طوفان الأقصى

خاص العهد

فوضى المولّدات..أرباح شهرية بالمليارات
29/07/2022

فوضى المولّدات..أرباح شهرية بالمليارات

فاطمة سلامة

لا معاناة تفوق معاناة المواطنين مع المولّدات وأصحابها. ثمّة مزاجية غريبة عجيبة في التعاطي بهذا الملف. فاتورة المولّد باتت عبئًا يفوق حتى فاتورة المواد الغذائية. ولدى الحديث عن هذا العالم، ثمّة نماذج متعدّدة من المخالفات. طبعًا، هذا لا ينفي نظرية أنّ ثمّة أصحاب مولّدات يلتزمون بالتسعيرة القانونية ولا يخالفون القانون. لكن في المقابل، ثمّة من لا يكترث لا للقانون ولا الأخلاق ولا أي شيء آخر. وفي هذا السياق حدّث ولا حرج. نعيش فوضى عارمة في عصر المولّدات، فوضى تتعدّد أوجهها وتتنوّع والضحية الأولى والأخيرة هي المواطن. ثمّة أصحاب مولّدات يجنون أرباحًا شهرية خيالية تفوق قدرة المرء على التخيل. 

وبالتدقيق تبيّن أنّ ثمّة فارقًا كبيرًا بين تسعيرة الدولة والتسعيرة المعتمدة ما خوّل أصحاب المولّدات جني أرباح هائلة. على سبيل المثال، أحد أصحاب المولّدات الذي يمتلك آلاف المشتركين تمكّن من جني أرباح بمليارات الليرات شهريًا انطلاقًا من عدد المشتركين الكبير وفارق التسعيرة فقط، وقس على ذلك الكثير. 

جرى تسطير محاضر حتى تاريخه بحق أكثر من 15 مولّدًا

أمام هذا الواقع المُر، بات المواطن أمام خيارين أحلاهما مُر؛ إما الرضوخ لصاحب المولّد الذي يبدو كـ"العايز المستغني" وقبول الابتزاز بكل أشكاله ودفع فاتورة خيالية، وإما الانتفاض والقبول بواقع لا كهرباء فيه ولا من يحزنون. وعليه، تحرّك اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت. توجّهوا الى القضاء عسى ولعلّ يتمكّن القانون من وضع حد لهؤلاء المخالفين. اجتمعوا قبل أيام بالنائبة العامّة الاستئنافيّة في جبل لبنان القاضية غادة عون والمحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية آرليت تابت. ناشدوا القضاء لوضع حد لـ"الفلتان" الحاصل. 

مصادر قضائية تؤكّد لموقع "العهد" الإخباري أنّه وعلى إثر دعوة الاتحاد تحرّك جهاز أمن الدولة لملاحقة العشرات من أصحاب المولّدات في الضاحية الجنوبية لبيروت والذين تفوق تسعيرة الكيلوواط لديهم الـ17 ألف ليرة. وفيما تلفت المصادر الى أنّ عملية أمن الدولة مستمرة، تشير الى أنّه جرى تسطير محاضر بحق أصحاب أكثر من 15 مولّدا. وفق المصادر، قيمة المحاضر هذه المرّة "موجعة جدًا" ولم تعد كالسابق وفق الآلية القديمة أي مئة مليون ليرة. في السابق كانت أرباح المولّدات تفوق بكثير قيمة الضبط، أما اليوم فقد اختلف الوضع، وباتت الغرامة على قدر الأرباح غير الشرعية التي يتقاضاها المخالفون للالتزام بالتسعيرة. 

وهنا توضح المصادر أنّ أمن الدولة قد يلجأ الى بلاغ "البحث والتحري" في حال تطلّبت الأمور ذلك، وأنّ العملية مستمرة في كافة أنحاء الضاحية الجنوبية لبيروت ولا تقتصر على منطقة دون أخرى بناء على طلب الاتحاد. كما أنّ العملية شهرية وقد يتكرّر الضبط أكثر من مرة بحق المخالف نفسه خلال الشهر ذاته. 

أشكال المخالفات متعدّدة 

وتوضح المصادر أنّ أشكال المخالفات تتعدّد بدءًا من مخالفة تسعيرة، تركيب عدادت، تقاضي الفاتورة بـ"الفريش دولار"، دفع تأمين على التقنين، تقاضي تسعيرة الدولة واشتراك أعلى، تقاضي تسعيرة الدولة واشتراك صحيح مع مقطوعة "برانية" غير مصرّح عنها بمبالغ مختلفة تتراوح بين 500 ألف و800 ألف وغير ذلك. 

درغام: للتقدم بشكاوى  

رئيس ​اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية​ لبيروت ​محمد درغام يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ ملفين أساسيين وراء زيارتنا للقضاء، أولًا: أن لا يتم قطع الكهرباء عن المواطنين، وثانيًا: أن يلتزم أصحاب المولدات بتسعيرة الدولة الرسمية وبقرار وزارة الاقتصاد تركيب عدادات. وفق قناعاته، من حق المواطن تركيب عدّاد يدفع بواسطته على قدر ما يصرف، تمامًا كما من حقه أن لا يتقاضى صاحب المولّد منه أكثر من تسعيرة الدولة. 

وفي هذا السياق، يطلب درغام من المواطنين التقدم بشكاوى واضحة، اذ من غير المقبول أن يشتكي المواطن دون أن يذكر اسمه ورقمه ودون أن يعرض فاتورته. المواطن هو المتضرر ويجب أن يرفع الشكوى ويصر عليها لأن في ذلك حقا مكتسبا، وفي المقابل، يجب أن يسدد فواتيره قبل رفع أي شكوى لأنّ لصاحب المولد حقا عليه أيضًا. 

ياسين: ثمّة فوضى ولكن "المظلومية" كبيرة 

بدوره، يستنكر رئيس تجمع أصحاب مولدات الضاحية الجنوبية حسن ياسين كل هذه الحملة التي تُشن على أصحاب المولّدات، فيقول مستغربًا: "لم يعد سوى عبد الله في الجيش". وفق حساباته، كل الأزمات منسيّة ولم يعد في البال سوى أصحاب المولدات. أين أزمة الخبز والنفط؟ فليذهبوا الى شركات النفط ويحاسبوا المسؤولين، بعد أن انخفض سعر برميل النفط ولم تنخفض الأسعار. من وجهة نظر ياسين، ثمة "مظلومية" كبيرة تلحق بهذه الشريحة التي ليس من مسؤوليتها إعطاء الكهرباء وسد عجز الدولة أو تحمُّل هذا الكم الهائل من التعب وسهر الليالي. 

لا يُنكر ياسين أنّ ثمّة فوضى يشهدها قطاع المولّدات غير المنظّم. ثمّة من يتقاضى كثيرًا على "الكيلوواط" ويُسعّر على هواه بلا رحمة ولا من يحزنون. لكنّه يرفض التعميم حيث بات "عدم الرحمة ومخالفة القانون" "صبغة" عامة عن أصحاب المولّدات. يلفت ياسين الى أننا - كأصحاب مولدات- زرنا كافة المرجعيات من نواب، وزراء، علماء دين، ومسؤولين وعرضنا عليهم وجهة نظرنا لناحية الكلفة التشغيلية، التسعيرة، الصيانة وغيرها لكن لا آذان صاغية. وهنا يلفت ياسين الى أننا مستعدون لتكون هناك لجنة تناقش قضية المولّدات بالأرقام وأمام الرأي العام. 

وفيما يلفت الى رقم المولّدات الكبير في الضاحية الجنوبية والذي يناهز الـ400 مولّد وهو رقم ليس هينًا، يُشدّد على أنّ موضوع المولّدات لا يُحل بالتهديد والوعيد، بل بشكل موضوعي علمي ومنطقي. التهديد لم يأت ثماره منذ عام 2010 والسجن لدينا أفضل من أن نخسر منازلنا لنضيء للناس، يقول ياسين، الذي يلفت الى أنّه اقترح أخذ 4 عينات لمولّدات من الضاحية ووضع حارس قضائي لجباية وتعبئة المازوت بتسعيرة الدولة لكن لم يستجب أحد للاقتراح، يختم ياسين. 

لا شك أنّ المواطن اللبناني لم يعد مهتمًا كثيرًا بالغوص في تفاصيل الكلفة والتسعيرة وغيرهما من الأمور. جُل ما يهمه أمران؛ تغذية منزله بالكهرباء من جهة، وفاتورة "محمولة" يتمكّن من سدادها دون أن يضطر للاستدانة من جهة أخرى، على أمل أن تتمكّن الدولة من زيادة ساعات التغذية الكهربائية، وأن يرأف بعض أصحاب المولّدات بالناس قليلًا.
 

مولدات الكهرباء

إقرأ المزيد في: خاص العهد