يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

القاضي ابراهيم لـ
04/03/2019

القاضي ابراهيم لـ"العهد": سأتابع التحقيقات بالهدر المالي حتى النهاية ولا غطاءَ سياسياً على أحد 

فاطمة سلامة

لا يُنكر أحد أنّ معركة مكافحة الفساد تكاد تكون أصعب المعارك، خصوصاً في لبنان، البلد الذي "يتنفّس" فساداً تُطالعنا أوجهه في الكثير من الجوانب. البعض قد يعتبر أن في هذا الكلام مبالغة، إلا أنّ جولة بحث سريعة على بعض الملفات، تؤكّد المؤكّد. الفساد ينخر هيكل الدولة من الرأس الى القاعدة. النتيجة هذه لا تحتاج "فطنة" وذكاء. باستطاعتنا أن نستخلصها من الحالة المزرية التي وصلت اليها المؤسسات، ومن المديونية التي أثقلت الخزينة، وجعلت الاقتصاد في أسوأ حالاته. وفي كل ذلك، فتّش عن الرقابة شبه الغائبة والشفافية المفقودة في الكثير من الأوقات. فتّش عن "فوبيا" المحاسبة التي راودت كثراً من مواقع المسؤولية، والتي جعلت التفكير في مكافحة الفساد محرماً في مرحلة من المراحل. الحرمة تلك استُمدت من روحية المحاصصة والمحسوبيات، والطائفية، والخوف من عواقب سيف المحاسبة المُسلط على رقاب الفاسدين، من المظلات والخيم السياسية التي أُفردت على "مد العين والنظر" فوق رؤوس المتورطين.

اليوم، تكاد تكون "مكافحة الفساد" المصطلح الأكثر تكراراً في صفوف الشعب والسياسيين. مذ أعلن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله الحرب على الفساد، ولاقاه كُثر عند منتصف الطريق، والجميع يتحدّث عن ضرورة الضرب بيد من حديد في هذا الملف الذي تتعدّد أوجهه. ولعلّ سرقة المال العام وهدر حقوقه تكاد تكون من أخطر أنواع الفساد. وفي هذا الإطار يندرج الإخبار الذي قدّمه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم لجهة التلاعب في القيود المحاسبية وصرف المليارات من حسابات الدولة المالية بلا توضيح الى أين وكيف، وهو الأمر الذي سيُستكمل فيه التحقيق حتى النهاية، وفق ما يؤكّد القاضي ابراهيم في مقابلة مع "موقع العهد الإخباري". 

يُصر القاضي ابراهيم على القيام بواجبه القضائي على أكمل وجه. الحديث معه يوحي بالجدية المُطلقة التي يتعامل بها المدعي العام المالي مع ملف وطني بهذا الحجم. يستهل القاضي ابراهيم حديثه بالصلاحيات المُعطاة للنيابة العامة المالية، ودورها في مكافحة الفساد، وملاحقة كل جرم يتعلّق بهدر المال العام، ما يجعل كل أمر يتعلّق بمحاربة الفساد من اختصاصاتها. يُشدّد على أنّ المطلوب منا جميعاً على اختلاف الأطياف اللبنانية مكافحة الفساد بعقلية موحّدة ونفَس واحد وإلا سنفشل في المهمة، لأن الاختباء وراء الطائفة سيكون السبيل للهروب من المحاسبة. وفق قناعاته، لا يمكن لجهة واحدة أو مؤسسة أو حتى سلطة واحدة العمل منفردة في مكافحة الفساد. هذه العملية تتطلّب تآزر كل اللبنانيين والمؤسسات والسلطات في حمل لواء الحرب على الفساد والعمل بجد وإصرار للوصول الى النتيجة المرجوة.  

ورداً على سؤال حول تصوير البعض محاسبة بعض الشخصيات على أنها حرب تستهدف طائفة معيّنة، يؤكّد القاضي ابراهيم أنّ هذا الأمر لم يمنعه ولن يمنعه من استكمال مهمه حتى النهاية. يُشدّد على أن لا غطاء سياسياً على أحد ولن يقبل بأن يحصل هذا الأمر لا الآن ولا في المستقبل. وفق حساباته، فإنّ الجو هذه المرة إيجابي جداً لجهة مكافحة الفساد وهناك جدية أكثر من السابق بكثير، فهذه الحرب من المفترض أن تكون غاية وطنية ينشدها الجميع.  

يُعيد القاضي ابراهيم التأكيد أنّه لم يتسلّم حتى الآن تقرير وزير المال علي حسن خليل المتعلّق بالحسابات المالية العامة للدولة. ويؤكّد أنه عندما يتسلّمه سيباشر التحقيق فوراً وكما يجب، ووفق قواعد القانون التي تحكم مسار العمل القضائي. يُشدّد ابراهيم على أنّه ليس بوارد الطلب من أحد الامتثال للتحقيق إذا لم يكن هناك ضرورة لحضوره. ويوضح أنه إذا سار التحقيق بلا استدعاء رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، لن يستدعيه، أما إذا اقتضى الأمر حضوره، فعندها سيستدعيه للتحقيق. وفي هذا الصدد، يُشدّد ابراهيم على أن لا وضوح مُطلقاً لجهة المسار الذي سيسلكه الملف، بانتظار الحصول على تقرير وزير المال، رغم أن هناك تكهنات تطالعنا من هنا وهناك. 

ويلفت القاضي ابراهيم الى أنّ التحقيق سيحتاج الى مدى زمني، خصوصاً أنه سيطّلع على إفادات كثر من  موظفين ومديرين ورؤساء مصالح ووزراء وغيرهم. وهنا يدعو المتحدّث الجميع الى التمهل قليلاً ريثما يتم البدء بالتحقيق. وحول إخبار النائب فضل الله واتهام السنيورة البعض بتسريب الملفات، يُشدّد القاضي ابراهيم على أنّه يحق لنائب الأمة الاطلاع على الحسابات المالية للدولة. ويُكرّر المدعي العام المالي ما قاله سابقاً لجهة أنّ التحقيق بالإخبار بدأ مع إفادة موظفة في وزارة المال، مشدداً على ضرورة المحافظة على سرية التحقيق حفاظاً على حسن سير العمل، فعندما نكشف محاضر التحقيق يفقد الأخير غايته، ومن يدري قد يسمع أحد الأشخاص المتورطين، فيسارع الى تدبير أموره وإفشال التحقيق. يختم القاضي ابراهيم حديثه بالتشديد على أن المحافظة على سرية التحقيق تشكّل ضابطاً لحسن سير العمل والوصول الى النتيجة المرجوة.

إقرأ المزيد في: خاص العهد