ramadan2024

لبنان

مراوغة في ملف ترسيم الحدود... واستنفار أمني صامت
01/07/2022

مراوغة في ملف ترسيم الحدود... واستنفار أمني صامت

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ الحيرة في مقاربة ملف ترسيم الحدود لا تتعلّق بتناقض في المواقف، بل في كون الوقائع الصلبة المرتبطة بالملف لا تشير الى حل قريب. وهو ما يفتح الباب أمام أسئلة مقلقة حول مستقبل الوضع الأمني على الحدود الجنوبية للبنان، وخصوصاً في ظل الدرجة العالية من "الاستنفار الأمني الصامت"، رغم امتناع كل الأطراف المعنية عن الحديث عن الموضوع.

واعتبرت الصحف أنّ المفاوضات التي خاضها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين مع المسؤولين الإسرائيليين انتهت، بحسب المعلومات، الى "ردّ أولي" من العدو على الاقتراح اللبناني الذي نقله هوكشتين. واللافت أن "إسرائيل" لا تعتمد في نقل موقفها على الجانب الأميركي فقط، بل أيضاً على مسؤولين أوروبيين وعلى منسقة الأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا التي نقلت "ردوداً غير رسمية" الى عدد من المسؤولين في لبنان، علماً بأن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا باشرت بإطلاع الجهات الرسمية على فحوى رسالة هوكشتين، من دون الكشف عن مضمونها، على أن يصار الى تواصل مباشر في وقت قريب بين نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب وهوكشتين للاتفاق على الخطوات المقبلة.


الأخبار| المقاومة تكرّر: لا عمل في "كاريش" قبل ضمان الحقوق... و"إسرائيل" تقترح بيع لبنان "حصتها" في "قانا"

بداية مع صحيفة الأخبار التي كتبت أنّ الحيرة في مقاربة ملف ترسيم الحدود لا تتعلّق بتناقض في المواقف، بل في كون الوقائع الصلبة المرتبطة بالملف لا تشير الى حل قريب. وهو ما يفتح الباب أمام أسئلة مقلقة حول مستقبل الوضع الأمني على الحدود الجنوبية للبنان، وخصوصاً في ظل الدرجة العالية من «الاستنفار الأمني الصامت»، رغم امتناع كل الأطراف المعنية عن الحديث عن الموضوع.

واعتبرت الصحيفة أنّ المفاوضات التي خاضها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين مع المسؤولين الإسرائيليين انتهت، بحسب المعلومات، الى «ردّ أولي» من العدو على الاقتراح اللبناني الذي نقله هوكشتين. واللافت أن «إسرائيل» لا تعتمد في نقل موقفها على الجانب الأميركي فقط، بل أيضاً على مسؤولين أوروبيين وعلى منسقة الأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا التي نقلت «ردوداً غير رسمية» الى عدد من المسؤولين في لبنان، علماً بأن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا باشرت بإطلاع الجهات الرسمية على فحوى رسالة هوكشتين، من دون الكشف عن مضمونها، على أن يصار الى تواصل مباشر في وقت قريب بين نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب وهوكشتين للاتفاق على الخطوات المقبلة.

فحوى رد العدو

بحسب مصادر متابعة، فإن الموقف الإسرائيلي من المقترحات اللبنانية أخذ بعداً يوحي بإيجابية، لكنه تضمّن ملاحظات تعكس سلبية وتؤدي الى تعقيد الخلاف. وبحسب المصادر، فإن الموقف الإسرائيلي هو على النحو الآتي:
أولاً، ترحّب "إسرائيل" بالموقف اللبناني الموحد الذي لا يتحدث عن الخط 29 كخط تفاوضي، وترى أن هذا الجواب يسحب ملف حقل «كاريش» من التداول كمنطقة متنازع عليها. وبالتالي، ترى أن الموقف اللبناني يسمح لها بالاستمرار في خطة عملها لاستخراج النفط والغاز من هذا الحقل في أيلول المقبل.
ثانياً، تقرّ "إسرائيل" بأن الخط 23 يمثل نقطة مركزية في التفاوض. لكنها لا تقبل مطلب لبنان بالحصول على كامل «حقل قانا»، والتفاوض حول الخط 23 يعني أن "إسرائيل" تملك حقاً وحصة في الحقل، مع الإقرار بأن حصة لبنان في الحقل أكبر من حصة "إسرائيل".
ثالثاً، ترى "إسرائيل" أن التفاوض مع لبنان لا يحتاج إلى العودة الى إطار الجلسات التي عقدت في الناقورة، وأن الوساطة يمكن أن تستمر من خلال المبعوث الأميركي، وأن المفاوضات يجب أن تركز الآن على كيفية معالجة "القسم المشترك" في حقل قانا.
رابعاً، قال المسؤولون في "إسرائيل" إن على المجتمع الدولي "ردع" لبنان عن تبنّي التهديدات التي أعلنها حزب الله، ومنعه من القيام بأي عمل قد يؤدي الى تضرر لبنان بقوة.

ماذا يعني الرد؟

بحسب جهات لبنانية وأممية متابعة للملف، تريد "إسرائيل" من هذا الموقف الحصول على الآتي:
أولاً، عدم ربط عمليات الاستخراج من حقل «كاريش» بنتائج المفاوضات الجارية، وأن يكون لها الحق بالقيام بما تراه مناسباً على صعيد الاستخراج من دون الحاجة الى انتظار أي موقف لبناني.
ثانياً، ترفض "إسرائيل" المقايضة الضمنية المقترحة من لبنان بأن يكون «حقل قانا» كاملاً للبنان مقابل أن يكون «حقل كاريش» كاملاً لها، وتتمسك بالفرضية التي تقول إن لها حصة في «قانا».
ثالثاً، إن "إسرائيل" تعود عملياً الى فكرة الوسيط الأميركي بأن هناك فرصة لعمل مشترك في المنطقة المتنازع عليها، عبر شركة عالمية يتفق عليها الطرفان، ويترك للشركة تحديد الحصص والبدء بالعمل ووضع العائدات في صندوق مستقل توزع عائداته على الجانبين.
لكن القراءة اللبنانية التي لم تتوحّد بعد بصورة نهائية، يمكن أن تكون رهن تلقي الجواب رسمياً عبر الوسيط الأميركي وليس عبر أي قنوات أخرى. إلا أن ذلك لم يمنع حصول مشاورات أولية بين الجهات المعنية، توصلت الى تفاهمات أولية تحتاج الى مزيد من البحث قبل إعلان موقف لبنان الرسمي وإبلاغه الى الأميركيين.
وبحسب المداولات، فان لبنان يرفض أي محاولة من العدو للحصول على حصة في «حقل قانا»، كما يرفض فكرة استمرار التفاوض عبر الوسيط ويصر على العودة الى اجتماعات الناقورة، كذلك لن يقبل فكرة العمل المشترك من خلال شركة عالمية نظراً إلى وجود شبهة تطبيع، وهذا الأمر سمعه الموفد الأميركي بوضوح من الرؤساء الثلاثة في زيارته الأخيرة.

وفي هذا الشأن، تبيّن أن الأميركيين - بالتشاور مع الإسرائيليين ومع عواصم أوروبية - يقترحون فكرة تمنع لبنان من إلزامية التفاوض المباشر حول حقل قانا. ويقول المقترح إنه طالما أن الحصة اللبنانية هي الأكبر، والحصة الإسرائيلية هي الأصغر، فليعمد لبنان الى شراء حصة العدو من خلال شركة عالمية تتولى عملية الاستخراج، وربما البيع أيضاً. وجرت الإشارة، هنا، الى شركة «توتال» الفرنسية بتفويضها عمليات المسح والتخمين وتحديد حصة كل طرف، ومن ثم تتولى هي شراء الحصة الإسرائيلية، على أن تحصل على كلفتها من العائدات الإجمالية لبيع المواد المستخرجة، مع تشديد من الجانب الفرنسي على أن حقل قانا يحتوي على كميات تسمح بهذا النوع من المقايضة.
وبحسب المعطيات، فإن الجانب الأميركي يراهن على سماه «المرونة» اللبنانية إزاء هذا العرض. وقالت المصادر إنه سبق للوسيط الأميركي أن «حث الرؤساء اللبنانيين على الاستفادة من الفرصة والمباشرة بعمليات التنقيب والاستخراج لتغطية أكلاف إعادة بناء الاقتصاد اللبناني»، وأرفق نصيحته هذه بتهديدات ضمنية من نوع «أن لبنان لا يحتمل حرباً جديدة لأن "إسرائيل" ستردّ بقسوة على أي هجوم وسيكون لبنان في وضع أسوأ مما هو عليه».

ما بعد عون؟

والواضح بالنسبة إلى الجهات المتابعة أن الجانب الأميركي الذي يسعى الى كسب الوقت في مفاوضات طويلة الأمد، إنما يعمل على أساس أن أي اتفاق لن يتم خلال ما تبقى من ولاية الرئيس ميشال عون، وأنه لن يسمح بتحقيق أي إنجاز يستفيد منه النائب جبران باسيل. ويبدو في هذا السياق أن الموقف الأميركي يتناغم مع رغبات مرجعيات وقوى لبنانية بارزة تشيع أيضاً أنه لا يُتوقّع إنجاز أي اتفاق في ظل العهد الحالي، وأن تغيير وزير الطاقة أمر ضروري للسير بالخطوات مع الأميركيين. وأن الأمر لا يتعلق بترسيم الحدود فقط، بل يشمل ملف استجرار الطاقة والغاز من الأردن ومصر.

ويعمل الأميركيون على الترويج لدى قوى سياسية لبنانية بضرورة السير في هذه الفكرة، وقد لا يتأخر الوقت حتى تنطلق في لبنان جوقة تدعو الى «الواقعية والسير بهذه المقترحات لتحصيل مكاسب مالية يحتاج إليها لبنان»، وسيترافق الأمر مع «حملة تهويل ضد حزب الله لمنعه من القيام بأي رد فعل في حال فشل الاتفاق».

ماذا عن حزب الله؟

أما بالنسبة إلى حزب الله، فإن المسؤولين المعنيين فيه يتمسكون بالموقف الذي سبق أن أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، والذي يقول إن المقاومة تقف خلف قرار الدولة اللبنانية. لكن الحزب كان قد أوضح سابقاً، وعاد وكرر ذلك في الفترة القريبة الماضية، وأمام جهات لبنانية وخارجية، بأنه لا يمكنه القبول بأيّ حل على حساب حقوق لبنان، والأهم أن المقاومة لن تسمح للعدو بالمباشرة بعمليات الاستخراج من حقل «كاريش» قبل التوصل الى اتفاق يضمن مباشرة لبنان العمل في المنطقة العائدة له. وجاءت هذه التوضيحات رداً على ما تسرب من جانب العدو بأن «تراجع لبنان عن المطالبة بالخط 29 يعني أن حقل كاريش لم يعد منطقة متنازعاً عليها، وبالتالي يحق لـ"إسرائيل" مباشرة العمل فيها».

يعمل الأميركيون لتأخير أي اتفاق إلى ما بعد ولاية عون لعدم تحقيق اي انجاز يستفيد منه باسيل

ومع أن البعض يشير الى غموض في هذا الجانب من الملف، إلا أن ما قاله المسؤولون في حزب الله كان واضحاً، وهو ما جعل العدو يتصرف بحذر، كما أنه هو ما دفع الولايات المتحدة ودولاً أوروبية ومن حلف الأطلسي إلى القيام بخطوات عملانية لـ«ردع المقاومة» و«طمأنة» العدو. ويبدو أن حركة القطع البحرية الغربية لم تقتصر على الأميركيين، بل هناك تطور جديد يشير الى حركة قامت بها فرنسا في الأيام القليلة الماضية باتجاه ميناء حيفا، الذي يقع حقل كاريش ضمن نطاقه العسكري.

كيف قامت الخلافات حول الخط 23؟

رسم الجانب الإسرائيلي خطاً وهمياً عشوائياً حول حقلين يحتمل أن يكون قد اكتشفهما قبل عام 2009 أو خلاله، بناءً على كشوفات المسح الزلزالية التي أجراها عبر شركة «سبكتروم». أُطلق على البلوكين تسمية Alone D وAlone F قبل أن تُعدّل التسمية لاحقاً إلى البلوك 72. في الأول من آذار 2009 لُزّم البلوكان إلى شركة «نوبل إنرجي»، قبل شهرين من وضع لبنان لإحداثيات الخط 23، لكن الخط الذي رسم بمحاذاة البلوكين، لم يكن خطاً لترسيم الحدود بل لتحديد البلوكين.

وفي 29 نيسان 2009، وضعت اللجنة المشتركة التي شكلت بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء الرقم 107/2008 تاريخ 30/12/2008 الإحداثيات الجغرافية للخط 23، ما يعني أن الإحداثيات الأساسية للخط كان مصدرها "إسرائيلياً".
آنذاك، لم يكن «حقل قانا» مكتشفاً بعد من الجانب اللبناني، ولكن كانت لدى خبراء نفط معطيات تشير إلى احتمال وجود حقل غازي داخل البلوك الرقم 9 اللبناني، يمتد أسفل الخطوط باتجاه البلوكات الإسرائيلية المحتلة. واستند هذا التقدير إلى مسوحات ثنائية وثلاثية الأبعاد للبلوك 72 وبقية البلوكات المحاذية للحدود، بيّنت وجود مكامن مشتركة، بغض النظر عن مسار خط الحدود.
لاحقاً، مرّت شركة «نوبل إنرجي» في تعثّر مالي كبير اضطرّها إلى تأجيل التنقيب في هذا البلوك. استمرار تلكؤ الشركة الأميركية دفع بكيان الاحتلال إلى سحب الترخيص منها وإعادة طرح البلوك 72 لمناقصة جديدة. ولكن، قبل إطلاق دورة المناقصات، عام 2019، اشترت شركة «شيفرون» الأميركية العملاقة «نوبل إنرجي» بالكامل، ما أحال حق التنقيب في البلوك 72 إليها. ودفعت هذه الخطوة لبنان للتنبّه إلى احتمال أن يكون العدوّ يرسم شيئاً ما، ولا سيما أنه كان يعمل على تسريع خطواته بالتوازي مع شروع لبنان في تسريع وتيرة التلزيمات البحرية في بلوكاته. لكن، ولأسباب ادّعت "إسرائيل" أنها تتصل بجائحة كورونا، أرجأت إطلاق دورة التراخيص الثالثة حتى العام الجاري لتطلق بدلاً من ذلك دورة تراخيص رابعة وضعت فيها مجموعة بلوكات، وأبقت البلوك 72 خارجها، ما كرّس الاعتقاد بأن الخطوة تعود إلى رغبة في تأجيل المشكل الناشئ عن وجود الجزء الجنوبي من «حقل قانا» في هذا البلوك، وإفساحاً في المجال أمام الوساطة الأميركية.

ويزعم الجانب الإسرائيلي أن الجزء الجنوبي من «حقل قانا» يعود إليه، لأسباب عدة، منها أن الجزء المذكور يقع ضمن البلوك 72 الإسرائيلي الملزّم، والسبب الثاني والأساسي بسبب إيداع لبنان عام 2011 إحداثيات الخط 23 كحدود بحرية له لدى الأمم المتحدة عبر المرسوم 6433، ما يعني اعترافاً لبنانياً بأن جنوب الخط 23 هو منطقة "سيادية" إسرائيلية.

البلوك الرقم 9 و"توتال"

اكتشفت شركة «نوبل إنرجي» الأميركية البلوك الرقم 9 عام 2009 في عمليات المسح التي أجرتها. لاحقاً، قسّمت المنطقة إلى مساحات وبلوكات، من بينها البلوك 9. في كانون الأول 2017، أقرّت الحكومة اللبنانية منح رخصتين للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9 لتحالف شركات «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتك» الروسية، ما أغضب العدو الإسرائيلي الذي يعدّ المنطقة التي يقع فيها البلوك الرقم 9 متنازعاً عليها بحكم رسمه للخط الحدودي الرقم 1، ولكون لبنان رسم الخط 23، ما يعني أن مساحة هذه المنطقة البالغة 860 كيلومتراً، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال السماح بالعمل فيها.
في 29 كانون الثاني 2018، أبرمت الحكومة اللبنانية اتّفاقيّة التنقيب والإنتاج مع كونسورتيوم «توتال - إيني - نوفاتك» ونصّت على وجوب حفر بئرين على الأقلّ خلال ثلاث سنوات من تاريخ التوقيع: إحداهما في البلوك الرقم 4 والثانية في البلوك الرقم 9 . لكن «توتال» امتنعت عن تنفيذ برنامجها في البلوك الرقم 9 بحجة وجود نزاع بحري مع "إسرائيل"، ما قد يرتّب عليها إجراءات قانونية، علماً بأن الشركة الفرنسية نفسها بدأت الحفر في المنطقة القبرصية الخالصة بالتعاون من شركة «إيني»، وتحديداً في البلوك الرقم 6 الذي تقول تركيا إن قسمه الشمالي يقع ضمن منطقتها الاقتصادية، وبالتالي يصبح متنازعاً عليه.

ومع انتشار جائحة كورونا، تذرّعت «توتال» بعدم قدرتها على استكمال أعمالها، لتنتهي المهلة الأولى في 27 أيار 2021، فمُدّد لها حتى 22 تشرين الأول 2022 ربطاً بقانون تمديد المهل الصادر عن الحكومة، وفي جلسة مجلس الوزراء في 5 أيار 2022 وافق مجلس الوزراء على تمديد ثان لمدة 3 سنوات تنتهي في 21 أيار 2025. حدث ذلك رغم أن معلومات جرى التداول بها عام 2020 نقلت عن السفير الفرنسي في بيروت آنذاك أن «توتال» تفضل دفع البند الجزائي على المغامرة في الاستكشاف في البلوك 9 وأن لديها نية بالانسحاب من لبنان.


البناء: الأولويّة لتشكيل حكومة تتحمّل المسؤوليّة... وأية حكومة أفضل من الفراغ

من جهتها صحيفة البناء رأت أن التواصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، احتوى التشنج الذي ولدته سجالات المسؤولية عن تسريب التشكيلة الحكومية التي قدّمها ميقاتي لعون أول أمس، وقرر الرئيسان الدخول في البحث العملي بالتشكيلة، التي قال مصدر نيابي إن مجرد تقديمها من جهة والاعتراضات التي طاولتها من جهة مقابلة، حسما عملياً التوافق على حكومة من 24 وزيراً، وعلى بقاء القديم على قدمه في توزيع الحقائب على الطوائف، رغم بعض الاستثناءات التي لا يمكن أن تتم إلا بالتراضي، كنقل وزارة الطاقة من مسيحي الى مسلم مثلاً، وبمقابل يرضاه المعني من الرئيسين طائفياً بالاستبدال، وهو هنا رئيس الجمهورية. ويضيف المصدر أن النظر في التشكيلة يوصل إلى نتيجة ثانية هي أن الوزراء المسلمين الذين بقوا أو الذين تمّ استبدالهم في التشكيلة، لم تقابلهم موجة اعتراض من المرجعيّات المعنية طائفياً، فإذا كان ميقاتي كمرجع معني سنياً هو من اختار الوزير وليد سنو، فهو لا يستطيع تجاهل رأي رئيس مجلس النواب نبيه بري في اختيار ياسين جابر ولا رأي النائب السابق وليد جنبلاط في اختيار وليد عساف، ولا ردة فعل النائب السابق طلال ارسلان. وهذا المناخ يحصر البحث في الوزراء المسيحيين، وتحديداً في تنحية الوزير وليد فياض وإضافة سجيع عطية.

مصادر متابعة لعملية تأليف الحكومة تقول، إن المسلمين من الوزراء قد حسم أمرهم، بعد استبدال ثلاثة منهم، وإن 6 وزراء مسيحيين على الأقل قد باتوا محسومين في حقائبهم، و4 آخرين موضع نقاش في تبديل الحقائب، والـ 2 الباقيين موضع بحث بالاسم والحقيبة. وتقول هذه المصادر إن مسار الأخذ والرد والكر والفر سيستمر لعشرة أيام، يتضح بعدها ما إذا كنا أمام تشكيل حكومة أم لا، رغم القناعة المتوافرة لدى الرئيسين عون وميقاتي بأهمية تشكيل حكومة، على مستوى وضع البلد وعلى مستوى المصلحة الرئاسية لكل منهما.

سياسياً، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، إن الحكومة ضرورة لتحمل المسؤولية ومعالجة المشاكل، وإن الذين يعارضون ولادة حكومة يشاركون السعي الأميركي لتأزيم أوضاع البلد والناس، بينما قال النائب السابق وليد جنبلاط في موقف لافت، قياساً بمقاطعة اللقاء الديمقراطي لتسمية ميقاتي وإعلانه عدم المشاركة في الحكومة، إن أية حكومة أفضل من الفراغ.

بعد حرب التسريبات للتشكيلة الحكومية الأولى التي قدمها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لرئيس الجمهورية ميشال عون، والاتهامات المتبادلة بعرقلة عملية التأليف بين بعبدا و»اللقلوق» من جهة والسراي الحكومي من جهة ثانية، تحركت الاتصالات على خط المقرّين لاحتواء التوتر الذي نشأ وإعادة تفعيل التواصل والتعاون لتسهيل التأليف، وأولى بوادر الاحتواء الزيارة التي سيقوم بها ميقاتي الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية اليوم لاستكمال التشاور بالمسودة الحكوميّة التي أودعها ميقاتي عون في زيارته الأولى.

وأفادت قناة «المنار»، بأن «رئيس الجمهورية اتصل بميقاتي​ وتداولا بالتشكيلة الحكومية​«، ولفتت إلى أن رئيس الجمهورية سيعطي ملاحظاته على التشكيلة، كما سيستمع إلى الرئيس المكلّف في شرحه عن التسميات وتقسيم الحقائب والتغييرات فيها.

وتشير مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» إلى أن الكرة في ملعب الرئيس المكلف والتيار لن يتدخل في عملية التأليف التي تدخل في صلاحية رئيس الحكومة المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، لكن مسألة مشاركتنا في الحكومة من عدمها، خاضعة لعوامل ومطالب عدة تتركز على جواب الرئيس المكلف على جملة أسئلة وعناوين طرحها رئيس التيار كالتدقيق الجنائي وخطة التعافي المالي والاقتصادي ومصير حاكم مصرف لبنان وملف الكهرباء، فمشاركتنا مرهونة بجدوى هذه الحكومة وبرنامجها.

واعتبر عضو تكتل لبنان القوي النائب ​غسان عطالله​، في حديثٍ تلفزيوني أن «هناك محاولة لتضييع الوقت، وما رأيناه أمس، يؤكد أن لا نيّة جدّية لإنهاء هذا الوضع والإسراع في التشكيل».

إلا أن مصدراً مقرباً من ميقاتي يشدد لـ»البناء» على أن الرئيس المكلف ماضٍ في عملية تأليف الحكومة بعيداً عن أية ضغوط وشروط سياسية وخارج منطق الحصص والحقائب ولا يقبل أية تسويات مع أي فريق، وسيتعاون مع رئيس الجمهورية ومنفتح على النقاش مع الرئيس وعلى التعديلات التي يطلبها على الأسماء وتوزيع الحقائب، مشيراً الى أن الوقت القصير الذي يفصلنا عن نهاية ولاية الرئيس، لا تسمح بتأليف حكومة جديدة وأسماء وتوزيعة حكومية جديدة، والأفضل تعويم الحكومة الحالية لكن في إطار الدستور، أي الإبقاء على الحكومة الحالية مع تعديلات ببعض الأسماء والحقائب والإسراع في طرحها على المجلس النيابي لنيل الثقة لتبدأ العمل وتستكمل ما بدأته في ملفات أساسية كالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين.

وينفي النائب السابق علي درويش لـ»البناء» ما يُقال عن أن الرئيس ميقاتي لا يريد تأليف حكومة لأسباب سياسية، مؤكداً أن ميقاتي لديه مصلحة في حكومة كاملة الصلاحية لمتابعة مهماتها بشكل سليم وليس مجتزأ كما تفرضه حكومة تصريف الأعمال، وذلك لاستكمال عملية النهوض.

وإذ كشفت أوساط سياسية لـ»البناء» أن الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر لن يسلّما الحكومة لميقاتي، ولن يقبلا بحكومة لا يتمثل فيها التيار والمسيحيون عموماً بحصة وزارية وزانة أكثر مما يتمثل في الحكومة الحالية، لاعتبارين هامين: الأول أن الحكومة الجديدة سترث صلاحيات رئيس الجمهورية وتدير مرحلة الفراغ الرئاسي المرجّح حصوله ولو لبضعة أشهر في الحد الأدنى، والثاني أن التيار هو الفريق المسيحي الوحيد الى جانب تيار المردة الذي سيمثل المسيحيين في السلطة التنفيذية في ظل مقاطعة حزبي القوات اللبنانية والكتائب والقوى الجدد، ما يستوجب من الرئيس المكلف أخذ هذه النقاط بعين الاعتبار وتمثيل التيار وفق حضوره النيابي والسياسي والشعبي مع التركيز على برنامج عمل الحكومة في الملفات الأساسية والإصلاحية.

وإذ تشير أوساط ثنائي أمل وحزب الله لـ»البناء» الى أن الثنائي يدعم تأليف حكومة سريعة لا تقصي أحداً من الأطراف وتركز على الأولويات المعيشية وتجنب الفراغ الذي يترك مخاطر أمنية ويهدد الاستقرار الداخلي، علمت «البناء» من جهات مواكبة لعملية التأليف أن حزب الله دخل على خط الاتصالات بين عون – باسيل وميقاتي لتذليل العقبات بينهم، لتسهيل تأليف الحكومة، كاشفة أن الحزب حريص على إزالة هواجس التيار الوطني الحر وطمأنته حيال مخاطر مرحلة الفراغ الرئاسي على المشاركة المسيحية في السلطة، وضرورة وجود حكومة يكون للمسيحيين تمثيل وازن فيها وتستطيع سد الفراغ الذي يخلفه على صعيد صلاحيات رئيس الجمهورية، لذلك يعمل الحزب على إنتاج حكومة بأسرع وقت ممكن لا تقصي التيار.

وفي سياق ذلك، رأى نائب الأمين العام لحزب الله الشّيخ ​نعيم قاسم أن «تشكيل ​الحكومة​ أمر أساسي وجوهري، لأنّه بدون حكومة لا يمكن أن يتغيّر شيء في هذا الواقع، بل يمكن أن تتدهور الأمور أكثر فأكثر»، لافتًا إلى «وجود انقسام في البلد، ومجموعة من الكتل النيابية أعرضت عن المشاركة في الحكومة، وأعرضت عن أيّ عمل يؤدّي إلى إنتاج حكومة في البلد، وأطلقت على نفسها تسمية المعارضة». وتساءل قاسم: «أنتم معارضة لمن؟ فأنتم مجلس نيابي جديد يُفترض أن تقدّموا برنامجكم، وتقوموا بعمل يخدم النّاس، إذا بدأتم بعنوان المعارضة لأمر مجهول، لحكومة مجهولة لم تتكوّن بعد، فذلك يعني في الحقيقة أنتم لا تريدون تسهيل ولادة الحكومة، ولا تريدون القيام بإنجازات خلال هذه المرحلة، وهذا منسجم تمامًا مع الرّأي والموقف الأميركي الّذي يعمل على إبطال أيّ إنجاز خلال هذه الفترة، بانتظار انتهاء ولاية العهد الحالي، على قاعدة أنّهم لا يريدون التّعامل مع العهد الحالي».

وأكّد قاسم خلال احتفال أنّ «المشكلة أنّ النّاس هم الّذين يتحمّلون هذه الخسائر الكبرى، بينما فريق آخر ونحن منه كـ»حزب الله»، يريد ​تشكيل الحكومة​، وينصح بأن ندوّر الزّوايا قدر الإمكان، لأنّ أيّة حكومة تنشأ أفضل من عدمها، ولأنّ بعض الإنجازات الّتي يمكن أن تقدّمها خلال هذه الفترة من الزّمن، يمكن أن تكون مقدّمةً للخروج من المأزق».

بدورها، أكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» اثر اجتماعها الدوري «ضرورة تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، للتصدي بمسؤولية لكل مآلات وتداعيات الأزمة النقدية والمالية والاقتصادية المتمادية والتي تكاد تهدد الاستقرار في البلاد لا سيما مع تزايد العبء الذي بات يمثله استمرار وجود النازحين السوريين في لبنان من دون أي مبرر في ظل تحسن الأوضاع الأمنية في سورية الشقيقة واستعدادها لاستقبال مواطنيها العائدين.

وقال رئيس ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ ​وليد جنبلاط​، في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «أيًا كانت الاعتبارات او الحسابات السياسية المختلفة، فإن تشكيل الحكومة أهم من الدخول في الفراغ».

الى ذلك، وفيما ينتظر المواطنون طلائع الانفراج من نافذة تأليف حكومة جديدة تعمل بشكل جديد على معالجة الأزمات الحياتية والاقتصادية، التي تتجه الى مزيد من التدهور في ظل ارتفاع أسعار المحروقات والسلع والمواد الغذائية والتقنين القاسي في التيار الكهربائي وانقطاع المياه في بيروت ومناطق عدة ودخول قرار رفع تعرفة الاتصالات والإنترنت حيز التنفيذ بداءً من اليوم كما بشرت وزارة الاتصالات، ما يرفع مخاطر انفجار الشارع في ظل عودة مسلسل قطع الطرقات الى الواجهة ودخول الطابور الخامس على الخط لنشر الفوضى في الشارع خدمة لأهداف سياسية خارجية.

وقطع محتجون أمس، طريق البوليفار في طرابلس بالمستوعبات والإطارات المشتعلة احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية.

وافيد أن «أوجيرو» بدأت بإطفاء سنترالاتها تباعاً بعد نفاد مادة المازوت من خزاناتها وعدم قدرتها على شراء المادة بسبب إضراب القطاع العام، الذي منع وزارة المال من دفع سلفات الخزينة التي أقرت في مجلس الوزراء.

وتابع الرئيس ميقاتي اجتماعاته في السراي الحكومية لمتابعة الملفات الحياتية، وكشفت المعلومات أنه اقترح إنشاء صندوق تعافٍ من أجل المساهمة في إعادة جزء من الودائع المصرفية. وشدّد ميقاتي بحسب المعلومات، على أن هذه الاقتراحات لا تفسد الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد، وقد طالبه النواب بصياغة هذه الاقتراحات وإحالتها إلى مجلس النواب. ونقل النواب عن ميقاتي أن كل يوم في عدم إقرار الخطة والتوقيع مع صندوق النقد يكلفنا خسارة تقدر بـ ٢٥ مليون دولار يومياً.

وفي سياق ذلك، ذكر مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي، أنّ «لجنة المال والموازنة في مجلس النواب عقدت اجتماعاً تشاورياً مع الحكومة، التي تمثلت برئيس مجلس وزراء تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ونائبه ووزير المال يوسف خليل ووزير الاقتصاد أمين سلام، وذلك لمناقشة خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي، التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في مطلع شهر نيسان الماضي».

وأكّد، في بيان، أنّ «ممثلي الحكومة استمعوا باهتمام كبير إلى ملاحظات النواب، والتي يمكن أن تغني الخطة وتساعد في تطويرها بما لا يتعارض مما أتفق عليه مع صندوق النقد الدولي».

وأشار المكتب، إلى أنه «أتت هذه الخطة شاملة ومتكاملة لتعالج مواضيع ماكرو اقتصادية إصلاحية أساسية، بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية ورسمت الخطوط العريضة لعملية إصلاح القطاع المالي والمصرفي».

وأوضح أنه «نوقشت بعض الاقتراحات المتعلقة بمعالجة خسائر القطاع المصرفيّ وتفعيل دور هذا القطاع في الاقتصاد وسيستكمل البحث بهذه الاقتراحات مع صندوق النقد، حتى نتوصل إلى اتفاق على التفاصيل المتعلقة بإصلاح القطاع المالي ومعالجة الخسائر».

وفي خطوة لافتة، قدّمت قطر مبلغ 60 مليون ​دولار​ في إطار دعم الجيش اللبناني، وأفادت وكالة الأنباء القطرية بأنه «تنفيذا لتوجيهات أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أعلنت دولة قطر عن تقديمها دعماً بمبلغ 60 مليون ​دولار​ في إطار دعم الجيش اللبناني». ولفتت إلى أن «هذا الإعلان يأتي في إطار التزام دولة قطر الثابت بدعم الجمهورية اللبنانية، والوقوف إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق، بالإضافة إلى إيمانها الراسخ بأهمية وضرورة العمل العربي المشترك».

ويزور الشيخ محمد بن ​عبدالرحمن آل ثاني​ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية لبنان حالياً لحضور الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي دعا إليه لبنان.

والتقى الرئيس ميقاتي مساء أمس، وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأكد «متانة العلاقات بين لبنان وقطر»، مشددًا على «العمل المستمر لتفعيلها على الصعد كافة». وذكر أنّ «لبنان يقدّر ويثمّن وقوف قطر الدائم الى جانبه ومساندتها لشعبه»، لافتًا الى أن «الدعم القطري الجديد للجيش، بالتوازي مع المساعدات الدوريّة لسائر القوى العسكرية والامنية، هو محط تقدير شامل من جميع اللبنانيين ويساعد على تجاوز لبنان المرحلة الصعبة وحفظ الاستقرار فيه».

على صعيد آخر، نفى مصدر في السفارة الأميركية المعلومات المتداولة لوصول بوارج حربية أميركية قبالة حقل «كاريش» لتوفير الحماية للمنصات العائمة.


النهار: على الجميع "التأقلم الصعب" في الوقت الضائع وأقله الى بداية أيلول المقبل

بدورها صحيفة النهار اعتبرت أنّ الرئيس نجيب ميقاتي يعرف أنه من الأفضل له أن تبصر حكومته النور في أسرع وقت بدل استمراره في حكومة تصريف الاعمال التي لا تقدر على التجاوب مع جملة من الملفات العالقة مع صندوق النقد ولا تسهل في الوقت نفسه مهمة مجلس النواب في اطلاق عجلة القوانين المطلوبة التي ستواكب عمل الحكومة المنتظرة التي لا يبدو ان مراسيمها ستصدر الا بشق النفس اذا توفر. وسارع ميقاتي الى تقديم تشكيلته للرئيس ميشال عون ليس من باب واجباته الدستورية في عملية التأليف فحسب بل من أجل مصلحة البلد وتسيير عمل المؤسسات التي لا يبدو انها ستقوى على الصمود من دون وجود حكومة في وقت يتم استنزاف 25 مليون دولار كل يوم على الدعم والطلب من مصرف لبنان تأمينها والحبل على جرار النزيف المالي والكهربائي اذا تم استمرار هذا النوع من السياسات الخاطئة والتي تقضي على ما تبقى من احتياط في وقت لا يتحمل فيه البلد اي مناورات ولن تنطلق اي خطط من تعاف اقتصادي وغيرها دون وجود حكومة.

ومن هنا سيتدرب الجميع على “التأقلم الصعب” في الوقت الضائع وأقله الى بداية ايلول المقبل موعد تمكن الرئيس نبيه بري من دعوة البرلمان الى انتخاب رئيس للجمهورية. وبعد تبيان مواقف الافرقاء من تشكيلة ميقاتي التي لم تلقَ قبولا بالطبع عند العونيين ومن يمثلون والتي لم تكن محل اعتراض عند ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” ولو كانا يعرفان سلفاً ان توزيع بعض الحقائب بهذه الطريقة لن تحظى بموافقه عون ومن خلفه رئيس “تكتل لبنان القوى” جبران باسيل.

ولفتت الصحيفة أنّه بالنسبة الى بري فهو يرى اقدام ميقاتي على هذه التشكيلة بهذه السرعة امر ايجابي على اساس ان البلد لا يحتمل اي تأخير او مماطلة في التأليف، وان ما حصل يشكل “افتتاحية المفاوضات” القابلة للأخذ والرد بين الرئيسين ليتوصلا الى قواسم مشتركة تؤدي الى الافراج في نهاية هذا المطاف الى الافراج عن مراسيم التأليف. ولم يقدم ميقاتي على تسمية النائب السابق ياسين جابر لوزارة المال قبل تأكده من موافقة بري على الاسم المطروح الذي تربطه مع الرئيس المكلف صداقة قديمة مع جابر تعود الى الثمانينات.

وكان من الواضح ان ميقاتي لم يشاور الحزب في تشكيلته ولم يسأله عن ممثليه الذين أبقى عليهم بعد تجربة ناجحة له معهم لم تشهد مشكلات. ولا يريد الحزب الدخول في مسالة استبدال اسم وزير الطاقة وليد فياض بالسني وليد سنو مع التوقف عند ما تمثله هذه الحقيبة عند العونيين حيث لا تتعلق مهمة من سيشغلها بخطة الكهرباء التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر. ولذلك لم يقدم الحزب على الدخول في هذه المساحة من الخلاف بين ميقاتي وعون حيث يترك لهما مهمة توليف التشكيلة اذا كتب لهما ان يتوافقا عليها مع التوقف عند باسيل الذي يتعاطى بأهمية أكبر مع هذه الحكومة التي ستكون الاخيرة في ولاية عون وهو لم يقصر في الفعل نفسه مع الحكومات السابقة مع تشبثه هذه المرة بعدم التفريط بأي عنصر يمكنه من الاستفادة منه وربطه مع استحقاق انتخابات الرئاسة الاولى.

واذا كان ميقاتي يعرف كل هذ الحواجز التي تعترضه فهو يستند الى جملة من الأمور التي دفعت به الى التعجيل في اتمام تشكيلته بغية احداث صدمة ايجابية تحمل رسالة الى الداخل تفيد بأنه يسعى جدياً من أجل الوصول الى التأليف المنتظر ولو لم يتثبت بعد ان طريق حصوله على ثقة البرلمان ليست معبدة بعد فهو يحتاج هنا الى اصوات من النواب العونيين الذين لن يوافقوا على أي تشكيلة قبل ان يطمئنوا الى تمثيلهم فيها. ولا شك انهم سيقاتلون الى النهاية ، ولا سيما في الاشهر الاخيرة والفاصلة من ولاية عون الذي لن يوقع اي تشكيلة قبل تأكده من تمثيل فريقه في صفوفها مهما تلقى من ضغوط. لكنه في المقابل لا يمكنه التفرج على كل هذه التحديات والتصدي لها من دون حكومة فاعلة. واذا كان قبل تسمية ميقاتي يفكر في الاتيان باسم سني آخر فلم يعد قادرا بعد تكليف ميقاتي على القفز فوق مجلس النواب ولا امام ما سمعه من اكثر من عاصمة، ولا سيما من طرف الفرنسيين الذين قالوا كلمتهم عبر وفد وزارة خارجية بلادهم الذي جال على مجموعة من الافرقاء وكان ميقاتي كلمة سرهم. وهذا ما أسمعوه الى “حزب الله” وجهات سياسية اخرى.

ولم تتوقف باريس عن مواكبتها للملفات اللبنانية العالقة من تأليف الحكومة الى شؤون أخرى مع ملاحظة ان مستشارين فرنسيين كبار في حلقة الاليزية كانوا يتولون متابعة الازمة في لبنان تم تسليمهم قضايا اخرى مع ترك هذه المهمة الى الديبلوماسي بيار دوكان وتغييب اسماء عن المشهد اللبناني المفتوح على المزيد من التقهقهر في الداخل ولو جاءت بعض الاشارات الايجابية من الخارج لكنها لا تكفي ولا يمكن التعويل عليها من دون تلاقي الافرقاء في الداخل. وسط ترقب الجميع الى ما سترسو عليه حصيلة المفاوضات بين الايرانيين والاميركيين في الدوحة مع انعكاس هذا الامر على لبنان وأكثر من ملف في الاقليم. وصحيح ان هذه الحصيلة لو تؤد الشيء المطلوب من هذه المفاوضات، ولا سيما ان بداية المحادثات الاخيرة بضيافة المظلة القطرية حيث لم تكن مشجعة بين الطرفين ولو لم يقفلا ابواب الحوار انطلاقا ًمن مصلحة كل طرف. واذا نجحت طهران وواشنطن في التوصل الى نقاط ايجابية ومشتركة ستظهر على الفور اشارات ايجابية على مستوى ترسيم الحدود البحرية في الجنوب بين لبنان و"إسرائيل" بحسب مصادر ديبلوماسية مواكبة في بيروت.

ميشال عونالشيخ نعيم قاسمالحكومة اللبنانيةترسيم حدود لبناننجيب ميقاتيعاموس هوكشتاين

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
النائب فضل الله لـ"العهد" حول أجواء اللقاء مع الرئيس عون: إيجابية والحوار اتسم بالصراحة والوديّة
النائب فضل الله لـ"العهد" حول أجواء اللقاء مع الرئيس عون: إيجابية والحوار اتسم بالصراحة والوديّة
كتلة الوفاء للمقاومة تزور الرئيس عون: خطّ التواصل بيننا دائم بلا انقطاع
كتلة الوفاء للمقاومة تزور الرئيس عون: خطّ التواصل بيننا دائم بلا انقطاع
الرئيس عون: دولتنا "فارطة"
الرئيس عون: دولتنا "فارطة"
مكتب الرئيس عون: التشويش على العلاقة بين عون والسيد نصر الله هو قمّة التضليل
مكتب الرئيس عون: التشويش على العلاقة بين عون والسيد نصر الله هو قمّة التضليل
الرئيس عون في دمشق: سوريا تحفظ الود
الرئيس عون في دمشق: سوريا تحفظ الود
الشيخ قاسم: مقاومتنا في لبنان ضرورية والعدو سيدفع ثمن اعتداءاته
الشيخ قاسم: مقاومتنا في لبنان ضرورية والعدو سيدفع ثمن اعتداءاته
الشيخ قاسم: العدوّ في حالة ضعف والمقاومة باتت قريبة من انتصارها
الشيخ قاسم: العدوّ في حالة ضعف والمقاومة باتت قريبة من انتصارها
الشيخ قاسم: الإسرائيلي لا يستطيع أن ينتصر على حزب الله لأننا على جهوزية 
الشيخ قاسم: الإسرائيلي لا يستطيع أن ينتصر على حزب الله لأننا على جهوزية 
الشيخ قاسم: حزب الله غير معني بالتعامل مع تصريحات مسؤولي العدو
الشيخ قاسم: حزب الله غير معني بالتعامل مع تصريحات مسؤولي العدو
الشيخ قاسم: مهما طال الزمن فإن "إسرائيل" ستبقى في الجحيم الذي أدخلت نفسها فيه
الشيخ قاسم: مهما طال الزمن فإن "إسرائيل" ستبقى في الجحيم الذي أدخلت نفسها فيه
جلسة لمجلس الوزراء عُقدت ظهر اليوم.. المزيد من الدرس حول تعيين خفراء الجمارك
جلسة لمجلس الوزراء عُقدت ظهر اليوم.. المزيد من الدرس حول تعيين خفراء الجمارك
بيرم من السراي: هناك سلّة زيادات جيّدة برواتب القطاع الخاص
بيرم من السراي: هناك سلّة زيادات جيّدة برواتب القطاع الخاص
مجلس الوزراء يقرّ حوافز جديدة للقطاع العام
مجلس الوزراء يقرّ حوافز جديدة للقطاع العام
ميقاتي للبرلمان: نعمل بكامل قوتنا..  "انتخبوا رئيسًا وحلّوا عنّا"
ميقاتي للبرلمان: نعمل بكامل قوتنا.. "انتخبوا رئيسًا وحلّوا عنّا"
جلسة حكومية في السراي.. ميقاتي: التضامن الوطني ضروري
جلسة حكومية في السراي.. ميقاتي: التضامن الوطني ضروري
البرلمان الأوروبي يقر بإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان
البرلمان الأوروبي يقر بإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان
الرئيس عون: أخذنا حقنا بـ "الترسيم" وثبتناه.. وأعطينا أملًا جديدًا للبنانيين
الرئيس عون: أخذنا حقنا بـ "الترسيم" وثبتناه.. وأعطينا أملًا جديدًا للبنانيين
لبنان يتسلّم المسودة النهائية لاتفاق تعيين الحدود البحرية
لبنان يتسلّم المسودة النهائية لاتفاق تعيين الحدود البحرية
اتفاق تعيين الحدود البحرية مع العدو على طاولة الكابينت
اتفاق تعيين الحدود البحرية مع العدو على طاولة الكابينت
العدو يحسم ملف تعيين الحدود اليوم.. ولبنان ينتظر
العدو يحسم ملف تعيين الحدود اليوم.. ولبنان ينتظر
حميّة: إعادة إعمار مرفأ بيروت وتطويره ستكون من إيراداته
حميّة: إعادة إعمار مرفأ بيروت وتطويره ستكون من إيراداته
مجلس الوزراء يوافق على بدل النقل للقطاع الخاص 450 ألف ليرة
مجلس الوزراء يوافق على بدل النقل للقطاع الخاص 450 ألف ليرة
عبد اللهيان في بيروت 
عبد اللهيان في بيروت 
حزب الله لا يضيره نجاح مهمّة هوكشتين
حزب الله لا يضيره نجاح مهمّة هوكشتين
هوكشتين: ممنوع الحديث عن مزارع شبعا
هوكشتين: ممنوع الحديث عن مزارع شبعا
ضربات المقاومة الإسلامية تلاحق العدو.. واستياء في صفوف مستوطني الشمال
ضربات المقاومة الإسلامية تلاحق العدو.. واستياء في صفوف مستوطني الشمال
 هوكشتين أبقى مساعده في بيروت: لبنان يريد «ورقة مقنعة» لما بعد الهدنة
 هوكشتين أبقى مساعده في بيروت: لبنان يريد «ورقة مقنعة» لما بعد الهدنة
الشيخ قاسم: لسنا أقرب إلى الحرب الشاملة.. والمقاومة تكثّف عملياتها وتردّ على استهداف المدنيين
الشيخ قاسم: لسنا أقرب إلى الحرب الشاملة.. والمقاومة تكثّف عملياتها وتردّ على استهداف المدنيين