طوفان الأقصى

خاص العهد

أين أصبحت البطاقة التمويلية؟
23/10/2021

أين أصبحت البطاقة التمويلية؟

فاطمة سلامة

ذكّر الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه أمس الجمعة بضرورة تفعيل البطاقة التمويلية في أقرب وقت ممكن. الفكرة الأساس كانت بأن ‏يُرفع الدعم مع البطاقة التمويلية، إلا أنّ الدعم رُفع ولا توجد بطاقة.‏ البطاقة التي خضعت للكثير من المد والجزر قبل أن يتم إطلاقها في بداية الشهر الماضي لا تزال في خبر "سيكون". باب التسجيل على المنصة لا يزال مغلقًا رغم تحديد موعد التسجيل من 15 أيلول/ سبتمبر حتى 15 تشرين الأوّل/ أكتوبر. ورغم أن هذه البطاقة لن تكون ذات قيمة كبيرة، إلا أنّ جزءًا كبيرًا من اللبنانيين يسألون عنها وينتظرونها بفارغ الصبر لتسُد جزءًا من متطلبات الحياة. الأخيرة باتت ثقيلة جدًا على أرباب الأسر وسط قدرة شرائية معدومة، وأسعار تحلّق عاليًا.

والمفارقة في قضية البطاقة التمويلية تكمن في تباين المواقف والمعطيات بشأنها. تارةً يقال إنّ تفعيلها بات قريبًا، وتارةً أخرى يُقال إنّ كل ما أعلن كلام بكلام لتخدير الناس. وما بين "القولين" تقف نحو 800 ألف أسرة على قارعة الانتظار على أمل إطلاق البطاقة الموعودة. وعليه، أين أصبحت البطاقة التمويلية؟ وما العقبات التي تحول دون تفعيلها حتى الساعة؟.

شري: عقبة منصة التسجيل حُلّت وعقبة التمويل لا تزال عالقة

عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب أمين شري يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ قضيّة البطاقة التمويلية كانت عالقة عند عقبتين، واحدة تتعلّق بمصدر التمويل، وأخرى تتعلّق بمنصة التسجيل التي ستستخدم. وفق شري، لا تزال مسألة التمويل عالقة، بينما حُلّت مسألة المنصّة حيث سيتم اعتماد المنصة التي أطلقها التفتيش المركزي (IMPACT) من أجل التسجيل.

أين أصبحت البطاقة التمويلية؟

أما في ما يتعلق بمصدر التمويل فلا يزال غير معروف، ومن غير المعروف أيضًا ـ وفق شري ـ ما اذا كان الدفع بالليرة اللبنانية أم بالدولار الاميركي. من غير الواضح حتى اليوم جهة التمويل حتى يتم حسم نوع العملة. وعليه، يؤكّد شري أنّه إذا كان الدفع بالليرة اللبنانية فهذا معناه أنّ تمويل البطاقة سيكون من موازنة عام 2021-2022 ما يزيد من عجز الموازنة وذلك خلافًا لما يطلبه صندوق النقد الدولي بحيث يجب أن لا يكون عجز الموازنة أكثر من 10 بالمئة. أما اذا كانت عملة الدفع بالدولار فهذا معناه أنّ البطاقة ستموّل من خلال مصرف لبنان فيما يرفض الأخير حتى اللحظة إعطاء قرض لتمويل البطاقة. أما الخيار الثالث فيوضح شري أنّ التمويل قد يكون من حقوق السحب الخاصة التي أعطيت لنا من صندوق النقد الدولي والبالغة مليارًا و139 مليون دولار ما يعني أنّ الصندوق سيراقب كيفية صرف الأموال.

وفي ختام حديثه، يشدّد شري على ضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها في قضية البطاقة التمويلية خاصة أنّ الدعم أصبح مرفوعًا عن كافة السلع.

هذا ما يؤخّر تفعيل البطاقة

من جهتها، مصادر مطّلعة على مسار البطاقة التمويلية تتحدّث عن الملف، فتوضح لموقع "العهد" الإخباري أنّ العمل بالبطاقة التمويلية دونه عقبات كثيرة حتى الساعة، مدرجةً إياها بالتالي:  

ـ عدم وجود مصادر تمويل واضحة للبطاقة.
وفق المصادر من غير المعلوم حتى الساعة من أين ستموّل البطاقة التمويلية، وسط ترجيحات أن يجتمع مجلس النواب لمناقشة هذه النقطة المهمة جدًا. هل ستموّل من مصرف لبنان عبر طباعة المزيد من الليرات؟ تسأل المصادر التي تلفت الى أنّ الكلفة السنوية للبطاقة تبلغ نحو 11 ألف مليار ليرة، ونحن هنا نتحدّث عن أموال الناس فقط ما عدا أكلاف إدارة المنصة، ما يعني حكمًا إغراق السوق في المزيد من التضخم. أحد الخيارات التي طرحت يكمن في تمويل البطاقة عبر نقل قرض  البنك الدولي المخصّص لمشروع النقل العام والبالغ 290 مليون دولار الى المنصة. إلا أنّ المصادر توضح أنّ هذا المبلغ يكفي لأقل من عام، وفي المقابل، فإنّ بعض الكتل النيابية تعتبر أن مشروع النقل أساسي وحيوي ولا بد من تنفيذه.

وفي هذا السياق، تعتبر المصادر أنّه طالما لم يؤمن التمويل ليضمن حسن سير ملف البطاقة التمويلية، فإنّ الأخيرة ستكون عملًا "فاشلًا" ومؤذيًا كثيرًا خاصة اذا ما سار العمل بها لفترة قصيرة وتوقّفت فجأة بسبب عدم استمرارية التمويل، ما يعني قطع الناس في منتصف الطريق.

ـ الخلط بين مشروعي الأسر الأكثر فقرًا والبطاقة التمويلية.
بحسب المصادر، جرى الخلط بين البطاقة التمويلية ومشروع قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار والمخصّص للأسر الأكثر فقرًا، فتم التوجه نحو منصة واحدة، وهذا بحسب المصادر قمّة الخطأ، فمشروع الأسر الأكثر فقرًا له آليات مختلفة عن البطاقة التمويلية. البطاقة تعتمد على استمارة مبرمجة على المنصة، وهذه الاستمارة تجري تعبئتها وتقييمها على ضوء المعلومات التي يقدمّها المواطن للحصول بموجبها على البطاقة من عدمه.

أما مشروع الأسر الأكثر فقرًا فيجري العمل بالطلبات ميدانيًا على الأرض بعد أن تتم تعبئتها على المنصة. وهنا تشير المصادر الى أنّ أموال المشروع الذي يطال الفقر المدقع مؤمّنة وموجودة، ولكن الدمج الذي حصل بين المشروعين والمنصة المشتركة أخّرت التطبيق خصوصًا أنّ المنصة لم تنجز تقنيًا بعد، وقد جرى إطلاق البطاقة التمويلية قبل الاتفاق على الاستمارة بشكلها النهائي.

ـ مدى دقّة البيانات.
وفي هذا الإطار، توضح المصادر أنّ البيانات التي ستقدّم عبر المنصة ووفق الشروط التي وضعت ليست بالبيانات الدقيقة التي تمكننا من التحقق والتثبت منها. الآلية التي وضعت حدّدت من لا يحق له الاستفادة من البطاقة، وعليه فإنّ التحقق من معايير عدم الموافقة صعب جدًا، فالآلية التي وضعت تدفع المواطن الى"الكذب" على حد تعبير المصادر.

أما شروط الحصول على مساعدة من مشروع قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار والمخصّص للأسر الأكثر فقرًا فمختلفة جدًا. آليات العمل مختلفة كليًا. لا تعطى الأسر دولارًا واحدًا إلا بعد أن تتم معاينة أوضاعها عن قرب إثر زيارة منزلية لصاحب الطلب تتم خلالها مشاهدة الوضع عن قرب وتطبيق قاعدة علامات لتقييم ما اذا كانت الأسرة مستحقة فعلًا للمساعدة أم لا.

وكانت المصادر قد تحدّثت عن أنّ الخلاف على الجهة التي ستتولى إدارة منصّة التسجيل يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لعرقلة ملف البطاقة التمويلية. المنطق وفق المصادر يقول إنّ سلطة التسجيل يجب أن تكون لوزارة الشؤون الاجتماعية، إلا أنّ الخلاف في مكان آخر وفق تعبير المصادر التي تلفت الى أنّ التوجه كان لتولي التفتيش المركزي هذه المهمة، إلا أنّه جرى استشارة جهات قانونية من بينها مجلس شورى الدولة الذي أكّد أن التفتيش المركزي ليس له الحق على اعتبار أنّه جهة رقابية ولا يجب أن توضع المنصة لديه قبل أن يصار الى الاتفاق مؤخرًا على أن يتولى العملية التفتيش المركزي.
 
في المحصّلة، لا يزال المواطن ينتظر تذليل العقبات التي يمكن أن تزول وبسحر ساحر اذا ما وجدت النية السليمة والإرادة لدى المعنيين بالملف، واذا ما تعاطوا بحكمة ومسوؤلية مع شعب بات بأمس الحاجة لبطاقة تمويلية وغيرها كي يؤمّن قوت يومه بعدما رفع الدعم كليًا، مع الإشارة الى أنّ كل يوم تأخير سيولّد حكمًا المزيد من الأزمات.

البطاقة التمويلية

إقرأ المزيد في: خاص العهد