طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

المسيّرات، المهمة والتداعيات
06/07/2022

المسيّرات، المهمة والتداعيات

يونس عودة

 

استعر الجدل في لبنان، وكأننا في حفلة زجل، وليس في خضم مسألة وطنية صرفة تتعلق بالحقوق والسيادة، والشرف والانتماء، وحتى على مستوى الصراع مع العدو ومواجهة ارهابه، الا اذا كان خيار البعض فعلا، هو التموضع الى جانب العدو في الصراع، وقد شهد اللبنانيون فعلا مثل هذه الحالة، المفترض انها شاذة، لا بل تدخل في التصنيف السياسي والقانوني بانها "خيانة" .

 

لم تكن المسيرات التي ارسلتها المقاومة فوق البحر اللبناني، الا بداية ترجمة لخطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله العلني، وقد سمعه العالم اجمع، بمن فيهم رئيس الحكومة الميقاتية ووزير الخارجية، والذين يتواصل معهم الاميركيون من خارج السلطة التنفيذية، وفحواه ان الثروة تتعرض لمجموعة مخاطر، أولها السعي الأميركي والإسرائيلي لسلخ مساحة كبيرة من المنطقة البحرية عن لبنان، ووضع الشروط على البلد حول حدوده وحقوقه. وهذا النقاش بدأ مع البحث في الخطوط حول الترسيم. واننا قادرون على  توفير الحماية  للثروة الوطنية الموجودة تحت سطح البحر، والمقاومة تملك القدرة المادية والعسكرية والأمنية والمعلوماتية والبشرية لمنع العدو من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش.لا بل وكشف عن اجتماع عقده مع المسؤولين المعنيين في حزب الله لتقييم قدرات الحزب العسكرية لمنع العدو من استخراج النفط من الحقل المتنازع عليه، مع التشديد على ان كل إجراءات العدو لن تحمي هذه العملية.

الم يفهم الذين يعتبرون انفسهم فطاحل في السياسة، ان السيد نصر الله اعلنها كسطوع الشمس، وكما يعرفونه هم اكثر من غيرهم وتحديدا في الصراع مع العدو، ان  كل خيارات المقاومة مطروحة على الطاولة.

الم يكن ارسال المسيّرات فوق البحر المتوسط جزئية بسيطة من الخيار المطروح دوما في مواجهة الكيان المحتل، وتلك العملية ليست الا لجمع المعلومات التي حصّلتها المقاومة ضمن عملية الاعداد للحظة العملياتية المناسبة.

هل هناك اوضح من هذا الموقف واصدق وعلى الملأ، كي يتنكر البعض لفهمه، بمن فيهم رئيس الحكومة ووزير الخارجية واطراف صوتية اخرى تريد ضبط مواقيتها على الساعة الاميركية، التي يحملها عاموس هوكشتاين، وهي ساعة متوقفة عند المصلحة الاسرائيلية حصرا في سرقة ما امكنها من الثروة اللبنانية .

من غير المفهوم، لا بل من المعيب ان لا تستفيد الحكومة من ورقة قوة للمفاوض اللبناني قدمتها المقاومة على طبق من ألماس لمن يريد فعلا ان يصون الحقوق اللبنانية، 

ان حالة الانكار، والتنكر، التي تجلبب بها  الموقف الرسمي لهي اخطر بكثير من موقف حكومة فؤاد السنيورة  آبان حرب تموز عام 2006، والفارق الوحيد ان السنيورة واعوانه في الفريق السياسي الذين جمعتهم وزيرة الخارجية الاميركية انذاك كونداليزا رايس لم يكن لديهم التقدير بان المقاومة يمكنها هزيمة "اسرائيل"، ولو بنسبة خيالية، بينما اليوم يفترض، وبعد التجارب ان يفهم من في السلطة ان يد المقاومة أطول وأصلب بكثير مما كان قبل 16 عاما .

الم يكن من الاجدى بدل ان يسارعوا الى استرضاء السيد الاميركي وتطمين العدو، المتأهب للسرقة والاقتطاع، ان ينتظروا المفاعيل لدى الاجهزة السياسية والامنية والعسكرية الاسرائيلية، وجميعهم فهموا الرسالة الجوية الثلاثية في ظل ارتباك شديد جرى التعبير عنه من خلال "نقاش سري بإسرائيل حضره جميع الجهات الأمنية والاعلامية ذات الصلة: الموساد، مجلس الأمن القومي والجيش"، في ظل مخاوف من محاولة هجوم اضافية. وفق ما قالت "القناة 13"العبرية، التي نقل تقريرها عن المسؤولين الأمنيين قولهم خلال النقاش أنه "تم توجيه انتقاد حول سلوك المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بنفس اليوم وأن الرسائل الإسرائيلية لم تكن موحدة ولم تكن متطابقة بشكل جيد". 

ان الوضع المدهش، حسبما يقول دبلوماسي اوروبي في بيروت تمظهر في الخوف من انزعاج الاميركي والغضب الاسرائيلي، بدل ان تستفيد الحكومة اللبنانية وتفرض مواقيتها للتفاوض لان الوقت لصالحها، كما وتقوم بصلات دولية تكشف حقائق الوضع، تركت الساحة لـ"اسرائيل"، حيث هرول رئيس حكومتها المترنحة، "يائير لابيد"، الى اليونان ففرنسا مع حملة اتصالات بين مسؤولين إسرائيليين ومسؤولين أوروبيين، وكانت الرسالة التي تم تمريرها هي الآتية: " لا تجلسوا جانبا..إن الضرر لا يقتصر على قطاع الطاقة الاسرائيلي في حال هاجم "حزب الله" منصة كاريش انما يهدد الامدادات الى أوروبا".

بغض النظر عن النقاش المحتدم في الكيان الغاصبل، والنتائج ـ الانجازات، التي حققتها المسيرات غير المسلحة، بقدرتها على المناورة لتحقيق المهمة، فقد نجحت وهذا الامر حسبما نقل موقع "واللا" عن مصادر في الجيش الإسرائيلي إن هذا الموضوع لا يزال قيد التحقيق، يستغرب دبلوماسيون من غير العرب كيف يمكن للمسؤولين اللبنانيين ان يثقوا بالولايات المتحدة وووعود ساستها بعد تجارب عدة، الا اذا كانوا بيادق اسرى على اللوحة الاميركية .

يذكّر دبلوماسي مخضرم بمقالة للكاتب الاميركي "ديفيد اغناتيوس" قال فيها "إن لدى الولايات المتحدة عادة سيئة أثناء حروبها بالشرق الأوسط تتمثل في تخليها عن القوى المحلية التي جندتها لصالحها، والابتعاد عنهم عندما تتفاقم الأزمة أو تحدث تدخلات إقليمية، وأن نمط ما يعرف بـ"الإغواء والتخلي" يُعد من الخصائص غير المحببة لدى الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن "هذا النهج هو أحد الأسباب التي لا تجعلها تحظى بالثقة في الشرق الأوسط".

النفطالكيان المؤقت

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة