يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

تعرفة "السرفيس" نحو 40 ألفًا.. فهل تعيد "الباصات الفرنسية" الحياة للنقل المشترك؟
14/03/2022

تعرفة "السرفيس" نحو 40 ألفًا.. فهل تعيد "الباصات الفرنسية" الحياة للنقل المشترك؟

يمنى المقداد

وسط أزمة اقتصادية استثنائية في تاريخ لبنان، يستمرعدّاد المحروقات بالارتفاع عالميًا ومحليًا، وترفع معه كلفة كلّ مقومات الحياة، فقد بلغ سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان ليوم الجمعة (11 آذار): 463.000 ألف ليرة، والعدّاد مستمر بالتحليق.

ألقت الأزمة الأوكرانية - الروسية وقبلها المالية النقدية اللبنانية بأحمالها الثقيلة على واقعنا المنهك جدًا، ولا نبالغ إن اعتبرنا أنّ "التنقل" هو أحد أهم ضحايا هذه الأزمة، فقد أصبح مكلفًا للمواطن حيث تبلغ تعرفة "السرفيس" ضمن بيروت وضواحيها القريبة، 25 ألف ليرة (تعرفة غير رسمية)، واليوم مع ارتفاع سعر صفيحة البنزين يطلب بعض السائقين ما بين 35 و40 ألف ليرة من الراكب.

أمّا لناحية التنقّل خارج العاصمة، سواء من بيروت وإليها جنوبًا، شمالًا وبقاعًا فحدّث عن الكارثة على الراكب ولا حرج، فمثلًا تقارب 120 ألف ليرة من بيروت إلى النبطية ذهابًا أو إيابًا حاليًا.

وبمطلق الأحوال، إن احتسبنا تكلفة النقل بسيارة الأجرة ضمن بيروت وضواحيها ذهابًا وإيابًا من وإلى العمل فإنّها تبلغ نحو 1200.000 ليرة (25 يومًا بمعدل 50 ألف ليرة فقط في اليوم) أي أكثر من أساس راتب بعض موظفي القطاع الخاص والذي يبلغ في بعض المؤسسات مليون ليرة فقط لا غير.

يشار في السياق، إلى دراسة أجرتها "الدولية للمعلومات" حول كلفة كيلو المتر الواحد  للسيارات الخاصة، والتي يمكن أن تسري على سيارات الأجرة بطبيعة الحال مع زيادة كلفة الأعطال والصيانة نظرًا لتشغيلها طويلًا.

وتخلص الدراسة إلى أن كلفة الانتقال بالسيارات الخاصة بعدما وصل سعر صفيحة البنزين إلى 397 ألف ليرة (صباح يوم الخميس في 3 آذار 2022) وتراجع سعر صرف الدولار إلى 20,500 ألف ليرة، ارتفعت وأصبحت كلفة كل كلم واحد نحو 3,155 ليرة لبنانية لسيارة متوسط استهلاكها 170 كلم/ 20 ليتر بنزين. (وترتفع الكلفة كلما زاد استهلاك السيارة وكلما كان طرازها قديماً وبحاجة إلى صيانة دائمة كما وتنخفض كلما كان طراز السيارة حديثاً وتستهلك كميات أقل من البنزين).

طليس: وضع النقل العام متخبّط وهناك ارتباك حقيقي

قطاع النقل البري لم يكن بأفضل حالاته قبل الأزمة الروسيّة - الأوكرانيّة، لكنّه بلغ اليوم ذروة معاناته في ظل ارتفاع أسعار المحروقات عالميًا.
رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان بسام طليس أشار لموقع "العهد" الإخباري إلى أنّ وضع قطاع النقل يشبه كل الأوضاع الموجودة في البلد "تخبّط بتخبّط"، وهناك ارتباك حقيقي لدى السائقين والنقابات والاتحادات ما بين وضع السائق المزري وكلفة نقل الركاب والارتفاع  اليومي للمحروقات، فأحيانًا يصدر جدول تركيب الأسعار مرّتين يوميًا، كما أنّ سعر صفيحة البنزين لامس الـ 500 ألف ليرة، ما يجعلنا غير قادرين أن نطلب من السائقين خفض التعرفة أو ما شابه.

مع تفاقم أسعار المحروقات، كم أصبحت تكلفة نقل الراكب اليوم؟

يجيب طليس أنّه اذا أردنا أن نتحدث بشيء منطقي وله علاقة بالكلفة التي يتكبّدها السائق وحسب الدراسات والأرقام وأسعار المحروقات وقطع الغيار وكلفة معيشته وبنود أخرى، فإنّها تبلغ نحو 40 ألف ليرة وأكثر كتعرفة لسيارة الأجرة ونصفها لـ"الفان".

وعمّا إذا كانت ستتغيّر رسميًا تعرفة الـ ٢٥ الف ليرة، وإلى أين يمكن أن تصل التعرفة تقريبًا، لفت طليس إلى أنّ ما من شيء اسمه تعرفة 25 ألف ليرة (ليست تعرفة رسميّة)، فالتعرفة لا تصدر عن النقابات والاتحادات بل تصدر - وفق القانون - عن وزارة الأشغال العامة والنقل، والتي لم تحدد تعرفة جديدة بعد، فالوزير لا يستطيع ذلك في ظل تقلّبات أسعار المحروقات، مضيفا: "الوزير معه حق، على أي أساس يعمل تعرفة؟ هل يحدد تعرفة قبل الظهر وبعد الظهر أو ثاني يوم يغيّرها بسبب تغيّر أسعار المحروقات؟".

أين أصبح اتفاق دعم السائقين العموميين؟

لم يفِ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بوعده بتنفيذ اتفاق دعم السائقين العموميين، ونتيجة لذلك شهدت مختلف المناطق اللبنانيّة في شباط المنصرم سلسلة إضرابات لقطاع النقل البرّي، لكن أعيد النظر بهذه التحركات بعد قرار الحكومة بحث الاتفاق مع النقل البري وتكليف لجنة مؤلّفة من وزراء الداخلية والأشغال العامة والمالية.

طليس شرح مستجدات هذا الملف موضحًا أنّ الاتفاق مع الحكومة تمّ بتاريخ 26 -10 -2021، على أن يبدأ تنفيذه في 1-12-2021، مشيرًا إلى أنّنا اليوم أصبحنا في منتصف الشهر الثالث من العام 2022 ولم يحصل أي شيء عمليًا، لافتًا إلى أنّ الحكومة شكّلت لجنة وزارية في 2 شباط 2022 للبحث في موضوع الاتفاق ومشاكل النقل، ولكن للأسف لم تجتمع حتى الآن لبحث هذا الملف الحيوي الذي لا يطال السائقين فحسب بل كل اللبنانيين.

الموضوع بيد الحكومة وليس النقابات

دائمًا ما يتّم طرح المشكلة والحل المفترض لها، ونادرًا ما نشهد الحلول عمليًا على أرض الواقع اللبناني سواء في هذا الملف أو سواه، ولكن اليوم حتى لو وجد الحل، فهل تتوفر مقومات تطبيقه في ظلّ الظروف القاهرة عالميًا لا سيما في موضوع المحروقات؟

برأي طليس فإنّ الحل والربط ليس عند النقابات التي قامت بما عليها، وقدمت الاقتراحات اللازمة التي وافقت عليها الحكومة ورئيسها، مؤكدًا أنّ التنفيذ يبقى عندها، وأردف: "نقول للناس والسائقين والمعنيين أنّ الحل والربط ليس عندنا بل عند الحكومة سواء بالتعرفة أو بالتعويض أو بالتخفيف عن السائقين والمواطنين أو بتنظيم قطاع النقل البري بضبط الأسعار والتعرفة وسواهما".

الباصات الفرنسية

النقل البري الخاص والذي أصبح حاجة عامة وأساسية للمواطن في ظلّ تغييب النقل المشترك لسنوات مضت، يقبع اليوم في أزمة تلقي بثقلها على السائقين والركاب في آن، ليبدو طرح إعادة الحياة للنقل المشترك هو الإجراء الأمثل حاليًا.

مصادر في وزارة الأشغال العامة والنقل أشارت لموقع "العهد" الإخباري إلى أنّ الوزارة أنجزت منذ نحو الشهرين آلية مفصلة لدعم السائقين العموميين بانتظار أن تؤمن الحكومة مصادر التمويل المناسبة لها.

على أنّ الوزارة باشرت في الوقت عينه بطرق أبواب أخرى للتخفيف عن كاهل المواطن، أولها البدء بصيانة باصات النقل المشترك المعطلة والتي يبلغ عددها نحو 45 باصًا، والتي ستصبح في الخدمة في غضون شهر من الآن بالتزامن مع وصول الباصات الفرنسية والتي يبلغ عددها 50 باصًا، ومن ثم  وصول 50 باصًا إضافيًّا ضمن الدفعة الأولى ليصبح عددها 100 باص، تليها اجتماعات تقييمية مع الجانب الفرنسي كي يكون هناك دفعات متتالية، وذلك ضمن مذكرة تفاهم وقعت بين الجانبين اللبناني والفرنسي.

ووفق تصريح سابق لوزير الأشغال العامة والنقل ستوزع الباصات على الشكل التالي: ثلثها في بيروت الكبرى والثلثان بين بيروت والشمال، وبيروت والجنوب وبيروت البقاع. وهذا كله بحسب المصادر يأتي كإجراء تخفيفي ضمن خطة نقل أشمل تعدّها الوزارة على كامل الأراضي اللبنانيّة.

في ظلّ تصاعد مهيب في عدّاد المحروقات عالميًا، لا يمكن أن تبصر النور - حاليًا - التعرفة المنصفة للسائق والراكب على السواء، ويبقى الأمر متروكًا لتقدير السائق وأخلاقيات المهنة، على أن الأمل التالي الذي بدأت معالمه بالظهور هو تفعيل باصات النقل المشترك، ما يمكن أن يخفّف عن كتف اللبناني المثقل بأعباء شاملة من غذاء ودواء وكهرباء واللائحة طويلة للأسف.

النقلالمحروقات

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة