ramadan2024

خاص العهد

الإنتخابات النيابية 2022..واشنطن والرياض تصرفان ملايين الدولارات عبر الـ NGOs لـ"شراء الأصوات" 
01/01/2022

الإنتخابات النيابية 2022..واشنطن والرياض تصرفان ملايين الدولارات عبر الـ NGOs لـ"شراء الأصوات" 

فاطمة سلامة

في الإنتخابات النيابيّة اللبنانية، ثمّة نهجان لطالما حكما هذه العملية. نهج "إصلاحي" وعقلية تبغي من خلال البرلمان تقديم مادة تشريعية لما فيه مصلحة للبنان. نهج "تعطيلي" يسعى بشتّى الطرق للوصول إلى البرلمان وتقديم أجندة لا تخدم إلّا مصالحه الشخصية والأجندات الخارجية. يستخدم النّهج الأخير في سبيل الوصول إلى السلطة شتّى الأساليب اللاشرعية. المال السياسي على رأس تلك الوسائل. لا يجد أصحاب هذا النهج حرجًا في شراء الأصوات والذّمم. هم يعلمون أنّ ثقة الشعب بهم معدومة، فيلجأون إلى المال لكسب التأييد. الأمثلة على هذا النّهج كثيرة إذ ثمّة أحزاب وشخصيات مستقلّة ترى في المال السياسي نافذة للوصول إلى السلطة التشريعية. تمامًا كما ثمّة جهات خارجية تسعى جاهدة لإيصال "نواب" لها إلى البرلمان عبر المال السياسي المذكور. أولئك يصبحون صوتها في الجلسات والمناقشات البرلمانية لتعطيل أي مشروع إصلاحي. 

ولا يخفى على أحد أنّ قانون الإنتخاب الأكثري الذي كان سائدًا لعقود طويلة قبل إقرار قانون الانتخابات القائم على النسبية حمل عيوبًا كثيرة ساهمت في ترسيخ ذهنية التّعطيل المذكورة. لهذه الأسباب، كانت مطالبة حزب الله الدائمة بضرورة تغيير قانون "الستين". الحزب لم يكتف بالمطالبة بل سعى جاهدًا بكل ما أوتي من قوة بالتعاون مع حلفائه لتغيير هذا القانون، وهذا ما حصل بالفعل حيث جرت الانتخابات النيابية للمرة الأولى عام 2018 وفقًا لقانون يعتمد النظام النسبي. وقد تمكّن حزب الله عبر نوابه من إرساء النهج الإصلاحي المذكور. قدّم إلى البرلمان اقتراحات عدّة بغية الإصلاح ومحاربة الفساد. لكن للأسف، في المقابل، كان ثمّة من يمارس نهج التسويف والمماطلة منعًا للإصلاح. أولئك يلبسون ثوب "نواب" لكنّهم بلا شك أدوات للخارج الذي يواصل العبث بالسّاحة اللبنانية كيفما يشاء. 

اليوم، وعلى بُعد أشهر قليلة من انتخاب المجلس النيابي الجديد (2022)، تضع جهات خارجية كلّ بيضها في سلّة الإنتخابات من بوابة المال السياسي المذكور. ثمّة خطّان يجري العمل من خلالهما لإحداث تغيير ما في حصيلة الانتخابات لصالح المحور المعادي للمقاومة وحلفائها. أوّل تقوّده الولايات المتّحدة الأميركية بدعم إماراتي، كما يدعمه -وفق المعلومات- رجال أعمال لبنانيين مصرفيين يحملون الجنسية الأميركية. أداة هذا الخط هم المنظّمات غير الحكومية الـ NGOs، إذ يجري توزيع المال السياسي لهذه الجمعيات لصناعة "القادة" المحتملين للمشروع الأميركي. كما يقود هذه المنظّمات في الداخل اللبناني بعض الشخصيات السياسية كرئيس حزب "الكتائب" اللبنانية ​سامي الجميّل والنائب المستقيل ميشال معوض. وبحسب المعطيات، فإنّ الدّفعة الأولى كانت نحو 30 مليون دولار لهذه المنظّمات. حركة "سوا للبنان" التي بدأت حملاتها الإعلانية منذ فترة والتي يموّلها بهاء الحريري تغرّد في سرب المال السياسي المذكور، حيث تسعى جاهدة لدخول المعترك الانتخابي بشعارات معروفة الأهداف والغايات. أمّا الخط الثاني، فتقوده السعودية ويمثله في لبنان رئيس حزب "القوات" اللبنانية سمير جعجع وبعض الشخصيات الخارجة عن عباءة حزب "المستقبل" كالمدعو أشرف ريفي. 

ومن يدقّق في أجندة عمل الخطّين السعودي والأميركي يرى أنّهما وجهان لعملة واحدة. الاثنان يتّفقان على مواجهة حزب الله من خلال الانتخابات النيابية بعدما أيقنا أنّ مختلف أساليب المواجهة السابقة لم تنجح في كسر حزب الله. الأميركي بات على قناعة تامّة أنّ حزب الله لا يُواجه بالنار بعد أن كسب الجولات الماضية وانتصر في معركة تحرير جنوب لبنان، وحرب تموز، وقد خبر مختلف أنواع الحروب من حرب العصابات إلى الحرب الكلاسيكية وحرب المدن والشوارع في سوريا. وبالتالي، فإنّ أي حرب من هذه الحروب لن تؤتي أكلها في هزيمة حزب الله. حتى الحرب الأميركية الإقتصادية أثبتت فشلها بعد صمود حزب الله وردع العدوان الذي لم يتمكّن فيه الأميركي من تحقيق أهدافه في كسر شوكة المقاومة. وعليه، يسعى الأميركي جاهدًا اليوم لإطلاق "خرطوشة" الإنتخابات النيابية ظنًا منه بأنّه سيتمكّن من إحداث تغيير ما يُفقد حزب الله القاعدة الشعبية. لذلك، يعمل على قاعدة تعويم خصوم حزب الله في الانتخابات النيابية القادمة عن طريق المنظّمات غير الحكومية التي تطرح أفكارًا بديلة ومعادية للمقاومة لمواجهة حزب الله.

ومن يتابع الفترة التي تلت الإنتخابات النيابية عام 2018، لا يتكبّد عناء ليكتشف حجم الجنون الأميركي والسعودي من الأكثرية النيابية التي حصل عليها الفريق المؤيد للمقاومة بعدما حصد 74 مقعدًا أي ما يفوق النصف بعشرة مقاعد. وعليه، تسعى واشنطن والرياض جاهدةً عبر المال السياسي لإفقاد فريق 8 آذار وحلفاؤه هذا الثقل السياسي ما يعني أنّ معركة الخارج تنحصر على 11 مقعدًا. وعلى اعتبار أنّ 4 نواب من هؤلاء الـ11 باتوا خارج سرب الأكثرية بعد أزمة 17 تشرين الأول واستمالتهم من قبل جهات وأجندات معيّنة، فإنّ المعركة تنحصر -بحسب عاملين على الخط الإنتخابي- على 7 مقاعد فقط. تستعد الرياض وواشنطن ومعها الإمارات إلى إغراق الجمعيات بملايين الدولارات طمعًا بكسب هذه المقاعد السبعة ليصبح لدى فريق 8 آذار وحلفاؤه 63 مقعدًا لكسر الثقل السياسي لهذا الفريق ظنّا منهم بأنّهم يتمكّنون بهذه الطريقة من محاصرة حزب الله وتقليص قاعدته الشعبية مقابل صناعة "قادة" محتملين لواشنطن داخل البرلمان لخوض غمار المعارك القادمة داخليا.

كما يعمل المشروع الأميركي-السعودي على مواجهة "التيار الوطني الحر" لإفقاده مقاعد عدّة عبر شراء الأصوات والمال السياسي الذي تعمل من خلاله واشنطن والرّياض على تعويم المنظّمات غير الحكومية ومن يلفّ لفّهم.

وبحسب المعطيات، يبدو المشهد في الدوائر الـ15 الانتخابية على الشكل الآتي: 

1- دائرة بيروت الأولى: معركة على مقعد. 

2- دائرة بيروت الثانية: معركة على مقعد شرط أن تتوحّد الجمعيات في لائحة واحدة.

3- دائرة صيدا وجزين: معركة على مقعد لا يذهب للمنظّمات غير الحكومية بل لتيار "المستقبل". 

4-دائرة الجنوب الثانية (صور والزهراني): لا معركة.

5- دائرة الجنوب الثالثة ( النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا): قد يكون هناك معركة على مقعد واحد. 

6- دائرة زحلة: المعركة المستقبلية تنحصر على الأرجح على مقعد. 

7- دائرة البقاع الغربي وراشيا: لا خرق للمقاعد. 

8- دائرة بعلبك-الهرمل: لا معركة. 

9- دائرة عكار: يرجّح أن يكون هناك معركة على مقعد واحد. 

10- دائرة طرابلس والمنية والضنية: لا معركة. 

11- دائرة البترون وبشري والكورة وزغرتا: ستكون هذه الدائرة أم المعارك وقد تنحصر المعركة على مقعد أو مقعدين.

12- دائرة كسروان وجبيل: انسحاب نعمة افرام وشامل روكز من تكتّل "لبنان القوي" يطرح التساؤلات حول لمن ستذهب هذه المقاعد.

13- دائرة المتن: تنحصر المعركة على مقعد.

14: دائرة بعبدا: تنحصر المعركة على مقعد. 

14- دائرة الشوف: لا معركة، وفي حال حدث خرق ما سيكون ضمن حصّة وليد جنبلاط. 

اذًا، تستخدم الولايات المتحدة الأميركية ومن يلف لفّها المال السياسي وسيلة لشراء الأصوات وصناعة نواب يغرّدون في سربها ومشروعها وأجندتها المعادية للمقاومة والمدمّرة للبنان. هذا النّهج ليس جديدًا طبعًا، ولكنّه اليوم أكثر توسعًا وشراسة بعد أن خسرت واشنطن كافّة معاركها العسكرية والسياسية والإقتصادية مع حزب الله. والسؤال اليوم: هل سيتمكّن المشروع الأميركي-السعودي من ربح معركة الإنتخابات؟ هيهات هيهات، حتّى وإن تمكّن من حصد مقعد هنا وآخر هناك من درب حلفاء المقاومة إلّا أنّ تحقيق ما يصبو إليه من أهداف لمحاصرة المقاومة لا يعدو كونه أضغاث أحلام، يقول فاعلون على خط الإنتخابات النيابيّة.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل