى دورته الطبيعية، هذا النظام الذي شكل أحد مقومات الازدهار في لبنان. إن اعتبار عملية شارع الحمراء في هذه الأيام الأخيرة أمر حصل وعبر، سيفاقم الوضع العام في البلاد ويهدد أمن العمل المصرفي، وقد يشجع، لا سمح الله، مواطنين آخرين على تحصيل حقوقهم بمنأى عن القانون. إن لدى الدولة طرقا كثيرة لإنقاذ أموال المصارف والمودعين، لكنها مع الأسف ترفض استعمالها لأسباب باتت معروفة، وتروح نحو حلول وخطط تعاف تستلزم المراجعة والتصحيح والتعديل».

وفي السياق، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ملف الإنتخابات الرئاسية الذي دخل في مراحله الأولى من خلال التركيز على مسألة المواصفات قد يشهد تزخيما أو تراجعا بناء على الحركة السياسية التي يقوم بها الأفرقاء المعنيون. 
ولفتت المصادر إلى أنه حتى الآن لم تتبلور أي مبادرة يقودها البطريرك الماروني بشأن الإستحقاق إن لناحية ترتيب الأسماء المرشحة والتي حدد مواصفاتها البطريرك الراعي وبرامج العمل وتحضير اجتماعات برعاية بكركي. 
وقالت إن بكركي ترحب بالجميع وإن البطريرك يستمع إلى الجميع ويستفسر عن أولويات عمله وعن مشروعه لإنقاذ الوضع، على أن مسألة دعم شخصية على حساب شخصية أخرى ليست واردة على الإطلاق في قاموس البطريرك.

بالمقابل، رأت مصادر متابعة الى ان زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل للبطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان، وان كانت في طياتها، تشكل محاولة لاظهار اهتمام رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي باسيل بما حصل مع المطران موسى الحاج، والوقوف على خاطر البطريرك الراعي والتاكيد على انهما مع ضبضبة هذه المشكلة بلا ضجيج، الا ان اهدافها الحقيقية تتجاوز هذه المشكلة الى ماهو اهم بكثير في حسابات باسيل وتطلعاته المستقبلية وقالت: ان رئيس التيار الوطني الحر، استغل هذه المشكلة ليظهر أنه يعارض ما حصل للمطران الحاج ولكن بعيدا من الاعلام، وكان منذ مدة على تواصل مع بكركي بواسطة احد النواب المقربين، لمعالجة هذا الموضوع، و من ضمنه التحضير لهذه الزيارة، والتطرق من خلالها الى موضوع الانتخابات الرئاسية، لاسيما بعدما انحسر الاهتمام السياسي بموضوع تشكيل الحكومةالجديدة، وتصدر موضوع الاستحقاق الرئاسي النقاش السياسي على ماعداه من اهتمامات اخرى، اثر اعلان البطريرك الراعي رؤيته لمواصفات رئيس الجمهورية الجديد وهي مواصفات، لا تنطبق على باسيل، كما على من يصنفون،بأنهم من الاكثر تمثيلا في الوسط المسيحي. وطرح باسيل ان يبادر البطريرك الماروني الى رعاية لقاء مصالحه بينه وبين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في بكركي، باعتبارهما رئيسي أكبر كتلتين نيابيتين مسيحيتين بالمجلس، لكي يتم البحث بموضوع الانتخابات الرئاسية والاتفاق فيما بينهما على وضع معادلة تكريس معادلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على غرار ما تردد انه تم التوصل اليه قبل الانتخابات الرئاسية الماضية بين الاقطاب المسيحيين الموارنة، ميشال عون، امين الجميل سليمان فرنجية وسمير جعجع في بكركي،او اذا تعذر ذلك، لاي سبب كان، وضع مواصفات الرئيس المقبل استنادا للتفاهم فيما بينهما وبمباركة من بكركي ايضا.
وتقول المصادر، انه بالرغم من تظاهر رئيس التيار الوطني الحر، بأن الهدف من هذا اللقاء المقترح، قطع الطريق على الاطراف الاخرى إختيار رئيس الجمهورية الجديد، وفرضه فرضا على المرجعيات المسيحية المارونية، السياسية والدينية، الا انه كان يضمر في نفسه اكثر من هدف، أولها محاولة اعادة تعويم نفسه، والظهور بمظهر اللاعب المسيحي الأساس بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، محليا وخارجيا، بعد ما ظهر معزولا شعبيا لمسؤوليته المباشرة عن تدمير قطاع الكهرباء بالكامل، وافشال العهد، ومن الحلفاء بالداخل من كل الاطراف السياسيين، باستثناء حزب الله، وعربيا من معظم الدول وخارجيا مطوقا بتداعيات عقوبات الفساد الاميركية. وثانيا، قطع الطريق على حليفه حزب الله بدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة او اي مرشح رئاسي يتوافق عليه مع الاطراف السياسيين الأساسيين، بعد صمت الحزب المطبق، ولمس منه انكفاء ضمنيا عن دعم ترشحه للرئاسة،بالرغم من عدم الاعلان عن ذلك رسميا حتى الان وثالثا، استغلال موقع الصرح البطريركي للتفاهم المرتجى على تخريجة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والانطلاق من اي اتفاق قد يحصل ضمن حسابات باسيل، لتسويق نفسه خارجيا، من بوابة الفاتيكان لاظهار نفسه المرجعية المسيحية المهمة، برغم كل اتهامات الفساد والتعطيل والسمعة العاطلة التي تلفه باكثر من ملف وقضية،والانطلاق منه الى اوروبا والولايات المتحدة الأمريكية اذا امكن لتبييض سجله الفاسد هناك.

وتكشف المصادر النقاب عن ان محاولات باسيل للقاء جعجع والسعي لاستغلال هذا اللقاء بالانتخابات الرئاسية فشلت،بعدما ابلغ الاخير بكركي بهذا الرفض في زيارته الاخيرة، كما تردد على لسان بعض الوسطاء، انطلاقا بعدم جدوى اي لقاء أو تفاهم يعقد مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل او رئيس الجمهورية ميشال عون، بعدما انقلبا على تفاهم معراب سابقا،ولم يلتزما بأي اتفاق سياسي مع أي طرف سياسي اخر، باستثناء تفاهم مار مخايل مع حزب الله حصرا،لان باسيل لايجرؤ على الانقلاب على هذا التفاهم حتى الان.
وكشفت المصادر ان رفض جعجع للقاء باسيل، بالرغم من نفي القوات وجود مثل هذا الطرح،قطع الطريق على طموحات رئيس التيار الوطني الحر، لتصدر المشهد السياسي وتظهير نفسه بالمرشح الرئاسي الاول، وهو مادفع به لتصعيد موقفه ضد حليفه حزب الله واتهامه مع حركة امل، بالمسؤولية بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة،في حين ان محاولاته لتكريس صيغة انتخاب الرئيس الاقوى تمثيلا في طائفته، دونها عقبات لتعارضها مع المواصفات التي اعلنها البطريرك الماروني لاي مرشح للرئاسة من جهة، ولانكفاء معظم القوى عن تأييدها من جهة ثانية. 

«أم المعارك»
 يبدو ان «معارك» الانتخابات الرئاسية بدأت تسخن رويداً رويداً سواء عبر اتصالات وتحركات القوى السياسية او المواقف السياسية التي تضع المعايير والمواصفات، وآخرها مواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من الديمان بعد لقاء البطريرك بشارة الراعي، وقبله زيارة وفد كتلة اللقاء الديموقراطي برئاسة النائب تيمور جنبلاط الى اليدمان، وما تسرّب من لقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بوفد قيادي من حزب الله، فيما يُرتقب ان يعقد النواب الـ 16 «التغييريون والمستقلون» اجتماعاً غداً الثلاثاء هو الثاني لهم لمتابعة مناقشة الاستحقاقات المقبلة التشريعية والاصلاحية والرئاسية.
وقال نائب حزب الكتائب الياس حنكش: أن عدداً من النواب الذين تعذّر عليهم الحضور في اللقاء الأول من لقاء المعارضة في مجلس النواب سيحضرون اللقاء المُقبل، وبذلك عدد النواب الحاضرين سيرتفع. 

وقال مدير مكتب الاعلام في بكركي وليد غياض لـ«اللواء»: ان لقاء البطريرك الراعي والنائب باسيل، كان لقاء صريحاً جداً، وكان هناك تقارب في الافكار حول تقييم المرحلة التي تمر بها البلاد، وحول ضرورة تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات الرئاسية بالتوافق حول اكثر المواصفات للرئيس العتيد. وابدى باسيل استعداده لتلبية اي مسعى او لقاء يقترحه البطريرك بدءاً من البيت المسيحي ويتوسع ليشمل الاطراف الاخرى، نظراً لما تمثله بكري والبطريرك من مرجعية او قيادة تجهد لتحقيق الاستحقاقات المقبلة، لا سيما بعد فقدان الثقة الخارجية بلبنان.

واضاف غياض: ان بكركي ليست بعيدة عن هذه الاجواء، لهذا لقاءات البطريرك تشمل كل الاطراف لمعالجة المشكلات القائمة.
واوضح رداً على سؤال ان اجواء لقاء البطريرك بوفد اللقاء الديموقراطي كانت إيجابية ايضاً وكان تأكيد من جنبلاط الابن على مرجعية بكركي ودورها الوطني، وهو أيد مواقف البطريرك من الامور المطروحة، واكد ان مصالحة الجبل ثابتة ولن يعود الزمن الى الوراء، بل هي سائرة الى الامام بخطوات عبر التنسيق والتواصل وتوحيد المساعي لتثبيتها اكثر.

 

"الجمهورية": مصير الترسيم ينتظر هوكشتاين
من المرتقب هذا الاسبوع ان يظهر مزيد من المؤشرات حول مهمّة الوسيط الاميركي في ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتاين، الذي ينتظر لبنان منه جوابًا اسرائيليًا نهائيًا حول حدوده وحقوقه لكي يبني في ضوئه على الشيء مقتضاه. فيما بدأت تلوح في الأفق ملاح نزاع سياسي على الاستحقاق الرئاسي قد يمنع انجازه ضمن المهلة الدستورية، ما أعاد البحث في وجوب تأليف الحكومة الجديدة، لكي تتولّى صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انقضاء ولايته، خصوصًا انّ بعض الاوساط عاد يناقش في مدى دستورية ان تتولّى حكومة تصريف الاعمال هذه الصلاحيات في ظلّ الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية، إن حصل وتعذّر تأليف حكومة مكتملة المواصفات والصلاحيات الدستورية. ووسط كل هذه التطورات، تتفاقم الأزمات المالية والاقتصادية المعيشية والحياتية، والتي تزيد من حدّتها لصوصية المصارف وسطوها على اموال المودعين والموظفين في القطاعين العام والخاص على حدّ سواء، بلا أي رادع او حسيب..

غابت النشاطات الرسمية لوجود رئيس حكومة تصريف الاعمال والمكلّف تشكيل الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي في عطلة خارج البلاد، ولم يُسجّل بعد اي تواصل بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ اللقاء الذي تزامن وعيد الجيش وزيارة الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الاخيرة لبيروت، وبقيت العلاقة بينهما محصورة بالبريد اليومي المتبادل بين الأمانة العامة لمجلس الوزراء والمديرية العامة في رئاسة الجمهورية.

الخطأ والخطورة

واعتبرت اوساط سياسية مطلعة، انّ «من الخطأ والخطورة الاستسلام لفكرة أن لا إمكانية لتشكيل حكومة جديدة، على اساس انّه لم تعد «تحرز»، بفعل اقتراب موعد انتخابات رئاسة الجمهورية».

وقالت هذه الاوساط لـ«الجمهورية»، انّ «أهمية ولادة حكومة جديدة لا تقاس بالفترة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الرئاسي، بل ترتبط باحتمال تعذر انتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية وهذا احتمال كبير، ما يستدعي وجود حكومة مكتملة المواصفات لإدارة شؤون البلاد في الفترة الانتقالية، لأنّ وضع البلد لا يتحمّل ان يبقى لأشهر بلا رئيس جمهورية وحكومة أصيلة معًا، والاكتفاء بحكومة تصريف أعمال مقيّدة الصلاحيات».

واعتبرت الاوساط «انّ الرئيس نجيب ميقاتي سيكون المتضرّر الأول من عدم بذله الجهد المطلوب لتشكيل الحكومة، لأنّ هذا الموقف سينقله من متخصص في تدوير الزوايا إلى التموضع في زاوية حادة، خلافًا لما عُرف به في مسيرته السياسية، الأمر الذي سيؤدي إلى فقدانه واحدة من أهم مميزاته التي كانت تبقيه ضمن دائرة المرشحين إلى رئاسة الحكومة».

واشارت الاوساط نفسها، إلى انّ «ليس صحيحًا انّ الفراغ الرئاسي سيسمح لميقاتي بأن يصبح حاكمًا بأمره كرئيس لحكومة تصريف الأعمال، إذ انّ كل وزير سيصبح في حالة وقوع الفراغ مقرّراً، وبالتالي سيكون قادرًا على تعطيل أي قرار يجد أنّه لا يناسبه».

المعارضة

في غضون ذلك، قالت أوساط سياسية معارضة لـ«الجمهورية»، انّ بعض القوى السياسية في الداخل وبعض دوائر القرار في الخارج تروِّج لنظرية انّ معاناة اللبنانيين الحقيقية اليوم سببها الأزمة المالية الحادة المستجدة وغير المسبوقة، وانّ عدم معالجة هذه الأزمة سريعًا سيؤدي إلى استفحالها، فيما الانقسام السياسي ليس جديدًا ولا مستجدًا ومعالجته ما زالت مستحيلة، وجلّ ما هو مطلوب، بالنسبة لهذا البعض، إعادة الوضع اللبناني إلى ما كان عليه قبل الانهيار المالي، وهو أمر متاح، بمعنى انّ معالجة الأزمة المالية ممكنة خلافًا للسياسية غير الممكنة، وانّ المدخل لهذا الإنقاذ يبدأ مع انتخاب رئيس للجمهورية بخلفية مالية، لا سياسية، يضع كل تركيزه على الشأن المالي بدلًا من السياسي غير القابل للحل والمعالجة، وذلك إن من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أو إقرار القوانين الإصلاحية وغيرها من الخطوات التي تندرج في هذا السياق.

ورأت هذه الأوساط في خطورة هذه المقاربة، انهّا قابلة للترويج تحت عنوان الحفاظ على الاستقرار ومنع الفراغ والانكباب على معالجة الأزمة المالية، ومن خلال هذا النوع من المقاربات يواصل الفريق الحاكم إمساكه بمفاصل السلطة، علمًا انّ الأسباب الأساسية للانهيار المالي سياسية بامتياز ومردها إلى تغييب الدولة ونهب مواردها وتحميلها أعباء دويلة تشرِّع الحدود للتهريب وتعزل لبنان عن محيطه، وفساد طبقة سياسية تستفيد من واقع غياب دولة.

وذكرّت الأوساط بتجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي فُرضت عليه قاعدة الفاصل نفسها، بين ما هو سياسي وأمني من اختصاص النظام الأمني اللبناني-السوري المشترك، وبين ما هو اقتصادي ومالي وإعماري من اختصاصه، وقد أدّى هذا الأمر في نهاية المطاف إلى اغتياله، وأي رئيس يحيِّد نفسه عن القضايا السياسية سيكون مصيره الاغتيال في اللحظة التي يقرِّر فيها مقاربة هذه القضايا واتخاذ المواقف المناسبة منها، وبمعزل عن ذلك، فإنّ معالجة الأزمة من الباب المالي من دون السياسي مقاربة خاطئة تماماً.

وأكّدت الأوساط نفسها «انّ الأزمة المالية هي نتيجة طبيعية للأزمة السياسية، ويستحيل معالجة هذه الأزمة المالية من دون معالجة مسبباتها السياسية، والانهيار الذي وصلت إليه البلاد كان متوقعًا وحتميًا، ولو كان ثمة إمكانية للخروج من هذا الانهيار لكان تمكّن الفريق الحاكم الممسك بالسلطة من الخروج منه، في ظلّ سيطرته المطلقة على السلطة. وعدا عن انّ الإصلاح يتناقض مع طبيعة هذا الفريق، فإنّ التجربة أثبتت انّ الانهيار سببه تغييب الدولة، وانّ الخروج من هذا الانهيار يبدأ مع إعادة الاعتبار لدور هذه الدولة». وشدّدت الأوساط على «انّ مقولة تجنُّب الفراغ لتجنُّب الانهيار لم تعد تصح، بعدما انزلقت البلاد إلى انهيار ما بعده انهيار، فيما لا فارق بين فراغ وبين تعبئة هذا الفراغ شكليًا من دون اي تغيير في واقع الأزمة القائمة. ولذلك، يجب الإصرار على انتخاب الرئيس الذي يزاوج بشخصه بين السيادة والإصلاح، من أجل ان يضع البلاد على طريق الإنقاذ، كما الإصرار على استبعاد الرئيس الـ8 آذاري والرئيس الوسطي ليتفرّغ للأزمة المالية، وعدا عن انّه سيشكّل غطاءً لـ»حزب الله»، فإنّ الأزمة المالية ستراوح، لأنّ الإنقاذ يبدأ من الباب السياسي لا المالي، ومن الباب السيادي تحديدًا».

فراغ رئاسي

وفي المقابل، رأت أوساط محايدة لـ«الجمهورية»، انّ «إصرار فريقي 8 و14 آذار او فريقي المعارضة والموالاة على إيصال رئيس للجمهورية من فريقهما يعني الوصول إلى الفراغ الرئاسي، لأنّ لا الموالاة قادرة على انتخاب رئيس من صفوفها، ولا المعارضة أيضاً، والحلّ الوحيد في الوصول إلى رئيس وسطي وتوافقي قادر على الحكم، فضلاً عن انّ الرئيس المنتخب من فريق، في حال انتُخب، لن يتمكّن من الحكم، كما انّ البلاد لا تحتمل مزيداً من الانقسام والخلاف والتشرذم، وتتطلّب التوافق لتجاوز مرحلة الانهيار، وخلاف ذلك يعني الارتطام الكبير، ويجب ان يكون هذا الاحتمال مستبعدًا لدى جميع الكتل النيابية، لأنّ مصلحة لبنان تستدعي فرملة الانهيار وأخذ إجازة من الخلافات السياسية التي لا طائل منها، والانكباب على معالجة قضايا الناس الملحّة».

ودعت الأوساط نفسها الكتل النيابية إلى «تسريع التوافق على انتخاب رئيس وتكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة والشروع في معالجة الأزمة، من خلال ورشة عمل مفتوحة، خصوصًا انّ ميزان القوى النيابي لا يسمح لأي فريق في ان يحسم النتيجة لمصلحته، وبالتالي ما الفائدة من الانتظار واستنزاف الوقت الثمين جدًا بالنسبة إلى اللبنانيين الذين ينشدون الاستقرار والخروج من الحالة المأسوية التي وصلوا إليها».

وقالت هذه الأوساط «انّ فريقي النزاع يدركان تماماً انّ دوائر القرار الخارجية هي ضدّ الفراغ الرئاسي وتتطلّع إلى انتخاب رئيس وسطي وحيادي قادر على جمع القوى السياسية وطي الصفحة الخلافية وفتح صفحة جديدة من التعاون لقيادة مرحلة الإنقاذ، لأنّه خلاف ذلك سيكون الانهيار الشامل سيِّد الموقف، ولا مصلحة لأي فريق سياسي باستمرار الانهيار، فضلاً عن انّ اي فريق لا يحظى بدعم خارجي في ظلّ أولوية الخارج انتخاب رئيس وسطي ويتمتّع بخلفية مالية وقادر على مفاوضة صندوق النقد ووضع أولوية المعالجة المالية، على أي اعتبار آخر».

إقرأ المزيد في: لبنان